قضايا وآراء

قواعد السياسة ومبادىء الفلاسفة الحضاريين .. اين نحن منها الآن؟ / عبد الجبار العبيدي

وهل للدول أعمار ثابتة لاتتعداها كعمر الانسان؟.

 

لقد كتب ثلاثة من رواد الحضارة العالمية في هذا الموضوع، هم المفكر العربي عبدالرحمن بن خلدون(ت808 للهجرة)، والمفكر الالماني اوزفالد شبنجلر، والمفكر الانجليزي آرنولد توينبي من فلاسفة العصر الحديث، فأين نحن منها الآن؟

 

قبل ان نسترسل في الاجابة على هذه الاسئلة المعقدة التي هي بحاجة لان يقرأها الحاكم قبل المحكوم ليسترشد بهداها في حكم الدولة واصول الحكم.

نقول: منذ فجر التاريخ والانسان حين هداه عقله الى الاستقرار اخذ يبحث عن اربعة اهداف يراها هي الاساس في حياته واستقراره ألا وهي:

 

الامان، والاطمئنان، والكفاية، والعدل . فأمان على النفس والمال والعِرض، وأطمئنان على الرزق الدائم، وكفاية من العوز، وحقوق وواجبات متوازنة. فالفراعنة أمنوا حماية الانسان بقوة السلاح، ولكنهم لم يهتدوا بعقلهم الى العدالة بين الناس. واليونان هداهم عقلهم الى الامان وحكم الدولة، لكنهم لم يعرفوا الشعور بالمساواة بين الناس والأخرين. وحين جاء الرومان من بعدهم نظموا الدولة على التشريع والمشاركة والقانون ولكن دون تطبيق، فكان القانون الروماني يخدم الأباطرة والطبقات العليا المتنفذة دون عامة الناس، ولا زال قانونهم يدرس في الجامعات العالمية الى الان . وعندما جاء الاسلام وضع الاسس الصحيحة لمبادىء الحكم العادل وصفات الحاكم، وفرضَ ما نسميه بالتكليف الشرعي لتحديد سلطة الدولة عن حقوق الناس، لكنه عجز عن التطبيق.

 

وعندما سقط هذا الشرط في عهدي الامويين والعباسيين تغيرت ملامح الدولة وتبعها تغيُرفي كل التفاصيل، فغاب الأسلام الحقيقي وحل محله أسلام الدولة الذي لا زال يتعايش في لغتهم وليس في واقعهم .

وقد طبق صدام حسين في حكمه كل نظريات الخطأ فكان مصيره المعروف . واليوم يتكررما أخطأ به صدام دون قراءة التاريخ فماذا يتوقعون؟ .

 

ان سبب هذا العجز والتوقف عند المسلمين، ان الشورى في حكم الدولة بقيت بيد الخليفة المنتخب عبر أهل الحل والعَقد الذين جرى انتخابهم بطريقة غامضة حين اصبح النص الديني لا يشكل المعيار الوحيد للسلوك السياسي، كما في اغلب نوابنا اليوم الذين جاؤا لتمثيل الشعب بالتدليس والقاسم الانتخابي الباطل، لذا فروا من الميدان مكتفين بأمتيازاتهم الباطلة والتي ستبقى لاحقهم الى ابد الأبدين، ورئاسة الدولة الاسلامية ظلت بدون تحديد مدة او مدى سلطان وحتى جاءت مخالفة للشروط الصحية في التعيين، والمال والحكم بأيدهم دون رقيب او حسيب فكانت بدايات التدهور. وكانت جماعة الحل والعقد الذين كان يجري اختيارهم عادة بطريقة غامضة وغير عادلة، رغم كونها هي المخولة باستخدام الشورى في انتخاب الخليفة قد أبتعدت عن تثبيت حق الامة في الاعتراض والتبديل، وهذا ينطبق على نواب الأمة اليوم الذين جاؤا بالتعويض، وهذا ما يمارسه مجلس النواب في العراق الجديد، لذا ظلت الخلافة عاجزة عن التطبيق لمبادىء دستور المدينة فتجمدت العدالة عندهم وماتت القيم في دولتهم، وخاصةً في عهدي الامويين والعباسيين فنهارت الدولة بعد ان فُقدت العدالة والقانون. وهذا ما يحصل اليوم حين تخلى المجلس عن حق الشعب وذهب منزويا يحاور انقرة املاً بالكسب غير المشروع .

