قضايا وآراء

مهام السلطة في دولة القانون / عبد الجبار العبيدي

 تمثلت في العدل والصدق والاستقامة، واذا ما  أخترقت فسيكون لمخترقيها المحاسبة والعقاب والفشل والخسران . والسلطة لا تضبطها الا القوانين، والقوانين لا تنفذ الا اذا وجدت من ينفذها بجرأة وشجاعة وبسالة المخلصين .لقد ثبت عبر الزمن ان القوانين لا تنفذها الا السلطة المنتخبة شرعا وقانونا، ولها حق  التطبيق بموجب مبادىء الثواب والعقاب في دولة المواطنين.

ان من واجبات السلطة الدفاع عن الوطن داخليا وخارجيا، وقد نص دستور المدينة  الذي دونه الرسول الكريم (ص) بيده الكريمة في السنة الخامسة للهجرة على ضرورة التكاتف بين المواطنين لحماية الدولة من الاعتداءات الخارجية  وحفظ الأمن الداخلي لهم،  ومن واجباتها الرئيسية أيضاً المحافظة على الموارد المالية وعدم التبذير فيه، فبدون المال لاقوة اقتصادية للدولة.

لقد كان الشعب هاجس الحكومات الوطنية الأول لرفع الظلم عنه وأسعاده، ومن أولى المهمات  التي أضطلعت بها وأوقفت جهدها عليها، وخاصىة الطبقات الفقيرة والمعدمة  التي هي بحاجة الى كل عون منها.لذا قيل في الاثر: (على الحاكم ان لاينام ليلته وفي وطنه معوزُ واحد) زيادة في الحرص على المواطنين.

ان تنفيذ هذه المهام الوطنية تستدعي الحرص على اموال العامة، لذا فقد شكلت الموارد قضية هامة في فكر القانونيين في الدولة ووضع القوانين النافذة في حمايتها. معنى ذلك ان القانون هو الذي يساعد على تكوين التقدم ودواعيه،  لان كل شيء مرتبط به وبحياة الجماعة.فأذا تمسكت جماعة بأمتياز غير مشروع حتى ولو كان قانونياً يعوق المجتمع عن التقدم، والقوانين التي تخدم طبقة معينة دون غيرها من طبقات المجتمع تعوق التقدم. لذا فمن واجبها ان تدخل التقدم في كل ميدان من ميادين الحياة لكل الطبقات الاجتماعية حتى تسيرالعجلة سيرها المنظم.

 

                                                 2

من هذا المنطلق لابد من وضع قوانين عادلة ومتطورة تماشي الزمن وبعيدة عن الازدواجية في المعاملة، ويجري تطبيقها تطبيقا سليما على ايدي قضاة يملكون حرية النظرفي القضايا واصدار الحكم الذي يرضاه القانون والضمير، ولا بد ان تزول امتيازات الطبقات التي تحسب نفسها ممتازة لأن أمتيازاتها تخل بالنظام السليم للمجتمع، ولابد ان يكون هذا المجتمع من القوة بحيث يستطيع ان يوقف الظلم ويرد السلطة اذا هي أرادته .

ان حرية الفكر وحرية التصرف مملوكة للجماهير والسلطة معا  لتأمن على حياتها ومعاشها وديمومتها، وتحرص على المهنة والجودة والعدالة لكي تكون مكافأة العمل مستحقة لمستحقيها.هذا التوجه المكفول من السلطة العادلة هو الذي يكسب الاحترام والطاعة العفوية لها فتترفع هي والمواطن عن مواقع الزلل وينتج منه وعي خلقي وانساني قائم على العمل والصدق والجودة ونشاط الحركة المنتج المستمر.

 وعلى اساس هذا الوعي الخلقي ينشأ قانون جديد عملي للمعاملات الانسانية تبعا لذلك، فلا غاش ولا مغشوش ولا ظالم ولا مظلوم، وبأستمرارية هذا الحال يقوم مجتمع جديد يعتمد على الرخاء العام لا الخاص ويسير فيه كل شيء وفق قانون عملي مراقب، وفي هذه المسيرة الخيرة تنظم المعاملات وتظهر الحقوق ويختفي الخطأ وترتقي المعاملات والصناعات والفنون ويتحسن شكل الحياة ويسود التفائل ويعم التقدم سائر نواحي النشاط الانساني، وهنا يصبح تفكير المجتمع في التحس والالتزام بالاستقامة والتقدم عقيدة.

هذا ما حدث عند الاوربيين منذ مطلع النهضة الاوربية عندما تسلم مهام السلطة الكثير من الرجال المخلصين لها وللوطن والشعب، واختفت بينهم ظاهرة الامتيازات والتفريق، ساعتها سنعرف كيف بدأ التقدم.

نحن نتوجه الى المتخاصمين على السلطة في الوطن العزيز الممزق اليوم ان يعوا ما فكرت به القيادات الاوربية المخلصة والتي تركت بصماتها في تاريخ الشعوب.

 

د.عبد الجبار العبيدي

  

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2160 السبت 23/ 06 / 2012)

في المثقف اليوم