قضايا وآراء

قصر الاخيضرإحدى عجائب الصحراء المنسية

إلا وهو قصر الاخيضر والذي أثار فضول الباحثين دهشتهم . وبقي ينتظر معاول المنقبين ليتوصلوا إلى حل لغز بناءة و وجوده في الصحراء وحيدا ..

قصر الاخيضر : يقع هذا القصر أو الحصن الأثري في منطقة البادية الغربية في العراق على بعد 125 كم جنوب العاصمة بغداد و على بعد 50 كم جنوب غربي مدينة كربلاء وعلى بعد 19 كم من قضاء عين التمر و على مقربة من بحيرة الرزازة وكهوف الطار . وكان موقعة قديما عند ملتقى الطرق التجارية والقوافل المارة بين مدن الكوفة و البصرة و الموصل و دمشق و بلاد الشام ..

وأول من اكتشف موقعة في العصر الحديث هو الرحالة الايطالي ( بيترو ديلافالة ) بالصدفة وهو في طريقة إلى بلاد الشام عام 1625 م، ثم زاره الرحالة تافيرنيية في عام 1638م، وبيويس في عام 1745م، وروبرتس في عام 1778م، وتايلور في عام 1790م . وجميعهم رحالة زاروا العراق

ثم زاره المستشرق الفرنسي ماسينيون في سنة 1908م ووثق زيارته في وصف القصر وصفا دقيقا،

وقد قامت (المس بل) بزيارته واكتشفت وجود جامع فيه عام 1909 . ثم قامت المستشرقة الانكليزية (جرترود بل) في عام 1914م بوضع مخطط شامل ودقيق لجميع تفاصيل القصر. و قام عالم الآثار الألماني (اوسكار رويتر) أيضا بأعداد دراسة مفصلة وشاملة للقصر . واهتم عالم الآثار البريطاني (كرسويل) بحصن الاخيضر وقام بدراسة جديدة والبحث الطويل فيه بين عام 1930 ـ 1936 ..

التسمية : من المؤسف حقا إن اسم الاخيضر لم يرد ذكره في إسفار المؤرخين والجغرافيين العرب، ولكنة ضل متداول على السنة الأعراب والبدو والرعاة . وقد اختلف الباحثون حول أصل التسمية بالاخيضر وأطلقوا عدة احتمالات . فقد اعتقد الباحث الأستاذ محمود شكري الالوسي إن اسم الاخيضر هو محرف من كلمة (اكيدر) الذي بناة وهو احد أمراء قبيلة كندة والذي اسلم في صدر الإسلام . وإما المستشرق (ماسينيون) فقد اعتقد أنة بناء ساساني وأنة قصر السدير. وإما الدكتور العلامة مصطفى جواد فقد اعتقد أيضا أنة من الآثار الساسانية . وإما الباحثة المس بيل فقد اعتقدت

 أنة (دومة الحيرة) الذي شيد في زمن الأمويين، وإما المهندس (كريزول) الذي كتب كتاب عن قصر الاخيضر فقد أرخ بناء القصر في حدود 102 ـ 164هج على يد عيسى بن موسى بن عبد الله العباسي والي الكوفة في عهد عمة المنصور والذي اقصي عن الحكم فبنى القصر واعتزل فيه وهذه الرأي هو الأشهر والأكثر اعتقاداً ومداولة بين المؤرخين، وإما العالم (موسيل) فقد ارجع بناءة إلى عهد إسماعيل بن يوسف الاخيضر والي الكوفة عام 313 هج . وعرف أيضا بحصن ضيفر وقصر خفاجي نسبة إلى عامر الخفاجي سيد بني خفاجة وهي القبيلة التي كانت مسيطرة على المنطقة المجاورة للقصر . وبيدو إن اسم

 الاخيضر مقتبس من طبيعة المكان آنذاك إذ تقع إطلالة وسط رقعة تنبت فيها الحشائش والمروج الخضراء ..

أقسام القصر : شيد القصر من الحجارة الكلسية والجص الأبيض والمادتان متوافرتان في المنطقة المحيطة بالقصر ويقوم على مصطبة طبيعية ترتفع عن مستوى الأرض، وهوا شبة بالحصون الدفاعية ويأخذ القصر شكلا مستطيلا يمتد من الشمال إلى الجنوب بطول 112م . ومن الشرق إلى

الغرب بعرض 82 م، ويحيط بالقصر سور محصن ويبلغ ارتفاع 21 م وسمكة 4 متر ويحيط بالسور أربعة أبراج رئيسية قطر كل منها 5 أمتار .

إما أقسام القصر فتتكون من المدخل الرئيسي وللحصن أربعة مداخل تكاد تكون متقاربة في تصميمها عدا المدخل الشمالي حيث يتصل بة عدد من الغرف الخاصة بالحرس ، البهو الكبير وهو قاعة مستطيلة الشكل طولها خمسة عشرة مترا ونصف المتر وعرضها تسعة أمتار، الطابق الثاني من القصر ويتكون مجموعة غرف متداخلة مع بعضها، المسجد وله مدخلين وهو على شكل مستطيل وإما محراب المسجد فقد اعتبرته مديرية الآثار العامة جزء أصيل من البناء وليس مستحدث وهذا دليل مادي على إن القصر من الأبنية الإسلامية والقبلة اتجاهها صحيح . وهناك الرحبة الكبرى وهي ساحة مستطيلة الشكل تنفتح عليها أربعة أبواب، وهناك أيضا الإيوان الكبير وصالات للاستقبال وهي التي كانت مخصصة لمراسيم الاستقبال ولاجتماع ديوان الأمير وحاشيته، وهناك قسم خاص بالحرس والمعية وقسم خاص بالخدم وهو عبارة عن بيت يتألف من صحن مستطيل الشكل مع ثماني قاعات ، كما إن هناك الحمام الخاص بالقصر الذي اكتشقتة البعثة الاثارية العراقية عام 1962 وبالإضافة إلى ذلك توجد أربعة بيوت مستقلة احدها عن الأخر ولكنها متشابهة من حيث التخطيط ..

وقد كشفت التحريات الأثرية في القصر على وجود لقى أثرية مثل قطع الفخار والخزف تعود إلى العصر الإسلامي، وتم العثور على مسكوكات نقدية تعود إلى العصر العباسي ..

وعلى العموم فان قصر الاخيضر يمثل مدينة متكاملة وحصن دفاعي، وقد أغفلت الكتابات التي تورخ فترة بناءة وكذلك المصادر التاريخية التي غفلت الكتابة عنة ..

أخيرا : لو قمت بزيارة لقصر الاخيضر فستشعر بالصمت الذي يعم المكان والهدوء المخيف والإطلال الخرساء، ولكن تخيل ولو للحظة إن هذا المكان كان في يوما ما يعج بالناس وضجيجهم وربما بقرقعة السيوف وصهيل الخيل وحركات الجند والحراس وتدريباتهم، ولكن متى كان ذلك في أي عصر وفي أي زمن ؟ هذا السؤال سيضل محيرا ولغزاً أتمنى اليوم الذي تحل اسرارة ..

 

حسن الوزني

 

...............

المصادر والمراجع :

1 ـ الفن العراقي القديم / أنطوان مورتكات / ط بغداد 1975 .

2 ـ دليل العراق السياحي لعام 1982 / ط يوغسلافية 1982 .

3 ـ مجلة أفاق عربية / العدد 3 لعام 1984 .

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1264 الثلاثاء 22/12/2009)

 

 

 

في المثقف اليوم