قضايا وآراء

بين موقفين

amira-albaldawiقبل بضعة ايام تزامن حصول حدثين متشابهين نوعما بالأطراف وطبيعة الحدث مع اختلاف بالنتائج والحلول التي صاحبتهما كاشفا عن حالة يمكن وصفها بأختبار للشخصية العراقية والوضع العراقي في الخارج

الحدث الاول : تعرض المدرسة العراقية في روسيا يوم الجمعة الماضي لأقتحام من قوات (غير رسمية) تابعة الى عضو في البرلمان الروسي (الدوما) فلاديمير جيرنوفسكي بحجة ادعاء ابنه ملكيته لمبنى المدرسة واحتجزت بداخلها عددًا من الدبلوماسيين العراقيين ومنع دخول وخروج اي شخص منها واستمر الاقتحام والمحاصرة الى يوم الاثنين وقد ادى الامر الى حصول اشتباكات بين طلبة المدرسة والقوات المحاصرة وتمخضت عن اصابة عدد من طلبة المدرسة العراقية في موسكو حسب رواية الملحق الثقافي العراقي في موسكو الدكتور طعمة مطير حسين

من المستغرب اللجوء الى الاعتداء على ارض ملكيتها عراقية حسب ما اكدته السفارة بأن ملكية المدرسة انتقلت إلى السفارة العراقية لقاء جزء من أموال النفط مقابل الغذاء التي تلقاها فلاديمير جيرينوفسكي من العراق وتنازل حينها بموجب أوراق رسمية عن ملكية المبنى للجانب العراقي وقد حسم الامر في عام 2004 بقرار قضائي من المحاكم الروسية بتأكيد ملكيتها إلى جمهورية العراق، وفقاً للمستندات الرسمية، ألا ان حدثا كهذا لم يثر حفيظة وزارة الخارجية لتطلب بشدة استدعاء السفير الروسي وتسليمه خطاب شديد اللهجة لحل المشكلة كأي بلد يحترم اراضيه ومواطنيه بل ماقام به وزير الخارجية هو انه استقبل سفير روسيا كضيف عزيز واشار للموضوع على هامش حديثه مع السفير الروسي ايليا مورغونوف المعتمد لدى العراق، إن "على الحكومة الروسية العمل الجاد لحل قضية المدرسة العراقية في موسكو وتداعياتها من خلال احترام الحصانات الدبلوماسية والقرارات القضائية"

وبالرغم من ان حدثا مثل هذا سيؤثر بشكا او بآخر بمسيرة علاقات ودية متناميه بين البلدين الا انه لايبرر الهدوء والسكينة وعدم اتخاذ قرار والتعتيم على نتائج الحدث بما يعيد الشعور بالثقة وفهم دور الديبلوماسية العراقية وحق الجالية العراقية والديبلوماسيين المحتجزين حتى ولو ببيان يوضح سوء الفهم او طبيعة الخلل الذي ادى الى تصرف غير لائق ولا انساني كهذا بأعتبار ان تطويق المدرسة منع 300 طالب مسجل فيها من الدخول وتجمهر الطلاب واهاليهم وعدد من ابناء الجالية مما سبب تصاعد الامر الى الاشتباك وسقوط جرحى، كل هذا لم يتطلب استدعاء السفير والحديث معه بلهجة شديدة،

الحدث الثاني :تعرض الوزير المفوض دميتري بورودين لسفارة روسيا في هولندا لأقتحام شقته التي مقرها في لاهاي من قبل الشرطة المحلية وقاموا بالاعتداء عليه بالضرب وأسقطوه أرضا ووضعوا الأغلال في يديه ثم اقتادوه برفقة ابنه وابنته إلى مركز الشرطة حسب رواية الوزير المفوض نفسه، وقد كانت تهمة الوزير المفوض هي شُبهة إساءة معاملته ابنه وابنته الصغيرين تحت تأثير الكحول. وقد صرح المتحدث باسم الخارجية الروسية الكسندر لوكاشيفيتش ان الدبلوماسي بقي موثق اليدين طول الليل حيث استمر اعتقاله وافرج عنه صباحا بعد تدخل موظف من السفارة بلا توضيح او اعتذار

من المستغرب تعرض دبلوماسي يتمتع بحصانه كاملة لموقف كهذا دون التحقق والمراجعة مما يعد انتهاكا لآتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية مما أثار غضب موسكو واتخاذها جملة اجراءات جاءت على لسان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي طالب بتوضيحات واعتذار ومعاقبة المسؤولين وبعد تلك الخطوات الثلاث قال الرئيس بوتين بأن موسكو سترى وفق ماسيصدر عن الجانب الهولندي ماسنفعل معتبرا ان ماحدث انتهاكا صارخا لأتفاقية فيينا، ثم "وجهت الخارجية الروسية مذكرة احتجاج شديد اللهجة الى الطرف الهولندي " ثم ان موسكو استبقت توعُّد بوتين بإعلانها تشديد الرقابة على الصادرات الهولندية من الحليب، ومشتقاته إلى الاتحاد الفيدرالي الروسي بمبرَّر أن المراقبة الصحية التي تقوم بها السلطات الهولندية لهذه المنتوجات “غير مُرضية” حسب وكالة الطب البيطري الروسية. كل هذه الأجراءات اجبرت هولندا على الاعتذار في فترة قياسية، وقد اكدت روسيا من خلال موقفها ليس انها دولة عظمى او قوية او مؤثرة بل أكدت على احترامها لرعاياها وحمايتها لهم ووقوفها الى جانبهم حتى اذا كانوا على خطأ فهي فقط من حقها محاسبتهم.

مع الاسف تصرف العراق ليس بلامبالاة او كبلد ضعيف فقط بل كبلد لايراعي حقوق ابناءه ولايهتم بهم وبمصالحهم بل في الشدة يتركهم ليلاقوا مصيرهم فقط من اجل ان لاتتأثر العلاقات بين البلدين التي دائما نحن فيها الاضعف، صحيح ان توقيت الحدثين يثير الدهشة والاستغراب وان هناك من يريد دق الاسافين بين العراق ودول كبرى محورية في الصراع الدائر في سوريا ولابد ان لكلا الحدثين خلفية لابد من معرفتها ودراستها، ولكن ماكان يمكن اتخاذه من قبل العراق كأجراء يمثل اضعف الايمان الخروج ببيان يوضح الملابسات وجملة الاجراءات التي اتخذت وعودة المياه الى مجاريها مثلا، لماذا دائما نهايات احداثنا سائبة واجراءاتنا ضعيفة وهشة لاتنم عن تجربة وخبرة بالرغم من ان وزارة الخارجية العراقية تراكمت فيها العلاقات والخبرات على يد واحدة منذ حدوث التغيير والمفروض اننا نحضى بأفضل التنسيق والاداء الدبلوماسي فأذا بنا نغرق بشبر من الماء ونضيع كل الحقوق فمتى نرى العراق عزيزا قويا مهاب الجانب محترما في المحافل الدوليه مواطنوه معززون مكرمون، اخيرا اما آن الاوان ان نتعلم من مواقف الآخرين

 

في المثقف اليوم