قضايا وآراء

رقعة الشطرنج العربية والحركات المحسوبة الغربية (2) / الطيب بيتي العلوي

 لا يمكن تغيير الجغرافيا ولكن يمكن تغيير الخرائط وتدجين الشعوب وإزالة حضارات بالسياسة" .. السير ونستون تشرشل

 

ملاحظات:

قد تُغيراقوام ويُؤتى باقوام، كما حدث في القارتين الامريكيتين في القرن السادس عشر حيث اباد الرجل الابيض"المتحضر":الأوروبي و"المتدين" (الكاثوليكي–البروتستانتي) معظم السكان الاصليين للقارتين، وكما فعل الانغلوساكسونيين في أستراليا ونيوزيلاندا ...، ولكن الجغرافيا لم تتغير !

 

وقد تُستبدل أنظمة ويُؤتى بأخرى، كما حدث في روسيا التي تغيرالحكم فيها ثلاثة مرات في أقل من قرن واحد:من القيصرية إلى"الإتحاد السوفياتي"ليصل إلى نظام السوق، أو ما بعد الإتحاد السوفياتي....، ولكن الجغرافيا بقيت !

 

وقد تزول حضارات روحية وثقافات قديمة عن الوجود مثل الحضارة المكسيكية القديمة في امريكا الشمالية وحضارة البيروالروحية في أمريكا اللاتينية التي أزالها الرجل الأبيض بسبب عقدته الإستعلائية ....، ولكن الجغرافيا ما تزال !

 

وقد يتم التلاعب بتحريك شعوب ونقلها وتغييرإنتماءاتها ومسح أسماء خرائطها مثل شعوب سلافية: (يوغوسلافيا وتشيكوسلوفاكيا والصرب والبوسنة والهرسك) لإعادة بلقنة شرق أوروبا لمحاصرة وتطويق الدب الروسي وبقصدمحو ما يسمى ب"الاسلام الأبيض"وإجتثاته من الجغرافيا الأوربية لقطع دابر التواصل ما بين إسلام (الجنوب –شرق إسلامي) بالإسلام الأوروبي"الأبيض"المهدد لأمن "النادي المسيحي الحصري" –كما سماه الرئيس الفرنسي الأسبق جيسكار ديستان، وهو في ذات الوقت رفض شيراك المسيحي وساركوزي وهولاند اليهوديان دمج الأتراك على الخريطة الأوربية للحفاظ علي "تاريخية"حصرية" مسيحية أوروبا بحماية التقاليد: (اليهودية - المسيحية) التي هي الشق الثاني في التعريف الرسمي (الليكسيكي–المعجمي) للحضارة الغربية (تعريف دوغول للتأريخ العسكري الأكاديمي لأوروبا) ..، ولكن الجغرافيا لم تتحرك !

و قد قامت حروب الألف عام الوحشية ما بين الاوربيين قبل المسيحية :من اقصى اسكندنافيا الى بلاد الغال والهون والساكس وإيبيريا، وحروب الالف عام ما بعد المسيحية :من حروب المذاهب الدينية في القرون الوسطى وحروب القوميات في ما بعد النهضة وحروب الامبرياليات الاوروبية الهمجية–بسبب تنافر المصالح وإقتسام كعكعة العالم (المسماة زورا وبهتانا بالعالمية ) - ولكن الجغرافيا الاوروبية لم تتغير حتى ما بعد مؤتمر"فيينا"عام، 1814 الذي رسم لنا المشهد الأوروبي الحالي

 

وقد يُؤتى بحثالات شعوب من كل فج عميق لإحلالهم محل الشعب الأصلي، بالإحتلال والإغتصاب والإستيطان والقرصنة والتهجير القسري - كما هو الحال في فلسطين المقدسة - ولكن جغرافية فلسطين باقية من النهرإلى النهر، ولو إمتدت أطماع اليهود إلى بلاد الرافدين وأرض الكنانة وبلاد الشام وما بعد السودان !

