قضايا وآراء

ثقافة نفسية (70): جهازك العصبي .. في رمضان / قاسم حسين صالح

وليت اهلها ينعمون بما تنعم به القاهرة والخرطوم..فساعات انقطاع الكهرباء فيها سجّلت هي الأخرى ارقاما قياسية ستدخل بها موسوعة غينس كونها تحدث في ثالث اغنى بلد نفطي في العالم!. فكيف يحتمل الصائم عطشا في أحرّ شهرين..تموز وآب اللهاب؟.وكيف سيكون جهازه العصبي ، وجسمه يعاني من جفاف  لا ترطب اعصابه نسمة هواء باردة في نهار زمهرير وطويل؟.

وما يتعب الجهاز العصبي ويزيد من تعكّر مزاج العراقي وتوتر اعصابه هو أن السياسة ما ان تخرج من أزمة حتى تدخل أزمة اشدّ وكأن حكومة الشراكة عندنا صارت مصنعا لأنتاج الأزمات،فضلا عما عاناه من خيبات واحباطات اتعبت اعصابه ولم يعد في حوصلته مكان يتسع لها..ما يعني ان وضعه النفسي والفسلجي في رمضان سيكون متأزما، وان مزاجه سيجعله لا يطيق حتى نفسه! فكيق بأفراد عائلته وزملائه بالعمل؟.

وننبه الى أن نرفزة الاعصاب وضعف السيطرة على التصرف لدى بعض الصائمين الناجمة عن هذين الوضعين النفسي والفسلجي، يؤديان الى ان يعملا لاشعوريا بآلية نفسية نسميها (التحويل)، ونعني بها ان الأقوى (يفرّغ قهره) بالاضعف. فحين يعود الصائم من الدوام ( وهو شبه متفحّم) وتتأخر زوجته في فتح  الباب، فانه ما ان تفتحه، ينفجر بوجهها، ويلعن اليوم الاسود (العرّفني بيج.. وساعة السوده التزوجتك بيها...) خاصة اذا وصل بيته متأخرا من شدة الازدحام، او ان مديره قد وجّه له عقوبة في ذلك اليوم..فعندها (يا ويل زوجته منه)..سيفرغ بها قهر الحرّ والكهرباء والعقوبة!.

والأم الصائمة تمارس (تحويلا")..فاذا انقطع الماء والكهرباء ولا تعرف ماذا تطبخ للفطور فياويل اطفالها منها..سوف تكفخ هذا وتصرخ بوجه ذاك وتلعن هي الاخرى اليوم الذي تزوجت فيه. وحين تكون اعصاب اهل البيت ملتهبة، فان اقل احتكاك بينهم يؤدي الى نشوب (حريق نفسي) قد ينجم عنه ما يجعل الأسرة تخسر ليس فقط المودّة بين افرادها بل حتى صيامهم أيضا".

نعيد النصيحة بصياغة اخرى فنقول: ان مزاج بعض الصائمين والصائمات في رمضان سيكون (عكرا نزقا) وان جهازهم العصبي، بفعل انخفاض مستويات السكر بالدم وجفاف الاعصاب وتغير ايقاع الساعة البيولوجية واضطراب برنامج النوم المعتاد عليه الدماغ بسبب الاستيقاظ في السحور،وكثرة أمراض المعدة والقولون وقرحة الأثني عشري..تدفع صاحبها لا اراديا الى ان يعمل على خفض توتره..بأن يفرغ الاقوى قهره بالاضعف..فانتبهوا لطفا الى ذلك، وداروا بعضكم بعضا ليكون صيامكم اكثر اجرا في شهر الفضيلة والغفران.

ونلفت الانتباه الى دراسة بريطانية اجريت هذا العام (2012) توصلت الى ان المصابين بأمراض عقلية كالفصام، ونفسية كالهستيريا والعصبية الزائدة..والذين يسيئون استعمال الأدوية،  والذين يتناولون الكحول..هم اكثر تعرضا للموت المفاجيء الناجم عن ارتفاع درجات الحرارة،مع انها في بريطانيا نادرا ما تتجاوز الثلاثين،فكيف بالعراق الذي يعدّ واحدا من أشدّ البلدان حرارة في العالم؟.وماذا سيحل بفقراء قيظ العراق والدراسة تؤكد ان درجات الحرارة ستستمر بالارتفاع على كوكب الأرض؟! .

اللهم أرحم فقراء الصيف،وألن قلوب من بيدهم الأمر،والّهم هذا الشعب المزيد من الصبر،فانهم ان يئسوا من رعاتهم فان المؤمنين بك لن ييئسوا من رحمتك .

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2193 الخميس 26/ 07 / 2012)

في المثقف اليوم