قضايا وآراء

(البراني)* لماذا لا يزال يأكل خبزنا؟؟؟

fatimaalzahraa bolaarasتعودنا نحن الجزائريين بعض العادات والتقاليد التي تعود علينا بنتائج سلبية وبخسائر كبيرة ومع ذلك لم نتخلص منها ونُصِر على أنها صحيحة وأن من يخالفنا هو المخطئ

صحيح أن قِرى الضّيف من صميم عاداتنا وتقاليدنا وهو خلق كريم حث عليه الإسلام ولكن هل يعتبر الضيف ضيفا وهو ملازم بيتك لا يغادره مستغلا طيبتك التي يعتبرها  سذاجة؟؟؟

هل من الأخلاق أن نستلف ونقترض لإطعام الضيف الذي قد لا يكون ضيفا بل ضيوفا ..؟؟؟.ولماذا نتفاخر بكوننا كرماء أمام بعض اللؤماء ألم نعرف بعد أنه إذا أنت أكرمت اللئيم  تمرد؟؟

 وما هو المنطق الجديد الذي ينبغي علينا اتباعه في معاملة الضيوف كأفراد؟؟ وهل من حقنا أن نتدخل في نوعية الضيوف الذين يزورون بيوتنا؟؟؟

 .. والأهم من ذلك هل من حقنا أن نتدخل في نوعية الضيوف الذين يزورون بلدنا ؟؟ .. أولئك الضيوف الذين تصرف عليهم دولتنا الموقرة من خزينة الشعب  تستضيفهم في الفنادق الفخمة وتطعمهم في مطاعمها الراقية ثم تستعرضهم على شاشتها فقط ليقولوا للشعب المنهك بالمشاكل واللهث وراء الخبز شكرا أيها الشعب الجزائري العظيم؟؟ .. وأية عظمة في أن ننفق على الآخرين بسخاء في حين ألا أحد يعيرنا اهتماما إذا جد الجد ..

.نحن نختلق المناسبات ونأتي بالضيوف من الشرق والغرب ونطبل ونزمر وفي النهاية ننهض على خيبات مريرة ونكران مبين ..

تذكروا معي الأسماء التي دعيت إلى المهرحانات المختلفة في بلدنا واسألوهم من منكم يذكر الجزائر؟؟ولا أقول (بخير)

في كل بلاد الدنيا المصالح تكون متبادلة ماعدا في بلدي .. المسئولون يتجاوزون عن أخطاء الآخرين في حق بلدنا بمثالية مبالغ فيها  ويرتفعون حيث لا يجب ويتعالون حيث لا يلزم .. ويتسامحون مع (البراني) ولكن أبدا لا يفعلون ذلك مع بعضهم البعض

هناك مثل شعبي يقول (ما تخرج الصدقة حتى يشبعو موالين الدار) فليس من المنطق أن نحتفي بالآخرين ونكرمهم في حين نهمل أنفسنا وكأن بلدنا خال من أي إبداع أو تميز؟؟

في كل المناسبات والمهرجانات توجه الدعوات إلى أسماء(نكرة) في بلدانهم وأحيانا من الدرجة الثالثة أو الأخيرة رغم أنني لا أومن بهذه التصنيفات التي غالبا ما تقوم على أساس المصالح والعلاقات وليس على أساس التميز وقبل سنوات استقدم القائمون على الثقافة سيدة لم تكتب حرفا واحدا وإنما فقط لأن أباها كان شاعرا وقس على هذا المنوال ..

(أدباء وأديبات) أخريات استقدموا للجزائر وقٌدموا كنجوم دون أن يكونوا قد قدموا شيئا يليق بهذا التكريم الذي توزعه دولتنا على هؤلاء بسخاء( كما نوزع الحلوى على الأطفال) بعد موضة التكريمات التي انتشرت في الآونة الأخيرة وتفشت في كل القطاعات .. وبعد أن كان التكريم معنويا يرفع من(معنويات) المكرَّم ويشجعه في ميدان إبداعه  .. أصبحت التكريمات عبارة عن أشياء مادية تافهة فبعد المحافظ والحافظات جاء دور اللوحات وأطقم القهوة والشاي (الرخيصة) وفي أحسن الأحوال أجهزة (المطبخ) الكهربائية(هذا بالنسبة لأهل البيت فقط أما الآخرون فإنهم يغدقون عليهم بحساب وبلا حساب)

والأدهى والأمر من ذلك أن اختيار المكرمين (جزافيا) ولا يعبر  عن أي معنى سام أو شريف ..

