قضايا وآراء

المهدي الإسلامي سيملأ الأرض قسطا وعدلا؟ / صالح الطائي

وبين من يقول أنها محض خرافة ما انزل الله بها من سلطان تمتد معاناة أمة أدمنت الخلاف ليس بسبب الاختلاف، وأحبت النكاف ليس بسبب الإجحاف وإنما لمجرد التعنصر والطائفية والاصطفاف. والمزري في الأمر والمفري للكبد والصدر أن الجانبين يستندان إلى  نقول يدعي كل منهم أنها صحيحة فأضاعوا بفعلهم على الأمة طريقها وأدخلوها في متاهات لا مخرج منها ولا نجاة إلا من رحم الله.

واحد من مواضيع الخلاف هو القول بأن الإمام المهدي عليه السلام هو الذي سيملأ الأرض عدلا وقسطا بعد أن ملأت ظلما وجورا.

والظاهر أن الموضوع استفز بعض المسلمين فأنكروه جملة وتفصيلا وشككوا به بشكل فيه الكثير من الهزء والاستصغار، ولكي أكون منصفا عند ردي عليهم سأبدأ بذكر طرق الحديث النبوي الذي جاءت فيه هذه البشارة، وسأعتمد على مواقع الانترنيت لأنه من السهل على القاريء أن يرجع إليها، أما اعتمادنا على الكتب والمصادر فقد لا يكون متاحا الإطلاع عليها للجميع. كما سأعتمد المواقع السنية دون ذكر المواقع الشيعية لأن مسألة يملأها قسطا وعدلا من المسلمات عند الشيعة.

وأبدأ بموقع (عقيدة أهل السنة) (1) ففي قسم الدراسات منه وتحت عنوان (أحاديث ظهور المهدي وصفاته) قالوا: "اعلم أن المحدثين  متفقون على صحة حديث خروج المهدي فقد صرح الحافظ ابن حجر بثبوته والحافظ السيوطي، بل قال: إنه متواتر تواترا معنويا، وأكثر الأئمة الذين ألفوا في الحديث وضعوا ترجمة لخروجه، بل أفرد عدة منهم التأليف في أخباره كالحافظ نعيم بن حماد والسيوطي، ولا عبرة بطعن أناس ليسوا من المحدثين في ذلك . فإن عدد من روى حديث المهدي 38 نفسا منهم 33 صحابة و5 تابعيون،  ومن جملة ما ورد في المهدي :

عَنْ ‏ ‏عَبْدِ اللَّهِ ‏ ‏عَنْ النَّبِيِّ ‏ ‏(ص) ‏ ‏قَال: ‏ "‏لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الدُّنْيَا إلا يَوْمٌ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏زَائِدَةُ ‏ ‏فِي حَدِيثِهِ: لَطَوَّلَ اللَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ ثُمَّ اتَّفَقُوا: ‏‏حَتَّى يَبْعَثَ فِيهِ رَجُلا مِنِّي أَوْ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي ‏ ‏يُوَاطِئُ ‏ ‏اسْمُهُ اسْمِي وَاسْمُ أَبِيهِ اسْم أَبِي ‏ ‏زَادَ ‏ ‏فِي حَدِيثِ ‏ ‏فِطْرٍ: ‏ ‏يَمْلأ الأرْضَ ‏ قِسْطًا وَعَدْلا  كَمَا مُلِئَتْ ظُلْمًا وَجَوْرًا، ‏ ‏وَقَالَ ‏ ‏فِي حَدِيثِ ‏ ‏سُفْيَانَ: ‏ لا تَذْهَبُ ‏ ‏أَوْ لا تَنْقَضِي ‏ ‏الدُّنْيَا حَتَّى يَمْلِكَ ‏ ‏الْعَرَبَ ‏ ‏رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي ‏ ‏يُوَاطِئُ ‏ ‏اسْمُهُ اسْمِي. رواه ‏ ‏أَبُو دَاوُد ‏ ‏

