قضايا وآراء

العراق لمن .. والى أين؟ / عبد الجبار العبيدي

أسمها العراق، أشتق اسمهما من الشمس المشرقة على الماء والسهل والجبل، شعبها أصيل ،قوية حتى قيل ان اسمها اشتق من الجبل لقوتها وثباتها، ماؤها وفيرفيها دجلة والفرات منذ الأزل، أرضها خصبة تنمو فيها  كل الزروع ، حتى سمتها العصور المتأخرة ببلاد السواد لكثرة زروعها وخيراتها.مؤنتها تكفيها دون عوز من الاخرين، وشعبها شجاع مقدام لا يهاب المنايا ولا يخاف الرزايا  في الحق واليقين،  لا يُغلب في الازمات،وان غُلب سرعان ما يستعيد النشاط،فقد غلبته المغول والفرس والاتراك وغيرهم كثير،ولكن اين هم في التاريخ؟. فلا تخافوا عليها من عاديات الزمن الا حينما يحكمها الغرباء الحاقدين عليها حقد الشر الاصفر اللعين،ولكن مهما حكموا وأستبدوا فمآلهم الى زوال هكذا أنبئنا التاريخ ورب العالمين.

انسان العراق منذ ظهوره على الارض العراقية لم يظهر منفصلاًعن أخيه  الانسان ،بل العكس كان ظهوره حالة من التبعية المتبادلة ضمن التجمع الكبير الذي كون شعب العراق،لذا لا خوف عليه من التبعثر مهما حاول البعض المساهمة الجادة في بعثرته وتقسيمه الى أقاليم،هذه الوحدة الرصينة قامت نتيجة الظروف الخاصة التي ميزت العراق القديم والحديث معاً  ،والتي دفعت الناس الى التشبث بحياة أمنة تضمن فيها سلامة الفرد ضمن أطار هذا النموذج المختلف من التجمع الكبير.

يؤكد لنا التاريخ الحضاري ان اكثر الاعمال المتميزة ،وأكثر النزاعات عند الشعوب ظهرت في المناطق الاكثر ثراءً بالمواد الغذائية والموارد المالية ، والعراق منها. فما جاع يوما ولا طلب مساعدة من الاخرين،لكن تعرضه الدائم للفيضانات والازمات الداخلية  والغزو الخارجي وخاصة من الشرق على عهد العيلاميين ،هي التي أضعفته وجعلته يستمد العون من الاخرين .ان التعاون والتعاضد والوفاء للارض والوطن من شعبه هو الذي خلق الاقليم الكبير، وأقصد عراق العراقيين.لان وجود الانهار والزراعة هي التي فرضت التضامن الاجتماعي وزاد من قوة الدولة قوة ومتانة لدى شعبه والمجاورين.

لم يعطينا التاريخ اشارة الى وجود دول الخليج الحالية  مستقلة الا ضمن خارطة العراق الرسمية من البحرين الى خليج البصرة في العهود الغابرة ،لكن التقسيمات الجغرافية والادارية لم تكن ثابتة على مر التاريخ، فقد توجد فئة اجتماعية في مرحلة تاريخية معينة لتختفي فيما بعد او العكس.وهكذا دورة التاريخ.فالعراق الموحد سيبقى موحدا لان سُنة التاريخ والجغرافية  تقول هذه الحقيقة فيه ولسنا نحن كتبة التاريخ ولا حتى الجغرافيين.

ارى اليوم بوادر ازمة جديدة تلوح في الافق بين الام وأبنها الصغير،بين العراق وقطر ،فقطر ولدت من رحم العراق،ولكن هذا لا يعني تبعيتها له.فالانسان والحيوان وحتى الشجر ينفصل من رحم امه ليعيش مستقلا كما في قطر والعراق البارحة والاخرين.

 

ايها الاخوة في قطر والسعودية الاحبة

الهدوء افضل من العاصفة،والحق أفضل من الباطل،والتعقل افضل من التهور، والتقارب افضل من التباعد ،والتعاون افضل من العداوة ،والبناء أفضل من الهدم، والمفاوضات أفضل من التهديد والسلاح ، والثقة افضل من نظرية المؤامرة .فلا تسخروا صحفكم المأجورة وألالسنة المتهورة في جزيرتكم المكشوفة للعمالة  في اشعال الحرائق،فالحرائق لا تنطفا بين المتحاربين الا اذا تباعدت الأخشاب فباعدوها أفضل للجميع .

