قضايا وآراء

نوري المالكي يزداد رسوخا في الضمير العراقي!!

بين صفعة البطل مهدي الغراوي لقناة البغدادية .. وبين فضائح جديدة لحكومة العبادي

من تابع المقابلة مع البطل الفريق الركن مهدي الغراوي، يدرك كم ألح محاور قناة البغدادية محاولا الضغط عليه لكي يجد ثغرة في حديثه حول احداث الموصل، من اجل ادانة رئيس الوزراء السابق السيد نوري المالكي، وتحميله مسؤولية ما حصل!!!، فقناة البغدادية، لا تزال وستبقى تتلفع بعار الخيانة الوطنية، من خلال اصولها البعثية وعلاقات المعنيين بادارتها وملكيتها المعروفين بعلاقاتهم مع مخابرات صدام، واستمرارمواقفها لدعم البعثيين، فهي نسخة طبق الاصل من قناة الجزيرة "الحقيرة" . فهي لم تكن يوما سوى بوقا أجيرا في الدعوة لعودة زمن القتل والسبي والرعب والذي كانت المقابر الجماعية فيه، الصرخة العاتية للشهداء امام انسحاق القيم الانسانية وانهيارها. ولكن، السيد الفريق الغراوي وفي شهادته الكبرى على الحقائق والاحداث التي عاشها، بعد ان أقسم بالله تعالى على ان يقول الحقيقة، وقد فعل، وهو يحمل ضميره رهينة أمام شعبنا، مثلما حمل روحه الشجاعة على راحت يده في حومة الوغى، قد نال احترام وتقدير شعبنا بلا حدود لصراحته في قول الحقيقة.

لقد قدم السيد مهدي الغراوي نفسه في تلك المقابلة، كنموذج وطني شجاع فاق التصورات من اجل شعبنا وفي احلك الظروف التي كان الموت يحصد فيها الارواح كما تحصد الجرارات سنابل القمح، فكان، القائد الميداني المقاتل على جميع محاور الجبهة القتالية التي تحت إمرته . فكان ما قدمه من تفصيلات بطولية، قد خيب امال "مقدم الندوة "، حيث لم تكن صراحة الغراوي بالضبط ما كان يبحث عنها أو يطمح لسماعه، فالقناة تمتلك "اشرطة وتسجيلات" في غاية الدقة والخطورة كما ظهر. وطموحه الاوحد كان ان يسمع عن "تقصير"السيد نوري المالكي فقط...!! لكنه عاد بهوان وذلة المنهزمين امام الحق. وامام خيانة أثيل النجيفي وغيره من خونة جبناء، اعطانا الغراوي مثلا كبيرا، كبر شموخ العراق، وكيف تنهض عزائم الرجال بضمائرها العراقية في اعمق واسمى معانيها، وكيف يقول الحق كلمته عندما يحاول البعض من المأجورين، التشويش على سمعة الوطنيين وخلق اتهامات باطلة ضدهم، فكان السيد مهدي الغراوي جديرا بتقدير عظيم من قبل كل عراقي شريف....    

والسؤال الذي يجب ان يطرح على البغدادية، هو كيف حصلت القناة على تلك التسجيلات التي أسمعها مقدم الحلقة للفريق الغراوي ؟ وكم من تسجيلات اخرى تمتلكها البغدادية، وكم تحمل من اسرار "خطرة" عن احداث الموصل، لاتزال قادرة على كشف مزيدا من الحقائق، ونأمل ان تذاع على الهواء ليسمعها شعبنا؟ ونطالب المسؤولين في حكومة العبادي، ان يكاشفوا شعبنا لمعرفة الحقائق الاخرى الخافية...!!!    