 

ومن هذا المنظور، فإن الجغرافيا العربية لم تتغيرمنذ فتوحات الإسكندرالأكبر، وأطماع يوليوس قيصر، وصولا إلى لصوصيات نابوليون مرورا بدهائيات تشرشل ولويد جورج وغلادستون، ويهوديات غولدامايير وبن غوريون، وسياسات دوغول، وبربريات البوشيين: (الأب والإبن) وثعلبيات أوباما، ومن سيخلف هؤلاء أو أولائك إلى يوم الدين.... !، فان الجغرافيا العربية لن تتغير.. !ولكن الشعوب العربية قد تُدجن، وتُمسخ ب"المثاقفات"وتقهربالحروب، أو"تُستبغل"ب"الثورات الناعمة"أوكما سماها"كيسينغر" في السبعينات :اما بالطرق"المصادمة" confrontationفي اوج القوة الضاربة للإمبراطورية اوب"المصالحة" conciliationأو المهادنة في حالة تقلص قوة الإمبراطورية، أو في حالة "إستراحة المحارب" للإنقضاض من جديد !

ومن المفارقات الغريبة لتسمية"الربيع العربي"...، أنه إختلق ليشمل"التغيير الأوبامي /الناعم/المهاجم"في الجغرافياالعربية"بكاملها، تمهيدا لتحريك شعوب، وتبديل دمى - وليس أنظمة (وتجارب تونس وليبيا واليمن ومصر واضحة) - وتغييرخرائط، تستهدف تسويغ قبول الهيمنة إما بالجزرة" - الحروب الناعمة - أوبالعصا: بغية الإعداد لإستنباث آخر حرب كونية أو النهاية (بالمنظور التوارتي) لإقامة ما يسمى بالإمبراطورية الثالثة، التي هي الامبراطورية اليهودية - وذلك هو المطلوب من الربيع العربي – وليس هو إقامة "ديمقراطية البوتيكات" (وهو الحلم اليهودي الذي تم العمل على طبخه منذ حوالي ثلاثة قرون وليس منذ القرن التاسع عشر بظهور هرتزل كما يروج اولائك الأكاديميون الذين يقرؤون التاريخ من أواخره، والمعتمدون على منهج "التأريخانية"Historicitéالمختزلة "للمقاصدية"بفصل التاريخ عن سياقه وأحكامه وحكمه وعبره ومقاصده عن طريق نهج أساليب"التوفيقيات" الإقتطافية التشويشية –أنظر التفصيل في هذا الموضوع في مقالتي: الانتقائية : والتحايلات الثقافوية والسياسوية (1)  و  (الانتقائية في الفكر المعاصر ومتاهاتها) –وهذا ليس شطحا اوغرفا من نظرية المؤامرة، بل هو مقاربة علمية أنثروبولوجية - وذلك بعد ان تم القضاء على الامبراطورية اليهودية الخفية"في بريطانيا، أوما يسمى بالعهد البريطاني، اوPaxe britanica عندما تحول المال من the city لندن إلى نيويورك (وأبناك روتشيلد بقيت بقيت هي المهيمنة سواء من لندن وفرنسا قبل الحرب العالمية الأولى او بعد إنتقالها الى نيويورك بعد نهاية الحرب الثانية) ثم بعد زوال العهد الامريكي Paxe America 2008بتبخر الأموال من الأبناك اليهودية العالمية بوول ستريت، تمهيدا لتستقرأموال العالم بالتدريج "بأرشاليم"مع إتمام مشروع"حكومة العالم الجديدة" - التي تزايد التنادي بها في الربيع العربي - التي عاصمتها القدس كما يروج لذلك المشروع بكل جدية ارباب العواصم الغربية الحالية ومستشاريهم السياسيين والإقتصاديين الأقربين، لان شطارأبالسة الغرب يعلمون يقينا بما سينتهي اليه أمر الربيع العربي، حيث ُزج بعباقرة الفبيسبوكيين وجهابذة ديناصورات الاحزاب العلمانية والقومية والإسلامية في النفق المعتم والطريق المسدود والدوران في الحلقة المفرغة مثل حمير الرحى يتخبطون–بسبب السذاجة السياسية للبعض وبسبب العهر السياسي للبعض الآخر - وكلهم ذاهبون الى حيث لايعلمون مهما هلل المتفائلون وناح المتشائمون ولو بشرنا الإسلاميون"بعمرية"حكومتهم "الراشدية"– فحتى الفاروق إغتاله يهودي -

