قضايا وآراء

أنطلوجيا الإنسان بين الثابت والمتحوِّل في فلسفة السيد الشهيد محمَّد الصدر

ضمن الأوضاع الحضارية التي كانت سائدةً في السابق، وبناءً على ذلك، فإنَّ كلَّ برامجه وخططه وقوانينه، وكلَّ الوسائل التي تعبِّر عن ضرورات الإجتماع والسياسة والإقتصاد إلخ لا بدَّ أن تتغيَّر، وأن تحدِث قطيعةً جريئةً مع كلِّ ما كان يؤلِّف الإطار الفكريَّ والثقافيَّ الذي أنتج أنظمة الإدارة والسياسة والإقتصاد والإجتماع بالنسبة للإنسان القديم الذي غاب الآن بالكلية عن ذاكرة البشرية في العصر الحديث، ولم يعد له من وجودٍ يُعرف إلا من خلال ما تقوم بتذكيرنا به عنه تلك الأفلام التأريخية المسلِّية التي تعرضها القنوات الفضائية علينا بين الفترة والأخرى.

إنَّ المجتمعات العربية والإسلامية طبقاً لهذا الرأي لا يمكن أن تتقدَّم خطوةً إلى الأمام باتجاه ما أحرزته الأمم الغربية من التقدُّم في طريق الحضارة والمدنية ما لم يتمَّ التخلي السريع عن المنظومة الثقافية والفلسفية والدينية التي ارتبطت بإنسان الحضارة الإسلامية القديمة، وكانت مناسبةً له إلى أبعد الحدود، لأنها مثَّلت الإستجابات الموضوعية والمنطقية لما كان يحفُّ به من الظروف، وما كان يقع في مواجهته من التحدِّيات، فكان المسؤول عن إنتاج تلك المنظومة بكلِّ ما فيها من المعارف والأفكار والإيديولوجيات هو واقع ذلك الإنسان نفسه، ولو أنه أوجد لنفسه منظومةً أخرى في تلك الفترة غير نابعةٍ ولا متجاوبةٍ مع هذا الواقع، لكانت عاقبته الأكيدة هي الإخفاق والفشل، ولما استطاع أن يحقِّق نجاحاً يُذكر على مستوى الحضارة إلا آثاراً باهتةً ربما لم تكن لتستحقَّ الذكر على الإطلاق.

هذه هي الفكرة المتغلغلة في كتابات مفكِّري الحداثة العربية التي ربما عبَّروا عنها صراحةً، وربما غلَّفوها بالكنايات والإستعارات والمجازات المختلفة، هي التي أربكت المثقَّف العربيَّ والإسلاميَّ على وجه الحقيقة، وهي التي جعلت منه كائناً متشرذماً ممزَّقاً مغترباً غير قادرٍ على أن يعزِّز صلات تعايشه مع المجتمع الذي هو منه، ولا أن يوجد لنفسه رابطاً مع نظم الحياة التي لا يمكن للمجتمع الإسلاميِّ أن يتخلّى عنها كلياً أو أن ينبذها بشكلٍ مطلق، فكانت النتيجة أن أصبحت الثقافة العربية الإسلامية في العصر الراهن ثقافةً شيزوفرينةً قاتلةً، يفضَّل معها للمرء أن لا يكون مثقَّفاً متعمِّقاً، بل حسبه أن يتعلَّم بعض مبادئ الفكر والثقافة، وليتمسَّك بالمقولات الدينية الموروثة عن الأطوار الثقافية المتكلِّسة للحضارة الإسلامية القديمة، وليحافظ عليها من أن تكون عرضةً للهجمات من الثقافات الحديثة، فإنَّ هذا السبيل هو الأكثر ضمانةً للنجاة في الحياة الأخروية، كما إنَّ هذه الفكرة التي تعتبر هي الأقوى من جهة الإرتكاز في الأذهان على وجه التقريب.

