قضايا وآراء

ابن سيا وأرض في الواق واق/ محمد تقي جون

وهل يسكت أو يجامل على حقه فيصبح ضحكة يظل الدهر يطلقها، وأحدوثة عن جهله؟ فلماذا لم يتسلم إذاً قطعة الأرض وهي حقه؟

يبدو أن (الواق واقيين) سرقوا أرضه بحجة واهية هي نكتة غير طريفة.. يا للمصائب التي لا تأتي فرادى؛ ففوق خسارته أرضه الوحيدة سيخسر عقله! أول ما فعله ذهب إلى البلدية (بلدية واق واق) ظناً بأنها مشتقة من (البلد) وهي (بليدية) مشتقة من (البلادة)، وأن المدير الذي يجلس جلسة أسطورية خلف دسته لم يشتق اسمه من الإدارة، بل من (الدوران) كما يشي بذلك كرسيه الدوار، فهو لا (يدير) الدائرة بل (يدير ظهره) عن الدائرة!! اذاً سيقول له المدير إذا عاتبه على سوء إدارته:

فحاشاني ومحشومٌ واني

               رأيتك لا تعي والعلمُ نورُ

جهلتَ معاني الألفاظ فقهاً

               جديداً صاغه الزمنُ الاخيرُ

لذا معنى أدار: أدرا ظهراً

               على شيءٍ، وذا فعل المديرُ

 

أما البلدية فحدِّث ولا حرج، ففي الواق واق البلدية تشبه (علوة المخضر) كل شيء معروض للمزايدة والبيع، والمقاولون يبنون ويهدمون لكسب المال وإهدار الوقت. لذا فلا يلام إذا قال شيئاً (يغثهم)، بل ربما سيلام على انه يقول كلاماً ملّته الناس، فقال:

بلدية تبني فينهَدُّ

               ومقاولٌ (متنافِع) وَغدُ

 

والناسُ بينهما وتحتهما

      في حيرة أزرى بهم وعدُ

هذا (البليديُّ) الجديد بلا

               نفعٍ، كسابقه كما يبدو

سيطول (توريقٌ) و(بخششة)

               ويزوره في داره المجدُ

وتقومُ أبطالُ الفلوس به

               فيقطُّ من أسيافها الحدُّ

قلتم بأنَّ الأمسَ مسودُّ

               ما بالُ هذا اليوم مسودُّ

دوامة رعناء تغرقنا

               ما جاءها وقتٌ ستشتدُو

وأقول ممتحناً بمحنتها

               بلدي، مهاد ذاك أم لحدُ

 

ترى ماذا سيبرد غليله وقطعة الأرض ذهبت وصار صفر اليد منها؟ وأيَّ شيء سيفعل ليدفع عنه شبهة السكوت عن حقه؟ وتلك أقبح من سرقة الأرض نفسها لأنها ستغري به الجميع فيصير نهباً بكل شيء ونهب كلِّ شيء..

قالوا له: إن سبب نكبتك (القائممقام) لأنه يقوم مقام المحافظ، وبالتالي فهو حلقة أرقى في القرار من مدير البلدية.. ونصحوه بالذهاب إليه. وبالفعل ذهب إلى (القائم مقام) فوجده (جالسَ مجلس) فذكَّره بحقه، وانه أرفع مستوى وأجل قدراً من مدير البلدية. فشكى إليه القائممقام حاله؛ بأنه بالاسم قائم وبالفعل جالس كما يرى، فنفح في وجهه أبياتاً لاهبة تركته يحترق بها وانصرف. وفي الأبيات يقول:

يُسَبُّ قائمْمَقامُنا 

               دوماً بقولٍ فاسدِ

بأنه ليس (يقومُ) أبداً بفائدِ

وعودُه كثيرةٌ

               ولا يفي بواحدِ

فأيّ جهلٍ جاهلٍ

               وأيُّ حقدٍ حاقدِ

تنسبه لقائمِ!!

               فانسبْ تُصِبْ لقاعدِ

(وبعدين) أين سيذهب؟ هل ستكون هذه القطعة الأرض كالليرة التي سرقها الملك من الديك بالغصب فاستعادها الديك بالغصب بعدما قلب المملكة رأسا على عقب؟ هل سيفقأ عين الواق واق كلها ليأخذ أرضه أم يتركها (تلفط) منه وأمام عينيه..فقصد المحافظة، ولكن حين وصل عتبة المحافظة اكتشف الحقيقة الكبيرة التي كان عليه اكتشافها مسبقاً ليسير في ضوئها.. لقد أدرك أن الكلمات تحركت عن معانيها أو ملت البقاء عليها، فتغيرت العلاقة بين الدال والمدلول.. وان علينا أن نبحث عن معانٍ أخرى تنسجم مع أفعال أصحاب هذه المسميات بعد التطور الهائل الذي أجروه (عليها).. فصار المدير يدير ظهره، والقائم مقام جالس مجلس. وبالتالي هل سيحافظ المحافظ أم سيكون غير محافظ؟ المهم حين دخل بالگوة أخرجوه بالقوة. قال له المحافظ: (ابني خذ مكان قطعة الأرض قطعة قيمر وكلها هنيئاً مريئاً وانس الموضوع الله يخليك!! فقال للمحافظ:

قالوا لنا: محافظُ

               أي انه يحافظُ

فكيف أرضي سرقتْ

               منكَ، وأنت حافظُ

لستَ إذاً محافظاً

               وإنما (مو حافظُ)

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2147 الأحد  10/ 06 / 2012)

في المثقف اليوم