قضايا وآراء

ليس من حق الفقهاء والمفسرين أحتكار التفسير القرآني وتحويله الى تلقين / عبد الجبار العبيدي

وما المقال الذي كتبه عمر مشالي في جريدة صوت كردستان وغيره الا نموذجا لما نقول.وحتى يستطيع الكتاب وأهل العلم والمعرفة الرد على المناوئين لابد ان يكون بيدهم الحجة للرد عليهم مقرونا بالدليل.بعد ان تحول التفسير للقرآن الكريم الى هرطقة لايفهم منها حجة او دليل.والاسلام السياسي اصبح اليوم خدعة كبرى بيد السياسيين، متخذين من الشعارات الدينية المغلفة كشعار (الاسلام هو الحل) وسيلة للسيطرة على عقول المواطنين ولا ندري اي أسلام هذا يقصدون ؟اسلام القاعدة ام اسلام المتطرفين، السارقين لاموال الناس والقاتلين لأبنائهم والتاركين المواطنين بلا رحمة من دين.

القرآن الكريم هو المعجزة الخالدة لمحمد (ص)، لأنه خاتم الأنبياء والرسل.لذا نحن نتمسك بيقين لا يتزعزع بمسلمة ان القرآن الكريم صالح لكل زمان ومكان والى يوم الدين. ولكن هذا التمسك والقول الفصل للناس يجب ان يعتمد على الدليل العلمي الذي يجب ان تتظافر له جهود اكابر العلماء، في شتى فروع المعرفة الأنسانية ، من أجل تقديمه. ومن اجل اثبات قدرة النص في الاعتقاد، علينا تطبيق المعنى في القول والعمل والا اصبح النص كأي نص قصصي اخر يقرأ للتسلية وفي فواتح الاموات كما هو حاصل اليوم، لذا لم يعد القسم القرآني اليوم ذات معنى في نفس الحاكم او القائم على امر الناس .

وعلينا واجباً دينيا وأنسانياً ان ننبه من يحكمون في الدول العربية الأسلامية ان يتنبهوا الى حقيقة واقعة وهي : ان التفاسير القرآنية الحالية في معظمها تعكس الحقيقة الخطأ في جوهرها لذا اصبح الأيمان بها باهتاً، هذا الخطأ الذي جر علينا كل هذه المصائب في فرقة المسلمين وأعتقاداتهم المختلفة في المذاهب والفِرق والتي عمقها بما يسمى بالربيع العربي الباهت، وهي أجتهادات شخصية لا تدخلها العصمة ولا يسايرها الثبات وليس من حقها التحكم في الرأي والقول والزمن .وجعلت القرآن والاسلام عرضة للنقد الجارح و من حق النقاد ان يبينوا وجهة نظرهم في تفسيرٍ لا يتفق مع القول والمنطق ولا يجاري تغيرات العصر الحديث، والا اصبح القرآن كتابا من التاريخ تلهو به الاحاديث.

 نحن بحاجة ماسة اليوم وبمعاضدة العلماء وأصحاب الفكر النير من المسلمين وغيرهم الى : تنبيه القراء الى ضرورة البحث عن حقائق الامور، وان لا نترك هؤلاء الفقهاء والمفسرين ان يتلاعبوا بأفكار الناس ويفسروا القرآن تفسيرا ترادفيا خاطئاً على هواهم لخدمة السلطة وتقييد البشر بالاحكام الباطلة التي جعلتنا اليوم عبيدا لهم وفي اخر الصف من علم الحضارة والتقدم بين العالمين، ولو تسمع اليوم فتاوى رجال الدين لهالك العجب، فهي مبتكرات كاذبة كلها ضد وحدة المسلمين .دعونا نقرأ أننا – مع الأسف – لا نقرأ القراءة الكافية قبل ان نكتب ونضع المناهج الدراسية التي خربت عقول الناشئة اليوم وولدت لنا جيلا كاملا يؤمن بالخرافات والسحر والشعوذة وما يتقوله رجال الدين من فتاوى باطلة اسرت العقول قبل القلوب وها ترى اليوم السحر والشعوذة والمشعوذين ينتشرون بأسم الدين ولا راد لهم من حكومة او مسئولين. فهل لنا من أن ندخل الميدان لنعري هؤلاء دون حرج من أثم لما هم فيه والغون؟