 

ايها القطريون

،فانتم لستم من المؤهلين  للسلاح والنزاع ، فبلدكم صغير لا يحتمل مصائب الحروب والمتحاربين، فلا تغركم قواعد الاسياد عندكم ،أنتم لستم بقادروين على العراق،ولا العراق قادر عليكم، وما تتشبثون بهم اليوم  من حملة رايات الاقاليم فقد عزلهم الشعب وغداً سيميتهم في الانتخابات القادمة الى ابد الابدين فلا تحسبونهم قيادات فأنهم نمور من ورق يجوبون الاقطار اليوم طلبا للرحمة من الاخرين ، فلا تكونوا اسرى الازمات،فأظهار حسن النوايا افضل من التعاون مع الخائبين، ونخاف عليكم ان ينقلب السحر على الساحر وتضيعون انفسكم  والامل وساعتها لن ينفع الندم مع النادمين. واليوم انتم اصبحتم من المتهمين في اشعال حرائق العرب والمجاورين،فلا تكونوا مثل صدام الذي دفع دماء شعبه ندما للمحاربين ،فصدام كان صداما لكن أنتم ليس كمثله في شيء فتوقوا خطأ المحرضين .وكل هذه الارواح التي أزهقت في بلاد العرب أصبحت  دية في رقابكم الى يوم الدين،وهذه البلدان العربية التي دمرت دين عليكم ستدفعونها من أموالكم طائعين،فلا تقيموا علينا  الصورفلربما به تصعقون فلا انساب بينكم  يومئذٍ ولا تتسائلون.

ثقوا يا سادة ياقطريون ويا سعوديون ان العراق لن يموت ولن يغلب ابدا ،فبلد فيه نظريات الافكار والقوانين والشرائع  والذهب الاصفر وماء الحياة والزروع والنخيل والرجال الاشداء الذي منه ملئتم دياركم ومنه تأكلون اليوم لن يموت، وكفاكم كذبا فلا ايران ولا تركيا ولا انتم كلكم تغلبونه ولو كنتم أجمعين،فحذاري من اللعب بالنار. العراق للعراقيين وقياداته ان انحرفت فنحن المسئولون لا أنتم،ولن يكون العراق مستقبلا يحارب ايران من أجلكم بأخر رجل عراقي كما كانت تقول صحفكم يوم نشبت الحرب العراقية الايرانية الباطلة بتحريضكم والتي احرقت الحرث والنسل،وحين حلت الكارثة بالعراقيين  هللتم وصفقتم فرحين باضعاف العراق لتسودوا دون الاخرين، فمزقتموه كالذئاب المتوحشة نهشا بجسده وماله وارضه ولا زلتم تدعون.

ونعود للعامل الثالث في التحريض الا وهو مسعود البرزاني الذي يجوب الأفاق هذه الأيام ،ولا ندري ماذا يريد البرزاني من دولة المركز بعد كل تلك الامتيازات الباطلة التي منحت لاقليمه بعد التغيير والتي منحها له دستور ناقص كتبه المغفلون ووافق عليه الشعب بغفلة الزمن دون دراية وعلم من يقين.فأقليم مستقل،وميزانية ما حلم بها الأكراد يوماً،ووظائف اخذتموها في غفلة الزمن لا تستحقونها ابداً،ومعدات الجيش العراقي كلها استوليتم عليها وتصرفتم بها لحسابكم دون رقيب او حسيب،وسفارات أستوليتم عليها وسخرتموها لصالح أقليمكم(دولتكم المنتظرة) وأخللتم بالثوابت الوطنية في كل مجالات الدولة،واصبحت تسافر وتقابل رؤساء الدول دون استشارة المركز،وتأوي المنشقين دون أكتراث من قانون،وتعقدون الاتفاقات النفطية وكأنكم أنتم الحاكمون.  العتب ليس عليكم  ولكن على الذين يهرولون خلفكم،فاذاأهتزت من تحتهم الأرض في لحظة معينة تراهم في اليوم الثاني في أربيل.من حقكم ان تتشيخوا علينا فقد استهان بنا ممن كنا نظنهم القادة المحنكون،واليوم لم يبقَ امامكم الا المالكي لتسودوا دون معارضة او قانون.لكن هذا بعدكم فقد أنتهى دوركم فلتجابهوا القانون.

اذا كان السيدالمالكي وغيرالمالكي فيه العيوب فهي عيوبنا نحن نصلحها لا انتم ايها القاتلون للمستجيرين بكم بالأمس من اعداء صدام حين سلمتموهم له دون خشية من رب العالمين والقانون.أما أنتم القاتلون لأبائكم وجيرانكم من الهاشميين والرشيديين وجعلتموها لكم دون الأخرين.نحن نعرف تاريخكم فلا تفتحوا الجراحات فسوف نفتح عليكم جهنم التي لا ترحم الكافرين.

