قضايا وآراء

ماذا قدم ألمجلس الاعلى الاسلامي لشعبنا غير مزايدات على الوطنية؟

أن ظروف الارهاب والحيرة والقنوط الرهيبة التي يعيشها شعبنا اليوم، تتيح فرصا مثالية لبعض الساسة العراقيين كتلك التي يمارسها السيد رئيس المجلس الأعلى الإسلامي بالذات، ممن يعيشون جوعا لامتناهيا  من اجل السلطة والجاه، ويتصورون أنه بالامكان ادارة حراكهم من خلال التركيز، بهذا القدر الكبير من التوق والغرام البائس من التصريحات المضجرة والبحث عن كل مناسبة ليقوم السيد عمارالحكيم بمزايدات حول قضية "الوطن والوطنية وخدمة الشعب" أوالقاء محاضرات "تثقيفية وتنويرية" لا تغني ولا تسمن من جوع، وكأن شعبنا قد وصل ويعيش اعلى مستويات الرقي والاستقرار السياسي ولم يبقى امامه سوى ان يستمع للسيد عمار الحكيم كيف ينفث في النفوس ابعاد ثقافته التنويرية هذه، وفي أية مناسبة، للوقوف امام الكامرات للتصريح عن الوطنية والمواطنة والدعوة الى التصالح السياسي، وتجاهل الحقائق القائمة في العملية السياسية وتداعياتها!!

ومع ادراكنا ان الصلح السياسي بين الاطراف المتنازعة هو دائما الهدف الاسمى من اجل الاستقرار السياسي والانصراف الى البناء والاعمار، لكن المشكلة القائمة بين الكتل السياسية، ليست بسبب اختلاف في وجهات النظر. المشكلة الكبرى هي صراع بين نظام جديد ضد فئات سياسية تعمل باجندات خارجية لتقويض النظام والعودة الى ماضي الطغيان والاستعباد .

فلقد ورد في الاخبار هذا اليوم، أن دعا رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، السيد عمار الحكيم، "مساء امس الاربعاء، خلال كلمته في الملتقى الثقافي الأسبوعي، القوى والشخصيات السياسية التي ستوقع على ميثاق الشرف الوطني الى ان يكونوا صادقين مع أنفسهم وجمهورهم وان يكون توقيعهم ناتج عن قناعة راسخة ان لا بديل عن العمل المشترك والجلوس على طاولة الحوار لحل الإشكاليات، مشددا على ضرورة تحمل الموقعين لمسؤولياتهم التاريخية والاخلاقية لكل خطوة يخطونها وكل اتفاقية يوقعون عليها، عادا اجتماع القادة وتوقيعهم على وثيقة شرف خطوة تصب في مسار الابتعاد عن التشنج والتقاطع وتساعد على العمل بمبدأ تجميد الازمات الذي دعا اليه في وقت سابق، مجددا دعمه لكل خطوة في هذا الاتجاه ومن اي جهة تصدر."

وسؤالنا لكم هنا يا سيد عمار الحكيم والى السيد خضير الخزاعي هو: هل تعتقدون ان السبب في تقاطعات هذه الكتل السياسية بين بعضها البعض ناتج عن اختلاف في وجهات النظر؟ أو تعتقدون أن مصائب الارهاب الذي يذبح شعبنا ناتج عن عدم جلوسها على طاولة الحوار لحل الاشكاليات؟؟؟!!! ألا تعتقدون ان النزاع القائم سببه أن بعضا من هذه الكتل متهمة بولائاتها لانظمة السعودية وقطر وتركيا، وان لا بديل لاهدافها إلا في اسقاط النظام الجديد؟ وأنها لو جلست أو وقعت على الف من التعهدات، فان ذلك ليس سوى حبر على ورق وانها لا تعبئ بذلك ؟  وان أهدافها هذه المرة في هذا الاجتماع هو من اجل الدعاية للانتخابات القائمة ؟ فهل فاتكم هذا، أم ان هدفكم في الواقع هو من اجل ان يقال عنكم في الاعلام أنها كانت (مبادرتكم) ...  وأن كل شيئ اخر لا يهمكم سوى النجاح باي ثمن لجمعهم سوية تحت دعوتكم انتم لهم؟ فهذا الاجتماع بنظرنا لا يختلف عن اي وليمة للافطار في شهر رمضان أو مناسبة اخرى، لانه لا يعني شيئا لالتزام هذه الكتل ابدا، فلا تعطونه بعدا لا يستحقه، فهو لقاء من اجل الدعاية ولا علاقة له باي خير لشعبنا.   

كما ورد أيضا، "أن وثيقة الشرف تتضمن عدة بنود على رأسها حرمة الدم العراقي والحفاظ على الهوية الوطنية ونبذ الإرهاب والتطرف"

أليس هذا اعترافا ضمنيا عن ادراككم ان هذه الكتل تساهم فعلا في سفك الدم العراقي وتساهم في تمزيق الهوية الوطنية وتمارس الارهاب؟ إذن، من يضمن التزام هؤلاء بهذه البنود، وخصوصا بعد ان اثبتت هذه الكتل انها لم تلتزم بالقسم بكتاب الله العظيم، والذي كان عليها ترديده عند انتخابها، ولكنها حنثت به، فأين هذا الشرف لديهم والذي تعولون عليه وتعتقدونه كاف لمسكهم من شواربهم؟

