قضايا وآراء

الثروة الحيوانية في العراق

استمراره في البقاء على قيد الحياة ومن اجل الحفاظ على هذه الهبة الطبيعية التي غيرت نمط حياته ومعيشته ..

ومن المؤكد عند الباحثون العراقيون إن الإنسان العراقي القديم قد توصل إلى ممارسة الرعي قبل ممارسة الزراعة بفترات طويلة ...

الكهوف الأثرية : في العصر الحجري القديم سكن الإنسان الكهوف وهي أقدم المستوطنات البشرية والتي سكنها الإنسان فبل تمصيره للقرى والمدن، ففي كهف شانيدر في شمال العراق وكهف زرزي وكهف هزار ميرد في السليمانية وجدت بقايا عظام لحيوانات متنوعة لكنها غير مدجنة كالماعز البري والغنم والثيران وبعض من عضام الطيور كالحمام البري وأصداف السلاحف والغريب في الأمر أنة تم العثور على عظام الغزال الأحمر الوحشي في كهف هزارميرد الذي انقرض من العراق

عصر الرعي: يتزامن هذا العصر مع العصر الحجري الحديث في حدود (8000 إلى 5600 ق.م ). وقبل هذا التاريخ كانت الثروة الحيوانية في العراق تعيش في حالة الوحشية والهيام في البرية، وبعد هذا التاريخ ابتكر الإنسان القديم أول طريقة لتربية وتدجين هذه الثروة والاستفادة من منتجاتها لأنها أصبحت جزء مهم من طعامه وشرابه وملبسة، وأول حيوان عمد إلى تدجينة هو الماعز ثم دجنت الأغنام وعرف كيف يستفيد من لحومها وجلودها وحلبيها وأصوافها وبعد ذلك دجن الخنزير والثور وعندما عرف الإنسان إن هذه الحيوانات التي دججنها هي أيضا بحاجة إلى الطعام والشراب لتستمر في البقاء توصل إلى اكتشاف عملية الرعي ..

 

المدن القديمة:

1 ـ في قرية جرمو بالقرب من كركوك وهي أول قرية في العراق والعالم والتي يعود عصرها إلى (6000 ـ 5000 ق.م) عثر على عظام لبعض الحيوانات أيضا كالماعز والغنم والخنزير والكلب ..

2 ـ وفي تل العبيد وهو موقع اثري في جنوب العراق ويعود تاريخه إلى ( 5000 إلى 4500 ق.م ) اكتشف على جدران معبدها الرسمي رسم للوحة من الفسيفساء وممتدة لعدة أمتار مرسوم عليها حظيرة للأبقار والثيران ويستخرج منها الزبد والحليب في طقوس رسمية وشعبية رائعة .

3 ـ ومن أثار مدينة الوركاء عثر على مسلة من الحجر رسم عليها مراسيم صيد الأسود المفترسة بعدة مراحل الصيد سميت بمسلة الأسود .

4 ـ وفي اريدو المدينة الأثرية التي يعود تاريخها إلى عصر ما قبل الطوفان السومرية عثر على تمثال عظيم للأسد مصنوع من حجر البازلت الأسود وهو جالس على ساقية ويده، وشاغر فاه إلى أعلى، وهذا الأسد الأسود الجميل هو ألان يزين إحدى قاعات المتحف الوطني العراقي ..

5 ـ وفي موقع تل حرمل الأثري في ( بغداد الجديدة) عثر أيضا على مجموعة من تماثيل للأسود مصنوعة من الفخار وملونة بعدة ألوان وكانت تقف عند مدخل المعابد، وهي عبارة عن ثلاثة اسود ولبوه وهذه التماثيل هي أيضا مازالت تزين الطابق الثاني للمتحف الوطني العراقي بكل زهو وجمال

سكان العراق : وقد اهتم السومريون والاكديون بالثروة الحيوانية ووضعوا جل اهتمامهم بحيوانات الماشية ودجنوها واستغلوا ثرواتها وجعلوها من أهم أركان حياتهم الاقتصادية والمعيشية ..

إما البابليون فقد صنعوا واحدة من أهم المنجزات العمرانية والتي جسدت مدى اهتمامهم بالثروة الحيوانية فصنعوا أسد بابل الشهير والذي مثل عظمة وقوة البابليون وانتصاراتهم على أعدائهم الحيثيين . وقد وجد هذا الأسد في قصر الملك نبو خذنصر الثاني، وهو ألان في متحف اللوفر ..

وإما الأشوريون فقد اهتموا بالثروة الحيوانية بشكل أخر حيث تركوا لنا الثيران المجنحة وهي تماثيل ضخمة لحيوانات مركبة من رأس إنسان وجسم ثور بخمس أرجل، وكانت تعبر عن قوة الأشوريون

وحكمة وصلابة قادتهم وكانت تعبر عن الحكمة والمعرفة، وكانت توضع عند مداخل قصور الملوك الأشوريون . والآن موجود البعض منها في القاعة الأشورية في المتحف الوطني العراقي ..

الثروة الحيوانية اليوم : لقد استعرضنا بعجالة اهتمام العراقيون القدماء بالثروة الحيوانية ومسعاهم في الحفاظ عليها منذ العصور الحجرية وحتى وقت قريب، وفي العصور الحديثة أخذت هذه الثروة تعاني من الإهمال الشديد والتهريب المتعمد وتناقص في إعداد هذه الثروة، ومن المؤسف إن تناقص إعداد الثروة الحيوانية بدء بالانهيار مع بداية الثمانينيات من القرن الماضي، إلا إن منظمة التنمية للثروة الحيوانية حددت التدهور في الثروة الحيوانية في العراق من عام 1989 . وأخذت نموذجا للإحصاء فذكرت إن عدد الأغنام تناقص من 15 مليون رأس غنم إلى 6،5

 مليون رأس غنم، وإما الجاموس فقد وصل إلى 250 إلف رأس فقط نتيجة تجفيف الاهوار . ولا نعرف ماهية نتائج إحصائية المنظمة لعام 2009 الحالية .

إما منظمة ( فاو) فقد كشفت في إحصائية لها إن نسبة 40 % من الثروة الحيوانية في العراق قد تم تهريبها بعد حرب 2003 إلى البلد إن المجاورة؟

 بعد عمليات تهريب الثروة الحيوانية إلى خارج البلد بشكل كبير، وانتشار الإمراض والأوبئة، والنقص الحاصل في العلف الحيواني، فجميع هذه الأسباب جعلت الثروة الحيوانية في البلد تتجه نحو الاندثار والانقراض النهائي في وقت قريب . فمتى تنتبه الدولة ووزارة الزراعة إلى هذه الثروة العظمية والتي يعتمد الشعب عليها في قوته ومعيشته ومنذ أقدم الدهور ويعود الاهتمام بها والحفاظ عليها وتطويرها حسب المناهج العلمية الحديثة والتي تستخدمها الدول العربية والغربية لتطوير ثروتها الحيوانية قبل أن تنقرض ...

 

حسن الوزني

كاتب وشاعر عراقي

[email protected]

.............................

المصادر والمراجع التي اعتمدت في المقالة

1 : تاريخ حضارة وادي الرفدين / د. احمد سوسة / مجلد ج1 ج2 / بغداد 1986 .

2 : مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة / طه باقر / ج1 . ط1 دار الوراق 2009 .

3 : إحصائية منظمة التنمية للثروة الحيوانية لعام 2009 .

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1205 الخميس 22/10/2009)

 

 

 

في المثقف اليوم