 

فالدول لا تسقط بالزمن ولكنها تسقط بفقدان العدل والقانون كما نراها اليوم في دول ما يسمى بالربيع العربي .

 

فالدولة الاموية والدولة العباسية قامتا على الغصب وتجاوز شرعية القانون، وتبعتها من جاء من بعدهم من المغول والصفويين والعثمانيين .لذا استباحت تلك الدول المال العام و دماء المسلمين وأقترفت جنايات بشعة في حق الحق والقانون والامة لحماية الحاكم من اي اخطار تهدده، وفي سبيل ذلك أهدرت كل حقوق الامة فكانت نتيجتها سقوطهم أجمعين، هذا التوجه أصبح قاعدة في حكم المسلمين على مر الزمن ولم نستطع ان نستثني دولة اسلامية منه ابداً . ومن أجله استمرت القوة مع افتراقات النقص الذي حدث حتى وصلوا عند نقطة اصبح فيها معدل النقص يعلو على القوة فظهر التدهور نتيجة فقدان الشرعية فكان الانهيار والسقوط .

 

أذن لم تحرص هذه الدول على استيفاء الجانب الشرعي من تكوينها، فظلت تعاني الهزات والمشاكل الدائمة وليس لها من سبيل الا القوة وقتل المعارضين . لقد كانت قوة الدولة تعتمد على رجالها ومؤيديهم وعصبيتهم، دون ان تحرص دولة من هذه الدول في ربط نفسها بالامة والسماح لها بالمشاركة في الحكم، فحتى رجال الادارة والكتاب واصحاب الاقلام كانوا من الموالين لبيت الحاكم دونما حق في الاعتراض كما هو اليوم عند وعاظ السلاطين من اصحاب المواقع الألكترونية التي باعوا أقلامهم دون ضميربعد ان نسوا الشعب والحق والقانون، ومن يعترض فالسيف والنطع بأنتظاره، وما مقتل عبد الحميد الكاتب في نهاية العصر الاموي وابن المقفع في العصر العباسي، وسماحة السيد محمد باقر الصدر-رحمه الله- في العصر الصدامي وهادي المهدي في العهد الجديد الا مصداقا لما نقول. ولازالت الدولة الاسلامية متهمة بأستباحة ارواح المناوئين الى اليوم دون تمييز.

 

2

ان الدولة التي تقوم على الافراد لا على مؤسسات مصيرها الى زوال.لان الحاكم او الخليفة الذي حكم كان يحكم وحده لا بسلطان الشعب ولا بشرعية الدين، فالسياسة تعمي البصر، وتضلل الذهن، وتملأ القلوب قسوة، وتجعل الانسان يرتكب جرائم بحق الانسانية لا توصف، وحين يخطأ لم تمكنه الحاشية من تصحيح الخطأ او ادراكه لتعارضه مع مصلحتها.فأذا اراد الحاكم ان يعمل وتقرر في نفوس الناس عمله بالحق والعدل سرعان ما ترتسم شخصيته بنفوس الجماهير، ويمكن ان يقفز الى دست الحكم كما في الرئيس السوداني الاسبق سوار الذهب في السودان الذي وعد فوفى العهد والقانون. وهذا مافعلته الغالبية من الاوربيين بعد النهضة الصناعية التي حققت للجماهير الاوربية مكاسب ملموسة أثرت في حياتهم الاجتماعية واليومية . أنني اعجب لمن لم يتعظ بعد اكثر من 1400 سنة وما حل بالسابقين ليعودوا ويحكمون بنفس ما حكمت به دولتي بني امية وبني العباس ومن جاء بعدهم من المغفلين .