‏عَنْ ‏ ‏أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ‏ ‏قَالَ: ‏ ‏قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏(ص): ‏ ‏الْمَهْدِيُّ مِنّي ‏ ‏أَجْلَى ‏ ‏الْجَبْهَةِ ‏ ‏أَقْنَى ‏ ‏الْأَنْفِ يَمْلأ الأرْضَ ‏‏ قِسْطًا وَعَدْلا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا يَمْلِكُ سَبْعَ سِنِينَ." ‏ رواه أبو داود

‏عَنْ ‏ ‏أَبِي سَعِيدٍ ‏ ‏أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏(ص) ‏ ‏قَالَ: ‏ "‏تُمْلأ الأرْضُ ظُلْمًا ‏ ‏وَجَوْرًا ‏ثُمَّ يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ ‏ ‏عِتْرَتِي ‏ ‏يَمْلِكُ سَبْعًا أَوْ تِسْعًا فَيَمْلأ الأرْضَ قِسْطًا وَعَدْلا" رواه أحمد.

‏عَنْ ‏ ‏أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ ‏ ‏قَالَ: ‏ ‏قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏‏(ص):‏ لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَمْتَلِئَ الأرْضُ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا، قَالَ: ثُمَّ يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ ‏‏عِتْرَتِي ‏أَوْ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي ‏يَمْلَؤُهَا قِسْطًا وَعَدْلا ‏كَمَا مُلِئَتْ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا" رواه أحمد.

عن أبي سعيد الخدري (رض) قال: قال رسول الله (ص): "لا تقوم الساعة حتى تملأ الأرض ظلما وجورا وعدوانا، ثم يخرج من أهل بيتي من يملأها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وعدوانا." رواه الحاكم  وقال :هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي .

قال رَسُولُ اللَّهِ ‏ (‏ص): "لا تقوم الساعة حتى يملك رجل من أهل بيتي يواطىء اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا" رواه ابن حبان.

 

وفي (منتديات الشيخ الداعية الهرري) عَنْ ‏ ‏أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ ‏ ‏قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ‏ ‏(ص): "يَكُونُ مِنْ أُمَّتِي ‏ ‏الْمَهْدِيُّ ‏ ‏فَإِنْ طَالَ عُمْرُهُ أَوْ قَصُرَ عُمْرُهُ عَاشَ سَبْعَ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ أَوْ تِسْعَ سِنِينَ يَمْلأ الأرْضَ ‏‏ قِسْطًا وَعَدْلا وَتُخْرِجُ الأرْضُ نَبَاتَهَا وَتُمْطِرُ السَّمَاءُ قَطْرَهَا." (2)

وفيه أيضا، عَنْ ‏ ‏أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ ‏ ‏قَالَ: ‏ ‏قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ (‏ص): ‏ "أُبَشِّرُكُمْ ‏ ‏بِالْمَهْدِيّ ‏ ‏يُبْعَثُ فِي أُمَّتِي عَلَى اخْتِلافٍ مِنْ النَّاسِ وَزَلازِلَ فَيَمْلأ الأرْضَ ‏‏ قِسْطًا وَعَدْلا كَمَا مُلِئَتْ ‏جَوْرًا وَظُلْمًا ‏يَرْضَى عَنْهُ سَاكِنُ السَّمَاءِ وَسَاكِنُ الأرْضِ يَقْسِمُ الْمَالَ صِحَاحًا"

 

وفي موقع (الأحبة في الله) (3) تحت عنوان (من علامات ظهور المهدي السني عليه السلام) "روى الحاكم في مستدركه عن أبي سعيد الخدري (رض) قال: قال رسول الله (ص): "لا تقوم الساعة حتى تملأ الأرض ظلما وجورا وعدوانا، ثم يخرج من أهل بيتي من يملأها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وعدوانا" قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

