قضايا وآراء

جغرافية الربيع العربي ولعبة الشطرنج الدولية (1) / الطيب بيتي العلوي

 

 اخطأ الثوريون العرب الطريق منذ البداية في تحديد مسعاهم الى الثورة الحقة ، وسلك الكثيرمنهم طرقا ملتوية ومشبوهة لاتفضي الي ثورة عربية عميقة تجذيرية ذات تصورشمولي لكامل الرقعة العربية، فلم تكن الثورات العربية منذ انطلاقاتها بصيرة وعقلانية تهدف الى تحفيز الأذهان العربية الوضيئة الواعية والفاعلة في مجتمعاتها، لتعمل على أن تلهب النفوس الخاملة المتساكنة، أوالمستسلمة المتواكلة، كي تبصروتستيقظ وتعمل على توضيح حقيقة اوضاع العالم العربي قاطبة دون تجزئة ولا تفرقة، وإزاحة الغشاوات عما يتبرص بها في دامس الظلمات، ليرى الثوريون موقعهم الجغرافي على الخارطة التي رسمتها لهم الكواسرالمتوحشة الدولية منذ الهجمات الكولنيالية الى خارطة ما بعدالربيع العربي

 

فلم تكن ثورات حقة تتحمل مسؤولية غرس وممارسة قيم النضال ضد الأعداء المحليين الحقيقيين اولا قبل الخارجيين، من المتحزبين المزيفين –إسلاميين وقوميين وعلمانيين- وسائرالطفيليين الذين ولدتهم الانظمة الدمى، وجذرتهم في أنسجة المجتمعات العربية ، ليعيثوا فيها الفساد الأخلاقي والروحي، والتخريب المادي والنهب الإقتصادي،

 

ولم تكن ثورات تحمل على عاتقها تحطيم قيود كل أشكال الإستبداد الداخلي قبل الخارجي، وتربية النفوس الضعيفة الخنوعة، التي لم تع بعد بأن الانسان العربي لا قيمة له في بلده اولا وقبل كل شيئ، اذا لم يفرض سيادته الكاملة على مقدرات خيراته واحترام ذاته–بدون اية شروط مسبقة–على ارضه ومصيره ليحترمه العالم الخارجي

وقديما قال كبير متصوفة العراق الشبلي :انما تعجب من تحجب فلانعجب من ثورات  على هذه الشاكلة ذهبت في كل الطرق وتلبست بكل مذهب، لااتساق يجمعها ولا تنسيق يؤلف في ما بينها- وكل حزب بما لديهم فرحون ...، فقد انتفضوا في كل مكان في الرقعة العربية ولما يحسموا، مبدئيا، في ماذا يجب ان يعلموا، بدءا، قبل ان يعملوا فخبطوا خبط عشواء متقلبين في شتى الخيارات والسياسات والمناورات حتى عادوا على مرالايام والشهورمن التقلب في الأمورلا يدرون من هم وماذا يريدون، فتعثرواوكبوا، فجاءت ثوراتهم اما مبتورة اومشلولة اوملغومة اومشبوهة،

 

ولقد اطاحت بعض ثورات الربيع العربي بحكومات وغيرت انظمة سعيا وراءانجاز  ديموقرطيات السوق في السيرك الدولي الغربي الجديد الذي دخل في مشاريع خفية لحروب كبرى كونية كاسحة، تحيكها اليوم –في الربيع العربي-الأيادي اليهودية العالمية الجلية، التي لم تعد خفية، او من قبيل تهاويل المؤامرة-وقدآن الأوان لتسمية الأشياء بأسمائها-وان شئت فسمها الايادي الماسونية وان شئت فسمها الصهيونية العالمية-فلامشاحنة في المصطلح–فكلهم يغرفون من التوراة كمصدرومرجع رئيسي، ومن التلمود والقبالة كقراءات تأولية، وحواشي توضيحية للتوراة، تيسيرا لدسها وبثها في العناوين الحياتية الرئيسية لكل البشرية بهدف إصباغها على كل كبيرة وصغيرة في الحياة بدءا من تصاميم بطاقات الهويات وجوازات السفرالى العملات النقدية وصولا الى فرشاة الاسنان وملابسك الداخلية، وموجات الملبس والمغنى والعمارة والسيارة، وتصاميم الشوارع الى الطائرة النسافة والدبابة المدمرة والغواصة الفتاكة، وحتى إختيار اسماء العمليات العسكرية على كوسوفو والعراق وافغانستان ولبنان وغزة وليبيا-والقائمة طويلة-