فيا ترى ما الذي تعلمناه من هذه المقابلة مع قناة البغدادية؟

باعتقادنا، ان من بين تعلمناه، هو ان في العراق لا تقتصر الخيانة الوطنية فيه ومعادات شعبنا على السياسيين وحدهم، بل ان القادة العسكريين الكبار والذين يتم الوثوق بهم وإتمانهم على حياة وأمن شعبنا، يمكن ان يكونوا الاكثر فداحة في الخيانة من غيرهم، وهذا الذي حصل. وان القيم الوطنية والشرف والاباء واحترام الكرامة الانسانية لدى البعض، وان كان الله تعالى قد خلقها في الذات الانسانية من اجل جميع الناس من اجل تقواه وطاعته وعبادته تعالى، ولكن، البعض منهم، اختاروا ما يجعلهم اكثر سعادة من خلال عدم المبالات في عمل المنكرات او التضحية بالشرف والسمعة الشخصية . ولكي نكون أكثر دقة في الوصف، فان ليس جميع الناس من يهمهم كثيرا تحمل تبعات شرفهم وقيمهم الحياتية. وهناك أيضا، من يمارسوا نواياهم الشريرة تلك، اما علنا او في الخفاء . والفرق بين الفريقين، هو ان هناك البعض من الناس، وعلى ما يبدوا، من هم أكثر "شجاعة" في الافصاح على ما يختارونه علنا ضد معاني الشرف والفضيلة، وهم في كثير من الاحيان لا يضروا سوى انفسهم بالدرجة الاولى . بينما، الفريق الاخر، وهم اليوم في العراق بالمئات، من سياسيين وعسكريين ومدعين التدين والفضائل وغيرهم، ممن يتلفعون بلباس التقوى والفضيلة والوطنية، وإذا بهم ألاسوأ والاكثر نذالة وسفالة من الفريق الاول....!

ولكن المشكلة التي توسعت واصبحت قضية "يسيرة" على البعض من هؤلاء، هي في أن من لايمتلك قيما وطنية واخلاقية تؤهله لحمل الثقة كسياسي أو عسكري لدرجة التضحية من اجل الشعب والوطن، طالما تم تركه يعبث في المجتمع العراقي على هواه وبلا حساب! في حين أن في بلدان العالم، لا يستطيع السياسي الفاسد ولا العسكري الخائن لوطنه، ان يكرر فساده او خيانته أكثر من مرة واحدة، فجزاؤه العادل سيكون له بالمرصاد. ولكن في الوطن العراقي، وحسب التجارب التي عشناها ونعيشها اليوم، نجد أن حكومة الدكتور العبادي، هي التي تساهم عمليا في تعميق جرائم الفساد والتستر عليها ومحابات وارضاء السياسيين الذين يسعون الى قهر شعبنا على الرغم من سلوكهم العلني في خياناتهم وجرائمهم العلنية بحق شعبنا .

واليوم وأمام شعبنا أيضا، تستمر حكومة العبادي في تعاطيها الخيانة لعدالة المسؤولية التي تحملها امام شعبنا، ليس فقط من خلال محاباتها للاقليم علنا في الاتفاقية النفطية المهينة وعلى حساب مصالح شعبنا وبدون احترام لارادته، ولكن، ايضا، في (طامة كبرى) اخرى. فقرار الغاء الحكم الصادر من المحكمة الاتحادية ضد رئيس البنك المركزي السابق سنان الشبيبي والغاء الحكم عليه لسبع سنوات، عمل أخر خال من هذه العدالة المزعومة....!! حيث تسعى أطراف سياسية، وعلى مسمع ومرأى الحكومة، الى الطعن في الحكم واعتبار القرار سياسي، وكيدي، بتلفيق من الحكومة العراقية السابقة...فأين مخافة الله في كل هذا...؟؟!!

