قضايا وآراء

اللقلقية دين جديد .. ردا على "الصفوية دين جديد" لسلام محمد (*) / صالح الطائي

فضلا أجدني كلما تذكرت المثل المصري الذي يقول: "مات الذين يختشون" أسأل نفسي: لماذا؟ ظنا مني أن الحياة هي الحياة في كل عصر وزمان والنماذج التي تعيش في العصور على اختلافها تكاد تكون هي نفسها مع تغير بسيط، لكن ما إن يرفع بعض المتشبهين بالعلماء رؤوسهم لترتفع عقيرتهم بأنكر الآراء تراني أميل إلى كفة ترجيح حقيقة ذلك المثل على مضض.

ما دعاني لتحمل عناء الخوض في لجة الألم وترجيح كفة المثل هذه المرة بعض ما يأتي به المتحذلقون من الرجال والنساء ممن غرهم اكتسابهم بعض النتائج بعض ما وصل إليه العلماء، والآراء التي تجود بها قرائح الأدباء، فاعتقدوا بأنهم أكثر علما من غيرهم، ويحق لهم ما لا يحق للآخرين، فأخذوا يُنظّرون ويشرعنون على هواهم دون إلتفات إلى المنهج العلمي أو الجانب التاريخي أو الواقع المعاش، إيغالا منهم في نشر الدمار في مجتمع فقد الحماية، وتأجيج الفتن في أمة قليلة الدراية.

وأحد الذين يجب الرد على ما أوردوه هو الأستاذ (سلام محمد) في موضوعه الذي نشرته صحيفة المثقف وهو بعنوان "الصفويه دين جديد" هذا الموضوع الذي جاء زاخرا بالأغلاط الطباعية، ومليئا حد الثمالة بالأخطاء اللغوية والنحوية والركاكة الأسلوبية، وبعيدا كل البعد عن المنهجية العلمية والتاريخية، ومترعا بالسادية والعدوانية والسذاجة، ومنضويا على خلط تاريخي كبير، وحاويا لتآمر خطير.

وأنا بعيدا عن كل تلك المساويء التي إذا اجتمعت لا يستقيم وجودها مع وجود كلمة "كاتب أو باحث" التي يطلقها البعض على أنفسهم أبغي الرد على بعض وليس كل ما جاء به الكاتب من مغالطات وأخطاء وتحريف، وما وقع به من خلط تاريخي معيب.

ولذا لن أعلق على العنوان المتطرف الطائفي لموضوعه، لأبدأ من السطر الأول الذي تطاول فيه على صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم خلط بين الشامي والحلبي، بغية تفريق وحدة الأمة بعد أن استخدم من العبارات ما يوحي بأنه شيعي ليعصب تطاوله برأس الشيعة.

وأول خلط وقع فيه الكاتب قوله: (كانت الرموز الاسلاميه بذاتها تدعم بعضها البعض في المواقف المصيريه والادله كثيره ومن ابرزها خروج علي بجيش ابي بكر) وهذا كذب وافتراء لأن الإمام علي عليه السلام لم يخرج إلى قتال بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله سواء كان داخليا أو خارجيا، لا في خلافة أبي بكر ولا في خلافة عمر ولا في خلافة عثمان رضي الله عنهم أجمعين، ويكذب من يدعي أن الإمام خرج مع جيش من جيوش تلك الحقبة. وقد وجدت مثل هذه الآراء القاصرة لدى بعض من يريدون خداع الشيعة من خلال لي عنق النص.

ثم ينتقل للقول: (وحتى ايران لغاية عام 1500م كانت مقسمه بين شوافع واحناف) وهذا خطأ كبير أيضا لأن إيران منذ الفتح الإسلامي ولغاية هذا التاريخ كانت مسرحا لكافة المذاهب الإسلامية بما فيها التشيع فضلا عن وجود أتباع الأديان الأخرى.