 

وهاهي اليوم تستعر الخلافات بين من جاؤا الى حكم الوطن العراقي بعد التغيير في 2003 بعد ان جاؤا بلا أتفاق استراتيجي ولا مشروع وطني مكتوب لما يؤول الامر اليه بعد التغيير، فسرعان ما أختلفوا فيما بينهم، لأن مجيئهم لم يكن مدروسا من كل جوانبه الحالية والمستقبلية لذا ظهرت الخلافات على السطح رغم الدستور والقانون.

 

ولنا في التاريخ عبر ودروس .....؟

 

ان العلامة ابن خلدون قسم حكم الدولة واستمراره الى ثلاث مراحل هي:

في الاولى: تمتلك الدولة القوة وصفات الملك والرياسة، وفي الثانية: ينشأ الحاكم والجيل على الدعة والراحة والاستئثار بحق المواطنين، ثم يظهر الضعف والانحدار في الجيل الثالث بعد التناحر والتخاصم فيحدث الطوفان والسقوط . لكن الواقع يخالف ابن خلدون في نظريته التي سماها (الكائن الحي وحرق المراحل). فالدولة لا تسقط الا اذا انهارت مؤسساتها واعتمدت على افراد منقطعة صلاتهم بالامة، هنا يسرع الجفاف اليها فتتوقف الحركة والاتصال بين القيادة والقاعدة الشعبية مثل الشجرة اذا جفت عروقها تجف وتموت، لان العلاقة بين الاثنين هي كالعلاقة بين الشجرة والتربة التي نبتت فيها .فاذا اعتمد الحاكم على نفسه والفئة القليلة من اتباعه انعزل عن جمهور الامة، ونتيجة لنفور الناس منه تجف شجرته ويسرع الموت اليها كما اسرع الى الاخرين من قبله، وهذه نتيجة لسوء سياسة الدولة القائمةعلى الغصب وانقطاع الصلة بين هيئة الحكم وجمهور الناس .وهذا ما حصل للعثمانيين والغزن,يين والغوريين في شرق ايران وبلاد الهند بعد ان توقف جانبها الحضاري. واليوم تكر السبحة في بلاد اليعربيين بعد ان نسوا الله وأضاعوا حقوق الشعب والوطن، فسينساهم الله غدا ويحشرهم عميان في جهنم وبئس المصير. كما تراهم اليوم يتناحرون كل منهم يدعي القانون والدستور، واقسم انهم كلهم قد خالفوا الدستور والقانون.

 

ان كلام ابن خلدون عن أعمار الدول وفلسفة الحكم فيها انما هو تصور وتأمل لا حقيقة علمية يمكن الأعتماد عليها والتاريخ يؤكد ذلك.

 

أما الفيلسوف اشبنكلر، وان كان فكره يؤمن بالفلسفة التشائمية من سلطة الدولة لاتهامه حكام الغرب بالعنجهية والتسلط والعنصرية التي اعمتهم عن الاعتراف بحقوق الاخرين فغزوا العالم دون اكتراث بالقانون والدين، لان النفس الاوربية جملة تعاني ولا زالت رغم التقدم التكنولوجي الحالي مما يسمى بمركزية الذات الاوربي دون الاخرين، لذا حتى تثبت وجودك معهم عليك ان تدرك كيف يتعاملون معك، فلا تصدقهم لأنهم ذئاب في نفوسهم شريرين، فوعودهم وكلامهم صفراً على الشمال ان لم يوثق بقانون. لأن مصلحة الغريب المحتل هنا فوق القانون، ومن يقرأ دورالاستعمار الاوربي في اسيا وافريقية يدرك ذلك تماماً. لكن القادة الجدد يقتلهم الغرور والسلطة والمال فتشرأب نفوسهم الضعيفة نحو الخطأ فينسون الوطن والقانون .