وفيه أيضا عن قَيْسِ بن جَابِرٍ الصَّدَفِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ (ص) قَالَ:"سَيَكُونُ مِنْ بَعْدِي خُلَفَاءُ، وَمِنْ بَعْدِ الْخُلَفَاءِ أُمَرَاءُ، وَمِنْ بَعْدِ الأُمَرَاءِ مُلُوكٌ، وَمِنْ بَعْدِ الْمُلُوكِ جَبَابِرَةٌ، ثُمَّ يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يَمْلأُ الأَرْضَ عَدْلا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا"

 

وفي موقع آخر(4) وتحت عنوان (عقيدة أهل السنة والأثر في المهدي المنتظر) قالوا: "وقال ابن تيمية المتوفى سنة 728 في كتابه منهاج السنة النبوية (4:211)  في التعليق على الحديث الذي رواه ابن عمر عن النبي (ص): "يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي اسمه كاسمي، وكنيته كنيتي ، يملا الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، وذلك هو المهدي": "إن الاحاديث التي يحتج بها على خروج المهدي أحاديث صحيحة ، رواها أبو داود والترمذي وأحمد وغيرهم من حديث ابن مسعود وغيره... وهذه الاحاديث غلط فيها طوائف، طائفة أنكروها، واحتجوا بحديث ابن ماجة أن النبي(ص) قال: "لا مهدي إلاّ عيسى ابن مريم" وهذا الحديث ضعيف"

 

وفيه أيضا: "وقد عقد ابن القيم في آخر كتابه المنار المنيف في الحديث الصحيح والضعيف ، فصلاً في الكلام على احاديث المهدي وخروجه، وقال: وقد تواترت الاخبار واستفاضت عن رسول اللّه (ص) بذكر المهدي ، وأنه من أهل بيته ، وأنه يملك سبع سنين ، وأنه يملا الارض عدلاً... قال ابن القيم : "قلت: كحديث عبد اللّه بن مسعود عن النبي (ص): لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم ، لطول اللّه ذلك اليوم حتى يبعث رجل مني (أو من أهل بيتي) يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، يملا الارض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً. رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح . قال (يعني الترمذي): وفي الباب عن علي وأبي سعيد وأم سلمة وأبي هريرة ، ثم روى حديث أبي هريرة وقال: حسن صحيح».

 

هذا الموضوع الذي قد يعده البعض ترفا فكريا أو تطرفا وغلوا شيعيا، وجد من يعترض عليه بأسلوب فكاهي تهكمي ممجوج حيث قال أحدهم: "القول بأن شخصا ما يملأ الأرض عدلا بعدما ملئت جورا، إذا كان المقصود بالأرض كل الأرض لاسيما كما يتصور عامة الشيعة أن ذلك سيحدث بلمسة ساحر، وأن الأمور كلها ستتغير وتصفو تماما بمجرد مجيئه وينشدون في ذلك قولهم:(اطلع يا المهدي وصفيها)  هذا القول من أسخف الأقوال المخالفة للمنقول، والمباينة للمعقول، فإن رسول الله (ص) نفسه لم يتمكن من القيام بهذا الدور الخيالي، ولا أحد من الأنبياء عليهم السلام، ولا الصحابة الكرام، ولا علي بن أبي طالب الذي هو أفضل من (المهدي) المزعوم! بل كان [أي الإمام علي عليه السلام] مغلوبا على أمره لم يتمكن من بسط العدل المطلوب في عاصمة خلافته فضلا عن غيرها. ما معنى أن يعطى هذا الدور الكبير لشخص ما ولا يعطى لرسول الله (ص)"

وأردف قائلا بنفس الأسلوب الساخر معترضا على إرادة الله سبحانه ومكذبا لنبيه:"ثم أنه يستحيل عقلا على شخص واحد أن يملأ الأرض عدلا بعد أن تمتليء جورا لاسيما بعد أن كثر سكان الأرض فصاروا بالمليارات. وعندهم من الإمكانيات الهائلة والأسلحة الفتاكة المدمرة والقدرة على الفتك والمقاومة اللهم إلا على افتراض أن تفنى البشرية فلا يبقى منها سوى قرية صغيرة واحدة يحكمها هذا (المهدي) وعند ذلك يمكن لشيخ قبيلة بإمكانيات بسيطة أن يبسط العدل المطلوب في تلك القرية فلا حاجة لوجود سوبرمانات أو طرزانات بشرية"(5)