وفي حديثه عن الشاه إسماعيل الصفوي يقول الكاتب: (وكان يحمل افكار سياسيه كبيره وطموحات توسعيه وحلم اعادة بناء أمبراطورية فارس) وهذا كذب لأن إسماعيل هذا لم يكن فارسيا ليحلم بإعادة بناء إمبراطورية فارس أو بإعادة أمجادها!

ويقول عن هذا الادعاء: (وكانت أحلامه واطماعه  تستطدم بالجدار العثماني) وهذا خطأ مفضوح لأن أطماع الشاه لم (تستطدم) كما كتبها بالجدار العثماني لهذا السبب وإنما (اصطدمت) معه وبه نتيجة التنافس بين قبيلتين تركيتين نجحت كل منها في بناء دولتها واحدة منهما في الجانب التركي والأخرى في الجانب الإيراني. وسبب هذا الاصطدام لم يكن عقائديا بل كان سياسيا بحتا حيث كانت القبائل في الجانب التركي تخشى نجاح القبيلة التي هاجرت إلى إيران بتأسيس كيان منافس يمثل وجوده خطرا عليها.

ثم يكمل حديثه قائلا: (ولذلك كان عليه بناء فكر وعقيده تكون بالضد وتحمل عوامل مواجهة واسقاط العقيده العثمانيه و يمكن له من خلالها تعبئة القوميه الفارسيه حولها فلذلك كانت اول خطوه قام بها هي استدعاء علماء دين من جبل عامل في لبنان لكي يؤسسوا له هذه العقيده او النظريه الجديده لتحقيق حلمه الكبير.) وهذا خطأ فاحش وخلط مستهجن لأن كل ما كان الشاه يفكر فيه هو بناء قوة تحمي وجوده في صراعه مع أبناء عمومته الأتراك في الجانب الآخر، الذين خافوا أن يكون انشقاقه عنهم بادرة تشجع على قيام انشقاقات جديدة، ولم يكن الشاه بالمرة مهتما بالفكر أو العقيدة لأنه كان راضيا بعقيدته الفكرية (التصوف) أما استقدام علماء الدين الشيعة من جبل عامل فقد تم بزمن بعيد عن هذا التاريخ وتحديدا  بعد أن اعتنق الشاه التشيع بوقت طويل بسبب حادثة معروفة لا علاقة لها بالسياسة لا من بعيد ولا من قريب، وذلك لكي يعلموه وأتباعه أصول ومباديء التشيع.

يقول بعد ذلك: (وهنا بدات مرحلة متطوره من الصراع على السلطه بين امبراطوريتين كل منهما له اطماع توسيعه بالمنطقه ولكنها تستخدم الدين والعقيده كغطاء .) وهذا خطأ مرفوض لأن الصراع كان قائما بين الكيانين منذ انشقاق القبيلة الصوفية الصفوية وخروجها عن طاعة قومها.

وقد بنى الكاتب على تلك الأقوال فرضيات احتمالية لا أدري كيف صدقها وحولها إلى يقينيات ليقول بعد ذلك: (وهكذا تبلورت الفكره الاساسيه للفكر الصفوي والتي من خلالها يمكن له اختراق النظرية  والعقيده الاسلاميه) فهذا القول جاء بعد قرون طويلة من تشيع الدولة الصفوية، جاء به المناوئون للتشيع طعنا به من خلال ادعائهم بأن الفرس دخلوا إلى التشيع ليضربوا به الإسلام انتقاما لكرامتهم المهدورة لأن العرب والمسلمين أسقطوا إمبراطورية فارس.

لقد كان الشاه إسماعيل قبل تشيعه مسلما موحدا لا يضمر للعقيدة الإسلامية شرا لكي يخترقها ويضعفها ويقوضها، وبعد تشيعه بقي على هذا الاعتقاد والإيمان، وكان همه الأكبر أن يحافظ على كيان حكمه ولكن ليس بمحاربة الإسلام.