ولذا فان الغرب المستفيد من"سلاطات"الربيع العربي يخطط لمشروعه النهائي لإتمام السيطرة الكاملة - عبر كل الحكومات الإنتقالية المقبلة، بعد أن شاخت الدمى القديمة وإستُنزفت وامتُص رحيقها - حيث تقررأن تكون هذه الحكومات صورية و"فيترينية - بوتيكية"بمساحيق إسلاموية– لتُشهد اسرائيل "المجتمع الدولي"وهيئاته ومنظماته التلمودية (وأكرر بأنه قد آن الأوان لتسمية الأشياء بأسمائها) بان:"واحة الديموقراطية والحداثة والأنوارالغربية"الكائنة وسط همجيات الشعوب العربية البربرية مهددة بالخطروالزوال، للدفع بأوروبا–الام الرؤوم– والأمبراطورية–الأخت الكبرى - لتهبا للدفاع عن الإبنة المدللة المهددة، على تلك الجغرافيا الطبيعية المعروفة منذ الفتح الإسلامي بالعالم العربي، التي تضم شعوبا وقبائل وطوائف ومذاهب، سواء كانوا عربا عاربة أم مستعربة، أو بدوا أم حضرا، أو بيضا أم سودا، او ملونين أو مولدين، وهو المشروع الغربي الأخير على الجغرافيا العربية التي لم يتم السيطرة عليها نهائيا منذ ما قبل المسيح عليه السلام

 

غيرأن الجغرافيا"المقرصنة"التي يتحرك على ظهرها "الربيعيون"فهي تلك الخرائط التي خططها فرجارالمستعمرالغربي التاريخي (الفرانكو - انغلوساكسوني) على الجغرافيا العربية، بعيد تفكيك تركة العثمانيين في اوائل القرن الماضي، التي إرتبط فيها اسم"العالم العربي" في الذهنية الغربية وفي مباحث حفريات دهائيات الإستشراق الغربي، بالأجزاء العربية التي لا تتخطى خليج العقبة غربا، لتبقى مصر فرعونية، والسودان زنجية، وليبيا وتونس والجزائروالمغرب الاقصى أمازيغية !

فتم تقسيم الجغرافيا العربية"الإفتراضية"بين الكواسرالغربية الهمجية بالأمس القريب هكذا:

مصروالسودان وجنوب الجزيرة والخليج من"حق"بريطانيا

ليبيا من حق ايطاليا

 تونس والجزائر والمغرب الاقصى من حق فرنسا

فحقق الإستعمار الغربي بذلك"فتحا ظلمانيا شيطانيا"ونصرا عبقريا جديدا على"الجغرافيا العربية الجديدة لما بعد الإستعمار، لم تحققه عبقريات لصوصيات كولونيالياته المؤسسة على هدي أنواره وتنويره المزيفان (الكانطي - الهيغلي - الفولتيري - الديكارتي) المنتجة للمنقبات المظفرة للحملات البونابارتية في أواخرالقرن التاسع عشر، ليضيف الغرب بذلك عبقريات أخر (والغرب بطبيعته ولاد "عبقريات")، عندما قلب مجريات التاريخ، وزورالحقائق، وقرصن الجغرافيا–التي لا ولن تتغير - وحرف الديانات والعقائد، ومسخ الثقافات وشوه العادات، وإستحدث"كيانا غاصبا، غريبا لقيطا إستمد فيروسته من صلب مستحاثات سراديم التاريخ، وحفريات التوراةوالتلمود والعهدين القديموالجديد لتسويغ زرع الغرب السرطان الإسرائيلي - بالمؤامرات في القلب النابض"لجغرافية العالم العربي–الإسلامي) –فلسطين -

 وفي سبيل ذلك إختلق عملاء من طينة العرب، ومن صلب آل يعرب، لكي ينظروا لبني جلدتهم، ويحددوا لهم الحدود والفواصل لعروبتهم وأعراقهم وقوميتهم ودينهم، كانت تسك في داري سك العملة بباريس ولندن، فجاءت تعريفاتهم لشعوبهم تحمل الرموزالأستسراريةésotérique لثقافة التوليفة الاستعمارية (الفرانكو - انغلوساكسونية) الموغلة في غنوصيات أنوارالماسونية المستمدة جذورها من التعاليم الهكنوتيةالفرعونية القديمة وحفريات التلمودية التي تُسير - للغرابة - الغرب (الحداثي - العلماني - الملحدحتى النخاع) اليوم - حتى ونحن في الألفية الثانية - في كل رؤاه السياسية والفكرية والثقافية والفنية،

 