ونحن لا نريد التعليق على هذا الرأي الساذج الدال صراحة على جهل قائله بالسنن الإلهية التي أدار ويدير الخالق المتعال بها الكون وصولا إلى المهدوية سواء من حيث تدرج مهام الأنبياء أو تدرج أهمية الرسالات السماوية الذي هو ليس خافيا على أحد من العقلاء والمنصفين. وألا فإن الله سبحانه غير عاجز عن هداية الناس أجمعين دون حاجة حتى إلى إرسال الرسل إليهم، فلماذا لم يهدهم أجمعين بدل أن يرسل لهم رسلا يبلغونهم رسالاته؟ والله غير عاجز أن ينصر نبيه الأكرم على قريش المشركة وأهل الكتاب وأهل الأرض أجمعين دونما حاجة إلى الحروب والهجرة والعذاب، فلماذا لم ينصره دون حاجة إلى سفك دم وحروب ودمار؟ والجواب أن الله سبحانه  أراد للكون أن يسير وفق منطق رائع، منطق السنن وصولا إلى مرحلة الامتحان الأخير، ليتبين الذين عبدوا الله من الذين لم يعبدوه مصداقا لقوله سبحانه {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} (6)

ولتبيان التناقض الذي وقع فيه القائل،  سوف أورد فضلا بعض الأخبار والروايات التي تبين سذاجة ادعاءه ومخالفته للحقائق العقدية والتاريخية لكي نعرف مقدار تحامل أعداء المهدوية عليها وعلى المؤمنين بها وتعمدهم الدس حتى ولو بالتحريف وتكذيب النبي (ص) والصحابة (رض) الذين نقلوا لنا رواياته، والتشكيك بالسنة الصحيحة دون إلتفات إلى الضرر الكبير الذي يصيب الأمة وعقيدتها.

فالروايات أعلاه لم انقلها من تراث مدرسة أهل البيت بالرغم وجودها بأكثر من طريق فيها، عسى أن يعرف الرجل ما جنته يداه نتيجة مخالفته لما ورد في نقول يجمع المسلمون على صحتها.

فضلا هناك نقول تاريخية تكذب ادعاء الرجل تتحدث عن مجموعة من الأشخاص الذين مكنهم الله تعالى من ملك الأرض كلها رغم أن فيهم جنا وفيهم ملوكا جبابرة، وليس من بينهم من هو مكلف بالمهام المقدسة نفسها المكلف بها الإمام المهدي (ع). ففي كتاب المنتظم في التاريخ افرد ابن الجوزي بابا ذكر فيه أسماء من ملك الأرض كلها، وفيه، عن مجاهد أنه قال‏:‏ "ملك الأرض أربعة أنفس‏:‏ مؤمنان وكافران فأما المؤمنان فسليمان بن داود وذو القرنين، وأما الكافران فبخت نصر ونمرود‏.‏"(7) وهؤلاء أربعة نفر قيض الله لهم ملك الأرض كلها، فكيف ينكر؟

وفي الباب نفسه قال ابن الجوزي: "وقد حكى أبو الحسين بن جعفر المنادي: أن هشام بن محمد والشرقي بن قطامي قالا‏:‏ ملك الدنيا كلها من الجن والإنس ثمانية‏:‏ فثلاثة منهم من ولد جان‏:‏ جيومرث وبعضهم يقول جيومرب بالباء ثم ملكها بعده طهمورث ثم ملكها من بعده ابنه أوشنج، فخلق اللّه تعالى آدم على عهد أوشنج وكان أول من ملك الدنيا من أولاد آدم جمشاد بن بونجهان من ولد قابيل وكان يقطع الدنيا كل يوم كما تقطعها الشمس يضحي بالمشرق ويمسي بالمغرب ملكها بين آدم ونوح‏.‏ والثاني‏:‏ نمرود بن كنعان بن حام بن نوح‏.‏ والثالث‏:‏ بوارسب وهو الضحاك بين الأهبوب‏.‏ والرابع سليمان‏.‏ والخامس ذو القرنين‏.‏ قلت‏:‏ وإذا أضيف بخت نصر صاروا ستة"(8)