إنَّ تلك المشكلة الرئيسية التي عاشتها الحضارة الغربية في عصر النهضة وعصر الأنوار، والتي تمكَّنت جداً من عقول المثقفين الغربيين، واستحوذت على الفضاء العامِّ للثقافة الغربية الحديثة، هي نفسها التي تمكَّنت من عقول مثقَّفينا ومفكِّرينا الحداثيين بالطبع، وإلى هذا المعنى أشار السيد الشهيد محمد الصدر، إذ اعتبر الثقافة الغربية محقَّةً في الإنقلاب على الكنيسة وفكرها وفلسفتها، كما اعتبر الفلاسفة الغربيين محقِّين أيضاً في اتخاذ الموقف النقديِّ من عقيدة الثالوث، والتمس لهم العذر بأنهم لم يطلعوا على الإسلام، أو أنهم لم يكونوا على معرفةٍ تفصيليةٍ بعقيدة الإسلام ليجدوا بها التعويض عن النقص والإنحراف الموجودين في العقيدة المسيحية التي تعرَّضت على يد الكنيسة في مختلف مراحل التأريخ إلى عمليات متتابعةٍ من التشويه والتحريف اللذين طالا بنية العقيدة الدينية المسيحية من الأساس، حتى بدت فاقدةً لقدرتها على الإنسجام مع المعطيات الحضارية التي انفتح عليها العقل الغربيُّ آنذاك.

لكنَّ السيد الصدر أبدى تعجُّبه محقاً من محاولة المثقفين والكتاب في المجال الإسلاميِّ سحب تلك الإشكالية على الإسلام، في حين لم يكن هذا الأخير ليحتوي على مكامن الضعف  التي انطوى عليها الفكر المسيحيُّ بالطبع.

إنَّ كثيراً من المفكرين التنويريين في العصر الحديث حتى في المجال الغربيِّ ذاته وجدوا في الإسلام ضالَّتهم فيما بعد، فأسلموا على هذا الأساس، ولو كانت المشكلة الحضارية الموجودة في الفكر المسيحيِّ هي عينها الموجودة في الإسلام لما كان من السهل أن تجد عقولاً ضخمةً من طراز غارودي مثلاً تعتنق الإسلام بعد رحلةٍ تأسيسيةٍ طويلةٍ في المذاهب الفلسفية المادِّية، حتى أنهم ربما كانوا من الأعمدة الفكرية المهمة في الإيديولوجيات العلمانية التي كانوا يؤمنون بها ويمارسون الدعوة والتنظير والتفلسف على أساسها.انظر كتاب نظرات اسلامية ص119

إنَّ الدوافع نحو الإلحاد كثيرةٌ ربما يعتبر الشيخ المطهريُّ أفضل من تعرَّض لها في كتابه (الدوافع نحو المادِّية) وربما كان فكر الدكتور علي شريعتي متمحوراً من أوَّله إلى آخره حول هذه المشكلة، لكن من الزاوية التي تلقي اللوم على المؤسسة الدينية وعلى العلماء الحوزويين في أنهم لا يفهون الإطار الذهنيَّ للمثقف المسلم المعاصر، أو أنهم لا يقيِّمون العلوم الإنسانية التي تشكِّل العماد الرئيسيَّ للحضارة الإنسانية المعاصرة.

 ونحن لا نعترض إطلاقاً على المضامين التي سلَّط الضوء عليها الدكتور شريعتي، بل نحن نشاطره الرأي في العديد من الأطروحات التي تضمَّنتها كتبه ومؤلفاته العديدة، لكننا فقط نقول إنه لا ينبغي لنا النظر إلى الأمور من الزاوية الواحدة، بل يجب الإلتفاف على المشكلة من كافَّة جهاتها حتى يكتمل المشهد، وإلا كان حكمنا نابعاً من الإستقراء الناقص في أحسن الأحوال.

إنَّ هناك سيلاً عارماً من المؤلَّفات التي لا تصرِّح بنيَّتها في أن تنكر الحقيقة الإيمانية، بل هي تتوسَّل بمنهجيات العلوم الإنسانية الحديثة لتقارب بها القرآن مثلاً، لكنها لا تقاربه بهذه المنهجيات من أجل تحديث الفكر الدينيِّ كما هو المتبادر بالنسبة إلى النظر الساذج، بل إنَّ المقصود هو إضفاء الصبغة البشرية على النصِّ القرآنيّ، بحيث لا يعود هناك فرقٌ بينه وبين أيِّ نصٍّ شعريٍّ جاهليٍّ على سبيل المثال.

