تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

قضايا وآراء

الفنوالعمارةالإسلامية .. ستمئة عام من الإبداع الإسلامي / بشرى البستاني

من تأليف شيلا بلير وجوناثان بلوم وترجمة الدكتورة وفاء عبداللطيف  زين العابدين أستاذة الأدب الأنكليزي والترجمة بجامعة الموصل في العراق..وهذا المرجع مكمل لمؤلف آخر يتناول الفن والعمارة الإسلامية للمدة بين 650-1250.

إن هذا الإصدار الجديد كما يقول المؤلفان بلير وبلوم في المقدمة "يقدم مسحاً للعمران والفنون الإسلامية التي تطورت ونشأت على الأراضي الإسلامية الممتدة جغرافياً بين المحيطين الأطلسي والهندي من جهة والسهوب الآسيوأوربية من جهة أخرى في المدة المحصورة مابين حملات المغول أبان القرن الثالث عشر وحتى الاستعمار الأوربي مطلع القرن التاسع عشر." ويقع الكتاب في عشرين فصلا و 366 صفحةً من النوع الكبير،خصص الأخير منه ب"أرث الفن الأسلامي المتأخر" لحقبة الاستعمار الفرنسي والانكليزي وغيرهما وحتى القرن العشرين.

ويتخذ هذا المرجع الضخم التسلسل الزمني والتقسيم الجغرافي منهجا ويتناول العمارة الإسلامية على نحو مفصل ومنفصل عن باقي الفنون التي يتناولها الكتاب ومنها "فنون الكتاب" المخطوطات والرسم والنقش وصناعة المنسوجات والتطريز والمشغولات المعدنية فضلا على صناعة الفخار وغيرها من التحف الإسلامية والمقتنيات الثمينة..كما أنه يغوص في العمق الديني والاجتماعي والسياسي والهندسي للأرث الأسلامي، ويعقد مقارنات بين هذه التحفة في بغداد وتلك في بلاد فارس، وهذا المسجد في الأندلس وذلك الآخر في سمرقند..

ويحتوي الكتاب أيضا على صور ملونة وخرائط جغرافية وتصاميم هندسية ومخططات توضيحية، كما أنه يقف على روعة اللمسات الأخيرة التي تفنن بها الفنان المسلم ليعكس الجوهر الحضاري الراقي والثراء والشغف الروحي ودقة الأداء والتفاني والإخلاص الذي لا يُخطئه متصفح الكتاب.  ولذلك فإن هذا المرجع لا غنى للمكتبة العربية عنه لاسيما وأنه يغطي ستة قرون من التاريخ الإسلامي في الفن والعمارة الإسلامية. ومن الجدير بالذكر أن أول صدور لهذا الكتاب بالانكليزية كان عام 1995 إذ نشرته مكتبة ييل البريطانية .

ويعترف المؤلفان الغربيان في مقدمة الكتاب أن الاهتمام بالإسلام أصبح حثيثا والاطلاع عليه صار مهما على نحو عام، وعلى الفنون الإسلامية بشكل خاص، وهي دعوة صريحة للاهتمام بهذا الجانب الحيوي . إن ما أشار إليه المؤلفان في مقدمتهما من " أن مصطلح الفن الإسلامي أو الحضارة الإسلامية من ابتكار الغرب في القرن التاسع عشر وبامتياز " قضية تحتاج للتدقيق والحوار من قبل المختصين، كما أن خجلا مريرا انتابني وأنا أقرأ فقرة الشكر الأخيرة للجهات التي دعمت هذا المشروع المتعلق بفن إسلامي عريق إذ كان لجامعة هارفارد الأمريكية الفضل الكبير في دعمه وإخراجه، ولمؤسسات وشخصيات عالمية أخرى من شرق الأرض وغربها، فمتى يكون لشؤون التراث العربي الإسلامي مؤسساته التي تُعنى به، والامكانيات المادية الخاصة التي تُرصد له،  والمختصون الذين يكشفون عن جمالياته تعبيرا وتأثيرا وتأويلا من أجل تقديم هذا التراث ببؤره المتألقة للعالم، لاسيما وأن المؤلفين يشيران إلى أن دراسة الفنون الإسلامية قد شهدت من أكثر من ثلاثة عقود تحولا جذريا فبعد أن كانت مقتصرة على الأوربيين والأمريكيين صار الفن الإسلامي تخصصا علميا للدارسين في العالم الإسلامي نفسه، أولئك  الذين غدوا ينظرون اليه برؤية جديدة وصولا لأجوبة  على مسائل تتعلق بماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم، وبالرغم من إيماننا العميق بالحوار الحضاري بين الأمم فقد كان الأجدر بنا نحن  مختصين بالعمارة والفنون من العرب والمسلمين، وأكاديمية عربية وإسلامية، وأقسام هندسة معمارية، وكليات فنون جميلة وأقسام التشكيل فيها وبدعم من الجهات الرسمية أن يصدروا مثل هذه الموسوعات المتميزة، ومن الضروري ان يصبح الفن الإسلامي تاريخا ودراسة وتأويلا جزءا لا يتجزأ من مناهجنا في تاريخ الفن وتاريخ العمارة والتشكيل   ..

إن الأشكال المعمارية واللوحات الجدارية والمحاريب وطرائق تشكيل السجاد التي عرضها الكتاب كانت من الروعة والبراعة بحيث تحتاج لدراسات تأويلية جمة تعرب عن كوامن المضامين التي كانت تدور في دواخل فناني تلك العصور، وعلى العرب والمسلمين أن يقوموا بهذه المهمة قبل أن يتولاها الآخرون .

وننوه هنا إلى الخطأ الذي حصل سهوا في أسم المترجمة العراقية  القديرة الأستاذة الدكتورة وفاء زين العابدين التي ورد أسمها خطاً "وفاء زين الدين" على الغلاف، والتي بدا جهدها واضحا في دراسة الموضوع والإلمام بعصوره والقدرة على تقديمه للقارئ بأسلوب تواصلي، ونحن إذ نثمن جهود هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث ونبارك سعيها في إثراء المكتبة العربية بأمهات الكتب ومنها  مشروع  " كلمة "، لايسعنا سوى مناشدتها تصحيح أسم المترجمة وهذا حق مكفول لها ولاسيما أن دار الكتب قد وعدت بتصحيح الأسم فورا..

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2270 الجمعة 09 / 11 / 2012)


في المثقف اليوم