قضايا وآراء

بلند الحيدري .. شاعر عراقي انساني

ولد بلند في العراق سنة 1926 وعاش في المنفى في بيروت من أوائل السبعينات حتى الثمانينات، جمعته علاقات وصداقات مع رجالات السياسة والفكر والأدب والقلم،منهم :أدونيس والراحل كمال جنبلاط ،بعد ذلك انتقل الى منفاه البعيد في مدينة الضباب "لندن" فعاش فيها الى أن غادرالى العالم الاخر سنة 1999ودفن في مقبرة هاي غيث.

صدرت مجموعته الشعرية الأولى "خفقة الطين" سنة 1946 ومجموعته الثانية"أغاني المدينة الميتة" سنة 1960ثم توالت مجموعاته الشعرية بالصدور تباعاً ،ومن أبرزها" خطوات في الغربة" و"جئتم مع الفجر" و"رحلة الحروف الصفر" و"حوار الأبعاد الثلاثة" و"أغاني الحارس المتعب" و"الى بيروت مع تحياتي" و"أبواب الى البيت الضيق" و"اخر الدرب" و"درب في المنفى".

 

أذا أردنا أن نرسم في نفوسنا صورة حقيقية لبلند الحيدري فلن نجد ألطف وأصدق من الصورة التي يرسمها في أشعاره ، وهي صورة صادقة لحيرة روحه الهائمة وشوقه الدائم الى وطنه الجريح الممزق.. فلنسمعه يخاطب موطنه قائلاً:

يا موطني

يا أيها المبارك الكبير في العزة والجلال

أوصيتني

أن لا أنام ، فلم أنم

ومثلما علمتني

راقبت حتى الصمت والنجوم والظلال

راقبت حتى وجهي الزاحف بين عتمة التلال

لأنني عرفت أن الليل لا ينام في خنادق القتال

وأن كل العار

أن يستيقظ الليل

وأن تغفو على البنادق الرجال

يا بلداً من حجر

يا حجراً أقسى من وجه امرأة

لا تملك سراً

سيجيء الصبح وستعبر بي

مرمياً خلف الأسوار

ومدمياً خلف الأسوار

ولكن، لن تعرفني ، لن تعرفني ، فأنا

ممحو في ظلي

 

وأننا نحس بتجاوب عميق مع التدفق والسيول الشعري لبلند الحيدري فنذوب معه حين يصور الالام الانسانية والمعاناة الوجودية ، وننتشي من طلاوة تعابيره ورقة موسيقيته.وهذا الأمر يتجلى في قوله في هذه القصيدة من ديوانه"دروب في المنفى" حيث يقول:

هانذا المملوء بموتي

الساقط من ذروة صمتي..الواقف

ما بينك ظلاً يتأسن في عتمة ألوان سمراء

تعيد بها الغربة أرضي

وأصبر بها بغضبي

والظلان ليس الا أنت.. وأنا

يا أنت ..أنا المتوزع ما بين الظلين

لماذا لا تبحث عن نفسك في قطرة ماء

قطرة ماء يتلاشى فيها الظلان

لتبقى وعداً في قطرة ماء.

 

باختصار، بلند الحيدري شاعر ذائب ملتهب العاطفة ، شديد الفوران، انساني النزعة ، في شعره يستثير الهمم وينشد الحرية ويستقطر غضب الانسان على الظلم والقهر والاذلال والظلام والانسحاق.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1269 الاحد 27/12/2009)

 

 

في المثقف اليوم