 

اما الذين وصلواالى السلطة ممتطين صهوة حصان الربيع العربي فلا يملكون خططا ولامنهجا اورؤية واضحة لالشعوبهم ولا لأمتهم، -مهما خطبوا ووعظوا وهرجوا-حيث تحولت ياسمينة البوعزيزي -التي فاحت رائحتها على الرقعة العربية-الى إمارة قطرية-تركية تنظرللإسلام السلفوي-التيمي وتكوين جهاديين ضد المارقين عن الدين في سوريا ولبنان وإيران ولكن بالإستعانة بالصليبيين الجدد في انتظارانطلاقة الجهاد المقدس ضد روسيا والصين لاحقا بعد الخروج الغربي من افغانستان

 اما ليبيا فقد تركت لمصيرها المشؤوم–بعد التدخل (الانساني-الصليبي) وتم نهب خيرات البلد وتقسيم  كعكعة النفط وإذلال الليبيين، وتنصيب كراكيز حكومة مؤقتة، وترك البلد لمستقبله الموحش المظلم، ينعق البوم والغربان في شوارع مدنه المهدمة، ودوره المخربة ويرتع في أزقتها الفئران، وأصبحت ليبيا ملتقى–دوليا-و مكتبا لبيرنارهنري ليفي  لتجميع القاعديين والمرتزقة المتأسلمين من المغرر بهم من المغاربيين ومن كل الثقلين، لتوزيعهم على البؤرالساخنة التي تأتمربأوامرالمليونيراليهودي القواد الاكبرللأمبراطورية ليفي الذي يتلقى التعليمات من حاخامات تل ابيب

 بينما تُسمد وتُسمًن ثورات في الطريق، كمطية للحرب الكبرى قادمة الكاسحة والفاصلة، ستجري رحاها على الرقعة العربية تفرض من الخارج لتصفية الحسابات السابقة المعلقة–لما بعد الحرب الباردة-ما بين الأقطاب الكبرى المتنافسة، وبعد خروج الإمبراطورية المذل من العراق، هاهي تخطط للعودة اليه من البوابة السورية بعد أن يسطر ثواروها على دمشق، عبرحروب اخرى قذرة مستترة ابطالها القاعديون الجهاديون تمولها اطراف أعرابية شقيقة

 

ومن عبقريات الإمبراطورية..، انها قد أضافت الى قائمتها أعداء جددا، بغبائها السياسي المعروف، وإحتقارها للشعوب، وسوء تقديرها للأمور، منذ خروجها من عزلتها في بداية القرن الماضي، ودخولها بوحشية وهمجية في المعترك الدولي بغية الهيمنة الكونية، وخنوعها للإملاءات اليهودية التي تعمي بصيرتها ولا ترى ابعد من ارنبة انفها، حيث كلما تحركت الامبراطورية الإ وارتكبت المزيد من الأخطاء الغبية مثل ذلكم الكلب الضخم المسعورالمحصور في غرفة ضيقة الذي كلما تحرك الا وحطم ما بالغرفة– كما وصف المؤرخ البريطاني أمريكا في القرن الماضي-حيث بدأت الامبراطورية تألب ضدها- بعبقريتها -كل القوى النويية الكبرى مثل روسيا–الصين-باكستان-الهند-البرازيل، ناهيك عن التكثلات الجديدة الصاعدة في كل من امريكا اللاتينية وافريقيا وآسيا التي تضم جحافل ملاييرالكونفوشيوسيين والبوذيين الذين بدأت تتحدث عنهم الأدبيات السياسية الامريكية الجديدة بلفظة هاجوج ومأجوح وهي ذات الصيغة التي اطلقها بوش على العراقيين ثم عمم التوصيف على حزب الله في حرب تموز 2006وعلى الإيرانيين

للبحث صلة

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2158 الخميس 21/ 06 / 2012)

في المثقف اليوم