قضايا وآراء

الأستراتيجيه الأيرانيه المائيه أزاء الأنهار المشتركه مع العراق

 عليها دون الرجوع الى الجانب العراقي وعدم الافصاح عن خططها التشغيلية و"الهيدرولوجية"، المشكلة الثانية تتمثل بقلة معدل الامطار والثلوج الساقطة التي تراجعت الى 30 بالمائة عن معدلها العام، فيما تمثلت المشكلة الثالثة بازدياد تجاوزات اصحاب احواض تربية الاسماك على حوض النهرين والتي تجاوز عددها الالفين خلال العام الحالي، و تتم دون موافقات من اية جهة معينة، اضافة الى تجاوزات بعض فلاحي المحافظات على الحصص المائية التي وصلت في بعض الاحيان الى 80 بالمائة.

يشار الى ان نهر "الكارون" علاوة على ما تسهم به انهر "الكرخة" "دويريج" و"الطيب" التي تصب في الاهوار أو نهر دجلة قبل ان تصل الى محافظة البصرة، كانت حتى وقت قريب تصب في شط العرب وتسهم بتقليل نسب الملوحة فيه، قبل ان يقطعها الجانب الايراني ضمن ما يقرب من 44 نهرا ورافدا وجدولا موسميا كانت تصب في العراق بضمنها نهر "الوند" الذي يسهم بما يقرب من 40 بالمائة من نهر "ديالى.

 

فزراعة الرز توقفت، والعواصف الترابية باتت تضرب مدن العراق وأريافه يومياً تقريباً، والأسماك انقرضت، والأهوار والمسطحات المائية الجنوبية تحولت إلى برارٍ موحشة، بعدما كانت لسنوات قليلة خلت واحدة من أكبر المحميات الطبيعية على وجه الكوكب وأجملها .

كذلك المجزرة التي تحدث الآن لغابات النخيل في محافظة البصرة، والتي تستقي من شبكة الجداول التي تصب في شط العرب. فبعدما حجبت الحكومة الإيرانية مياه نهر الكارون، الذي يصب في شط العرب بسد يبلغ طوله 462 متراً وارتفاع 205 أمتار، لتوليد ألفي ميكاواط من الكهرباء في الساعة، وبفعل ضعف الوارد إلى هذا الشط من مياه دجلة والفرات، انخفضت المياه فيه إلى أدنى مستوياتها. وهذا ما سمح لمياه الخليج المالحة بالصعود شمالاً، واجتياح شبكة جداول غابات النخيل، فبدأت هذه بالذبول والموت تباعاً.

 

هنالك 42 نهراً أو وادياً تنبع من الأراضي الإيرانية وتصب في الأنهار العراقية، منها 22 نهراً رئيساً، أقامت إيران عليها سدوداً وخزانات ذلك أثّر كثيراً على إيرادات هذه الأنهار للعراق وحصول نقص كبير في الموارد المائية لمختلف الاحتياجات الإنسانية والزراعية، ما يجعل منها مصدر تحدٍّ كبير للحياة الاقتصادية في العراق.

 

إن معظم روافد نهر دجلة تقع مصباتها في إيران لذلك عندما قام الجانب الإيراني بقطع عدد من الأنهر التي تدخل إلى العراق مثل نهر الوند والكارون احدث ذلك ضررا كبيرا بعملية إدارة الموارد المائية في العراق، حيث أن تحويل مياه النهر إلى داخل الأراضي الإيرانية تسبب بزيادة نسبة الملوحة في شط العرب كما أعطى ذلك مجالا للمد للوصول إلى مستويات عالية في العراق، وهناك تجاوزات كبيرة من قبل إيران على مياه شط العرب من خلال طرحها مياه البزل المالحة فضلا عن النفايات القادمة من مصفى عبادان إلى مياهه ما أدى إلى قتل جميع الأحياء ومنها الثروة السمكية في البصرة. أن لهذه التجاوزات تأثير كبير في ارتفاع نسبة ملوحة المياه إذ تقيم كل من تركيا وسوريا وإيران السدود لتفتح عليها الروافد مما يؤدي إلى قلة منسوب المياه القادمة إلى شط العرب

وارتفعت نسبة الملوحة بمعدلات عالية جدا في محافظة البصرة، بسبب  صعود اللسان الملحي إلى مياه شط العرب لقلة إيرادات المياه العذبة في نهري دجلة والفرات، مما كان له الأثر السلبي على جميع مناحي الحياة بحسب مصادر رسمية، كما تشهد محافظات وسط العراق وجنوبه شحة كبيرة جدا بالمياه لم تشهدها من قبل .