 

والفيلسوف اشبنكلر خالف ابن خلدون حين اعتمد على نظرية التحدي والاستجابة، اي ان الحاكم لا يمكن له الاستمرار بالتحدي للشعوب آملا بالاستجابة منهم دون حقوق او ما يسميها باستخدام الحاكم للطرق التقليدية في فرض حكم القوة والمحاسيب، لان ذلك سيخلق للحاكم من يعمل على تدميره وقتله وانتزاع سلطة الدولة منه مستقبلا اذا ملَ الوعود.وليس للاجيال الثلاثة كما يقول ابن خلدون من علاقة بالحكم والقانون . وتداول الحكم من الاموين الى العباسيين فالمغول والاتراك والاوربيون مثلا حيا لما نقول .

 

اما الفيلسوف آرنولد توينبي، فقد أخذ بنظرية شبنكلر في التحدي والاستجابة، لكنه اعطى للعقل والتدبر المكانة الاولى في بقاء سلطة الدولة، وبصحة ما تجتمع عليه راي الجماعة النظيفة المخلصة للحاكم.ويعتقد ان الدولة ترقى بالماديات المبذولة للاعوان والمحاسيب لكنها تفشل بالمعنويات والمشاكل الداخلية التي تصادفها من جراء عزل الحاكم عن الامة، بالطائفية والعنصرية والمحاصصية، فالاتباع لن يحموا الحاكم من مأمن الزمن، لان هذا المسلك الخاطىء يوقف الدولة في مكانها ولا يمكن اصلاحها الا بالبتر، كما حصل لنظام صدام حسين في النهاية في عام 2003، وسيحل بالقادمين ان لم يتداركوا امر بالقانون .

 

ان النظريات الحضارية عالجت اسباب نشوء الدولة وسقوطها وان اختلفت في ارائها، الا ان النظرية العقلية والتي ارتكز عليها الاسلام كانت في المقدمة حيث تقول:ان الدولة لا تهرم على الحقيقة، وأنما هو سوء سياسة قائمة على الغصب وانقطاع الصلة بين هيئة الحكم وجمهور الناس، وانعدام القانون او الدستور الذي يحدد العلاقة بين الحاكم والمحكوم وغياب المؤسسات المسئولة امام الشعب، وهذا ما نراه اليوم في دولة أمة العرب والمسلمين .

 

3

ان كل الطروحات السياسية الاسلامية عبر العصور لم تحقق بناء الدولة بالمفهوم العام، لخلوها من ألزامية مفاهيم السيادة والعدالة، وقد ورثت الدولة العربية هذه المفاهيم الخاطئة وسارت عليها فكان من نتيجتها الضعف والتدهور والسقوط ولنا في دول الربيع العربي مثالا اليوم .

 

لقد ثبت ان الفقه الاسلامي الدستوري فقه أستطرادي ليس له نظرية محددة تتناسب واهميتها التطبيقية، لذا فانها تحتاج الى رؤى عملية تدخل في نظام سلطة التشريع لتبتعد عن الافكار الطوبائية التي خلها الفقه المبني على الحدس والتخمين، ونظرية الضرورات تبيح المحظورات التي جاء بها فقهاء السلطة . لذا فأنا شخصيا أتوقع سقوط كل الدول في الوطن العربي التي أرتضت التشريع الناقص قانونا لها في التطبيق.

 

ان الخلافة الاسلامية ليست دولة ولا نظام حكم، أنها مبدأ مبتكر على اساس وحدة الامة، لم يكن بأستطاعتهم تحويله الى سلطة قانونية قابلة للتحقيق لعدم استشارة رأي الأمة في انتخاب الرئيس، وما سمي بالبيعة فما هو الا تدجيل كما في بيعة الامويين والعباسيين ومن جاء من بعدهم . بموجب مفهوم تحديد سلطة الدولة عن حقوق الناس، فظلت الخلافة الاموية خلافة مشيخة والعباسية خلافة بيت بعينه يحكم وفق سلطة التراث المقدس لأهل البيت وهم من أكثر اعدائه في التنفيذ، لذا عجزت عن التطبيق. بعد ان اهملت استيفاء الجانب الشرعي من تكوينها، لذا حرصت على ان تكون لها عماد شرعي في الحكم، هنا حاول البعض تلمس هذا الهدف من الفتوحات والجهاد كما عند الامويين، اوالانتساب الى الشجرة النبوية ليعطيها هذه الشرعية كما في الدولة المهدية والفاطمية والبويهية والخوارزمية. متناسين حقوق وواجبات الناس وما فرضه التشريع عليهم.فكانت تدعي الاسلام، وما هي في الحقيقة الا دول مغتصبة لحقوق الناس دون سند شرعي لها. فسقطت مثل الاخرين .

