قضايا وآراء

حجاب المراة وتبعيته للحكم السلطوي الذكري / ماجدة غضبان

واحد مفاصل التبعية التي تتأثر تمام التأثر بالاسس الاقتصادية ومبدأ الاتجار بانسانية المرأة هو النموذج الانثوي المقبول اجتماعيا من ناحية المظهر والذي يستند بالضرورة على مقياس قدرته في استثارة الرجل كذكر فحسب لا كإنسان.

المرأة لا تقرر ما ترتديه على مر العصور كذلك الرجل لكن التركيز على ازياء المرأة في كل عصر لتحجيم هويتها كأنثى مع مسخ انسانيتها وربط قرارتها الآنية البسيطة بخيارات الرجل ومزاج السلطة واشتهائها يهرول وفق مؤشرات اقتصادية صرف اضافة الى ان التكاليف الاقتصادية الناجمة عن تعرض المرأة للعنف يصعب تحديدها ضمن سياسة الصمت الاجتماعي المتبعة في معظم التجمعات البشرية:

"تقدر التكاليف المالية في المملكة المتحدة وحدها بنحو بليون جنيه سنوياً تشمل استشارات أخصائيي الصحة ، وقيمة الوصفات الطبية، والتكاليف التي تتكبدها الشرطة وهيئات العدل الجنائي، ودعم الخدمات الاجتماعية، وإعادة الإسكان، والحماية الأمنية، بالإضافة إلى الخسارة في معدل الإنتاج الاقتصادي، وانخفاض دخل الأسرة، وتشير هذه التقارير بوضوح إلى أن الوكالات التي تعمل في مساعدة ضحايا العنف تفتقر إلى التنسيق فيما بينها، مما يجعل تقديم أي مساعدة أو دعم لضحايا العنف عرضةَ إلى الخطر بدرجة كبيرة، بل وتوضح كذلك أن النساء يعانين بشكل روتيني ومتكرر من آثارالعنف ، ويظهر وجود عجز في التعامل مع هذه الظاهرة بشكل منظم ، وما يحدث هو أن أولئك الذين يقدمون خدماتهم لمجابهة هذه الظاهرة يضاعفون من جهودهم فلا تكون النتيجة إلا إهدار الموارد وتعريض فاعلية خدماتهم للخطر بصورة واضحة"

ان صعوبة تحديد الضرر الاقتصادي الناتج عن تعرض المرأة للعنف يتأتى على الاحكام القائمة على الخلفية الثقافية للشعوب والذي يسوده التكتم عادة على الرغم من التباين الثقافي الكبير بين شعب واخر.

و يتضح من خلال الاحصائية اعلاه ان درء الاخطار الناجمة عن تعرض المرأة للعنف مكلف اقتصاديا ولا يعد من القضايا التي تحظى باهتمام كبير لدى معظم التشريعات القانونية بين مختلف الدول لثقل وزرها الاقتصادي.

بالمقابل هنالك احصائيات مذهلة حول الارباح التي تحصدها ادوات الزينة الخاصة بالنساء وارقام مذهلة عن الكميات المستخدمة من مستحضرات التجميل.

 

المملكة العربية السعودية كمثال:

_من إحصائية وزارة التخطيط مع أن بعض أدوات التجميل وضعت على لائحة السموم وعلى الرغم من إصابة بعضهن بالتسمم .. خلال تسعة أشهر فقط في 1999 قيمة الواردات وليس البيع

304مليون ريال للتجميل

34 مليون لتجميل الشفاه

28 مليون لتجميل العيون

37 مليونا قيمة طلاء الوجه

298 ألف كليو جرام وزن مستحضرات تجميل العيون

96 ألف كليو جرام لتلميع الأظافر

334 ألف كليو جرام لطلاء الوجه

599 ألف كليو جرام مستحضرات وقاية الجلد من الشمس

4 ألف كليو جرام مستحضرات تطرية الجلد

401 ألف كليو جرام مستحضرات تجعيد الشعر أو تنعيمه

784 ألف كيلو جرام مستحضرات صبغ الشعر

 

بين ارقام تكلفة حماية المرأة من العنف الاسري والاجتماعي وارباح زينتها تميل كل المؤشرات الاقتصادية لدعم زينتها وتغيير زيها بشكل دوري منتظم ومنظم اقتصاديا على حساب الانفاق لصالح تغيير واقعها الاجتماعي المزري عالميا.