ولو ساءلت أي مثقف غربي"عقلاني"متخصص في الأبحاث الأكاديمية في التاريخ أو الجغرافيا أوالسياسة أوالأنثربولوجيا الدينية أوالإثنولوجيا عن الأسباب المحمومة اللاعقلانية واللاأخالقية التي يسوغ بها هذا الغرب: "اللاديني - الحداثي - العقلاني"في الإستمرارفي احتقارعقول المستضعفين في الأرض والضحك على الدقون، بقبول هذاءات اللصوصيات الغربية المسماة ب خرافة"مهمة أووطأة الرجل الابيض"لجول فيري في تنويرو"تحضير"البشرية - كقيمة (حداثية - تنويرية) مرات باسم السماء–عبر الحروب الصليبية - ومرات باسم الارض: أي: بالعقلانية والحداثة والأنوارومرات بالهمجيات والبربريات إبان الحروب الكولونيالية، واليوم باسم "التدخلات العسكرية الانسانية" ؟، لأحالك على القواميس والمجاميع المتخصصة في "الرموز"symboles، أولاجابك بكل صلافة وصفاقة بهذه الحجة الواهية الموجودة في أرشيفات الحكومات الفرنسية المتتابعة منذ الجمهورية الأولى الفرنسية إلى الخامسة الحالية، وهي:" أن حق فرنسا في بلاد الشام هو"حق طبيعي"– هكذا ! - : ...لأنه قرارالبابا ليون الثالث عشرعام 1898 الذي حدد فيه بالحرف الواحد"ان لفرنسا فى العالم العربي رسالة اختصتها بها العناية الربانية (هكذا !) ...انها رسالة شريفة مقدسة لم تنلها على مرالعصورفحسب (يقصد بالتقادم) ...بل بواسطة"معاهدات دولية !"..ولو سألته عن مصادرهذه المعاهدات الدولية لأجابك بانها إتفاقيات سرية ما بين"فرنسا حفيدة روما المدللة، وإبنة الكنيسة الغربية الكاثوليكية الصفية، التي يحق لها - بمباركة الكنيسة - هكذا ! - الإستحواذ على كل ما هو داخل"جغرافية"سلطة الفاتيكان الروحية–بمعنى كل أركان بلاد أوروبا الكاثوليكية والدول الغير الأوربية خارج القارة المتنصرة - على ان تمنح انجلترا–المنبوذة من روما والكنيسة - ماهو خارج سلطة البابوية (فكان لانجلترا كل ما وراء البحارمن الدول والحضارات الأسيوية - الغير المسيحية - وأراضي الجزرالكبرى المأهولة بالشعوب البدائية الطوطيمية (غرينلاند - نيوزيلاندا - استراليا) لتستحق بذلك بحق اسم"الإمبراطورية التي لاتغرب عنها الشمس"–وهي تلكم الجزيرة المعزولة عن اوروبا والعالم–التي لاتملك العناصر الطبيعة لكي تعيش من موارد طبيعية، فتُحول تاريخها وثقافتها وحضارتها الى تاريخ قرصنات وحضارة حروب، وثقافة استغلال ولصوصيات (كل علوم الإقتصاد التي تدرس في كل جامعات العالم هي الاقتصاد الإنجليزي) منذ ان وفدت إليها تلك الشعوب اللقيطة من قبائل "الخزر"وهم سمج قبائل رحل من شمال غرب آسيا وشرق أوربا تهودوا في القرن السادس الميلادي وكونولهم مملكة اختفت فجأة –لأسباب لا تزال مجهولة رغم تضارب الدراسات حولها - وهم ما يسمى بيهود الأشكيناز الذين هم صفوة يهود إسرائيل الحالية، الذين اسسوا لسلالة الملكية البريطانية، مما يلقي الضوء على "مبررات ضلوع الأنغلوساكسون في كل المؤامرات المحبوكة ضد العرب والمسلمين منذ الحروب الصليبية - أي منذ القرن الثاني عشر الى وعد بلفور و سايكس بيكو وصولا الى الحروب على المنطقة اليوم -