إن الخواء و(الهواء) هو ما نتكئ عليه والسقوط في هوة أردى ليس بعيدا إذا لم نتدارك أمرنا جميعا ونفكر قليلا في بلدنا المسكين الذي ينام على ثروة ويصبح ويمسي على (كارثة)

إن أموال ا(الفساد) هي المسيطرة على الوضع والذي يكسب أمواله بطرق غير مشروعة لا يهمه في أي الأبواب تنفق؟؟ مادامت مصالحه تحقق .. والمصالح هي غالبا مادية وتافهة ولكن الكل على أبوابها يتزاحمون .. أما الذي يعترض أو يرفع قلمه فالإقصاء مصيره والتهميش حصيره هذا إن لم يكن التشهير والفضائح؟؟؟ وعندنا أمثلة كثيرة من الواقع انتصر فيها( الباطل) على الحق والضلالة على الهدى أمام أعيننا المبهورة وأفئدتنا المملوءة بالحسرة والهواء

هناك أسباب كثيرة لأزمات الأوطان يجتهد الاجتماعيون في تحليلها ودراستها ولكن أزمة بلدنا لا تحتاج إلى كثير من التعمق وهي أبسط مما نتصور وتتلخص في وضع المسئول غير المناسب وغير الكفء في مكان القرار و(المال) وهذا المسئول(غير المسئول) يجتهد في الحفاظ على منصبه الذي يعرف تماما أنه لا يستحقه ولا يملأه ومن ثم يجتهد في الحفاظ عليه بإنفاق ما لا يملك لمن(يدعم ويبقيه في منصبه مدة أطول)وهكذا تقوم كل العلاقات على المصالح المادية حتى إذا ما انتهت  انتهى المسئول وجاء آخر يبدأ من حيث انتهى سابقه(متسولا) عند أصحاب القرار (مبغوضا) عند الأمة (مطرودا) عند الأزمة .. والغريب في الأمر أن من كان يصفق له  هو أول من يخرج  للناس(أسراره) و(أخباره) حتى ليكاد يحمله كل أزمات الوطن و العالم بما فيها مشكلة فلسطين وثقب الأوزون؟؟؟؟

الجزائر بلد جميل وغني وفيه شباب فطِنٌ  طموح لكن أحلامه(ربطت) عند (بئر معطلة) و(قصر مشيد) بالفساد يعمل بعض المتداولين على(دلوِها الأسود) ياستنزافها وبعثرتها في مشاريع بعضها فاشل وبعضها وهمي والآخر(لا أعرف كلمة أخرى تصنفه)

إن الدولة(تسخر من المواطنين) بالكذب تارة وبالجهل أخرى بالتجاهل ثالثة ولازال المواطن الجزائري يُصفع يوميا وهو يقرأ عن أموال بلده تنهب وعن خيراتها توزع دون أدنى اعتبار لهمومه .. وأحلامه التي نحرتها  الأنانية وسلخها الجهل وقضت عليها الفوضى واللامسئولية

لا ننكر أن هناك بعض الجهود التي تحاول إنقاذ السفينة ولكن الثقوب التي تملأ جوانبها جعلتها من الاهتراء أن لا بد من أخرى سليمة تنطلق بأحلام أبنائنا بعيدا وتنقدهم من ذل(ما قبل التشغيل)وسقوط( ما بعد المسئولية)

لا أرى شخصيا أية فائدة في سياسة(الفهامة الزائدة) التي يمارسها المسئولون ومظاهر (المن على المواطن) التي يمارسونها وكأنهم ينفقون عليه من بيت أبيهم حتى إذا لم يكن عند حسن ظنهم السئ استقدموا آخر (براني) ليأكل خبزهم و يصفق لجهلهم وغرورهم ..

