قضايا وآراء

مصطلح الصورة بين القصيدة والرسم / حكمت مهدي جبار

لاسيما فيما يتعلق بتكوين الصورة في اللوحة المرسومة والقصيدة المكتوبة.وقد ساهمنا بما يتيسر لنا من قدر في هذا المجال مقالات ناقشت الموضوع.ولكن الغالب الأعم من الأدباء والفنانين والباحثين والنقاد في مجال الفن أختلفوا في تحديد فهم مصطلح (الصورة) كتكوين ونسج فني في مفردات القصيدة واللوحة التشكيلية.

يقول الدكتور المرحوم (عناد غزوان) (1)أن مصطلح الصورة((imagery-image في الفن والأدب العربيين قد ظهر في النقد العربي في سبعينات القرن العشرين وصار محط حوارات ونقاشات متباينة .منها الصورة الأدبية في مجال القصة والرواية والصورة الشعرية في مجال القصيدة والصورة الفنية في مجال الرسم.

ومهما يكن من أمر فان ذلك التباين لايلغي كون مصطلح (الصورة) هو الجامع بين تلك الأجناس الأبداعية.حتى حصل الأختلاف في الخلط بين أنماط الصورة ودلالاتها النقدية والمعيارية كمصطلح فني أدبي.

في القصيدة  يلجأ الشاعر الى رسم صوره  بلغة شعرية,حيث يرصف المفردات عبر أيقاع موسيقى لينسج صورة متخيلة تقوم على قدرته الشعرية بمجازات اللغة في التشبيه والمبالغة والمواربة والأستعارة وغيرها.ليخلق عناصر تصوير شعري تتمثل كما حددها الجاحظ في الوزن والصياغة والوحدة العضوية والنسيج والشكل فضلا عن مهارة الشاعر كفنان (2)(في رسم صوره وتفرده في الخيال).وكذلك معالجة الفراغ .والصورة الشعرية لدى الجاحظ هي (نسيج

جمالي) عبر تكنيك لغوي وصناعة مفردات زائدا شاعرية الشاعر .كل تلك تلتقي مع عناصر فن الرسم وتنفيذ مفردات اللوحة التشكيلية.وفن الرسم هو وسيلة لصناعة (الصورة) بأستخدام الأدوات والمستلزمات .

يبدأ الرسام كما يبدأ الشاعر بوضع (العلامات) على سطح اللوحة ليكون

(الصورة) الا ان الرسام يختلف عن الشاعر في عملية التنفيذ فالشاعر بضع علامات لغوية وعبارت أما الرسام فأنه يترك أثرا في التخطيط بقلم الرصاص أو بضع بقعة لون بالفرشاة ويضغط على الورقة أو القماشة أو الخشبة أو أي سطح آخر. والرسام يراعي موضوعة الظل والضوء وموزانة الأشكال وتوزيعها ومعالجة الفراغات لخلق (الصورة) الفنية.

ان مصطلح الصورة يرتبط بعوامل مشتركة مابين القصيدة والرسم, وأهمها (المحاكاة) التي هي التفسير المعنوي اللاتيني للمصطلح.يتبعها مفاهيم أخرى مثل التشابه والنسخ وأعادة الأنتاج .وفي اللغة العربية فمصطلح الصورة تعني الهيئة التي عليها الشكل .وكثيرا ما توحي بالوهم .أي تصور الأشياء وهما وليس حقيقة.تتبعها التماثيل والنصب والزخرف والتي تدخل في مجا ل التحريم .والذي سبق وأن تحدثنا عن هذا الجانب في مقالات سابقة فيما يتعلق بفكرة الخلق والتي اعتبر الفكر الأسلامي على أساسها ان التصوير هو من شأن الله وحده والمصور من أسماء الله الحسنى.

يقول الدكتور (صلاح صالح ) (3)أن مصطلح (الصورة) مفهوم شديد الرحابة .مكتفيا بوضع تعريفات معينة لها من قبيل أنها الشكل ذو الأبعاد المحددة أو هي وضع الجسم في حالته أو الصفة أو هي النوع أو هي الهيئة..ويقول ان الصورة (علة) الشيء .من حيث ترتيب وتنظيم وأنسجام وتوافق وموزانة أجزاء الشيء.أو هي ترتيب المعاني المجردة وخاصة في مجال القصيدة.وفي الفن فأن الشاعر هو من يريد ان يزيد من قوة تلك العناصر الجمالية ,فهوعندما يكتب قصيدة انما يسعى الى ما يجب أن يكون عليه الشيء .والرسام عندما يرسم فأنه يسعى لتعزيز جما ل الشيء.

 

...................

مصادر

1  - مستقبل الشعر وقضايا نقدية.الفصل السابع – د عناد غزوان – دار الشؤون الثقافية العامة – بغداد – 1994

2-  نفس المصدر

3 - عتبات لرؤية مضاعفة – د صلاح صالح – دار المدى – 2010- بغداد

 

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2091 الأحد  15 / 04 / 2012)

في المثقف اليوم