قضايا وآراء

عوالم الحكومة المهدوية .. وجهات نظر / صالح الطائي

ورفع درجة الحقد واللجوء إلى المهاترات وتحفيز الضغائن والعداوات، ومرة أخرى يتحول إلى بلسم يشفي جراح الروح ويطيب الخاطر ويضمد القروح، ويكون الكاتب والباحث والمتكلم عادة صاحب الحظ الأوفر والخيار الأوحد لنصرة أي من الخيارين؛ فهو إما أن يؤجج النار ويزيدها استعارا وانتشارا، وإما أن يحمل دلو ماء محاولا إطفاءها ووقف تهديدها وكبح جماح غضبها

وفي حياتنا العامة والخاصة قابلنا وتحدثنا وتحاورنا وتعاطينا مع حاملي المشروعين كلاهما، مشروع الخير والفضيلة والمحبة، ومشروع الشر والخيبة والرذيلة فوجدنا النفس تهفو إلى الخير وتأنف أن يتجلى لها الشر بأي صورة كان.

ووفق سياق الخير والمحبة انتهجت مبدأ اللاعنف واتبعت ثقافة التسامح والدعوة إلى القبول بالآخر من خلال كتبي وكتاباتي التي كان آخرها كتاب (عوالم الحكومة المهدوية، غزو الفضاء وفتح المجرات في عصر الظهور) واخترت المهدوية بالذات للحديث عنها نظرا لأننا نختلف بشأنها أكثر مما نأتلف ويحاول كل منا أن يجيرها لمصلحته الفئوية وحتى الخاصة بما يظهرها وكأنها محض تجربة من تلك التجارب الإصلاحية التي عاشتها الأمة فيما مضى وليس تجربة تجتمع فيها كل تجارب الأديان والأمم والثقافات والأفكار، ونتيجة هذا التجاذب المتحيز تحولت إما إلى كيان فاقد للتألق والجذب وقضية مشكوك بصحتها وصحة الأحاديث والروايات التي وردت بشأنها، وإما منطقة بالغة التقديس لا يجوز لأحد أن يقترب من حدودها. وبالتالي صار من الواجب على كل مخلص لدينه وعقيدته أن يجاهد من موقعه لتصحيح الفهم الخاطئ وتصليح مواطن الضعف وكشف المستور أمام النور. ووفق هذه الرؤى جاء هذا الكتاب.

جاءت فكرة هذا الكتاب بعد أن قرأت لأحد فرسان الخلاف قولا ادعى فيه أن المهدي المنتظر (ع) أعجز من أن يستطيع حكم بلد صغير فكيف يحقق شعار (يملأها عدلا وقسطا) ومضمون الشعار لم يتحقق لأحد البشر من قبل، ولم يتحقق لا للنبي (ص) ولا لعلي بن أبي طالب (ع) ولا لأحد من الأمة، وأن المهدي المزعوم لا يمكن أن يحقق مضمون الشعار إلا إذا تحول العالم كله إلى مجرد قرية صغيرة تضم بضعة بيوت ومجموعة أفراد يشكلون مجتمعا يمثل كل ما بقي من شعوب الأرض!

705-tai

مثل هذا القول القاسي يمثل أكثر من مجازفة واكبر من تحد لأحاديث نبوية متفق على صحتها، فضلا يجرح مشاعر ملايين البشر الذين يتوقون إلى ظهور المنتظر ورؤيته وإتباعه ونصرته، وهو إضافة إلى عن كونه يمثل تحديا لعقيدتهم وتهوينا لمبادئ تعبدهم يجعلهم مستفزين قلقين ثائرين، كلهم حقد وغضب لا يطفئه إلا رد الإهانة إلى صاحبها، وهنا يحدث الأخذ والرد وتقع المهاترات وتحدث النزاعات وتتغذى العداوات وتنكمش العلاقة بين الفئات وتتقوى التحزبات فيصبح المجتمع عرضة إلى كافة أنواع المصائب والويلات.

كتاب عوالم الحكومة المهدوية جاء للرد الجميل على المتطرفين من كلا الجانبين المتنازعين ليثبت لهما أنهما على خطأ كبير، وأن المهدي (ع) ليس خرافة ولا منحازا إلى فئة دون غيرها،وليثبت للعالم كله أن المهدي المنتظر (ع) وعد إلهي مدخر لتحطيم أعمدة الشر السبعة في العالم كله وتحويل الإنسان المسلم الذي يبدو اليوم وبأكثر من مكان من العالم في أضعف حالاته، مهزوزا مهزوما مأزوما محاصرا مطاردا، إلى سوبر إنسان موكول إليه أن يقود العالم كله بأرضه وسماواته ومجراته ومجاهله التي لم يطلع عليها أحد من الناس وفق رؤى عقيدته التي تنتظر تحقيق شعار (ليظهره على الدين كله).

صدر الكتاب عن دار العارف للمطبوعات في بيروت بجزئين في مجلد واحد بطباعة أنيقة وإخراج جميل، وبتقديم بقلم الأستاذ الدكتور عبد الزهرة زبون الأستاذ في الجامعة المستنصرية/ كلية التربية.

ونظرا لكونه أول كتاب ديني يناقش العلاقة بين السكان الأرضيين والسكان الكونيين ويتناول قضية حكم الكون بأرضه ومجراته في عصر الظهور من قبل حكومة إسلامية يقودها الإمام المهدي (ع) وهو موضوع لم يتناوله أحد من الباحثين من قبل بالدرس والبحث فقد ارتأينا أن نطبعه بعدد محدود من النسخ على أمل إعادة طبعه في المستقبل القريب بعد أن نستقريء الآراء فيه ومدى تقبله وتأثيره. ومن الله التوفيق  

 

تابعنا على الفيس بوك  وفي   تويتر

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2300 الأثنين 10 / 12 / 2012)


في المثقف اليوم