قضايا وآراء

حسين نعمة...نحبك..فأصدق قليلا !!!

فحسين نعمة (الانسان) لم يستفد من دروس الحياة شيئا، ولم يحسن تدريب ذاكرته على الإحتفاظ بالجميل بل درّسها على عدم الوفاء وطعن الآخرين وتناسي الأفضال وعدم الأخذ بنظر الإعتبار إن للناس ذاكرة وعيون وآذان !

وكم، كنت،حريصا على عدم التطرق لموضوعة حسين نعمة (الانسان) مرة ثانية، والإكتفاء بما نشرته قبل أعوام حول الموضوع نفسه، غير إن الامور جاءت على عكس هواي، بعد

أن شاهدت برنامجا، لقناة " الحرة" عن سيرته ومسيرته والذي اعيد بثه على غير العادة،ست مرات خلال اربعة أيام (15ــ18) الشهر الحالي وكأنه يقول للمشاهدين : إنظروا، كم، إن حسين نعمة (الانسان) جاحد بحقوق الأخرين وناكر لجميلهم عليه!

فلم يشر" على سبيل المثال " الى الشاعر قيس لفته مراد الذي إحتضنه أبان غربته النفسية المعروفة وجعله يشاركه غرفته المتواضعة في الزقاق الخلفي لسينما " السندباد" ببغداد وكان يعمل المستحيل لتوفير لقمة العيش له ولـ(ضيفه) حسين نعمة وكنت والصحفي " اموري الرماحي" والفنان " سامي قفطان"

من الذين يقصدهم لتوفير إحتياجاته من الضيافة!

ومرّ مرورا سريعا في حديثه عن الفنانين الاخرين في لهجة علو،مستهجنة، وكأنه أستاذ في أصول الغناء وليس مؤديا جميل الصوت فقط، غامزا من قناة الرائد الكبير

" ناصر حكيم" ومطالبا الفنان " فاضل عواد " بالكف عن الغناء لإن صوته (تعب) و سيتا هوكوبيان " ضيّعت نفسها" وكوكب حمزة "عديم الوفاء" و..و..وكاظم الساهر يتمتع بانسانية وذكي باختياره لرجل اعمال كفّ كان السبب في شهرته ولم يشر الى إمكانات الساهر الصوتية والتلحينية!.

أقول، شاهدت البرنامج المذكور، وإذا بيّ أسرع الى قلمي لأسطر مايمليه عليّ ضميري في كشف صفحات لاحظت إن السيد حسين نعمة يرغب في إغفالها عن عمد في كل لقاء..

إن هذا الرجل يطرح نفسه وكأنه ولد ليكون مشهورا .. وإنه إستحق شهرته على أساس رباني ولم يكن لأحد فضل في ظهوره للناس لكن العاملين القدماء في الصحافة والاذاعة والتلفزيون، يعرفون حق المعرفة إن الملكة الصوتية الرائعة التي يمتلكها حسين نعمة كانت مرشحة لتسكن عالم النسيان والطمر النهائي وفي احسن الظروف البقاء حبيسة دائرتها الضيقة في مدينة الناصرية، لولا وجود من

مدّ اليد، ليطلق هذا الصوت الى الجمهور الذي إستحسنه وأحبه....فكم من خامة صوتية،حلوة، ظلت تدور وتدور في مكانها حتى غلبها النعاس والدوّار، فاطيح بها.. وبنظرة بسيطة في رفوف الأغاني التي تحتويها مكتبة الاذاعة يمكن للمرْ من خلالها أن يجد اصواتا عذبة لم تجد من سعى، لتقديمها بشكل مناسب.. فتاهت في زحام الإيام وإنتهت الى نقطة الصفر، تشكو حالها وتذرف الدموع لغبن الظروف!!

وأعود الى حسين نعمة (المطرب) صاحب الصوت الشجي، فاقول

هل هناك من يعترض على قولي إن سبب نجاحه وشهرته كانت اغنية " يانجمة" .. وربما سيتفاجأ البعض من القراء إن هذه الاغنية بقيت صريعة النسيان لإكثر من ستة اشهر قبل أن تذاع بسبب توصية اللجنة الفنية التي إستمعت إليها بعد تسجيلها وأوصت بعدم إذاعتها .. وللامانة أقول إن اللجنة المذكورة لم تحدد نقاط الضعف الفني للاغنية (وقد إطلعت، حينها على توصية اللجنة) لكن ذلك القرار أخذ مفعوله، ونفذ في الاغنية الرضيعة حكم الاعدام !

وتم إبلاغ حسين نعمة بذلك عن طريق مؤلفها الشاعر كاظم الركابي فاصيب بخيبة امل كبيرة، ولن، أنسى، ردة، فعل الشاعر"الركابي " الرجل النبيل الذي يحمل قلب طفل، على قرار اللجنة .. لقد حزن، حزنا كبيرا لأن (يانجمة) كانت قلبه النابض !!

وبمرور الوقت لملم الركابي، حزنه، فكتب أغنيات وقصائد اخرى ... كان الركابي زميلي في إذاعة " القوات المسلحة" معدا لبرنامج (الشعر الشعبي) مع عبد الجبار كاظم وسليمة خضير وجودت التميمي وأنا أشرف على إعداد البرنامج الصحفي " شريط الصحافة" اليومي.

