قضايا وآراء

قراءة في المجموعة القصصية (لست أنت) للقاصة صبيحة شبر / احمد جبار غرب

من خلال تجميع الصور الذهنية المخزونة في ذاكرته وتوظيفها في خدمة الفعل الدرامي للحدث، وهو قطعاً لايستطيع تصوير الفعل إلا بهذه الطريقة  ويكون ملزماً بها،وللتخلص من إشكاليات الحوار أو الأفعال المستنبطة للحكاية التي يرويها وهو قادر على إتحاف القارئ  بالدهشة المتوخاة والمتابعة الرشيقة للحكاية من خلال إثارة تحريضية بالتساؤلات أو الأفعال التي تعكس جو القصة أو الموضوع المطروح، ولعل القاصة صبيحة شبر والمهتمة في البناء السردي لقصصها تحاول الوصول بناء إلى تلك  النقطة، وهي الاستشفاف والبحث عن الواقع من خلال شخصيات غاضبة  أو مستكانه أو مستلبة تسعى للوصول إلى الحقيقة بالوسائل التي تمكنها من فهم الحالة المراد معالجتها، وهي متمكنة في الحيز اللغوي الذي تمتلكه وخلق المفردة التي تلاؤم السلوك السيكولوجي للشخصيات، وهي خريجة اللغة العربية كلية الآداب  وربما يكون الوضع السياسي الذي مرت به قد ترك بصمة في اغلب إعمالها المليئة بالشجن والحس الإنساني في أنها تبحث عن العلاقات الخلاقة وسط المجتمع المتدهور المليء بالتناقضات والذي يحاول سحق منظومة الجمال والحب لتبلد بعضاً من شخوصه وتسلط البعض الأخر، أنها رهافة حسها ودفقها الإنساني ولعل أصعب حالة يمر بها المرء هو كيفية الولوج لقاع الروح وخبايا الذات  في شخصيتنا الإنسانية واكتشاف العاطفة المهذبة ورومانسية الفكرة الواقعية التي تكتنفها، وهذا ما تعمل من اجله القاصة صبيحة شبر في اغلب إعمالها منذ ان صدرت لها مجموعتها الأولى (التمثال) من مطبعة الرسالة في الكويت عام 1976الى مجموعتها الثانية التي صدرت عام 2005 من وكالة الصحافة العربية في مصر وعنوانها (امرأة سيئة السمعة)، ويمكن القول ان العمل القصصي هو تشذيب للواقع وترجمة للسلوك ومحاكاة بدقة متناهية من خلال الفعل والحركة أو الحوار، ويمكن للكاتب أو القاص ان يعطي اجمل الثمار من إبداعه الأدبي كلما كانت المحاكاة طبيعية وقريبة من جذورها الواقعية ويبقى له الكثير من الإضافات لانجازه الأدبي بحيث يرتقي سلم التفرد الخلاق في مايحبك من جنسه الأدبي، وهو يراقب بأمانة  الطبيعة الإنسانية وتجسيدها في صور شتى منها ماهو ايجابي ومنها ماهو سلبي، بعد إن يتم تصوريها من خلال الفعل أو الحركة أو الحوار والمرونة التي تتعامل بها مع المفردة لها وقع جميل على النفوس 

وفي مجموعتها  القصصية الأخيرة المعنونة (لست أنت )الصادرة عن دار ضفاف للنشر والطباعة لعام 2012تحاول التحرك من خلال محاور العائلة والبيئة القريبة منها، لكي تصطاد الشخصيات وتفعلها وتحاول استدراج سلوكها السلبي أحياناً في دائرة الصراع القائمة مع ذاتها ومع محيطها الاجتماعي، وهي تعطينا أمثلة لذلك وقد نجحت في جعلنا ننشد لمتابعة فصول قصصها المتأنية إلى أخر كلمة منها ولعل اللغة الزاخرة  التي تستخدمها وطيف المفردات وتشعبها تعطينا طمأنينة خاصة اتجاه العمل وبلورة فكرته باتجاه المضامين التي ينشدها النص،  وسبر أغواره ولغة السرد ليست عملية سهلة إنما تخضع  للتقييس والمماحكة ،ويتطلب جهداً كبيراً ونفساً مضنياً لإيصال القارئ إلى الذروة، وهذا ما تعمل عليه القاصة المبدعة صبيحة شبر التي ولدت في كربلاء وعاشت ازدواجية المقدس الروحي والفكري معا وهي تحاول التوفيق بينهما وإزالة بعض الشوائب التي علقت ما بينهما

                                      احمد جبار غرب             

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2273 الأثنين 12 / 11 / 2012)

في المثقف اليوم