آراء

قاسم حسين صالح: في العراق.. الصفقات تحدد تشكيل الحكومات

قاسم حسين صالحالتحالفات السياسية في كل بلدان العالم، حالة مشروعة ان كانت من اجل تنفيذ برنامج يهدف الى خدمة المواطن واعمار الوطن، لكن ما جرى في العراق، قبل واثناء انتخابات مجالس المحافظات، هو صفقات تهدف الى خدمة مصالح شخصية وحزبية وصفها المتحالفون انفسهم بانها فقدت المبدئية والقيم الاخلاقية، وانها اتسمت بالغدر والخيانة. فقد حدث في اكثر من محافظة خلال تشكيل حكوماتها المحلية في حزيران 2013 ان الكتلة (س) التي تحالفت مع الكتلة (ص) تفاجأت بأن اعلنت (ص) تحالفها مع الكتلة (ع) التي هي على خلاف مع الكتلتين لسنين!.وهذا هو المقصود بالصفقات.. بوصفها ميكافيلية تعتمد مبدأ الغاية تبرر الوسيلة.. والغاية هنا مصلحة يحكمها الانتماء الى حزب او كتلة سياسية وتغليبه على الانتماء للوطن، وما تزال موجودة الآن(2022).. في مفارقة أن على رأس السلطة رئيس وزراء مستقل سياسيا، ولا يستطيع تحجيم مصالح احزاب بينها من هو خارج السلطة!

وللمرة الأولى بعد 2006 (تتزحزح) الصفقات قليلا بدعوة السيد مقتدى الصدر الى تشكيل حكومة اغلبية وطنية يدخل فيها (الوطن والشعب) طرفا ، وتدخل فيها الديمقراطية باب الأغلبية والمعارضة البرلمانية، وان بالقول. غير ان القوى الخاسرة التي توحدت تحت عنوان (الأطار التنسيقي) سعت وتعمل على اسقاط مشروع حكومة الأغلبية وتشكيل حكومة توافقية تؤمن استمرار مصالحها، مع ان عرّابها السيد نوري المالكي كان قد دعى علنا الى تشكيل حكومة اغلبية فيما هو يعارض الآن بشدة تشكيلها ويدعو الى حكومة توافقية كان قد وصفها هو بانها سبب فشل العملية السياسية في العراق.

ومع ان الصفقات خلخلت مواقف احزاب وكتل وقوى الأطار التنسيقي وابدى بعضها عدم معارضته تشكيل حكومة اغلبية وطنية، ألا ان استشرافها لمستقبل مصالحها دعتها الى ان تبلغ التيار الصدري رفضها استبعاد المالكي الذي أصر عليه السيد مقتدى الصدر ، وعبر عنها في تغريدته(السياسة.. يوم لك ويوم عليك).. ما يعني (انك يا نوري المالكي الذي حكمت العراق ثمان سنوات وقتلت مئات من اتباعي.. انتهى يومك.. وحل يومي من الآن).

وسيكولوجيا.. ان السيد مقتدى الصدر فرح الآن بعد ان جعل خصمه يشعر بالمذلة والخوف من اخذ الحيف بطريقة، في ظاهرها مشروعه بدعوته الى محاكمة الفاسدين، وانه ينتظر اليوم الذي يرى فيه السيد نوري المالكي في قفص الاتهام.. بعد أن اصبح (مقتدى) اللاعب السياسي الأكبر والأخطر في عراق (2022).. وبعد ان أخذ موقفه يتعزز عربيا وداخليا آخرها.. رفض السيد السيستاني استلام رسالة من الأطار التنسيقي بخصوص تشكيل الحكومة القادمة.

غير ان المالكي اشد مكرا واغنى خبرة في السياسة وعقد الصفقات، وبعد ان تضاعف عدد ممثليه في البرلمان من اقل من عشرين الى اكثر من ثلاثين نائبا.. ما يعني ان له رصيدا جماهيريا وان كان يعزى الى انه اقنع او اغرى او اشترى عددا من شيوخ عشائر الوسط والجنوب.. مع ان البرلمان الحالي لا يمثل الشعب العراقي لأن نسبة من قاطعوا الأنتخابات أضعاف من شاركوا.

ولهذا فأن الرأي العام العراقي يرى ان الصفقات ما تزال هي التي تحكم تشكيل الحكومة المقبلة. ففي تغريدة لنا بعنوان (السيد السيستاني يرفض تسلم رسالة الاطار التنسيقي الخاصة بتشكيل الحكومة،  والاطار يرفض موقف الصدر استبعاد المالكي، والايام حبلى.. فماذا ستلد؟) رأى اكاديميون ومثقفون واعلاميون.. ان الصفقات هي التي ستحدد تشكيل الحكومة المقبلة، ما دام حيتان الفساد والفصائل المسلحة هم اللاعبون الأخطر، وأنهم شرسون ، اذا صاروا على يقين أن نهايتهم قربت.. فأنهم سيكيدون لمن كاد لهم.. وينهونه!

 

د. قاسم حسين صالح

 

في المثقف اليوم