السيد المالكي عربي من العراق وهو منا ،نحن نقبله او لا نقبله حاكما فذاك شئننا لا دخل لكم فينا،فأن أستقام أيدناه،وأن أعوج قاومناه  ، فهو من أخوتنا فالظفر لايتبرأ من اللحم وان أختلفنا معه في شيء فالأختلاف في الفكر والرأي لا يفسد في ودنا قضية ابداً، نحن من حقنا ان نلومه ان ظلم أو قصرَفي شي ، اما انتم وغيركم من يتجاسر عليه سوف نردكم على اعقابكم خاسرين ، ونحرق صحفكم  وجزيرتكم اللعينة قبل دياركم،لان الله لا يحب المعتدين وهو لم يعتدِ عليكم.،لكن الذي يغيضكم هو نظامنا اليوم وان أعترته العواصف والملمات والاخطاء ،ومؤتمر القمة  الذي صرفتم على فشله الملايين وقتلتم الانفس البريئة بتسخير قاعدتكم اللئيمة على شعبنا الصابر،اهذا هو اسلامكم وعروبتكم ،ولكن ليكن في علمكم ان العراق اليوم ينهض من جديد وسترون. من قال لكم اننا بحاجتكم ،انتم المحتاجون لنا دوما، فأموالكم التي بها تقتلون العرب والدين هو مال الله تتصرفون به خارج الشرعية والقانون ،فهو زائل بحكم القانون،ومن تستقوون به علينا فنحن ننظر اليه ولا نكترث به فالرجال لا تخاف نمور الورق والقاتلين .كل الشعوب مرت بالكوارث والمحن لكنها صحت وعادت تناهز الاعداء المتجبرين لتفتح لها صفحة مع التاريخ والمخلصين.

فهل ستتريثون دون فقدان الحقوق ؟ فقد انتهت داحس والغبراء، ومعارك قبائل اليعربيين، وبني وليد والقذافي والليبيين ،والجزائر والأمازيغيين،وميدان التحرير والمصريين. البارحة وكل ما تدعون من قوة فقد هزمتكم قبائل الحوتيين العزل وانتم بالطائرات والمدافع تحاربون فخسرتم( صالحكم) الذي رماه الشعب في مزابل التاريخ معوق فهل تتفكرون. كفوا عنا بأدعاءاتكم الباطلة أبتداءً بالبند السابع والتعويضات والارشيف ورفاة المظلومين ،وتحريض المحرضين ،فكلهم دفنوا في ارض المسلمين بعد ان قتلتهم أيادي المجرمين ،كما قتل ودفن اهلنا عندكم ظلماً من سنين  .ويكفينا نحن العراقيين ما حل بنا من كوارث الكارثيين حين ارسلتم لنا بأموالكم القاعدة والتفجيريين والتكفيريين ،ولن يبقَ لنا الأ الامل بالاخوة وعودة الصفاء ومحبة المحبين،فدعيناكم الى مؤتمر القمة وقدمنا لكم اكثر مما تستحقون. وستبقون انتم في قلوبنا محفورة اسمائكم الى ابد الابدين ان كنتم مخلصين ، نأمل ان نسمع منكم  فكونوا من عقلاء اليعربيين. ولا يسعنا الا ان نقول لكم اذهبوا أنتم الطلقاء بما ترغبون.

نقول للذين  أوصلوا العراق والعراقيين الى هذا المآزق الرهيب بعد ان خانوا العهد واليمين  من حرامية العصر الحديث من الهاربين في عمان ودبي ولندن وكل حفر الطامعين. امثال الشعلان وأيهم السامرائي والبدران  وغيرهم كثير،نقول لهم :ان التاسع من ابريل جاء لكل العراقيين لا لكم ايها الناكثون عهد الله والوطن، كان عليكم ان تكونوا السند الاكيد للعراقيين من بعثرته وسيطرت الطامعين لامن الهاربين الذين تكرهكم حتى ثيابهم والساكنين،فالرجال لا تسرق اوطانها، ولا تخون شعوبها  ولا تتخلى عن أعراضها وانتم فيكم اليوم كل هذا العار وما يحويه كل المارقين الذين ستبقى عليهم لعنة التاريخ كما بقيت على أبي رغال خائن مكة مع الحبشيين ولا زال قبره قرب مكة يرجم بحجارة من سجيل الى اليوم فهل تتفكرون ؟.

  نقول للمستر آوباما : لا تقل انسحبنا من العراق،ولكن قل اعطينا العراق الخيار،لكننا لن نسمح بأستباحة العراق والعراقيين مرة أخرى ولا تسمع اقوال العنصريين  الانفصاليين حرامية المال والعتاد وجيش العراقيين ،واذا استدعى الامر فعليك ومنك التغيير.فالعراق ملك العراقيين كل العراقيين ونحن نقولها بصراحة نريد امريكا ولا نريد الاخرين،امريكا بلد القانون والحرية والدستوروالعلم الرصين ،لابلد السيف والنطع والسجون وتخلف المتخلفين. عليك ان تقف مع حقوق  الشعوب كما وقفت امريكا ضد المعتدين من النازيين. ان الذين تستقبلهم اليوم في البيت الابيض الزاهر فهم معتدون ومنشقون على القانون فلا تسمعهم انهم من الطامعين خلاف القانون.