ليفهم المسئولون جميعا أن زمن استغباء الشعوب قد ولى وأن النخبة (التي ربما يعتقدون أنهم منها) أصبحت كذبة وندبة كبيرة (ميتها فأر حقير)

إن الأمور في بلدنا تعقدت وتشابكت و(طلعْ خزْها علْ ماها) ..  ومع ذلك فالشباب واع  ومحتفظ بكثير من الصبر من أجل حفظ الأمن الذي استرجعه بالدماء والدموع .. وإذا كان المسئولون يعتقدون أننا بخير وأننا بعيدون عن خطر(الربيع العربي؟؟؟) فهم مخطئون لأنهم يعرفون جيدا أن الجزائريين قد يبتدعون فصلا خامسا يفاجئون به العالم وهم المعروفون بمغامرتهم التي لا تخطر على بال منذ فجر التاريخ(وما حدث في التسعينات ليس بعيدا بعد عن الأذهان)وإذا تكرر(لا قدر الله) فارقب الزوال والجرة لم تسلم بعد من الصدع ولن تسلم من التكسير لا مرتين ولا حتى مرة واحدة

لا يسلم البلد الكريم من الأذى حتى يبتعد مسئولوه عن ثلاث

الكذب على المواطن واستغبائه

التبذير وإهدار ثروات بلاده

تحقيره وإذلاله  .. وربما تكون هذه الثالثة هي الأولى بالنسبة للأهمية ..

إننا شعبٌ اجترع المرار من أجل العيش الكريم فكيف تحول بعض أفراده إلى هذه السلوكات المنحرفة التي تكاد تذهب بسمعته وسمعة أمجاد ثورته .. وما لذي يجب علينا فعله لكي نوقف هذا المد(اللاأخلاقي) الذي عم مجتمعنا  .. هل نقول مع المثل الشعبي(العصا تتعوج من فوق) ومن هو هذا الفوق؟؟؟ أليس هو ذلك (التحت) الذي ارتقى فأبهرته السلطة والمال وما عاد يستطيع الفطام؟؟ ..

ومن هو ذلك الأمير الذي يدعي أن له الحق في امتلاك هذه  البلاد .. إنها ملك الثورة والكفاح المرير لشعب بأكمله وأجيال متلاحقة تتوارث فيما تتوارث حب هذا الوطن ومعه مؤخرا كثيرا من الحيرة والتساؤل .. من المسئول عما آل إليه وضع بلادنا .. بلادنا التي تعج بالثروة وتضج بالفقر  .. تمتلئ بالشباب وتفتقر إلى القوة .. تتسع لكأنها القارة مساحة وتضيق وكأنها القفص إغلاقا

شبابها يهاجر  .. بحرق (من الحرقة) .. ينتحر .. يخرب .. يدمر ..

شيوخها .. يتحسرون ..  يأسفون .. يموتون غما وكمدا

نساؤها .. تختفي منهن الحرائر خوفا مما تفعله (الشواكر)

أطفاله  .. يُختطفون .. يُجنّدون ..   يُهملون ..

فما الذي بقي من الوطن غير ذلك الماضي الذي بدأ البعض بتلويثه بالشك والظنون؟؟؟

أنا أعرف أنه قد لا يقرأ المعنيون ما كتبته وإذا قرأوا قد لا يفهمون وإذا فهموا استخفوا وقالوا (دزي معاهم) أو قالو (القافلة تسير والكلاب تنبح) .. وفي جميع الأحوال سأقول أفيقوا هداكم الله فإن عهد القوافل انتهى والناس أصبحوا يسافرون بالطائرات حتى بين المدن الداخلية في الوطن الواحد وإذا لم تتداركوا الأمور فلا تلوموا عواقبها الوخيمة خاصة عندما تعرفون وأعرف أن رسائل على الفيسبوك أشعلت حروبا لا ندري نهايتها وأن التعتيم والشعارات ما عادت تجدي فتيلا واحرصوا على (خبزنا) ولا تأكّلوه (للبراني) أما اللّحم والفاكهة فإننا على يقين أنكم لن تؤثرونا بهما على أنفسكم ولو كانت بنا خصاصة .. ويكفي أن تقوا بها شح أنفسكم (في عيد الأضحى) ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون

 

فاطمة الزهراء بولعراس

..................

توضيح

*البرّاني هو الأجنبي والعنوان مأخوذ من المثل الشعبي القائل

(خبز الدار يأكلوه البرانية)

في المثقف اليوم