آراء

ماذا نفعل لكي تعود الجولان أرض عربية

محمود محمد عليليس غريبا أن يصدر قرار الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" باعتراف واشنطن بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان، فقد ارتكب من قبل ترامب نفس الحماقة أو الجريمة عندما أعلن منذ أقل من عام، القدس عاصمة لإسرائيل بقرار منفرد متحديًا كل قواعد القانون الدولى والشرعية الدولية وانتهاك صريح لقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وبمجرد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بقرب صدور قرار من واشنطن باعترافها بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية المحتلة، تم رفض القرار عربيًا ودوليا واسعا، حيث أكدت مصر موقفها الثابت باعتبار الجولان أرض سورية محتلة، كما أعلنت سوريا وروسيا رفضهما قرار الرئيس الأمريكي ترامب، واعتبرت بعض الدوائر السياسية الأمريكية أن القرار الأمريكي يناقض سياسات الولايات المتحدة على مدى نصف قرن، وأن قرار ترامب بضم الجولان استهدف إضعاف علاقة اليهود بالحزب الديمقراطي، وإصراره على أن الديمقراطيين يعادون إسرائيل والشعب اليهودي. أيضا رفض الاتحاد الأوروبي سيادة إسرائيل على الجولان، كما رفض القرار كل من الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجى والبرلمان العربي.

بيد أن هذا الشجب بالكلام فقط لا يكفي ، فهناك أمور أخري يجب اللجوء إليها ، فالتاريخ يشهد علي أن الشعوب العربية كانت لها مواقف جليلة ضد إسرائيل ؛ فمثلا خلال حرب أكتوبر 1973 كان المملكة العربية السعودية قد اتخذت قرار عاجل بحظر تصدير النفط إلى الدول الداعمة للعدو الإسرائيلي، وتخفيض إنتاج النفط بنحو 340 مليون برميل اعتباراً من أكتوبر حتى ديسمبر 1973.

ليس هذا فقط بل وجدنا أيضا الجيش العراقى هو الجيش العربى الذى خاض معركة دامية مع القوات الإسرائيلية، ووقف بجانب مصر وسوريا أثناء الحرب.

كما تدخلت ليبيا هى الأخرى وقامت بنقل الكلية البحرية المصرية إلى أراضيها، وعندما واجهت القيادة المصرية مشكلة تفوق القوة الجوية الإسرائيلية، قامت ليبيا بعمل صفقة طائرات مع فرنسا واستخرجت جوازات سفر تحمل اسم ليبيا للطيارين المصريين حتى يتم تدريبهم داخل فرنسا، وكان للجزائر دور كبير فى المساعدة.

ومن جهة أخري  لا يمكن إنكار الدور العظيم الذى قامت به اليمن فى مساعدة مصر، حيث أغلقت باب المندب مرتين.

كما كان لدولة الإمارات مواقف شجاعة، حيث توجه الشيخ زايد أثناء حرب أكتوبر، بطلب إلى سفير الإمارات المتواجد فى لندن بأن يقوم بحجز جميع غرف العمليات الحرجة المتنقلة وشراء هذا النوع من كل دول أوروبا ليُعالَج فيها الجنود المصريون والسوريون.

أفيقوا أيها العرب، أكملوا مسيرة أجدادكم وآبائكم في حماية الأراضي العربية، أيها القادة، كونوا يدًا واحدة، الأمر لا يحتمل شيئا، لا ننتظر منكم إدانات وشجبا واستنكارا، ننتظر منكم قرارات حاسمة تمنع هذا الطوفان من التوغل والتغلغل داخل أراضينا العربية، فقد قالت "جولدا مائير" رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق ذات يوم: "عندما أحرقنا القدس لم أنم طيلة الليل، وتوقعت أن العرب سيأتون نازحين من كل حد وصوب نحو إسرائيل، فعندما بزغ الصباح علمت أننا أمام أمة نائمة".

أتمنى أن تثبتوا عكس ذلك، ونكون أمة مستيقظة، لا تخشى في الله لومة لائم ولا تهاب أحدًا، كما   أتمنى أن تكون القمة العربية والمنعقدة الآن بدولة تونس الشقيقة يكون عنوانها «القدس عربية.. الجولان عربية».. وأن يتخذ القادة قرارًا بعودة سوريا إلى حظيرة الجامعة العربية ومساندتها عربيًا ودوليا حتى عودة الجولان المحتلة.

نعم أعلم أن الملف غاية فى الصعوبة، ولكن اقتحامه الآن ضرورة قبل أن ينساه التاريخ، هضبة الجولان بموقعها الاستراتيجي الذى يطل على عمق إسرائيل لن تعيده إسرائيل وحلفاؤها بسهولة، لذلك يحتاج الأمر إلى تضامن حقيقي وإلى إجراءات عملية قد تصل إلى حد المغامرة لكى يعرف ساكن البيت الأبيض أن هذا الشرق الأوسط التعيس قد قرر الاستيقاظ من نومه، وقد قرر أيضًا أن يمتلك هذه المرة زمام المبادرة نحو تشكيل ملامح مصيره.

لم أفقد الثقة بعد فى الإمكانيات العربية، ولم أفقد الثقة فى سوريا المناضلة الجريحة، كل الاختيارات الآن موجودة على طاولة العرب، فقط بتحرير القرار تتحرر الجولان. اللهم فاشهد.. اللهم فاشهد .

 

د. محمود محمد علي - مركز دراسات المستقبل

 

 

في المثقف اليوم