ينتقل الكاتب بعد ذلك الخلط للتحدث عن أسس التشريع الإسلامي (الكتاب والسنة النبوية) ليقول: (وقد اختلف المسليمن سواء الاوائل منهم واللاحقين حول تفسير السنه

 وبعض الاحاديث وليس هناك اي نص ديني يمنع او يحرم هذا الاختلاف ويحق الى اي مسلم ان يرفض اي حديث نبوي)

وأنا أقول له: لم يختلف المسلمون لا بتعريف الكتاب ولا بتفسير السنة النبوية، وعلى خلاف ما يدعي هناك عشرات النصوص التي تمنع وتحرم الاختلاف في الأصول العقدية.

وكعادته نراه هنا أيضا يضع الفرضيات ثم يؤمن بصحتها فيقول بناء على ما قاله من قبل: (لذلك صنفت الاحاديث بين متفق عليها وضعيفه وهذا يعني بالنتيجه انها غير مقدسه) وهذا كذب وافتراء على الله ورسوله، فالمسلمين يؤمنون بقدسية الأحاديث الصحيحة إيمانا كاملا، ويعملون بموجبها في حياتهم العبادية والمعاملايتة، ويمنحونها القدسية الكاملة. نعم هم لا يقدسون ولا يحترمون الأحاديث المكذوبة على رسول الله، ولكن الكاتب يتعمد الخلط للطعن بالإسلام.

يعود بعد ذلك إلى الحديث عن الصفويين ويقول: (الفكر الصفوي حاول ان يؤدلج الخلافات التي حدثت بين الصحابه والمسلمين الاوائل ويحولها الى عقيده وكذلك عمل على تحويل الاسلام التاريخ الى مقدس ومن خلالها طرح فكرة تسقيط رموز اسلاميه كبيره كان لها دور رئيسي ورائد  في ترسيخ الاسلام ونجاحه.) وهذا كذب وحماقة هدفه الطعن بالتشيع الذي اعتنقه الصفويون، لأن الخلافات والاختلافات بين الفرق والمذاهب الإسلامية كانت بعد القرن العاشر الهجري قد أخذت صيغتها النهائية واستكملت منظومتها البنائية التي مرت بها عبر ثمانية قرون من التنظيم ولم تعد بحاجة على من يؤدلجها.

ومثل غيره من فرسان الخلاف الطائفي أو توظيفا له يدعي الكاتب كذبا وزورا بأن فكرة الولاية لعلي عليه السلام هي من وضع الصفويين، فيقول: (ومن المبادئ الجديده للفكر الصفوي هو تبنيه لفكرة الولاية لعلي وتحويلها الى احد ركائز الاسلام) وهذا حمق مخالف لما ورد في أصح النصوص الإسلامية بشأن الولاية ابتداء من حديث (اللهم وال من والاه) وقد سرق الكاتب تلك الفكرة من فرسان الطائفية ولكنه لم ينجح في توظيفها بشكل سليم.

يدعي بعد ذلك أن فكرة الولاية ويقصد بها (الإمامة): (كانت في حينها مجرد خلاف سياسي اجتماعي ولم يكن لها اي نص ديني ولم تكن لها هذه القدسيه التي تبناها الفكر الصفوي) وهذا افتراء ما انزل الله به من سلطان فالخلاف الإسلامي الأول بشأن الإمامة لم يكن سياسيا بالمرة، وهناك مئات النصوص التي تحفل بها كتب الحديث والتاريخ تتحدث عن ركن الإمامة، وهي نصوص مقدسة. ومنها على سبيل المثال لا الحصر: فيما يعرف بيوم الدار حيث قال رسول الله صلى الله عليه وآله مشيرا لعلي بن أبي طالب عليه السلام: " إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا" فبهذا القول عين الرسول صلى الله عليه وآله وصيه وخليفته في المسلمين وأمرهم بإطاعته 

وروى الطبراني عن سلمان المحمدي قال: قلت يا رسول الله: إن لكل نبي وصيا فمن وصيك؟ فسكت عني فلما كان بعد رآني فقال: يا سلمان. فأسرعت إليه قلت: لبيك قال: تعلم من وصي موسى؟ قلت: نعم، يوشع بن نون. قال: لم؟ قلت: لأنه كان أعلمهم يومئذ. قال: فإن وصيي وموضع سري وخير من أترك بعدي وينجز عدتي ويقضي ديني علي بن أبي طالب.