 وبالمقابل نقول : لمن يريد ان يحكم العراق اليوم عليه تحقيق مشروع ابناء الجيل الجديد في التغيير الذين يؤمنون بالفكر والحرية والتقدم  تيمنا بأفكار أهل البيت والصحابة الميامين وكل الوطنيين الذين رفضوا مشاريع كوكس وبريمر وهيمنة المفرقين من امثال عزالدين سليم،,ان يتجهوا الى تغيير المفاهيم في ميادين الحكم والحرية والمعرفة ،لصنع رؤية جديدة لمستقبل الأنسان العراقي قائمة على العقل والعلم والحرية وضمانة مستقبل كل العراقيين، لنرى بلدا كنا نتمناه قبل التغيير.

عليكم ايها الحاكمون اليوم ان يكون أيمانكم بالوطن صادرا من العقل لا من القلب  لتحركوا عجلة التاريخ – تاريخ الوطن المضيء- في الطريق السليم  بعد طول تعثر وركود.ان المطلوب اليوم منكم تحديد سلطات الدولة عن حقوق الناس فلم يكن بأستطاعة احد التحكم بالأخرين بعد ان يسود العدل والقانون ومراجعة الدستور وقانون الانتخاب الذي زاغ عن القانون ومن المتخلفين من اخذ مقاعد الكفوئين،وان تحترموا الدستورطواعية دون أكراه من المتسلطين،وان تستخرجواالاحكام والنظريات من تجارب الأمم لتطبقوها في وطن العراقيين. وان تحفظوا اموال الناس فهي امانة في رقابكم والمال الحرام لا يطيل شوارب الرجال الناكثين ، وان تبتعدوا عن الفلسفة التأملية ومحاباة المقربين وكل من لا يشعر بالوطن والوطنيين.اضبطوا العدالة في دوائركم فلا زال الفساد والمفسدين يعبثون بالمواطنين ، ووحدوا القوانين لكل الفئات حسب استحقاقها ولا تفرقوا بينهم في الوظيفة الواحدة والتقاعد والدين.

لقد جاء محمد (ص) للناس دفقاً من روح القرآن العظيم وتطبيقاً أمثل له ،من هنا مَلك المثل الأعلى والنموذج والنطرية والتطبيق. بهذه الرؤية ،وبهذا المنهج مَلك المشروع، مشروع المنطلقات والتوجهات والقسمات والتطبيق،وهي بكل تأكيد أحدثت التغيير الجذري في مستوى النظر والعمل معا...وفي مستوى الرؤية التاريخية. فلم يفكر في مال او جاه خلا حقوق الناس المستحقين،فأكمل الله الدين،وأتم النعمة عليه،فأدى الأمانة ومات أشرف العالمين. فهل ستبدأون بهذه الرؤى ايها الحاكمون لترون مدى اختلاف مشاريعكم  عما اراده محمد للعالمين.ساعتها ستدركون الخطأ وتبدأ مسيرة التاريخ من جديد،فالرجال العظام تُذكر بأعمالها  ومحبتها واخلاصها للأوطان لا للملايين.

أمور كثير أنتم بحاجة الى ردمها فلا تلهون أنفسكم بالطامعين فشعبكم كفيل بحمايتكم والوطن حين يشعر بأنكم القانون.أغلقوا وطنكم عليكم وأبدؤا العمل من جديد كما فعل الأتحاد السوفياتي عند التأسيس لتبنوا دولة فأنتم والوطن لن ينفعكم الا شعبكم والمخلصين ،فهل أنتم فاعلون ؟ فلتكن بداية التحرك عندكم اليوم من حقوق المواطنين بعد ان ظلم الشعب وتمزق ومات قهرا من الناكثين. الايتام والارامل والمهجرين والعاطلين والمظلومين وما أكثرهم، خطاياهم في رقابكم  دون الاخرين،فهل ستتفكرون ما يأمركم به رب العالمين ؟ كفى فقد مللنا الكتابة ومسك القلم ،وبقينا ننتظر النتائج من المصلحين،فهل سنرى النور ولو من أخر النفق المظلم الحزين.....؟  سيبقى العراق لنا لكل العراقيين ،وليحتل مكانته بين العالمين ،فهل أنتم فاعلون؟ نتمنى ذلك .

 

د.عبد الجبار العبيدي

 

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2085 الأثنين 09 / 04 / 2012)

في المثقف اليوم