قضايا وآراء

الانتحار .. يأسا! / قاسم حسين صالح

وان عدد من يحاولون الانتحار يزيد عشرين مرة عن الذين يرتكبونه فعلا.

ان الاعتقاد الشائع بأن نسبة الانتحار في المجتمعات الدينية اقل مقارنة بالمجتمعات غير الدينية، مثار شك وتساؤل، لأننا لا نمتلك احصاءات دقيقة عن حالات الانتحار في مجتمعاتنا لاعتبارات اجتماعية ولتعمد الانظمة الدكتاتورية باخفائها .

واللافت ان عدد حالات الانتحار في العراق زادت في السنوات الاخيرة لتوافر اسبابه بشكل خطير نوجزها بصياغة واضحة هي:

(حين لا يقدّم الواقع حلاّ لمشكلة حياتية جوهرية يعيشها الانسان،

وتدخله بنفق يأس لا ضوء في نهايته،

فأنه يقدم على الانتحار بوصفه آخر حلّ لمشكلته).

ولقد افادت وكالات الانباء بأقدام شباب على الانتحار في مدن عراقية، بعد ان يأسوا من واقع لم يقدم فرصة ايجاد عمل لهم.

وبحسب تقرير وزارة الصحة في 18/6/2011 فأن هنالك اكثر من مليون ارمله لديهن بحدود ثلاثة ملايين طفل يتيم، تعززها دراسة لوزارة التخطيط وتقرير للمنظمة الدولية يفيدان بأن59% من ارامل العراق فقدن ازواجهن بعد نيسان 2003، وانهن يعشن وضعا ماديا صعبا دفع بعضهن الى الانتحار..فضلا عن تقرير  للجيش العراقي يفيد بان عدد الارامل اللاتي تحولن الى متفجرات..بالعشرات.

ومع ان مجلس الوزراء اصدر قرارا بتشكيل دائرة رعاية المرأة في (2008) لتمكين الارامل من مراجعة شبكة الحماية الاجتماعية بعيدا عن الزحام والتدافع مع الرجال، الا ان سوء تطبيقه خلق حالة من التذمر بينهن..فمع ان الراتب شحيح فأن معظمهن لا يحصلن عليه الا بعد سنة او سنتين من المراجعات تنفق فيها الاف الدنانير،ما دفع  تحقيق صحفي ميداني للتساؤل: لماذا تقف الدولة التي تمتلك ميزانيةكبيرة عاجزه امام رعاية الارامل برغم انها مسؤولة قانونيا واعتباريا؟

وللانتحار اسباب اخرى. فقد شهد النصف الثاني من السنة الدراسية الماضية انتحار الطالبة (دموع) وثلاثة طلبة اخرين بسبب الرسوب بالدور الثاني للامتحانات الوزارية. ومع ان النظام التربوي والظروف القاسية ونوعية شخصية المنتحر تعدّ من الاسباب الدافعة لهذا النوع من الانتحار، الا ان الاهل يتحملون الحصة الاكبر منها.

ويعدّ (الفقدان) من اهم اسباب الانتحار. ولكم ان تعدوا كم من الحبيبات والامهات فقدن احبتهن وازواجهن في حروب كارثية..ثم ضحايا الارهاب التي تعدّ بمئات الالاف من الأحبة والحبيبات.

وهنالك سبب غير منظور للأنتحار لدى العراقيين بشكل خاص ..الذين تمثلوا العراق اجمل وانقى واروع (حبيبة) فتوحدوا به حبا ومصيرا. ولأنهم كانوا يرونه جميلا كالعروس، زاهيا كما الربيع، دافئا كما الحبيبة، معطاءا كما الأم،فوجدوه..مدمّرا مرعبا. ولأنهم صاروا عاجزين عن اعادته عروسا..فانهم عمدوا الى الانتحار..لا بهدف قتل انفسهم،بل بقتل (الحبيبة)..العراق..الثابت حبه في قلوبهم..ولكم ان تتذكروا اسماء مفكرين..شعراء..عراقيين انتحروا في بيروت ودمشق..غير الذين فعلوها في بغداد..وغير الذين اضناهم حب العراق وانتحروا..سريريا!.

اننا نمتلك كل المصادر..كل الاسباب..التي تحول اليأس الى تفاؤل..وتجعل العراق البلد الاجمل.. والشعب الاكثر رفاهية وتعلّقا بالحياة. وتأكدوا ان المستقبل سيشهد ذلك..اذا امتلكنا الوعي بأيصال من يحب الناس والحياة الى مراكز اتخاذ القرار.

  

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2268 الاربعاء 07 / 11 / 2012)

في المثقف اليوم