قضايا وآراء

هادي عرب فنان كرمته استراليا فليفخر به العراق

 

الفنان شمعة يحترق لينير الدرب للاخرين.

 هادي عرب.. فنان اصيل من بلادي بلاد الرافدين، كتب ورسم وانشد وهو يكبت حنينه لتربته الاولى، حتى خفي أنينه من جور هذا الزمن الاغبر. لم يعرفه الا ندرة نادرة شاطرته ذات الهم وتلمست معه المنفذ في جوف الظلام الدامس.

 هادي عرب.. روح كبير استوعب حجم المأساة التي عصفت بالعراق واهل العراق. عاش تلك المأساة فارخى العنان لمخيلته كي تختار منظومة اللون المتناسق ببهائه فداعبتها انامله لترسم لنا لوحة (موناليزا العراق) باروع حلة عربية عكست صورة الريف العراقي.. فلم تغب عن انامله وهي ترسم ملاءة وتاج الموناليزا العراقية المرصع بالياقوت ولا حتى قلادتها العراقية (الباون) ولم ينس قرطي اذنيها المذهبتين ذواتي هلال ونجمة فذاك شعار المسلمين.

 

2024-hadiarabهادي عرب.. له لوحة (عشتار) العراقية التي وقفت طويلا اتأملها، وارمق بطرف خفي الى جنبي ذلك الرجل الهندي الزائر بزيه البوذي المعروف وهو يتفحص بدهشة بالغة هذه اللوحة وكأنه يقرأ فيها تأريخ الحضارة الانسانية كلها. بل كأنه يستمع الى نداء بوذا يتفتق من فم عشتار هذه. فلم يتمالك الهندي حاله اذ استدعى المشرف على اقامة المعرض- ولم يدر انه شقيق الفنان عرب الراحل- فراح يسأله عن سعر هذه اللوحة.!

 القيت السمع لمحاورتهما وفهمت من اصرار الهندي انه مستعد ليدفع ما يطلبه المشرف من مبالغ لهذه اللوحة. تبسم شقيق الراحل للزائر الهندي وقال: ليست للبيع.. انها لوحة فنان رحل قبل عام من هذه الدنيا. وكأنه يقول للهندي: انها صورة والوان العراق.. فعشتار عراقية وهادي عرب عراقي يرسم للعراق والعراق لا يباع.!

 هادي عرب .. كنا نسمع به من بعيد ولم نك نطلع على لوحاته كما شاهدتها عيني اليوم في المعرض التشكيلي الذي اقيم لاعمال الفنان الراحل وتأملت روحي رسوماته في صالة مكتبة ثومستاون العامة بمدينة ملبورن الاسترالية والذي سيستمر الى يوم الخميس القادم. وقفت امام تلك اللوحات والمخطوطات مليا مساء هذا الاثنين 12- 10- 2009 والذي يصادف ذكرى مرور عام كامل على رحيل الفنان والشاعر العراقي هادي عرب الى الملأ الاعلى. وصرت استشعر جمالية لوحاته وعمق شعره المتوشح بشغاف الحزن للدرجة التي تجبرك على التساوق معها فيغشي فؤادك وشاح الحزن عينه.

 هادي عرب.. فنان عاش الالم والاغتراب وكان هاجسه ان يرحل عن الدنيا ليترك ريشته تعبر عما كان يعانيه ويتأمله. وهو رسام تشكيلي تناغمت الوان لوحاته شعرا يحن للعراق ولماضي العراق التليد. فكان حقا على العراق ان يحن لهذا الفنان وان يخلد ذكراه في معارض سنوية لرسوماته ولوحاته تتبناها وزارة الثقافة العراقية والمؤسسات الاعلامية والفنية وكذلك السفارة العراقية في استراليا عرفانا لجميل هذا الفنان الوطني المخلص. تماما كما تبنت بلدية مدينة شبرتون الاسترالية عرفان هذا الفنان وقدرت لمساته الفنية فاختارت منها ستة لوحات وعلقتها في متحف المدينة.

 

ملبورن- ربيع 2009

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1196 الثلاثاء 13/10/2009)

 

 

في المثقف اليوم