واليوم على منوالها الحكام الجدد سائرين.

ونتيجة لهذا التكوين غير الطبيعي لدول المسلمين الماضية كانت قوة الدولة كلها تعتمد على رجالها ومؤيديهم دون الحرص على ربط نفسها بالأمة والسماح لها بالمشاركة في الحكم او الحصول على احقية المنصب وفق القدرة والكفاءة، من هنا كان الفشل الذريع لدولهم في وقت كان بالامكان ان يصنعوا دولا قوية تناهض دول الأخرين. وما ابتكار الطائفية والمحاصصية في دولة العراق الجديد بعد 2003 الا لتأمين هذا الهدف اللاشرعي في حكم المواطنيين.

 

فأين الاختلاف على ما تعود عليه العرب في السابق واليوم ولا شيء. فألسياسة لها شروط، وللقادة في ادارة الدولة لهم شروط،، والدولة واستمرارها وتقدمها لها شروط، وكلها مفقودة في اغلب قيادات الحاكمين الجدد اليوم، فهل سندرك نحن هذه الشروط ونبتعد عن الخطأ؟ أم سنبقى نتقاتل على المادة 140 والمناطق المتنازع عليها، والدستور الناقص المبهم الذي لم يوضح بين الفدرالية والكونفدرالية، وانتخابات القوائم في التدليس، وحين شكلت قيادة دجلة العسكرية بقانون، كان الاعتراض عليها من قبل قادة اقليم الشمال، لكنهم لم يسألوا انفسهم كيف طوعوا القانون حين استولوا على معدات الجيش العراقي السابق، وأصبحوا يهددون به دون قانون.

 

لن تُحل مشاكل الوطن بأزاحة المالكي كما يحلوا لهم او يتصورون، فالطالباني والمالكي والنجيفي كلهم منتخبون بقانون واحد غير قابل للقسمة بين الناخبين، فأما بصفقة واحد يذهبون وأما بالقانون يرتضون؟.، فأنا لست مع المالكي او مسعود، لكن المادة (107 ) من الدستور تنص على ان (السياسة الخارجية وتوقيع المعاهدات والامن الوطني والقوات المسلحة من اختصاصات السلطة الاتحادية). بمعنى ان من حق القائد العام للقوات المسلحة ان يحرك القطعات العسكرية في كل محافظات العراق دون اعتراض من الاقاليم او المحافظات في حالات الضرورة، والضرورة واضحة الآن بعد ان أنفرد أقليم الشمال بصلاحيات الجيش والمعاهدات والزيارات الخارجية وتوقيع المعاهدات دون الرجوع للمركز، وقد أصبح رئيس أقليم الشمال وكأنه هو الرئيس الأساسي للعراق بلا منافس بعد أن اضمحل دور الطالباني المنزوي في العلاج والسليمانية دون اكتراث بالمركز والجماهير .

 

وبعد كل هذا تمكن الأكراد من نزع كل الصلاحيات الاخرى والتمتع بالمركز المالي على حساب المركز مستغلا الفوضى العارمة التي تنتابه جراء اختلاف الكيانات الهزيلة المصطنعة داخل الدولة وهرولة الضعاف نحو أربيل . فلا يجوز للاقليم التجاوز بهذه الصلاحيات، فهو أقليم فدرالي مرتبط بالمركز وليس اقليما كونفدراليا مستقلا عن المركز.، الا في حالة الانفصال او الاستقلال التام .وهنا تتجاوز سلطة اقليم كردستان على الدستورفلا بد من وضع حد لتجاوزاتها دون قانون، لكن المقاربات المصلحية السياسية بين المركز والقائمة العراقية والصدرية هي التي تبرز الحدث وكأن المالكي يتجاوز على الدستور.