وليسمح لي القارىّ أن أتركه مع ما نشرته في جريدة " الافق " البغدادية في عددها (61) وبتاريخ (30/8/2004) في عمودي اليومي " فم مفتوح.... فم مغلق " .. فالمادة المذكورة جاءت في أعقاب ماعرضته قناة " الشرقية "من لقاء مع حسين نعمة(الانسان) في عام 2004.. كان في ذلك اللقاء مثلما كان في اللقاء الاخير... ذاكرة مثقوبة، حبلى في تصورات (الأنا) ومليئة في المغالطات..

قلت في ذلك العمود الصحفي و تحت عنوان " حسين نعمة يتناسى الحقائق!!" ما نصه :

] في العام 1969 كنا،ثلة من الصحفيين نعمل في اذاعة القوات المسلحة،وفي يوم ما،كنت جالسا في (كافتريا الاذاعة) ارتشف شايا من يد " ابو شوقي" الذي ظل ملازما عمله في تلك الكافتريا طيلة اربعين عاما.. فجاءني صديقي الشاعر " كاظم الركابي" وبيده نص لقصيدة شعبية اسمها (يانجمة) كتبها بلغة آخاذة وبمفردات جزلى، أسمعني إياها، وأردف بأن لديه صديقا يعكف على تلحينها هو " كوكب حمزة" ...ومرت الحكاية هكذا حتى طواها النسيان !

لكن، بعد أسابيع، علمت إن نص الاغنية قد اجيز من قبل لجنة قراءة النصوص في الاذاعة وإن كوكب حمزة إنتهى من تلحينها وأعطاها الى مطرب حديث العهد إسمه " حسين نعمة" كان قد إجتاز مرحلة الاختبار ... وسجل الاغنية داخل استوديو الاذاعة.

الفرح كان كبيرا لدى الثلاثي : حسين نعمة لكونها اول اغنية يسجلها بصوته بشكل رسمي وكوكب حمزة ملحنها وكاظم الركابي، شاعرها، لشعورهما بلذة الانجاز المتميز.. غير إن الفرحة لم تكتمل، فقد رُفضت هذه الاغنية وتقرر عدم إذاعتها، فتم ركنها في مكتبة الإذاعة التي كان يشرف عليها الاذاعي المعروف عدنان المدرس" الشهير بأعداده برنامج (من الاغاني الغربية).. فدب اليأسٍ في نفوس المبدعين الثلاثة!!

 ******

وبطيش الشباب، او بحمية الشباب،سمّها ما شئت، إندفعت من قبل صديقي: الشاعر الركابي " رحمه الله " الى الدخول الى الاستاذ محمد سعيد الصحاف، وكان وقتها مشرفا على اذاعة القوات المسلحة الى جانب مهام مديرية الاذاعة والتلفزيون..راجيا منه الموافقة على اذاعة مقا طع من اغنية (يانجمة) ضمن احد برامج الاذاعة، خصوصا ان اذاعة القوات المسلحة، لم يكن لها ارتباط رسمي بدائرة الاذاعة والتلفزيون... فحصلت على موافقة الرجل وسط إستغرابه من إلحاحي!

وأتذكر إن صديقي عدنان الجبوري، الطباعي المعروف،كان من ضمن العاملين في الاذاعة ويعد برنامجا إسمه (افراح) مختص بتقديم التهاني بين المستمعين، فعرضت عليه تقديم اغنية " يانجمة"

لقناعتي بها وتحقيقا لرغبة صديقي الركابي، وقدمت الاغنية عصرا بعد أن أقنعت المسؤول الخافر في المكتبة بأنني ارغب بسماعها بصورة شخصية...ولم تمض فترة قصيرة على اذاعتها، حتى تعلق بها الجمهور بشكل عجيب.. فانهالت على الاذاعة طلبات لإعادتها.

وفي يوم واحد، قدمت اغنية " يانجمة" 15 مرة، رغم تألق اغنية

" لاخبر" لفاضل عواد، التي غطت على جميع الاغاني!

وخلال يومين فقط، بدأت إذاعات الخليج العربي،باعادة بثها وكذلك " ارغمت" اذاعة بغداد، تحت الحاح طلبات المستمعين على رفع الحظر عنها ... وفي ليلة وضحاها اصبح حسين نعمة ..نجم النجوم..

اليس كذلك ياحسين نعمة؟ وهل تتوقع أن يكون لك شانا اذا ما، بقيت اغنيتك مركونة على رفوف الاذاعة؟ او إنها مٌسحت... لماذا إنكار من وضعوك في دائرة الضوء؟

إن سطوري هذه موجهة الى كل من ينسى دور من فتح له باب الضياء .. فالشهرة لاتأتي وحدها دون أن يكون لها مفتاح .. فليس من الاصول أن ننسى هذا المفتاح ؟[

 ******

إنتهى المقال المشور في العام 2004 فهل سيرمم حسين نعمة (الانسان) ذاكرته ويعيد ترتيبها ويترك عادة تناسي الحقائق .. آمل ذلك وسأكون اول المصفقين!!!

 

[email protected]

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1234 الجمعة 20/11/2009)

 

 

 

 

 

 

في المثقف اليوم