وعن أبي أيوب أن رسول الله (ص) قال لابنته فاطمة: "أما علمت أن الله عزوجل اطلع على أهل الأرض فاختار منهم أباك فبعثه نبيا ثم اطلع الثانية فاختار بعلك فأوحى إلي فأنكحته واتخذته وصيا."

وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله (ص) قال: "إن وصيي وموضع سري وخير من اترك بعدي وينجز عدتي ويقضي ديني علي"

روى هذه الأحاديث: الهيتمي عن الطبراني في مجمع الزوائد ( ج 9 / 113 ) وسبط ابن الجوزي في تذكرة خواص الأمة باب حديث النجوى عن كتاب الفضائل لأحمد بن حنبل وهذا لفظه : قال أنس قلنا لسلمان: سل رسول الله (ص) من وصيك؟ فسأل سلمان رسول الله (ص) فقال: "من كان وصي موسى بن عمران؟ فقال: يوشع بن نون. قال : إن وصيي ووارثي ومنجز وعدي علي بن أبي طالب"

وفي مجمع الزوائد للهيتمي (ج 8 / 253 ) و (ج 9 / 165) عن علي بن علي الهلالي: "ووصيي خير الأوصياء وأحبهم إلى الله وهو بعلك" ومنتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد (ج 5 / 31 ) وكنز العمال، كتاب الفضائل، الفصل الثاني ، فضائل علي بن أبي طالب، الحديث رقم : 1163 ( ج 12 / 204 )

 

والغريب أن الكاتب استشهد بخطبة للإمام علي عليه السلام ليطعن من خلالها بالإمامة. وقد جاء الكاتب بالخطبة محرفة تدليسا، وكما يلي: [دعوني وألتمسوا غيري وأعلموا أني أن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم ولم اصغ الى قول القائل وعتب العاتب وأن تركتموني فأنا كأحدكم ولعلي اسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم وأنا بكم وزيرا خيرا لكم من امير....]

أما نص الخطبة الصحيحة فهو قول الإمام: [دعوني والتمسوا غيري فإنا مستقبلون أمرا له وجوه وألوان. لا تقوم له القلوب ولا تثبت عليه العقول. وإن الآفاق قد أغامت والمحجة قد تنكرت. واعلموا أني إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم ولم أصغ إلى قول القائل وعتب العاتب. وإن تركتموني فأنا كأحدكم ولعلي أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم. وأنا لكم وزيرا خير لكم مني أميرا]

وقد أخذ الكاتب برأي الجمهور الذي يستدل بهذه الكلمة على أن نظر الإمام علي سلام الله عليه نظر شورى وليس نظر أن الإمامة بالنص، وقولهم لو كان منصوصا عليه بالإمامة ومنصبا من الله عزوجل ما كان يقول: أنا لكم وزيرا خيرا لكم مني أميرا أو يقول لهم دعوني والتمسوا غيري

هذه الخطبة مأخوذة عن نهج البلاغة الذي ورد فيه أيضا قول الإمام في حديثه عن أهل البيت: "وفينا الوصية والوراثة" وفيه الشقشقية التي يقول فيها: (أما والله لقد تقمصها فلان وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى. ينحدر عني السيل ولا يرقى إلي الطير. فسدلت دونها ثوبا وطويت عنها كشحا  وطفقت أرتأي بين أن أصول بيد جذاء أو أصبر على طخية عمياء يهرم فيها الكبير. ويشيب فيها الصغير"