كما إنَّ هذا الكتابات التي من بينها طبعاً كتابات محمد آرغون ونصر حامد أبو زيد والعديد من الأسماء الفكرية اللامعة الأخرى تستهدف شيئاً آخر، وهو أن تجري تلك العمليات الإنقلابية التي ظهرت في المجال الغربيِّ إبان الصراع مع الكنيسة في دائرة الإسلام، ومن الطبيعيِّ أن يتبعوا الأساليب عينها التي اتبعها الفلاسفة المناهضون للفكر الدينيِّ في تلك الفترة، والتي من بينها القيام بتأليف الكتب التي ظاهرها المقاربة الحداثية للكتاب المقدَّس الذي هو القرآن في هذا السياق، في حين تتضمَّن تلك المنهجية ذاتها معنى الإنقلاب على السمة الإلهية للنصّ، وهذا هو المهمُّ عندهم، حتى لو تطلَّب الأمر القيام بإضفاء مختلف الميزات الإيجابية المؤقَّتة على النصِّ المقدَّس نفسه، لكن ريثما تكتمل الخطة في ان تتمكن تلك المنهجيات التفكيكية من العقل الإسلاميّ، على أمل أن يتوصَّل هذا العقل بنفسه إلى تفكيك النصِّ المقدَّس فيما بعد، "فهؤلاء لهم واجب يشعرون بضرورة القيام به، وهو حمل الناس على انكار سماوية النص". عالم سبيط النيلي. بين الانغلاق الدينيِّ والنشاز الثقافيّ. ص21.

نحن إلى الآن لم نقم في الدائرة الخاصَّة بالفكر الإسلاميِّ التنويريِّ بالفصل المنهجيِّ بين طرازين من الكتّاب، ذلك الطراز الذي يعتبر نفسه معنياً بتجديد الفكر الدينيِّ حقيقةً كمحمد إقبال والدكتور شريعتي ومالك بن نبي ومحمد باقر الصدر والشيخ المطهريّ مثلاً، وبين كتابٍ آخرين دخلوا إلى غاية الإلحاد من بوابة التنوير، وتذرَّعوا في الظاهر بنفس المنهجيات التي ألَّف بها هؤلاء كتبهم وطرحوا مشاريعهم في المجال الإسلاميّ، وهم الآن الغالبية العظمى من الأسماء المشهورة في عالم التأليف في مجال الفلسفة وعلم الكلام الإسلاميِّ الجديد وفلسفة الدين.

فلا بدَّ أن يكون القارئ المسلم على بيِّنةٍ من أمره في هذا السياق، وإلا التبست الأمور إلى أبعد حدّ، فنكون مضطرين إلى اتخاذ حلَّين أحلاهما مرٌّ، وهما:

الأوَّل: أن نقف موقفاً نقدياً ضدياً من كلا النمطين، فلا نميِّز بين محمد إقبال ومحمد آرغون، ولا بين مالك بن نبي وعلي حرب، ولا بين علي شريعتي والطيب تيزيني، وفي هذا ما فيه من الخطورة على تقدُّم المعرفة الدينية في الحقيقة، لأنها ستحرمنا من ثمرات الفكر التجديديِّ الذي طال بنية عقولنا وثقافتنا الدينية في هذا العصر، فكان له مختلف النتائج الإيجابية على أكثر من مستوىً من مستويات ثقافتنا الإسلامية المعاصرة.

الثاني: أن نترك الأمور على عواهنها، فلا يتميَّز الصالح من الطالح، ولا القاصد إلى بناء الشريعة والقاصد إلى هدمها من الأساس، وهذا من شأنه أن يؤدِّي إلى الخلط الشنيع والإلتباس الكبير في ذهن المثقف المبتدئ، ويكون من اللازم عليه أن يمرَّ بأطوارٍ من الإختبار للمنتج الفلسفيِّ والثقافيِّ حتى يقوم بهذه المهمة بنفسه، وربما لا يسمح له عمره المعرفيُّ والثقافيُّ بإنجازها، فترسخ العديد من الأفكار المنحرفة في ذهنه، وقد تؤدِّي به في نهاية المطاف إلى الإلحاد.