أما مخالفة الرجل العقدية للقرآن والسنة، فمن حيث مخالفته للقرآن تبينها آية: {ليظهره على الدين كله} التي سنتناولها بالتفصيل في موضوع لاحق، والتي اتفق كبار المفسرين كالطبري والقرطبي وابن الأثير على أنها لم تتحقق من قبل ولن تتحقق إلا في عصر الظهور تحديدا، بما يعني أن الإسلام سوف يظهر على كل الأديان في الكون وتكون قيادة الكون إسلامية صرفة، وبالتالي كتحصيل حاصل تملأ الأرض والأكوان كلها بالعدل والقسط الإسلاميين، وذلك سوف يكون ويتم بأمر الله تعالى، ومن يكذب بوعد الله إنما يكذب الله سبحانه.

وأما مخالفته للسنة فتبينها مجموعة الأحاديث النبوية المسندة والروايات التي أوردناها والتي تدل جميعها على أن الإمام المهدي المنتظر هو الذي سوف يملأ الأرض قسطا وعدلا بأمر الله سبحانه وتعالى، ولكن زيادة في الدعم والإسناد سوف أورد أقوال بعض العلماء بشأنها ومنهم الحافظ العسقلاني الذي قال في تهذيب التهذيب: "وقد تواترت الأخبار واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى (ص) في المهدي وأَنه من أهل بيته، وأنه يملك سبع سنين ويملأَ الأرض عدلاً."(9)

وابن حجر الهيتمي الذي قال في الصواعق المحرقة: "قال أبو الحسين الآجري: قد تواترت الأخبار واستفاضت بكثرة رواتها على المصطفى (ص) بخروجه وأنه من أهل بيته وأنه يملأَ الأرض عدلاً."(10)

والشبلنجي الذي قال في نور الأبصار: "تواترت الأخبار عن النبي (ص) أنه من أهل بيته وأنّه يملأَ الأرض عدلاً."(11)

والشيخ محمّد الصبان الذي قال في إسعاف الراغبين: "وقد تواترت الأخبار عن النبي (ص) خروجه وأنه من أهل بيته وأنّه يملأَ الأرض عدلاً."(12)

والسويدي الذي قال في سبائك الذهب: "والذي اتفق عليه العلماء أنّ المهدي هو القائم في آخر الوقت وأنّه يملأَ الأرض عدلاً."(13)

وأخرج الحاكم في مستدركه: "عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله (ص) قال:  "تملأَ الأرض جوراً وظلماً فيخرج رجل من عترتي يملك الأرض سبعاً أو تسعاً، فيملأَ الأرض قسطاً وعدلاً.(14)

وأخرج أحمد بن حنبل في مسنده: "عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (ص): "لا تقوم الساعة حتى يملك رجل من أهل بيتي أجلى أقنى يملأَ الأرض عدلاً كما ملئت قبله ظلماً يكون سبع سنين."(15)

وأخرج عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (ص): "لا تقوم الساعة حتى تمتلئ الأرض ظلماً وعدواناً قال: ثم يخرج رجل من عترتي أو من أهل بيتي يملأَها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وعدواناً."(16)

وأخرج أبو داود في السنن: عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (ص): "المهدي مني أَجلى الجبهة أقنى الأنف يملأَ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً ويملك سبع سنين."(17)