والإمام تحدث في هذه الخطبة عن الإمامة وعن بيعة الخلفاء الذين سبقوه وعن أحقيته بالبيعة، وتحدث عن ظروف بيعته بقوله: " فما راعني إلا والناس كعرف الضبع إلي ينثالون علي من كل جانب حتى لقد وطئ الحسنان. وشق عطفاي مجتمعين حولي كربيضة الغنم" ويستنتج المنصف مما جاء في هذه الخطبة أن الإمام كان يرى أن الأمة رفضت الأخذ بالبيعة التي أقرها له بها رسول الله وجعلها في رقابهم  فأراد معاتبتهم على تقصيرهم بحقه، وهذا من حقه، ولكن لا يمكن بأية حال أن يعتبر أو يفسر قوله على أنه رفض لتولي الإمامة والخلافة، والحديث في هذه المسألة يطول كثيرا لا مجال للتوسع فيه. وكل ما يمكن أن أورده يكذب ما ذهب إليه الكاتب ويفند رأيه القائل: (هل هناك كلام اوضح من هذا الكلام على عدم قدسية الولايه؟) فهناك كثير من الكلام الواضح في هذا الشأن ولكن الكاتب عثر على قول للمخالفين فأعتمده مصدرا وأخذه يقينا.

 

ينتقل الكاتب بعد ذلك إلى الطعن بمحور آخر من محاور الفكر الشيعي وهو العصمة، ومن نافلة القول أن المدارس الإسلامية تختلف بشأن العصمة ولكل منها رؤاها الخاصة، والاختلاف يعود إلى بدايات العصر الإسلامي، وقد جاء في القرآن الكريم قوله تعالى:{إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} للدلالة على عصمتهم بدون منازع، كما ثبت ومن الناحية العملية، أنه لم يسجل التاريخ عن أئمة أهل البيت عليهم السلام ما ينافي عصمتهم مطلقا. فضلا عن أن الحديث عن العصمة لم ينقطع في أي عصر من العصور الإسلامية ولكن الكاتب جهلا منه بهذه المعلومات ادعى أن الصفويين في القرن الخامس عشر الميلادي اعتمدوا: (نظرية العصمه للائمه والتي لم تكن موجوده في صدر الاسلام ولم يعرفها المسلمون الاوائل) وهذا كذب وتدليس وتحريف.

وقد وقع الكاتب بنفس الخطأ القاتل الذي وقع به الطائفيون المتطرفون من قبل وهو الادعاء القائل بان الصفويين فرسا فقال: (ولكن طيلة القرون الماضيه لم يتسطع هذا الفكر الصفوي الفارسي من التوسع)

وأقول له ولكل من يؤمن بفارسية الصفويين أن عليهم مراجعة كتابي (نظرية فارسية التشيع) الذي تكلمت فيه مطولا عن الصفويين. وواقعا هناك كما هو معروف صفويين أتراكا وصفويين عربا ولا يوجد صفويين فرسا مطلقا، ومن الجهل المطبق والمركب أن يدعي أحد أن الصفويين فرسا.

