قضايا وآراء

الصدفة والعفوية والتقائية .. تصنع لوحات تشكيلية تجريدية / حكمت مهدي جبار

التي لم تتدخل فيها يد انسان ليصنع منها شكلا مقصودا أو صورة أو ايصال فكرة، كلها توحي بأيماءات تجريدية، ربما تكون أستخلاصا وتقتيرا لأفكار معينة.

هذه مجموعة من صور من خلال لقطات فوتوغرافية لمساحات أخترناها من سطوح جدران وواجهاتها التي تركت عليها اثار عمل بناء مثل عمليات الطلاء أو رصف الطابوق لم تشغل بال من وضع موادها من جص وأسمنت أو بقايا نحت جوانب طابوقة لغرض تعديل جهة من الجدار.وصور أخرى لضربات فرشاة الصبغ ربما تركت من قبل صباغ انتهى من عمله فراح يمسح ما تبقى من صبغ لينظف شعر الفرشاة .وكذلك شقوق جدران لم يكن من وراءها قصدا لابنائيا ولاانشائيا انما هي زوائد بناء.اضافة لآثار طعن أو حفر لوجه جدار بأطلاق رصاصة مثلا أو خربشة بآلة أو عبث بيد طفل جاءت بلا وعي ولاقصدية.

ان هذه ليست لوحات نفذت من قبل رسام تجريدي.انما لقطات بكاميرة عبر عين تراقب الأشياء والأشكال التي تصنعها الصدفة والتلقائية لنراها تصلح عملا فنيا يقع تحت مسميات التجريد .

ان العين الفنانة المتفحصة للأشياء .هي التي تؤطر وضع الشيء مع الشيء الآخر .وتنفخ في تلك الأشياء روحية العمل الفني التشكيلي. وتفعل عناصر الصورة (اللوحة) التشكيلية التجريدية عبر توازنات شكلية ومعمار فني يستند على توزيع الفراغات والألوان بما يمنح الصورة (اللوحة) شروط المنجز التشكيلي . ان اللقطة الدقيقة الواعية للأشياء المبعثرة أو التي جاءت صدفة كلطخة صبغ أو شق جدار أويقايا تنظيف كمسحات سطوح أو دعك كتلة طين أو جص أو حصى ملقى عفوية وصدفة،هي التي تصنع صورة (لوحة) وكثيرا ماتكون تلك الصورأو اللوحات الملتقطة تجريدية لتوحي بألأختزال والأقتضاب والتلخيص وأستخلاص لأفكار معينة.

انك عندما تسمع لحنا موسيقيا ويثيرك فتراقصه ،فأنك لاترى اللحن ولاتلمسه ولاتشمه ولاتتذوقه، انما فقط يهز مشاعرك فتدندن معه وتنتشي.وعندما يسألك سائل لماذا احببته؟ فتجيبه فقط انه (جميل) . وهكذا فأنك سميت الموسيقى التي لم تراها ولم تلمسها ولم تشمها بـ (الجميل). اذن  الجمال كلما يكون غامضا ومجردا من الشكلانية والتمثل فأنه اكثر اثارة ومتعة.

ونحن مع هذه اللقطات للأشياء العفوية التي صنعتها الصدفة ،عبر رؤية تجريدية ،فقد شعرنا بها تدفع حواسنا للمتعة.وخيالنا وخيال من يشاركنا للسمو.والعقل للبهجة.اما تأثيرها كتجريدات يكمن فيما يتيحه من رضا حسي وتخيلي لكل من يرى في بعثرة الأشياء وتناثرها العفوي تشكيلات فنية تصلح لأن تكون منجزات فنية

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2168 الأحد 01/ 07 / 2012)


في المثقف اليوم