آراء

حامد حمودي عباس: قمة المناخ.. والمصير المرعب

اتجهت انظار العالم هذه الايام، الى مدينة غلاسكو الاسكتلندية، لمتابعة وقائع قمة المناخ، والتي جرت بحضور أكثر من 190 دولة، بعد ان انضمت اليها الدول المشاركة في مؤتمر العشرين والمنعقد في روما (لا ادري كم هو نصيب دولنا العربية من هذا الحضور).. حيث انبرت الدول الصناعية الكبرى في محاولاتها الحثيثة، لإيجاد المخارج المناسبة، والكفيلة بتبرئة ذمتها مما جنته بحق البشرية وهي تتسابق منذ بدء ما يسمونه بالثورة الصناعية الكبرى، في مضمار تدمير المناخ، والمساهمة في اطلاق الغازات الدفيئة المنبعثة من مداخن المصانع، وعوادم المليارات مما تنتجه من مكائن وسيارات، اغلبها لا يراعى في تصنيعها أي ضابط من ضوابط منع التلوث،  ويسودها عدم الحرص على توفير مبادئ  السلامة العامة .

لقد وقفت جميع الدول الكبرى المشاركة في قمة المناخ، وهي في حيرة حقيقية من أمر امتلاك القدرة على تجاوز المحنة التي بدأ العالم برمته المرور بها، بما تحمله التوقعات العلمية من كوارث محتملة وقريبة الوقوع جدا، لتضرب بآثارها المدمرة اغلب دول العالم، ومن ضمنها العراق، بفعل عوامل التخريب البيئي، وما احدثته مبادئ التسابق الرأسمالي المحتدم، ضمن اعنف حرب ضروس ضد قوانين الطبيعة، واستنزاف مريع للغازات الصديقة لتحل محلها مخلفات الفحم القاتلة، وسيادة حضور ثاني اوكسيد الكاربون في فضاء الكرة الارضية.. يعزز ذلك كله الانبعاثات السامة الآتية من حرائق الغابات المستمرة .

تلك الحقائق ذاتها، قد سبق التداعي لأيجاد السبل الكفيلة بحلها خلال مؤتمر باريس للمناخ والمنعقد عام 2015 دون ان تمتثل الدول الرأسمالية الكبرى الى  ضرورة مواجهة الاخطار الجمة، والتي تواجه شعوب العالم رغم توقيعها على دساتير تلزمها بذلك .

ومن دواعي الاستغراب والاستهجان معا، ان تقوم تلك الدول، خلال جميع المؤتمرات المتعلقة بالمناخ، ومنها قمة غلاسكو الاخير، بالتعهد بالحفاظ على درجة حرارة الارض عند حدود 1.5 درجة مئوية في المستقبل، اضافة الى اطلاق الوعود من قبل ملوك رأس المال بتصنيع السيارات وفق شروط لا تتوفر فيها غير الاطلاقات النظيفة ..

وهذا، وفق المتوفر من وقائع، سوف لن يحدث.. وبناء عليه فان العالم يحث الخطى نحو بلوغ كوارث مميته، بدأت علاماتها واضحة في السيول الجارفة للمدن، وعواصف التسونامي لمدمرة التي غزت الشواطئ، وثورات البراكين التي اذابت قرى باكملها لتشرد الالاف من السكان، وتزيل آثار قراهم وبشكل يدعو الى الفزع الشديد .

بقى لي، والحالة هذه، حقا في التساؤل، ترى.. أين نحن في العراق مثلا، من تلكم الظواهر المخيفة، سيما وان العراق، هو من ضمن الدول التي ستكون سابقة لبقية الدول في تلقي الضربات الاكيدة لثورة المناخ، وحسب توقعات مراكز لدراسات العالمية المعنية بهذا الخصوص؟.. أين هي ردود الافعال الرسمية لتشن حربا مضادة لمقاومة التصحر، وانحسار الرقعة الخضراء، وما احدثه الجفاف وقلة الامطار من خسارات متتابعة في الزراعة عموما، يدعم ذلك ما تبعثه المئات من المبازل شبه الميته من غازات سامة، سيما وان تلك المبازل اصبحت تمتد وسط المدن، بفعل الامتداد غير المدروس للاحياء السكنية وانتشار العشوائيات .. ناهيكم عن الخراب الذي حل بشبكات الصرف الصحي واختلاط مياه الشرب بمخلفات تلك الشبكات .

لقد ساهمت ظاهرة تجريف الاحزمة الخضراء حول المدن، وتراجع تلك الاحزمة بفعل التوجه صوب تحويل الاراضي الزراعية الى قطع سكنية، وغياب الرقابة الحكومية عن تفشي عوامل التصحر تدريجيا وبتسارع مخيف، ساهم بعملية اثارة الغبار في الاجواء وعلى مرور فصول السنة، الامر الذي يعتبر بحد ذاته تلوثا للبيئة، له علاقة مباشرة بصحة الانسان .

ان ما يحل بالعالم اليوم من خوف بلغ حد الرعب، من تداعيات احدثتها التغييرات التي حصلت في المناخ، تجعل من الضروري ان تولي احزاب السلطة في العراق، اهتماما بالغا تتوقف بموجبه عند الضرورات الكفيلة بحماية السكان من اخطار ستقع لا محالة، غير ان نسب الاثار المحدقة بهذه الدولة او تلك، ستكون متباينة تبعا لاستعداداتها لخلق مصدات تحميها من الكوارث .

 

حامد حمودي عباس

 

 

 

في المثقف اليوم