أن السيد عمار الحكيم ينسى، انه وهذا الاعلام العراقي البائس يعيشان نفس المشكلة . فهذا الاعلام يعيش لهفة الترقب من اجل تقديم كل خاوي ورخيص وسطحي لشعب يعيش نكبته بصمت وغضب، ولم يعد ليبالي بأي شيئ أخر اكثر من بقائه حيا لذلك اليوم الذي يعيشه . كما وأن، هوس هذه المزايدات من اجل الوطنية من قبل السيد عمار الحكيم، هي امرا لا نعتقده نزيها، بل استفزازيا لان هدفه هو دعاية انتخابية مقبلة لا أكثر ولا أقل. وان مزايدات كهذه، لاتزيد شعبنا سوى حنقا عليه لان السيد عمار الحكيم يمعن في اهانة ذكاء هذه الجماهير العراقية، ولا يريد ان يفهم ان شعبنا (مفتح باللبن) . وأن على السيد عمار الحكيم أن لا يتوهم أنه ومجلسه الاسلامي الاعلى، قد امسكوا باطراف (اللعبة السياسية) واستحوذوا عليها ووضوعها في "جيوبهم" وأدركوا من "اين تؤكل الكتف"، فضمنوا فوزهم في الانتخابات القادمة. لأنهم في الحقيقة، لايدركوا أن سعيهم هذا هو مسعى ذاتيا فقط ومن اجل السلطة، وان هذا السعي غير النزيه لا يجعلهم سوى اكثر بعدا عن شعبنا .

فمن يريد تقديم خدمة لهذا الشعب وتحت هذه الظروف المريرة، ان يتعاون مع السلطات لدحر الارهاب أوتوفير الخدمات والقضاء على الفساد الاداري، وهذه لا تتأتى من خلال التصريحات المطنبة في الوطنية . فليس صعبا على اي عراقي مهما كانت عقيدته او انتمائه، من التحدث للناس واطلاق التصريحات، ولكن هل انه يستطيع بذلك من توفير الكهرباء الى بيوت العراقيين مثلا؟ أو من خلال حضور الاجتماعات  للتوقيع على "ميثاق الشرف" هذا؟ فمن وقع على مثل هذا الميثاق، ليس بالضرورة انه يمتلك شرفا. وخصوصا بعد ما ادرك شعبنا ان معانته لا يزال اساسها قائما على مواقف وافعال هذه الكتل السياسية نفسها، سواءا من خلال دعمها الارهاب، او في احسن حالاتها، لجوء بعضها للوقوف مع اكثر الكتل عداءا لشعبنا من اجل المصالح الشخصية والفؤوية. كما وأن من قاموا بالتوقيع على هذا الميثاق الشرفي، قد منحوا أنفسهم وكتلهم نوعا من (حصانة) لان شعبنا لم ينسى بعد، ان هؤلاء متهمون بالعمالة وان الحكومة لا تريد فضحهم لسبب ما!

أن الوطنية الحقيقية يا سيد عمار الحكيم ليس باستغفال الاخرين، ولا في البحث عن فرص من اجل (التقييم الذاتي). وطالما كنت يا سيدنا، تحاول الفوز بلقب الوطني الكبير، قل لنا ماذا كانت انجازات كتلة المجلس الاعلى السياسي خلال هذه الدورة؟ وما الذي فعلتموه من اجل شعبنا لنفتخر بكم وبمواقفكم ؟ وهل قمتم بترجمة هذه التصريحات الطنانة الى منجزات من اجل خدمة شعبنا عمليا بمشروع اجتماعي او انساني ما؟  

فمبادئ الوطنية والنزاهة والشرف تفرض نفسها فرضا على المجتمع حينما لا تكون اهدافها انانية وسلبية . وأن السياسي العراقي اليوم مطالب باعمال وافعال لكي ينفض عن نفسه الشبهات او الظنون ويبرئ نفسه من الانتماءات اللاوطنية من خلال شفافية اهداف الحراك السياسي للعملية السياسية والذود عن شعبنا وتوفير البرامج الاجتماعية لاطعام فقرائه وايتامه وارامله ومعوقيه وايجاد حلولا لمشاكل تخص وجوده او عدمه.  ولن يتم ذلك من خلال زيارات مريبة الى قطر او السعودية او تركيا في وقت تشير الدلائل والبراهين على دعمهم للارهاب على شعبنا وتصفيته كما تفعلون ويفعل هؤلاء الساسة المارقون.

وان كانت التصريحات من قبلكم تجدون فيها متنفسا للواعجكم المتفانية من اجل حب الظهور، فان ذلك سببا كبيرا في عدم التوافق معكم  أوقربكم من قلوب شعبنا، بسبب أن شعبنا قد ادرك تماما من المخلص ومن المخاتل ومن له اهداف ودوافع لا ترقى الى مستوى الخدمة المؤمولة من اجل شعبنا، فكيف يمكن ان نساوي بين الوطني والخائن؟     

وختاما، يا سيد عمار، نحن لا نريد مخاصمتكم او مخاصمة غيركم، اننا هنا فقط نرجوا ان تكفوا عن التصريحات وتعملوا بهدوء من اجل مرضات الله وشعبنا ...لكي لا يتم اتهامكم بالمزايدات التي شبع شعبنا منها ولم نخرج بنتيجة مفيدة.

بسمه تعالى : (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون)  .

 

9/ 19/ 2013

 

في المثقف اليوم