قضايا وآراء

البيئه وتاثيرها الممتد ..! / إيمى الاشقر

والبيئه هى احد العوامل المؤثره فى تكوين الخطوط العريضه والاساسيه فى شخصية الفرد ومنهجه الفكرى وفلسفته الشخصيه التى على اساسها يرسم الطريق الذى يسلكه وصولا الى اهدافه وكيفية الوصول اليها، والجدير بالذكر ان طبيعة البيئه المحيطه بالفرد وخاصه من الدرجه الاولى والتنشأه الاجتماعيه ودرجة رقيها من اهم المؤثرات على (الانا الاعلى) الضمير ان كان حى ويشغل حايزا كبيرا فى كيان الفرد او يكاد يكون فى ثبات دائم لا يستيقظ ابدااا وكانه ليس له وجود فى داخل الفرد، كما تحدد بدورها درجة الاتزان الشخصي والعقلى لدى الفرد، وايضا ثقة الفرد بنفسه وقدرته على اتخاذ القرار .

 

اولا : تأثير البيئه على ثقة الفرد بنفسه وقدرته على اتخاذ القرار :

كثيرا ما نجد رجال وسيدات فى سن النضوج اصحاب شخصيه مهتزه فاقده للثقه بنفسها ليس لديهم القدره على اتخاذ قرار حتى لو كان قرار يمس مساله عاديه او بسيطه وليست مصيريه او خطيره، ونتسال بدهشه وذهول كيف يكون هذا الشخص فى هذه المرحله السنيه التى تتسم بالنضوج لا يستطيع او يخشى اتخاذ قرار بمفرده !!!!

لعل البيئه والتنشاه الاجتماعيه للفرد ومحاولة المحيطين به غرث الثقه او تحطمها منذ الصغر من احد العوامل الاساسيه والفعاله فى ثقة الفرد بنفسه وقدرته على اتخاذ القرار، لان ما يغرث فى الفرد منذ الطفوله هو ما يظل مرافقا له حتى نهاية حياته وهو صاحب المؤثر القوى الى ابعد درجه يمكن تخيلها على تصرفات الفرد وثقته بنفسه وقدرته على اتخاذ القرار بقوه او التخوف الشديد من الاقتراب من مرحلة اتخاذ القرار بمفرده دون اللجؤ الى الاخرين !!!

فلقد عرفت عن قرب رجل تجاوز الاربعين من عمره، قدراته العقليه عاليه جدااا، على درجه عاليه من الثقافه والاطلاع، صاحب اراء ووجهات نظر صائبه متميزه لكن الغريب الذى لاحظته واندهشت له بشده انه لا يطبق اراءه ووجهات نظره اطلاقا فقط يتحدث عنها لكن مايدخل حايز التنفيذ هى وجهات نظر والده ووالدته !!! لا يستطيع ان يفكر مجرد تفكير ان يتخذ قرار بدون الرجوع اليهم واذا رفضوا لا يستطيع ان ينفذه ابدااااا مهما كانت درجة اقتناعه بهذا القرار !!!، ومهما كان قرار صائب بنسبة 100% من وجهة نظر العقل والمنطق والمعايير الاجتماعيه، ورغم اعترافه واقتناعه انهم اصحاب وجهات نظر غير صائبه وخاطئه تماما !!! الا انه ينساق ورائهم وينفذ قرارتهم ويتجاهل ما يرى انه الصواب !!!! وحينما يرى نتيجة هذا القرار يجد انه كان قرار خطأ ويتحمل النتيجه بمفرده، ولكن يقف امامهم ويحملهم المسؤلية لانهم هم اصحاب القرار الحقيقين وهو كان مجرد اداه للتنفيذ فقط !!، والغريب انه لا يصحح الخطا فى ا لمرات التاليه !! لكنه يكرر ما سبق فى كل مره يتجاهل قراره وينفذ قرار والده ووالدته وتكون النتيجه سلبيه خاطئه ويتحمل النتيجه بمفرده ثم يعود باللوم عليهم لانهم هم اصحاب القرار !!! ورغم انه تعرض لكثير من المشاكل وخسر الكثير من السعاده والراحه بسبب انسياقه خلف ارائهم وقراراتهم الا انه لا يستطيع ان يغير من نفسه ويستقل فكريا ابدااا وكأن بداخله شىء يزرع فيه الخوف والهلع من اتخاذ قرار بمفرده وتنتابه حاله من الرعب الشديد خوفا من تحمل نتيجة قراره !!!