يعود الكاتب للتحدث عن ولاية الفقيه ليدعي أنها: (هي اعادة انتاج النظريه الصفويه ولكن بطريقة حديثه واكثر تطور وملائمه للعصر ولكنها تحمل في طياتها تحديا مزدوجا الاول انها فكر هدام للاسس الفكريه العربيه الاسلاميه والثاني انها تحمل في طياتها اخطر فكر توسعي وحلم للهيمنه السياسيه  على المنطقه لتحقيق اطماع امبراطورية فارس وتحت غطاء الدين . والاكثر خطوره انها تستمد قوتها وانتشارها على حساب الطبقه الجاهله من  المجتمع) ومجرد تحدث الكاتب عن ولاية الفقيه بهذا الأسلوب الممجوج يؤكد تحيزه الكامل ويؤكد طائفيته وتعمده الطعن بالتشيع ومرجعيته الدينية. وأقول له ولغيره: إن نظرية ولاية الفقه من الأمور المختلف بشأنها في الفكر الشيعي وهي واحدة من اجتهادات العلماء ولذا يعمل بها بعضهم ويرفضها البعض الآخر، والإيمان بها لا يعني أنها صحيحة كليا، كما أن رفضها لا يعني أنها خطأ بالكامل، وهي بكل الأحوال تعطي للفقيه مركزا إشرافيا على إدارة شؤون البلاد وفي حدود أماكن تواجد سلطته وليس بعيدا عنها، ولذا لا يوجد لها أي أثر مباشر أو غير مباشر على البلدان الأخرى. كما إنها من الأمور المعمول بها تحت مسميات أخرى في البلدان الإسلامية كما في السعودية التي يحكمها الفقهاء ويديرها الأمراء.

يقول بعد ذلك: (والمراجع الدينيه الفارسيه تعمل على تحويل اتباعها الى قنابل موقوته قابله للانفجار في أية لحظه في اوطانهم) ويضرب مثالا على ذلك يقول فيه:

(وخير مثال على صحة كلامنا هو مايحث في الساحه العراقيه في هذه المرحله وبعد وصول رجالات انتجتهم المؤسسه الدينيه الفارسيه للسلطه) وختمها بقوله: (ومن مايجري في العراق يمكن ان نرى بوضوح انه الصفويه الجديده التي اعاد انتاجها الشاه اسماعيل الصفوي الثاني:الخميني)  

وأرى أن الرجل تخلى في هذه المرحلة عن ورقة التوت التي كان يستر بها طائفيته ليعلنها صريحة واضحة لا تحتاج إلى دليل أو حديث طويل، وحديثه هذا لا يقل سفها وعبطا عن أحاديث باقي الطائفيين المتعصبين الذين أغاضهم موقف مراجع الدين الشيعة في الدفاع عن العراق ووحدة أهله، ولذا تراه مثل غيره من الطائفيين الذين يتصيدون في الماء العكر يهدف إلى زرع الفرقة بين الشيعة على أساس قومي من خلال قوله: ( ومن هذا كله يبرز لنا الدور المهم والمفصلي بتاريخ العراق ومستقبله الذي يقع على عاتق شيعة العراق الوطنيين  للوقوف بوجه تمدد هذا الفكر التوسعي الكارثي  .) جاهلا أن الإسلام الصحيح لا يؤمن بالطائفية والطبقية والعرقية والعصبية الجاهلية. ومنه نعرف بيقين كامل أن أعداء الإسلام الواحد يلبسون جلابيب مختلفة الألوان والمظهر ولكن محتواها وهدفها واحد.

أنا واقعا لم أقرأ لهذا الكاتب من قبل ولكن بعد قراءة هذا الموضوع بدأت البحث عما كتب فوجدته يتلون كالحرباء لكي يمرر أفكاره الهدامة، فهو مرة من أتباع التيار الصدري، وثانية من أتباع  المجلس الإسلامي الذي يقوده السيد عمار الحكيم. ومرة يمتدح المرجعية الشيعية ومواقفها لتمرير معلومة أو دعوة تخريبية ثم لا يلبث أن يطعن بها ويشكك بإيمانها وصدقها. وقد اخترت بعض مواضيعه للتدليل على منهجه في التدليس، ومنها:

1- موضوع بعنوان: المرجعية ومسافة الجميع: أراد من خلاله الإيحاء للناس بوجود خلاف بين المرجعية الدينية والحكومة العهراقية.