 

نفس الاتهامات التي وجهت للمرحوم الفذ الزعيم عبد الكريم قاسم من الشماليين، وحين فقدناه بتدبير البعثيين المجرمين والاكراد الانفصاليين، وتجاوزات الشيوعيين على القانون والعرب المجاورين الطامعين بأرض الوطن . بقينا نندب حظنا متحسرين، لكن الندم لن ينفع النادمين على فراش الموت من الظالمين. فلن تتكرر علينا المآساة مرة اخرى ليأتي البعث وكل الطامعين.فعلى الشعب ان يدرك حقيقة المتأمرين، وعلى المالكي ان يدرك ان الاصلاح الفوري سيفوت الفرصة على كل المتجحفلين .

 

لاتحل هذه الاشكاليات المعقدة الا بأجراء تعديلات اساسية وجذرية في سياسة الحكم والأعتماد على المستشارين الذين يقدمون الاستشارة بعلم واخلاص للمسئولين وتقليص نفوذ الكيانات المتعددة التي زادت عن حاجة المواطنين، ونزع حصانة كل النواب الهاربين وقطع امتيازاتهم وفضحهم امام المواطنين، ليقتنع الشعب بشخصية الحاكم المتمسك بحكمهم دون تهويل والقيام بثقافة نشر الدستور .وتشكيل لجان المفاوضات مع الاخرين من الكفاءات المخلصة، اعتقد ان المالكي ليس غافلا في التغيير لأجراء تعديلات جذرية في طاقمة ومستشاريه الذين اصبحوا يعبثون بالقانون، دون اللجوء للمؤتمرات والتصريحات .هذه ظاهرة غير مشجعة في الاصلاح، فالعاطفة والمزاجية والاقاربية لا تصنع العدالة والقانون.فلا يجب التركيز على الولاية الثالثة له - ولتكن ولايات - لكن يجب التركيز على مرافقتها الاصلاح الحقيقي في اجهزة الدولة المراقبة والمنفذة حتى يقتنع الشعب ان المالكي يمكن الاعتماد عليه في التغيير، بعد ان وصل التغيير والتلاعب بالحقوق والفساد والسرقات وغمط حقوق المواطنين الوطنية وتدني الخدمات والامن وأهمال رأي المواطنين الى أعلى تقدير، متجاوزا كل الخطوط الحمراء والصفراء والسوداء في وطن العراقيين، فعليه فورا التغيير، لاخراج البلاد من محنتها الحالية بالاعتماد على المخلصين وتنظيف مكتبه وممثليه في الداخل والخارج من الملوثين المتلونين . فالشعب لا يهمه من يحكم بقدر اهتمامه من يكون صالحا وصادقا في تنفيذ القانون .

 

لذا يجب عليهم ان يتجاوزوا المعرفة الجزئية والفردية لنكتشف مواد الدستور والقانون الكلية والحقائق الشاملة التي بنيت عليها العملية السياسية للشعب حتى لا تبقى محصورة في روادها الذين مزقوها عمدا نتيجة جهل الجماهير بها، فلا بد من عودة الأمل الضائع لمواطن العراق الجديد، وتعديل الدستور وتغيير قانون الانتخابات ليتمكن الشعب من فرض رأيه على المتجاوزين، وبناء الوطن وفق مقاسات الدول الحضارية التي تتباهى اليوم ببنائها وعمرانها وقانونها ومساواة ابنائها وضرب كل المتجاوزين .

 

فهل سنسمع منهم جوابا مقنعا بتطبيق، بعد ان ضاعت حقوقنا دون قانون؟

 

 

تابعنا على الفيس بوك  وفي   تويتر

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2294 الثلاثاء 04 / 12 / 2012)

في المثقف اليوم