قضايا وآراء

ثقافة نفسية (73): رثـــاء الـــذات / قاسم حسين صالح

وهؤلاء حين تسألهم:(اشلونك؟) يجيبونك على طريقة الدارمي:

(يسألني البطران حالك اشلونه - الكاين الله عليه هم ينشدونه)

او على طريقة رياض احمد:

(تسألني عن الحال حالي على حاله –سمجه وشحيح الماي وبظهري فاله).

والتحليل السيكولوجي لرثاء الذات هو "عزاء" ناجم عن عدم قدرة صاحبه على تولي مسؤولية حياته بنفسه، لأنه سمح لنفسه ان يكون تحت رحمة الآخرين والظروف، ولأنه كان في طفولته شخصية اعتمادية، كثيرا ما استخدم المرض وسيلة للسيطرة على الآخرين، لاعتقاده بأنه حين يكون مريضا، سيشعر الآخرون بالأسف والحزن من اجله ويمنحونه ما يريد.

ولمن يعيش بأسرة فيها شخص من هذا النوع، او مسؤول دائرة بها موظف من هذا النوع، نوضح بأن "المولع" برثاء الذات يحمل تقديرا واطئا لذاته، مصحوبا بخوف غير طبيعي من ارتكاب الاخطاء، ولهذا تراه يميل الى التسويف والتردد في اتخاذ القرار..

ليس هذا فقط، بل ان في شخصيته صفات عاطفية وجسدية ونفسية تختلف عن الآخرين، فهو: متعجرف،ولا يعترف بالاخطاء، وليست لديه القدرة على الصبر، وغالبا ما يكون مدمنا على التدخين او الكحول، ومع انه يسعى لأرضاء الآخرين فأنه لا يستطيع النظر في عيونهم، ويصافح ببرود وعدم اهتمام، ويضحك ضحكات مصطنعة او زائفة بعينيين خاويتين لا بريق فيهما..لأنه يحمل في داخله كرها لهم.وما يؤلمه انه يعيش حالة تناقض وجداني، بين حاجته الى الاستحسان والقبول واشباع عطش اضناه للحب، وبين بغض الأخرين المكتوم في داخله، وبين حاجة قسرية تدفعه لامتلاك المال والسلطة، وبين شعور باللوم والندم واليأس..الناجم عن يقينه بأنه انسان فاشل.

تفحص اسرتك ان كنت ربّ اسرة، والعاملين معك ان كنت مديرا في مؤسسة..واعرف كيف تتعامل مع من اقام مأتم عزاء لرثاء ذاته، وقدرتك على ان ترفع عن كاهله (جبل الحزن)..واحذر..فأن لدى هؤلاء القدرة..على ان يكرهّوك بالحياة..ويدخلونك مأتمهم..معّزيا!.

 

تابعنا على الفيس بوك  وفي   تويتر

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2284 السبت 24 / 11 / 2012)


في المثقف اليوم