فحسب "المسلة"، فقد اعلنت السلطة القضائية في العراق، الاسبوع الماضي، عن أن محكمة جنايات الرصافة قررت تبرئة محافظ البنك المركزي السابق سنان الشبيبي من تهم فساد متعلقة بالبنك المركزي، فيما عزت السبب إلى "عدم كفاية الأدلة". وفي الوقت الذي أكد فيه مجلس القضاء الأعلى، ان الحكم الصادر بحق سنان محمد رضا جواد الشبيبي، والقاضي بسجنه سبع سنوات يستند الى ادلة ومعطيات وبراهين واضحة، تسعى أطراف سياسية الى الطعن في الحكم واعتبار القرار سياسي، وكيدي، بتلفيق من الحكومة العراقية السابقة على حد زعمها" انتهى ..، فهل ان حكومة العبادي هذه، جعلت من نفسها جزءا من المؤامرة الجديد على شعبنا لتدميره بمثل هذه الخطوات المحسوبة بدقة في دعمها للفساد الاداري والاجتماعي وجعل الانفلات مبدئا لسياستها ؟؟؟!!! وهل ان في بحث بعض الترهات من السياسيين عن تلفيقات وافنرائات ضد الاحرار الوطنيين، سيجعل من نوري المالكي ينأى عن قلوب الملايين العراقية؟ وهل هذه "اخلاقا" لتلك الاطراف السياسية المطعونة في شرفها الوطني، والتي من الاجدر بها، ان تعالج اوضاع سمعتها بين شعبنا اولا، عسى ان تدرك موقعها بينه، وكيف ينظر اليها، وهل هناك من يحترمها؟؟؟!!!

فالى متى يبقى العراق مستمرا من تقديم دلالات وبراهين على عدم القدرةعلى تغيير واقعه المأساوي وما يحصل له مع السياسيين، وفي عدم حفاظه على ثروته الوطنية، وبعثرته لمليارات الدولارات من اجل تحقيق حياة "مريحة" لاعدائه في قيادة الاقليم ولخونة سياسيين، وقادة عسكريين، خانوا الامانة وسلموا الموصل لداعش، ومع كل ذلك، لا يزال، الاسراف والمبالغة في توفير "جيوشا" من الحمايات لهؤلاء السياسيين، شاخصا امام الجميع، في حين ان وطنيا واحدا من هذا الشعب باعتقادنا، مهما كانت مسؤوليته وموقعه الوظيفي، يساوي شرف ووطنية وضمائر المئات من هؤلاء السياسيين والقادة العسكريين الخونة. فلقد اصبح السياسي العراقي مثلا سيئا يضرب به المثل في انانيته وانتزاع اللقمة من أفواه شعبنا ومحاولات صياغة التهم للوطنيين وتهميش الفقراء؟؟؟ فالعراق عمليا، وكما معروف عنه اليوم، لا تحكمه السلطة في الحياة اليومية، بل أن من يحكمه، هم كتل واحزاب سياسية معظمها لا ولاءات لها للوطن العراقي . وان العامل المشترك الوحيد فيما بينها هو ان هؤلاء ملتزمون ب"هدنة"، في "سكوت" مطبق عن تداعيات هذا الانتقام المنظم ضد العراق وشعبنا، حيث تعمل كل كتلة أو حزب وفق ستراتيجية المصالح، فوجدوا في ذلك الاتجاه نجاحا"باهرا" لما يسعون اليه ضد مصالح شعبنا.

ما يحدث في العراق الان نمطا شاذا من التفكير لا يمكن تسميته أبدا "بالمسؤولية الوطنية للحكومة" فلا وجود لعملية سياسية راشدة. فبعد ان اتضح لشعبنا، ان الحكومة الان تواصل مع السياسيين وقوفها ضد الوطنيين الاحرار، في خطة التخريب هذه، من اجل الاعداد لتخريب أعظم، فلا غرابة ان يصبح "للخائن " كلمته العليا، بينما الوطني الجسور، ينظر اليه بشكوك والبحث عن اتهامات ضده وبشكل لا يقبلها الخالق تعالى ولا الضمير الانساني.

حماك الله يا عراقنا السامق..

 

أ . د . حسين حامد

في المثقف اليوم