ويمكننا الوقوف قليلا على اهم الانهر العراقية القادمة مصادرها من إيران :

1/ نهر الوند الذي يجري في أراضي قضاء خانقين ويروي مساحات زراعية تقدر بـ 50 الف دونم ( والدونم 2500 متر مربع ) اقيمت عليه مشروعات وقنوات إيرانية ، فانخفض منسوبه كثيرا على العراق .

2/ نهر كنجان جم الذي يجري من ايران باتجاه الجنوب الغربي نحو العراق ليروي بدرة وزرباطية من خلال جداوله العديدة ومن رافديه جزمان وسرخ ، ولقد قلت مناسيب النهر جراء المشروعات الإيرانية عليه منذ عقود طويلة من السنين وقد اعترض العراق عدة مرات عبر عهوده السياسية كون إيران تسيطر على حصته من النهر ، ولما جف النهر ، نجحت الحكومة العراقية بشق قناة من دجلة لإرواء زرباطية .

3/ نهر وادي كنكير الذي يجري من إيران نحو قضاء مندلي ، وقد انخفض منسوبه بفعل السياسات الإيرانية .. ولما شحت المياه فيه ، عمد العراق إلى مشروع إرواء القضاء من نهر ديالى .

4/ نهر قره تو الذي يتشاطئ عند الحدود العراقية الإيرانية لمسافة 37 كم ويصب في نهر ديالى ، وقد انقطعت مياهه جراء السياسات الإيرانية منذ زمن طويل فالحق أضرارا بزراعة العراقيين .

5/ نهر دويريج منابعه إيرانية ويصب في هور المشّرح ، وقد أقامت إيران سدا عليه عام 1966 فانقطعت مياهه عن العراقيين .

6/ نهر كرخة : منابعه إيرانية ويصب في هور الحويزة وقد قلت مياهه أيضا بفعل بناء سدة عليه ، فاحتجزت مياهه مع بناء جداول عليه كما تم شق سبعة جداول في مقدمة السد لإرواء الأراضي الواقعة على جانبي نهر كرخة، أربعة منها كبيرة وهي : الدهوري؛ والهرموني؛ وغضبان؛ والشاولي. ويقدر عرض كل جدول منها ( 20 ـ 30 ) م وثلاثة منها صغيرة تقابل الجداول الكبيرة وهي : نهر علي؛ والزامل؛ والصرخة؛ وحاجي عباس ويتراوح عرضها بين (6 ـ 8) أمتار. ومن أهم روافد نهر الكرخه داخل الحدود العراقية هي : نعمة؛ ونيسان؛ والسابلة؛ والكسرة؛ والخرابة؛ وعمود السيدية وجميعها تصب في هور الحويزة، وتجف معظمها في فصل الصيف عدا رافد عمود السيدية. مع الإشارة إلى أن معظم تلك الروافد قد جفت.

7/ نهر الطيب : منابعه إيرانية ويمر بأراضي شرق العمارة ويصب في هور المشّرح ، وأقامت إيران عليه سدة حجزت مياهه عن العراق .

8/ نهر هركينة تفرعت منه عدة قنوات إيرانية صناعية لسحب مياهه فنقص منسوبه كثيرا

ونهر زرين جوي الكبير منابعه إيرانية وأقامت إيران ثلاثة سدود عليه هي بايوه وبالاجو ووسان .. فانقطعت مياهه عن العراقيين .

9/ نهر كارون منابعه من جبال البختياريين ويصب في شط العرب عند خرمشهر ، سيطرت إيران على مياهه منذ عام 1962 بتشييد سد دز على نهر دز علما بأن تصريفه السنوي 20 مليار متر مكعب ، فأثرت كميات المياه على شط العرب كثيرا ، بإنشاء عدة سدود إيرانية عليه .. ومن الجدير بالذكر أن روافد الكارون كلها تجري في أراض عراقية أصبحت جافة .

 

 

وكانت حالة الجفاف قد استفحلت خلال العامين الماضيين في جميع محافظات البلاد بسبب سوء استعمال المياه في السقي وقلة الواردات المائية لحوضي دجلة والفرات واللذين يعانيان أصلا من انخفاض حصصهما بنسب بلغت الثلثين على مدى الخمسة وعشرين عاما الماضية، فيما بلغت كمية التراجع المسجلة للعام الحالي 55 بالمائة عن معدلها العام، حيث بلغ اجمالي كميات المياه الواردة لأنهر دجلة والفرات والزاب الاعلى والاسفل وديالى والعظيم حتى الان 21 مليارا و400 مليون متر

يشار الى ان تقريرين منفصلين اعدتهما منظمات دولية متخصصة، أفصحا عن ان العراق سيخسر واردات نهري الفرات ودجلة بالكامل بحلول عام 2040.

 

* جامعة ذي قار..مركز أبحاث الاهوار

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1198 الخميس 15/10/2009)

 

 

في المثقف اليوم