قضايا وآراء

القيمة التشكيلية لمنحوتة اللبوة الجريحة / حكمت مهدي جبار

والتي أسماها المختصون بـ (اللبوة الجريحة) بعتبر شاهدا تأريخيا عظيما لروعة الفن الآشوري قبل ثلاثة آلاف سنة اندرست.وتلك القطعة الفنية المذهلة بموضوعها شكلا ومضمونا تعتبر هوية واضحة ودليلا على عمق الرؤية الفنية والتشكيلية للفنان العراقي القديم.فهي الى جانب كونها عملا يوحي بحساسية ورهافة ودقة أزميل الفنان العراقي فأنها تمثل رؤية فكرية تتعمق في الباب الأحاسيس وجواهر المشاعر المشتعلة الما وجراحا,حتى لو انها جاءت لتعبر عن معاناة حيوان.وتلك مقاربة أنسانية حيوانية عكست ذروة التحسس الأنساني بآلام الحيوان.

لقد جسدت أمكانية الفنان الآشوري عبر لمساته الطينية عن تكنيك مذهل في عصر كانت فيه بعض الأمم مازالت تعيش طفولة عقلها وفقر خيالها.ومع معرفتنا بتميز الفن الأشوري بقوته التعبيرية ومضامينه الحادة المتمثلة بقوة العضلة وقساوة الملامح والتأكيد على تشريح الجسد عاكسا النزعة الحربية لشعب آشور ,فأن منحوتة اللبوة الجريحة جمعت بين قوة التعبير ولهيب المشاعر من خلال التأكيد على قساوة النبل النابت في جسد الحيوان وفظاعة الألم الطافح على وجه اللبوة فضلا عن التعبير عن الأصرار على التشبث بالحياة.فالجسد رغم اوجاعه وجرحه النازف فأنه يرفع رأسه مستغيثا مستنجدا متكأً على قوائمه ساحبا جزءه المصاب وربما الميت ساعيا الأبقاء على نفسه في الحياة.

أن القيمة التشكيلية لمنحوتة اللبوة الجريحة تتدفق تعبيرية تجري في وعاء الواقعية .  لتخبرنا عن حياة العنف والسمة العسكرية والقتال لشعب آشور .نقلها لنا الفنان من خلال ازميله ورؤاه وأبداعه.لانعلم ان كانت المنحوتة صورة تعبيرية عن حياة ترف الملوك وهم يستمتعون بقتل الحيوانات من خلال صيدها عبر مطاردات مستهترة وحماس مشتعل.أو هي مشاركة من فنان أستعطفته حالة سقوط اللبوة ليجعل منها موضوعا لقطعته الفنية.

مع ما يوحي به الفن الآشوري من سمات القساوة فقد تمكن الفنان الآشوري عبر هذا المنجز التشكيلي الرائع من أن يعالج موضوعة الفراغ في اللوحة مع وجود حس في التوازن الشكلي من خلال حركة الحيوان وهو يمثل اتجاه قطري لقطعة مستطيلة مراعيا النسبة الذهبية .فضلا عن رهافة اللمسة في حجر صلب .تبدو وكأنها حركة خطوط تشعرك بحيوية الفنان وشعوره بالخط

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2088 الخميس 12 / 04 / 2012)


في المثقف اليوم