من هذا المنطلق والتوجه العلمي، لا بد من البدء في عرض المنهج اللغوي الذي تبناه القرآن الكريم لنصل الى النتائج المتوخاة من هذا العرض المهم.علنا ننزع من عقول الناس ما علق بها من أخطاء نسبت للقرآن الكريم ، والقرآن والرسالة المحمدية بعيدة كل البعد عما هم فيه يفسرون. بعد ان عجزوا ان يعطونا تفسيرا لآيات وما ملكت أيمانهم . والوصية والأرث، وحقوق المرأة، ومبتكرات الزواج الحديث.

نحن لدينا مدارس فكرية راقية تعرضت لهذه الجوانب عتم عليها الفقهاء حتى لا يقعوا في حرج التفسير الصحيح ومنها :مدرسة أبي علي الفارسي اللغوية. ونظرية ابن جني في الخصائص، والأمام الجرجاني في دلائل الأعجاز وكلها بحثت في التفسير القرآني الصحيح ووضعت المعايير فيها حتى لا يقع القارىْ والمجتمع في خطأ التقدير.

 هذه المدارس المحكمة توصلت الى جملة امور في النظر بما جاء في القرآن الكريم على عكس ما جاء في التفسير ومنها :

ان اللغة هي نظام لربط الكلمات وانها لم تنشأ دفعة واحدة، ولهذه النشأة المختلفة أثرا في تغير معاني الكلمات. وان تطورنظامها اكتمل بشكل موازٍ لنشأة التفكير الأنساني وتطوره وأكتماله لذا فكثير من الكلمات دخلت على المفردات اللغوية قبل التفسير القرآني، من هنا جاء التفسير مغايرا للتأويل العلمي لكلمات القرآن الكريم. لقد أكدت تلك المدارس اللغوية على ان اللغة نظام، وهي ظاهرة اجتماعية ترتبط بالبنية اللغوية بوظيفة الأتصال التي تؤديها. لذا اكدوا على تلازم اللغة والتفكيرالذي ينتج منه وظيفة الابلاغ الفكري للاخرين .واللغة العربية التي جاءت في القرآن كانت متكاملة لم يكن بمقدور المفسرين آنذاك ادراك المشخص فيها ولم تكن التسميات الحسية قد استكملت عندهم بعد ان تركزت في تجريدات .

من هنا فعلى المجامع العلمية للغة العربية دراسة النظام اللغوي الذي ورد عند المفسرين دون استثناء لخلق بداية لتطور جديد يستطيع تاويل القرآن الكريم بما يتوافق والتوجهات العلمية الحديثة وايقاف حركة التفسير الترادفية الخاطئة المستمرة التي دمرت عقول الناشئة وخاصة بعد هذه الموجة الدينية المتخلفة التي يقودها السلف كل السلف والتي خلفت لنا القاعدة وفكر طالبان الميت.والسلفية كما نعلم هي هروب مقنع من مواجهة تحديات العصر الحديث خدمة للسلطان، وهزيمة نكراء امام هذه التحديات، وهي البحث عن الذات في فراغ وليس في ارض الواقع بعد ان اهملت الزمان والمكان واغتالت التاريخ واسقطت العقل.حتى اصبح التقليد دينها الميت الذي اوقعها في فراغ فكري وصل الى حد السذاجة في التصور الذي حوله الى فتوى جامدة تتعارض مع المنطق العقلي فرضته المناهج المدرسية على الناشئة فرضاً فخربت عقولها وادخلتها في دوامة الخطأ المستمر.