ان تأطير زي المرأة دينيا في الدول الاسلامية والعربية كان ثمرة نمو بذرة الاسلام السياسي المناويء  للافكار اليسارية المعادية لامبريالية الغرب والاستعمار المهندم وفق شعارات مؤدلجة تتبناها حكومات تعمل لصالح بقائها لا لصالح الانسان وحريته.

كما ان شعور الفرد بالضياع ازاء اكتساح العولمة دفع به الى الاندحار ذاتيا مدججا بكل ما يدعم هويته العرقية والدينية مفصحا عن وجوده بين تضارب الحضارات اضافة الى تعصبه باللجوء الى الزي كأول تعبير للانتماء والتغاير بين الوان الطيف الثقافي العالمي.

و كنتيجة لتبعية المرأة غربا وشرقا لمزاج الرجل التجاري جاء مظهرها كمعيار استثنائي لقبولها اجتماعيا استنادا لموروث انتمائها الحضاري.

و كان لابد من العودة للحجاب لتاكيد الهوية العربية والاسلامية التي تتعرض للازدراء عالميا وتنال حصتها من التمييز تحت اضواء شديدة السطوع للاعلام الغربي.

الحجاب حاليا لا يمثل سوى تصدي الذات المسلمة والعربية لهجوم الثقافة الغربية وهو يشكل ردة فعل في منتهى العنف ازاء التغييب والانتهاك الممارس على نطاق واسع كسياسة عالمية ضد حضور الفرد الشرقي والمسلم كإفراز ثقافي مستقل.

و كنتيجة حتمية تتعرض المرأة اليوم للاكراه عالميا وبشكل غير مسبوق ومبالغ فيه لظهورها الممثل لثقافة شعب ما وطبقا لذلك فهي بين التعري والدثار المطلق بلا حول ولا قوة.

و مع التأكيد على زي المرأة ومظهرها ومراعاة الجانب الغريزي لسلطة الذكر فان المرأة لا تتعرض لتشويه اعضائها الجنسية في الدول العربية والاسلامية والقبائل الافريقية فحسب بل ولتشويه ملامح وجهها وتكبدها المزيد من العناء والالم لتماثل النموذج الانثوي المثير ضمن مزاجية وانانية ذكر الالفية الثالثة.

تتحمل سلطة الذكر المطلقة للتلاعب بمصير الكون كوارث ما آلت اليه مكانة المرأة عالميا وتعرضها لشتى انواع الاضطهاد والعنف مع بلوغ الاحصائيات حول معاناتها في شتى اصقاع الارض اعلى معدلاتها على الاطلاق ضمن التأريخ العالمي.

ليس حجاب المرأة هو الظلم بعينه في الدول العربية والاسلامية بل ما يتبعه من بناء تدريجي لحواجز مطلقة تحيط بالمرأة وتفصلها تماما عن التفاعل والعطاء اجتماعيا كما هي معاناة امرأة الغرب ازاء زيادة وزنها بضعة كيلو غرامات لا تروق للرجل تجعلها مؤرقة تعاني الجوع والشعور بالاذلال وتدني احترامها لذاتها وهي تقارن نفسها يوميا بين نجوم السينما وفتيات الاعلام وحالها الذي لا يماشي ذوق عضو الرجل واستجابته للانتصاب.

و من دثار المرأة مظهرا وغسل دماغها دينيا الى تعريتها التامة وتسطيحها معرفيا والاتجار بها بشكل بشع يتضح ان لا مناص من ثورتها على مدعي الحضارة القائمة على اغتصاب حقوقها كإنسان وتحميلها ما يفوق طاقة الرجل بين عمل خارج البيت وداخله وتحقير واهانة سافرة ابتداء من عفافها خلف قضبان الحجاب وانتهاء بالعبث بها جسديا وتحطيمها معنويا وتعذيبها بشكل يومي تحت اضواء كامرات التصوير الاباحي والاتجار جنسيا بآلامها بعيدا عن مفاهيم الحب والانسانية وقريبا من بلوغ حضارة الذكر قمة وحشيتها وضياع هوية الانسان ومبادئه تحت ثقل آلتها الحربية النووية ذات السلطة المطلقة على مصير البشرية جمعاء.


 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2097 السبت  21 / 04 / 2012)


في المثقف اليوم