وأخرج علي بن أبي بكر الهيثمي في مجمع الزوائد عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: "يخرج رجل من أُمتي يقول: بسنّتي، ينزل الله عزّ وجلّ له القطر من السماء وينبت الله له الأرض من بركتها، تملاَ الأرض منه قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً"(18)

وأخرج الذهبي عن أبي سعيد الخدري أنه قال: "ذكر رسول الله (ص) بلاء يصيب هذه الأمة حتى لا يجد الرجل ملجأ يلجأ إليه من الظلم فيبعث الله رجلاً من عترتي أهل بيتي فيملأَ به الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً"(19)

وهذا غيض قليل من فيض كثير من الأحاديث والروايات التي أكدت أن المهدي المنتظر هو الذي سوف يملأها قسطا وعدلا كما لم يحدث مثله أو قريبا منه من قبل، رغم أنف المعارضين والمعترضين والمدلسين. وقد تجرأ الرجل فكذبهم بأجمعهم.

 

أعود وأقول: إن بين المدارس والفرق الإسلامية على اختلاف مناهجها كثير من الاهتمامات المشتركة التي يمكن توظيفها للم شمل الأمة وتمتين أواصر وحدتها، ولكن المغرضين والمدلسين وأعداء الدين الحقيقيين لا تستهويهم الوحدة لنهم يفقدون معها مراكزهم الطائفية ومناصبهم الدنيوية، ولذا أتمنى من كل قلبي على كل مؤمن بالإسلام دينا ومحمد (ص) نبيا أن لا يستمع إلى أقوال المغرضين والمدلسين وصناع الفتنة وأعداء الأمة، وان يبحوا عن الحقيقة كما هي وليس كما يردها المشككون المغرضون. فلتكن الأطروحة المهدوية ميدان وحدتنا الحقيقي والمبادرة الأنضج لنتحد تحت لوائها بدل ان نحولها إلى ميدان خلاف يقصم ظهر الأمة.

 

 

الهوامش

(*) تعمدت استخدام جملة (المهدي الإسلامي) في العنوان لأن هناك من يتحدث عن مهدي للشيعة وآخر للسنة، وتلك وربي دعابة جُهّال ومغرضين وأعداء حقيقيين.

(1) الرابط

  http://www.alsunna.org/aHaadyth-Dhhwar-aalmhdy-aalmntDhr-wassfaath.html

(2) منتديات المحدث الشيخ عبد الله الهرري، الرابط

http://alharary.com/vb/t23374.html

(3) الرابط

 http://www.ala7ebah.com/upload/t56071.html

(4) الرابط

 http://www.khayma.com/mahadja/mahdi3.htm

(5) ينظر: كتاب المهدي المنتظر هذه الخرافة، د. طه حامد الدليمي.

(6) سورة الذاريات، الآية 51

(7) المنتظم في التاريخ، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي، الجزء الأول، باب: ذكر من ملك الأرض كلها

(8) المصدر نفسه، والباب نفسه، المنتظم

(9) تهذيب التهذيب، ابن حجر العسقلاني، الجزء 9، ص 144

(10) الصواعق المحرقة في الرد على أهل البدع والزندقة، ابن حجر الهيتمي، ص165

(11) نور الأبصار في مناقب آل بيت المختار، مؤمن الشبلنجي، ص 171

(12) إسعاف الراغبين في سيرة المصطفى وأهل بيته الطاهرين، محمد بن علي الصبان، ص 140

(13) سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب، محمد أمين البغدادي السويدي، ص 78

(14) المستدرك على الصحيحين، الحاكم الحسكاني، الجزء 4، ص 588

(15) مسند الإمام أحمد بن حنبل، الجزء 3، ص 17

(16)  مسند أحمد، المصدر نفسه، ج 3، ص 36

(17) سنن أبي داود، الجزء 4، ص 152

(18) مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، علي بن أبي بكر الهيثمي، الجزء 7، ص 317

(19) تذكرة الحفاظ، الذهبي، الجزء 3، ص 838

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2134 الاثنين  28 / 05 / 2012)

في المثقف اليوم