نعود الآن إلى ما بدأنا به مقالتنا هذه، من أنَّ العديد من الأطروحات الفكرية والفلسفية الحديثة التي صدَّعت رؤوسنا في الحقيقة لا تحتاج إلى أن تماطل كلَّ تلك المماطلة في عرض مضموناتها، كما لا تحتاج إلى أن تعاضل كلَّ تلك المعاضلة في صياغة أطروحاتها، لأنَّ فكرتها ببساطةٍ لا تزيد عن كونها مما يتحدَّث به السذَّج والمنحلّون أخلاقياً في العادة من أنَّ العالم المتحضِّر قد بلغ مرحلة السكنى في الكواكب الأخرى أو هو على وشك أن ينجز ذلك، بينما نحن مقيمون هاهنا في الأرض لا نبرح عنها ضمن شروطٍ حضاريةٍ هي بدائيةٌ جداً لولا ما يتحفنا به الغرب من منتجاته الحضارية المختلفة، وفي إطار التحليل السريع والساذج للمشكلة يُقال إنَّ الإسلام والتمسُّك به هو السبب المباشر في ذلك، بدليل أنَّ الغرب لم يتطوَّر حتى ترك الفكر الدينيَّ بأكمله، وحتى أعلن الإنفصال التامَّ بين الدين والدنيا، فأعطى ما لقيصر لقيصر، ولم يعبأ بأن يعطي ما لله لله.

لقد كتب السيد محمد الصدر مقالةً في مجلة الأضواء قبل خمسين عاماً ناقش فيها هذه الإشكالية بلغةٍ سهلةٍ وأسلوبٍ بسيطٍ، لكنها أصابت كبد المشكل في الحقيقة، وبإمكان القارئ أن يقوم بمطالعتها في كتاب (مقالات الشهيد الصدر في الصحافة النجفية) وقد جاءت تحت عنوان (حول الإسلام وخلود تعاليمه) فلم يبخس الصدر حقَّ الحضارة الإنسانية الحديثة، لكنه وضَّح عنصر المغالطة في ذلك الإعتقاد، فقال: " سيأتي القرن الحادي والعشرون، وستتطوَّر فيه الحياة أكثر فأكثر مما عليه الآن، وتزداد روعةً وحضارةً، وسننظر إلى القرن العشرين كما ننظر الآن إلى القرن التاسع عشر، فلن نرى الأقمار الصناعية شيئاً يُذكر، ولا العقول الألكترونية شيئاً يجلب الإنتباه، لأنَّ لدينا أشياء أخرى أجدى بالتفكير من هذه الأمور البسيطة! كما إننا الآن لا نرى في المصباح الكهربائيِّ ولا آلة التصوير شيئاً مهمّاً، في حين إنهما أحدثا في أوَّل ظهورهما من العجب والإعجاب ما لا مزيد عليه." مقالات الشهيد الصدر ص77.

وقد أتى القرن الحادي والعشرون فعلاً، وأصبحت المنجزات العلمية للقرن العشرين هباءً منثوراً بالقياس إليه، بل لم يعد هناك فرقٌ بين المستوى الحضاريِّ لذلك القرن وما كان معهوداً في القرن التاسع عشر في المحصِّل النهائيِّ للتقييم، وعلى هذا الأساس فإننا "سوف نكرِّر في القرن الثاني والعشرين نفس الشريط: حضارةٌ عظيمةٌ، وتفكيرٌ عميقٌ ودقيقٌ يغني عن الإلتفات إلى الوراء، لا حيث يجلو شيئاً من الإلتباس أو يصحِّح بعض الأخطاء. وهكذا سوف تبقى عربة البشرية سائرةً، وعجلة الكون دائرةً، ما دام هناك بشرٌ وكونٌ" المصدر نفسه. ص77.