 

لذا علينا:

انكار ظاهرة الترادف اللغوي في القرآن، وان نبين هل ان لفظتي القرآن والكتاب مترادفتان في المعنى ؟ اضف الى ذلك ان هناك مصطلحات كثيرة وردت في االقرآن أهملها المفسرون ولم يعطوا تفسيرا لها مثل: الكتاب والقرآن والفرقان والذكر وأم الكتاب والسبع المثاني والوصايا العشر (الفرقان) واللوح المحفوظ والامام المبين والحديث واحسن الحديث. وهي كلها مصطلحات بحاجة الى تأويل علمي صرف، ونحن الى اليوم لا نعلم عنها شيئا، هم أغفلوها لجهلهم بمعانيها الكبيرة وعلينا يقع وزر الأغفال.

 وكذلك نحن بحاجة الى دراسة قوانين جدل الكون الذي وردت في القرآن وهناك سورة كاملة أسمها المجادلة حوت الكثير من المفاهيم العلمية التي ظلت ميتة في صدور المفسرين والتي اوردت جدلية تلاؤم الزوجين في الخلق (مخلق وغير مخلق الحج 5)، وجدلية تعاقب الضدين كما في (الليل والنهار) وجدلية الفكر الانساني في (الحب والكراهية).هذه الجدلية الفكرية مرَ عليها المفسرون مرور الكرام لجهلهم بها، وهي بداية الحركة العلمية التي تلاقفتها اوربا ووصلت بها الى هذا العالم التكنولوجي الرهيب، اما نحن فلا زلنا نتخاصم حول السُنة والشيعة وآذان الشهادة في الصلاة والوضوء والحج والعمرة والزكاة ليسود الحاكم علينا وكلها جاءت بأيات واضحة ليست بحاجة الى تفسير.

علينا اليوم واجبا وطنيا وانسانيا ان نطرح رؤية جديدة حول السراط المستقيم والمعروف والمنكر، لذا ندعو الى فقه جديد ينطلق من مبدأ التلازم بين الاستقامة والحنيفية وحقوق المرأة التي جاءت ناقصة ومجحفة في الفقه الاسلامي خلافا لما جاءت في القرآن الكريم.

ونحن ندعوا الكُتاب والمثقفين واهل المعرفة الحقة الى المطالبة بتأويل القرآن الكريم حسبما جاء في الاية 7 من سورة ال عمران والتي تقول : (وما يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم) والراسخون في العلم هم العلماء مجتمعين وليس الفقهاء منفردين لاستخراج فقه علمي جديد معاصر يخرجنا من هذا الحصار الفكري المتخلف الرهيب وينقلنا الى عالم المعرفة العلمية الحقة، والى فهم معاصر للسُنة النبوية، ورفض كل ما جاء في صحيحي مسلم والبخاري صحيح وبحار الانوار للمجلسي صحيح، لاعطاء البديل لهذا الفقة المنكمش اليوم لننتج احكاما لم تكن عند الفقهاء كلهم ولنزع قيادة الامة من رجال الدين الذين سمموا افكار الناس وارجعونا الى العصور الوسطى وهم اليوم يتزعمون قيادة الوطن بلا دليل.فهل من مجيب .

وكلمة اخيرة نقولها للسيد المالكي وهو رئيس السلطة والمسئول امام الله عنها بعد ان ظهرت ألاعيب السياسة، وطمع الساسة في الاعوجاج والابتعاد عن السراط المستقيم،  ونكث العهود، وحنث اليمين، وأكل أموال الناس بالباطل، وأستغلال السلطة بالظلم نقول : (اذا كنت قدرنا فليوفقك الله، وأن كنا قدرك فليعنك الله على ان تتحمل ما يريده الله.

والله يدي الى كل رشاد،


د.عبد الجبار العبيدي

  

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2193 الخميس 26/ 07 / 2012)

في المثقف اليوم