ولذا فإن فرنسا - مهما كان الطيف السياسي الذي يحكمها - تعتقد جازمة بإن علاقتها بالشام ومصر والمغرب العربي، هى قبل كل شىء "علاقات روحية مميزة"–هكذا - !أو إن شئت فسمها "علاقة صوفية"ما بين الشيخ والمريد !تعود إلى عهود الصليبيين، حيث وقعت معاهدات سرية ما بين البابوات والملوك والأمراء والإقطاع لحفظ الاماكن المقدسة والأقليات المسيحية، والأقليات الغير العربية–مثل الأمازيغيين ويهود المغرب العربي ( وإسألوا الفيلسوف الوجودي الجزائري المولد"البيركامو"صاحب جائزة نوبل للفلسفة، وليحاور بلهاء المروجين لمنقبات الربيع العربي"الشيخ" هنري بيرنار ليفي (الفيلسوف اليهودي الوجودي كاتب وتلميذ سارترقبيل مماته) في تفاصيل هدا الموضوع، حيث يؤكدان معا على أن أصل الديانة في المغرب العربي هو اليهودية والأمازيغية، وأن الاسلام دخيل، والعرب محتلون) وجُددت هذه المعاهدات على ممرالقرون، تعهدت فيها فرنسا بموجب إتفاقية نابوليون والبابا بتقاسم ملكوت السماوات والأرض، بحيث عُهد الى بونابرت مهمة حماية عرب مسيحيى الشرق:الشام ومصر (فكان لا بد من غزو نابوليون لمصر ولبيت المقدس) لتحريكهم ضد اخوتهم العرب المسلمين، بينما تُركت مهمة تحريض السنة ضد الشيعة الى البريطانيين لتجربتهم القديمة في الهند'حيث تم النفخ في الطائفة الشيعية المغالية من غلاة الإسماعيلية بالهند بالإضافة إلى تجربة البريطانيين في الـتأسيس العقدي للمذهب الوهابي في أوائل العشرينات .. وتلك من أسرار الإستعانة بالبريطانيين من طرف الإمبراطورية في مشاريع الفتن الكبرى والصغرى في الشرق الأوسط، ومن إسراريسر إستنباث القاعدة والجهاديات السلفية لإرتباط المصالح السعودية بإستمرارالهيمنة الغربية في المنطقة

وهو ما يذكرنا به اليوم"شيخ"الثورات العربية بيرنار هنري ليفي - وخاصة في تونس ولييبا وسوريا - عندما إهتزت أعطافه، وإنتفخت أوداجه بالتنظير"للتغيير"الديموقراطي للشعوب العربية بهذاءات الربيع العربي، وبدأ يهذي بعد عرض فيلمه السينمائي"طبرق"مستعرضا بنرسسيته المعهودة وعبقرياته التلمودية، مقدراته الخارقة في إقناع شبيبة مصر في ميدان التحريربرفع سقف مطالب"الحريات القزحية والهلامية"والتخلص من الأبويات والمقدسات"التاريخية اللامجدية"–حسب تصريحاته - توخيا "للديموقراطية الحقيقية"ويتبجح كيف كان يسير"كبار الناتو"ويفرض رأيه على ساركوزي وكامرون وأوباما (ولاأحد يتسائل من أين يأتيه هذا الأمن والأمان والتعالي) ويستخدم صغار الأعراب وأقزام الثوار، ومذكرا"الإسلاميين الجدد"الذين تربعوا اليوم على العروش والقادمون لتسلم السلط، بدراسة التلمود، لتلطيف ذهنياتهم وترطيب قلوبهم، ولتخليص المسلمين من نيجيريا الى افغانستان من"غلظة"التعاليم الشرعية الإسلامية والتخفيف من شدة وطأة"عنفية"الإسلام الميال للحروب والإرهاب بطبيعة عقيدته !

ومع ذلك، فان بعض المشبوهين وعميان البصر والبصيرة لا يزلون يكررون –ببلادة - منقبة الربيع العربي والخلط ما بين المؤامرات والثورات، وتلك من خصوصيات العقلية العربية التي فصلت فيها في مقال قديم عام 2007 تحت عنوان :" المهزلة العربية... فى مهرجان الحضارة" إختتمته بهذه الفقرة، اعيد التذكير بها لإيماني بان العرب لن يتغيروا الى بصعقة تأتي على الأخضر واليابس بسبب الإمعية والتحجر العقلي التي تظهر على تعليقات بعض قراء مقالاتي :

"فلاخيارللشعوب العربية:"أما أن تتغيرمن الداخل بالتربية والتزكية ومحاسبة الذات أو تُغيرمن الخارج بالقصف والتدميروالمثاقفات"..لان النجاح فى المعركة العالمية، سوف لن يكون إلا فى النجاح الداخلي (نموذج الدول الأسيوية مخاصة تلك نشترك معها في الدين والعقيدة مثل إيران وماليزيا وأندونيسيا)، والا فان التغيير سوف يأتي من الخارج ويفرض فرضا –بالمثاقفة العولمية" أوالثورات المختلقة، للابقاء على شعوب المنطقة مجرد سمج رهوط مستهلكين (لاحظ شعارات ومطالب الشارع العربي المكتفي بالبيولوجيات والعضوانيات )، ويظل العالم العربي مجرد مختبرات تجارب أطروحات كل انواع الفوضى القادمة المفبركة فى مراكز البحوث الخارجية (وثورونا اليوم –لسذاجتهم - يتحركون وكأنهم الأوحدون في الكون في الساحات بدون رقيب أوحسيب، ليدوروا مثل حمار الرحي ويبدؤون من جديد)، ما دام الغرب مصر على المضي قدما في تطبيق مناهجه لتفكيك المنطقة، وتفتيتها بكل الوسائل اللأخالاقية الممكنة، والتى لن يتراجع عنها أبدا، بموجب نظريته المعرفية فيما هو"ثابت ومتحول" - والثابت هو مبدأ السيادة والمتحول هو تغيير الأقنعة والخطابات والأنبياء - ..لان الوضع العالمي - المقبل على المدى القريب - رهيب وخطير جدا لم تشهدالبشرية وضعا أخطرمنه:

