قضايا وآراء

سيكولوجيا الحب: (1) رسالة من امرأة مثقفة وجدت نصف الحب / قاسم حسين صالح

الاساليب الفرويدية وتحلل شخصيتي على هواك فتعزو ذلك الى علاقة كره تربطني بأبي حين كنت طفلة.. فوالدي انسان رائع .اما السبب فتجده بعد ان تقرأ موجز قصتي.

كنت في المرحلة الرابعة من حياتي الجامعية . وكنت اتحاشى الاختلاط بزملائي. كانوا يقولون عني: معقدة .. متعجرفة .. متكبرة، وما كانوا يعلمون انني احمل سرّي في داخلي. ذلك ان المرأة العنيدة الصعبة هي وحدها التي تشكّل تحديا للرجل، وان من يستطيع كسر عنادها يكون جديرا بها. وما كنت ارى في وجوه زملائي من يستطيع اقتحام حصني. حاول كثيرون لكنهم كانوا ينهزمون من المحاولة الأولى، لأنني ابدو لهم مبنية من الأسمنت المسّلح .. بل هكذا كنت.

وفي يوم، حدث ان حطّ  "صقر" في الصف. ومن بين جميع زميلاتي استقرت عينا الصقر الحادتين في حدقتي عينيّ المتحديتين. وفي اسبوع واحد .. قرأني بذكاء!.. انني لن ألين الا بمزيد من الالحاح المهذّب والجريء في الوقت نفسه.. ولقد فعل!.

كنت في اللقاء الأول خجلة، حتى ان عثرات صوتي وارتعاشات شفتيّ كانت تفضح ما احاول جاهدة أن أبقيه يتنفس بداخلي. وانسجمنا.. حتى غدونا لو أراد أحدنا أن يقول شيئا.. سبقه الآخر الى النطق به!.

كنت لغاية تلك اللحظة أعي في داخلي حقيقة ترعبني: ان أشدّ ما يؤلمني في الحياة أن أحيا بلا حب، وأن أسوأ الناس هو ذلك الذي يقضي حياته بالتمنيات.. وها أنا أغادرها الى حيث أصبحت أمنيتي حقيقة واقعة. ومع ذلك فان تنشئتي الأسرية علمتني الحذر. ما كنت أضع يدي بيده رغم أنها تحايلت عليّ مرّات لتستقر في راحة كفّه، فألويها بعناد أحرق نفسي فيه. كان أقصى ما يمكن أن نسمح به لعواطفنا أننا كنّا نزّين بها رساءلنا برسوم قلوب ملتهبة كالتي يرسمها المراهقون في دفاترهم الملونة، او التي يحفرونها على جذوع الأشجار . وكان قلبي يغني بفرح على ايقاع خطواتنا أغنية " غاده رجب ": (وانا لما صحيت على حبك، وشفت الدنيا من عندك، اتمنى كل العشاق يحبو زي ما احبك). واتفقنا أن نكلل هذا الحب باللحظة التي نعلن فيها للناس ما كنّا نحاول أن نخفيه عن مجتمع له شهية شرهة في قضم سمعة المرأة.

وانتهت الدراسة.. واختفى "الصقر" . ويأست منه عندما استيقضت صباح أحد الأيام فوجدت نفسي مثل سمكة لم تجد الهواء للتنفس. وحين تحسست وجهي ووجدته مبللا بالدموع، أدركت عندها أنها دموع الوداع!.

وفي ساعة ذهول..أو صحوة، تبين لي أن ما عشته قبل سنة كان عثرة حب قاتلة، حين أوجزت لي وصف " الصقر " فتاة كانت تعرفه، قالت: ان في قلب هذا الرجل غرفا أكثر مما في أكبر فندق!.

لا تحاول ان تقدم لي نصيحة كما تفعل مع كثيرات، او تحسب أنني حمامة خذلها جناحاها، أو تسخر في داخلك كما سخرت مني زميلتي التي قالت :" لا يلّبي دعوة الثعلب الا الدجاج المغّفل!".ابدا،  فأنا الآن في أحسن حالاتي لسببين: الأول احتفظ به لنفسي، والثاني أنني قرأت ثلاثة كتب ..اثنان منها يبحثان في سلوك الانسان وكيف يداري خيباته، والثالث رواية ممتعة حاولت بصفحاتها الثلثمائة تقديم وصفة شافية للحب، اكتشفتها أنا بسطرين:

ان نصف الحب يكون عندما تجد نفسك، اما النصف الآخر فحين تعثر على الشخص الذي يبحث عنك.

ولقد وجدت نصف الحب!.

محبتي لك ولقرائك.

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2233 الاربعاء 03 / 10 / 2012)

في المثقف اليوم