مما لا شك فيه انها شخصيه غير سويه، فانه يفضل التابعيه العقليه وان كانت النتيجه غير مرضيه له او لا تتناسب وطبيعة تفكيره ووجهات نظره، على الاستقلال الفكرى والعقلانيه فى اتخاذ القرار فلا يوجد اى مانع من المناقشه والاستفاده من الراى الاخر بالتشاور مع الاخرين .. حتى لا يصل الى مرحلة اتخاذ قرار يكون مسؤل عنه بمفرده !!!!!!!!!!!!!

ومن هنا نعود الى طفولته ....نشأ بين ام واب عاشقين للسيطره والتسلط، معتقدين انهم هم فقط اصحاب الفكر الصحيح السليم !!، زرعوا بعقله ان كل الناس شياطين الا هم فهم الملائكه التى تعيش على الارض !!!، انتهجوا معه منهج تحطيم الذات وفقدان الثقه بالنفس حتى يظل تحت سيطرتهم طوال حياته، فهو كل مايراه خطا ولكن كل مايرونه هم هو الصواب بعينه !! قرارتهم هى القرارات الصائبه لكن قراره دائما سيكون خطا وسياخذه الى الجحيم !!! البعد عنهم هو الضياع والقرب منهم هو الامان !!! لا يفكر ابدااا هم المسؤلون عن التفكير لانه سيفكر خطأ !!! عليه ان يحكى لهم اى مشكله مهما كانت بسيطه ليقوموا هم بحلها لانه اذا تعامل مع المشكله بمفرده ستكون النتيجه مشكله اكبر !!!! دائما كانوا يقولون له .. انت لا تعرف ... انت لا تفهم ... انت فاشل .... انت مجنون ..... ويالها من كلمات ربما تبدو عاديه الا انها صاحبة مؤثر محطم للذات وخاصه فى مرحلة الطفوله التى تعتبر بمثابة الاساس الذى سيقام عليه بناء كامل .... ولذلك كانت النتيجه شبه رجل .. راس خاويه من العقل .. العقل فى يد الاب والام وهو مجرد شىء متحرك ويتحدث بحديث ليس بحديثه انما هو مجرد تسجيل لحديث الاب والام ولكن بصوته !!!!!!

وفى النهايه اوجه كلمه لكل اب وام ... عليكم ان تربوا اولادكم ليكونوا رجال قادرين على تحمل المسؤليه واتخاذ القرار، لا ليكونوا اطفال كبار، اشباه رجال،اذا كان الاب والام هم من يفكرون ويتخذون القرار الان بعد موتهم من سيفكر للابناء ؟؟؟؟ حينما يموت العقل المفكر فكيف يعيش الانسان ؟؟ سوف يعيش بلا عقل تائه شريد او يبحث له عن شخص صاحب عقل يفكر له !!!، ازرعوا فى اولادكم العقل الذى يعرف كيف يفكر لا العقل الذى يعرف فقط كيف ينفذ التعليمات !!

ازرعوا فى اولادكم الثقه بالنفس لا تحطموا ثقتهم بنفسهم من اجل ارضاء اهوائكم الشخصيه المريضه !!، اصنعوا رجال بمعنى الكلمه لا اشباه رجال غير قادرين على تحمل المسؤليه واتخاذ قرار، وفيما بعد اصحاب علاقات زوجيه فاشله بسبب ضعف شخصيتهم وانعدام عقليتهم وبالتالى سقوطهم من نظر زوجاتهم وفقدان الاحترام بينهم، ويتوالى الفشل فى جميع مراحل الحياه واشباه الرجال ياتوا الينا باجيال واجيال من اشباه الرجال .

و فى المقالات القادمه سوف اتناول تاثير البيئه على بعض سلوكيات الفرد الاجتماعيه ...

 

إيمى الاشقر 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2164 الاربعاء 27/ 06 / 2012)


في المثقف اليوم