قضايا وآراء

قراءة تشكيلية في كتابات أ. د. زهير صاحب محسن / حكمت مهدي جبار

عبر التاريخ وسياقاتها الثقافية والأنثروبولوجية والأيديولوجية والنظرية والأقتصادية والأجتماعية للفن(العساف...1989 – ص 282) ..وقد كتب الكثير من اساتذة تاريخ الفن القديم في أختصاصهم هذا وتناولوا المنجز الأبداعي الأنساني للفنان القديم بالمهجية التأريخية المعروفة كل حسب ما يمتلك من قدرات ومهارات بما يتطلبه فن الكتابة لاسيما فيما يتعلق بالمقالات والدراسات المختصرة والمباحث المقتضبة.

والكتابة في تأريخ الفن لها ما يميزها عن الكتابات في التاريخ السياسي والأقتصادي والعسكري وغيره. وليس كل من كتب في هذا الصنف من التاريخ تمكن من أيصال الفكرة الفنية كمنجز ابداعي نفذ قبل عشرات القرون .فالبعض يكتب بأسلوب تأريخي قد لايجد المتابع من قراء ومتلقين شيئا من المضامين الفنية ومعانيها ورموزها ودلالاتها .ولم يتمكن من تفسير العمل الفني وولوج عالمه الخاص وتأويل مقاصد الفنان القديم . واولئك البعض يكتفون بأستقدام الماضي بواسطة جمع الأدلة وتقويمها ومن ثم تمحيصها وأخيرا تأليفها ليتم عرض الحقائق التأريخية.

قلنا ان الكتابة في تأريخ الفن التشكيلي لاتصنع من الأكتفاء بمعرفة تأريخ انجازها والظروف الموضوعية والذاتية المحيطة بها.انما تؤسس بفعل تقاليد الموهبة فضلا عن تقاليد الحياة التي يعيشها الكاتب قبل ان يمسك بتجليات اللحظة الأبداعية المحكومة بشروطها التاريخية والنفسية والفكرية(جماليات المقالة عند د علي جواد الطاهر ..د . فاضل عبود التميمي) . والأستاذ الدكتور زهير صاحب واحد من الأساتذة المتميزين في كتابة المقالات المتخصصة في تأريخ الفن القديم .يظهر تميزه كونه يمتلك لغة تسمح بعقد معاشرة تذوقية مع الفنان التشكيلي رساما ونحاتا وخزافا ومعماريا وخطاطا .وكذلك يمنح المتلقي شعورا بمعرفة المضامين الفنية ودلالاتها الرمزية ومعانيها رغم انها انجزت قبل آلاف السنين .

ثم ان كتابة المقالات للأستاذ الفاضل زهير صاحب كتابات موصولة بهم الأبداع .فتراه عندما يصف عملا فنيا قديما وكأنه قد زامن صاحب ذلك العمل وتشعر وكأنك تتحسس أسلوب منشيء العمل.أما في وضعه لعناوين المقالات فتجد تلك المزاوجة بين المهارة في استخدام المفردات مع الصبغة الحداثوية في التراكيب اللغوية والصور والسعي الحثيث لأن يميز أسلوبه في طريقة كتابية رائعة.لاحظ بعض من تلك العناوين:- (التماثيل السومرية ..المرجع والتواصل) (التماثيل الأكدية آليات أظهار جمالية تفعل دورها التعبيري بغية تأسيس تركيب ابداعي.) (جماليات فن العمارة الأساسية ..تناسب فضاءاتها الشكلية مع وظائفها).

(ألأبداع التشكيلي في صورة الثور المجنح الآشوري) (فنون عصر النهضة السومرية.............) (قراءة تشكيلية لأقدم ملحمة عراقية) (وسيط البيئة الطبيعية السومرية) (أشكالية المنهج في قراءة الفنون السومرية)  وعناوين أخرى كثيرة فضلا عن عناوين الكتب والأصدارات الأخرى.ناهيك عن طريقة القائه للمحاضرات داخل اروقة الكلية.

لقد اتضحت ملامح أسلوب الأستاذ الدكتور زهير صاحب عبر لغته كونها أحد الأساليب  ليس فقط لدراسة تاريخ تطور الفن القديم .انما جاءت كمقالات تحليلية للعمل الفني وبأسلوب يتفوق فيه حتى على أسلوب الناقد التشكيلي المعاصر.وتراها غنية بصورها اللطيفة من خلال العبارات الجميلة والتي كثيرا ما يقارن بها العمل الفني القديم بالعمل المعاصر وهي تبدوا

(متأنقة) رشيقة تشبه شخصيته الأنيقة واللطيفة والمحبوبة من قبل كل من تتلمذ على يده في كلية الفنون الجميلة.

لقد ابدع الأستاذ الفاضل في كتابة مقالاته كما لو أنه يبدع في تنفيذ عمل فني ويحاكي المنحوتة السومرية والتمثال الأكدي والجدارية الآشورية معتبرا أياها منهلا تراثيا كبيرا لتنفيذ عمل فني معاصر ولكن عن طريق الأبداع في الكتابة.فهو يعتبر المقالة (نزوع ابداعي) غايته تقديم نص أدبي تاريخي مكتمل الشكل فضلا عن (المضمون التشكيلي) معانيه الفنية الجمالية.

 

.........................

- أ.د. زهير صاحب محسن. أستاذ تاريخ الفن القديم في كلية الفنون الجميلة – جامعة بغداد.

- كاتب المقال: أحد طلبة الأستاذ الدكتور في كلية الفنون الجميلة – جامعة بغداد  - تخرج في 1987

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2141 الأثنين  04 / 06 / 2012)


في المثقف اليوم