إنَّ البشرية لم تقف رحلة تطوُّرها عند حدّ، حتى وإن كان ما حصل في القرن العشرين وما يحصل في هذا القرن الحادي والعشرين هو هذه القفزات الهائلة، بحيث أنَّ ما تشهده البشرية في عامٍ واحدٍ من التطوُّر هو أضعاف ما حصل في جميع القرون السالفة، إلا أنَّ وتيرة التطوُّر لم تتوقَّف ولن تتوقَّف أبداً ما دام الإنسان موجوداً على هذه الأرض حافلاً عقله بالفكر، ونابضاً قلبه بالحياة.

لكنَّّ الإنسان مهما تطوَّر عقله، ومهما تغيَّرت بنيته الحضارية، فإنه "لايتغيَّر رغم هذا الخضمِّ المتلاطم من التحوُّلات السريعة سرعة الصواريخ الواسعة سعة مدارات الأقمار الصناعية، هو هذا الإنسان الذي يخلق التغيُّر ويطوره بهذه السرعة الهائلة، ويكيِّف نفسه على مقتضيات هذا التغيُّر بنفس السرعة وبخفَّةٍ وبلباقة، ولكنه في ذات الوقت لا يمكن أن يناله تغيير.

فهو ثابتٌ من حيث طبيعته البشرية، ثابتٌ من حيث غرائزه، ثابتٌ من حيث نوعية عواطفه، ثابتٌ من حيث تكوينه الجسميُّ وتكوينه العقليّ .

لن يتغيَّر السبيل الذي تتطلَّب به غرائزه الإشباع، وهو بالنسبة إلى حبِّ التملُّك (الحيازة) أو السيطرة، وبالنسبة إلى الجوع والأكل، وبالنسبة إلى العطش وللشرب، وبالنسبة إلى الجنس والإستمتاع بالجنس الآخر، وبالنسبة إلى الملل والسأم والتمتع بالجميل من المناظر الطبيعية أو الصناعية واستنشاق الهواء الطلق وشمِّ الرياحين.

كما إنه من حيث عواطفه لن تستحدث عاطفةٌ جديدةٌ في طبيعة الإنسان غير العواطف المعهودة من الغضب والرضا والحزن والفرح والألم والأمل.

كما إنه لن يأتي زمانٌ يتغيَّر فيه التكوين الجسميُّ للإنسان، أو نجد حالةً غير الصحة والمرض أو غير البلادة والذكاء، أو يمرّ الفرد بعمرٍ هو غير الطفولة والشباب والكهولة والهرم.

وكذلك من الناحية العقلية، لن يأتي زمنٌ لا يطلب الإنسان فيه السعادة أو لا يعدُّ الفضيلة خيراً بحسن فعله، والرذيلة شراً يجب تجنبه، كما إنه لم يدع يوماً سعيه نحو الكمال"  المصدر نفسه. ص78- 79

 فالإنسان الأوَّل والإنسان الأخير سواءٌ من هذه الجهة، ولن يجيء زمانٌ يتحوَّل فيه الإنسان عن هذه الجبلَّة على الإطلاق، لا في الطور الأخير من الماركسية، ولا في اليوم الإلهيِّ الموعود عند خروج الإمام المهديِّ عليه السلام، ولا في نهاية التأريخ عندما تصبح الليبرالية الأمريكية ديناً عاماً للبشرية بحسب رأي المأفون فوكوياما.

من هنا بالضبط تنبع الضرورة القصوى للأديان والفلسفة، ولولا هذا الشيء الإشكاليُّ الثابت في أنطلوجيا الإنسان لما كان للأديان من حاجةٍ فعلاً، كما لا تعود أيَّة أهميةٍ تُذكر للتفكير الفلسفيِّ عند بني الإنسان، وإنَّ "هذه الأمور الثابتة في الحياة البشرية هي التي جعلها الإسلام محور فلسفته وتشريعه، وأقام عليها سننه وتعاليمه. ومن هنا جاء خالداً خلود الدهر، راسخاً رسوخ الجبال، واسعاً سعة الفضاء، متلالئاً كنور الشمس ." ص80.

 

العراق_ النجف

[email protected]

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1270 الاثنين 28/12/2009)

 

 

في المثقف اليوم