2- موضوع بعنوان: من يحمل هوية محمد باقر الصدر:حاول من خلاله تسقيط كافة الأحزاب الشيعية المعاصرة، ولكنه امتدح المرجعية مدعيا أنها الوحيدة التي تحمل أفكار السيد الشهيد الصدر كما في قوله عن هوية الصدر: (ويحملها من يلتزم بتعاليم وتوجيهات المرجعية الدينية في النجف الأشرف)

3- موضوع بعنوان:  الدور المحوري للمرجعية الدينية: حاول فيه الطعن بالمذاهب الإسلامية الأربعة مدعيا : (ان السنة النبوية التي وصلت الى متناول يد العلماء عن طريق السلف للمذاهب الاربعة خضعت لعملية تزوير حقيقة للأحاديث والروايات لما يخدم السلطان والتنافس على السلطة بعد وفاة الرسول الكريم (ص) وحكومة الخلفاء الثلاث حتى وصلت الى امير المؤمنين علي (ع)) فانظر إليه كيف يطعن بالمذاهب ولا يترضى على الخلفاء الراشدين الثلاثة رضوان الله عليهم أجمعين، ثم يسلم على الإمام علي عليه السلام لكي يبدو مناصرا للتشيع ومعاديا لباقي المذاهب!

ولكنه لا ينسى في هذا الموضوع أن يطعن بالمرجعية الشيعية بعد أن امتدحها من قبل ويقول: (ان دور المرجعية الدينية في النجف الشرف في ادارة العملية السياسية وتوجيهها لم يكن تصدياً علنياً مباشراً ولا حتى غير مباشر مما ساهم في التشويش على المكلفين الشيعة مقلدي مراجع الدين وجعلهم في تيه حقيقي)

4- موضوع بعنوان: البصرة ودرس الحكيم!!: يُظهر نفسه فيه منافحا عن السيد عمار الحكيم للطعن بالآخرين فيقول: (ولاأستطع ان اقارن حديثه مع احاديث القيادة السياسيين وخصوصا التي تمثل الكتلة الاكبر في البرلمان امثال السيد اياد علاوي والسيد نوري المالكي لانني لم اسمع لاي من هؤلاء القادة خطاباً جماهيرياً مباشراً مع اتباعهم ومؤيديهم مثلما يقوم به رئيس المجلس الاعلى ..) ويريد من خلال ذلك الطعن الانتخابات واتهام الآخرين بالتزوير وأمور أخرى كما في قوله: (ودار في ذهني استغراب شديد ؟؟ كيف يحصد هؤلاء كل هذه الاصوات رغم احتكاكهم القليل او المعدوم مع القواعد الجماهيرية ؟؟ اذن ما السر في ذلك ؟؟ هل هو الاعلام المضلل ؟؟ ام هي الايادي الخفية التي تتلاعب بنتائج الانتخابات ام قلّة الوعي السياسي الذي يأتثربالشعارات ؟؟ .) وطبعا حينما يمتدح السيد عمار الحكيم إنما يريد الإيحاء بأنه من أتباعه ومؤيديه وأن هذه الأفكار هي من أفكار المجلس، وذلك لزرع الشقاق بين الشيعة.

5- موضوع بعنوان: انقضت المئة يوم ومدينة الصدر على حالها: يُظهر نفسه في هذا المقال صدريا حد النخاع، بل ومن جيش المهدي ومن أبناء مدينة الصدر فيقول: (لاننا ابناء مدينة الصدر نعيش في مدينة بائسة خالية من مسميات المدن اذا ما قارناها مع مدن القرن الواحد والعشرين)

علما أن سلام محمد هو أحد الكتاب المميزين في موقع (...) (كتابات) (..)، وله فيه عدد كبير من المواضيع التي يتلون فيها كعادته.

 

للاطلاع

الصفويه دين جديد / سلام محمد

 

 الصفويه دين جديد، سلام محمد، صحيفة المثقف، العدد :2107 الثلاثاء  1/5/2012

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2109 الخميس  03 / 05 / 2012)


في المثقف اليوم