1 - خطير فى حد ذاته، لأنه يحمل فى طياته مفاجآت غير مسبوقة وتغييرات دولية مستجدة–أهمها التغييرات الجغرافية - بسبب الحروب القادمة المعدة للجغرافيا العربية بغية التقسيم والبلقنة !

 

2 - وخطيرلكون العرب –فى خضم اهتماماتهم – الصبيانية والنكوصية والهروبية والقطيعية - غير مهيئين لمواجهة رياح التغييرالعاصفة –لغفلة الشعوب عن المخاطر المحدقة بها غدا، - على جميع الأصعدة -، بموجب ما ذكرته أعلاه، وبسبب استغفال وعبثيةالتيارات الفكريةوالسياسية وخوائها وزيفها وتخاذلها

 

اما النخب السياسية والفكرية فهى"مستقيلة"وغائبة - ان لم تكن فى غيبوبة تامة - ومنشغلة بأجانداتها الخصوصية، بالمزيد من النرسسة وعبودية السلطوية، وهي نخب تصارع آفات الشعور بالعظمة الزائفة، بالإستعلاء والانتفاخ الثقافي والحضاري الأجوف، للتسترعلى فراغ الروح، ونرسسية الأنا، والتمظهربالمظاهرالفولكلورية فى"السيرك العربي" والدولي، والتى هى ظاهرة ( بيو - ثقافية) تخص معظم الساسة والنخب والمثقفين العرب درجات متفاوتة إلا من رحم ربك...

فالنخب السياسية والمثقفةهى نخب رسالية مبدئيا.... :!

 والنهضة نفسها مسألة وعي وقرار.... !

ومااستشراء الفساد في الشعوب العربية، إلا دليل على فساد النخبة، وغياب المشروع (وأتحدى هنا من يقول لي بأن ثورايي الربيع العربي ومنظريهم وحكوماتهم المقبلة يملكون مشروعا ناجعا متكاملا لكل بلد من بلدانهم )

 والعرب ما يزالون يعانون من عدم وجود النخبة القادرة والصادقة وعدم جود المشروع


وأخيرا وليس آخرا، فان "مضامين"العقلية العربية ستبقى راسخة و"مستحجرة"بحيث تستعصي امام تطبيقات كل"التبسيطات"التنويرية او التثويرية اوالإ قتصادية، وتعجز كل الوصفات السحرية"التنموية"المستوردة من الخارج، لتكييف عقليات هذه الشعوب ، ولتطويع تفاكيرها وفق المقتضيات" الذهنولوجية"لعصر الهيمنة الغربية وتكنولوجيته المهولة الجبارة كما فعل نظراؤنا في جنوب شرق آسيا بدون السقوط في التقليد الفج للغرب، حيث يكتفي العرب باستجلاب "الكادجيات"الطفولية، واستثمارات الأموال العربية فى العواصم الغربية، والأبناك اليهودية، وصرف خيرات الأمة في أرقي المواخير الغربية بحثا عن الجدة والجديد في مجالات الزولوجيات المستطيرة على طول اليابسة، وإحتضان المؤتمرات الترقيعية، وتفريخ الإبداعات الفارغة التي تدل على مستوى الإنحطاط الأخلاقي والجفاف العقلي والإبداعي - وكأن الأمة العربية هي الأمة الوحيدة فى هذا الكون الأكثر ولها بالجهل والتخلف والإمعية، والأكثرعبودية لدروشةالفقروالرفث والخنا، والأكثر مازوشية في عبادة الأسياد في الغرب "وللناس فيما يعشقون مذاهب. !

للبحث صلة

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2161 الأحد 24/ 06 / 2012)


في المثقف اليوم