قضايا

الفقرات الجديدة في قانون موازنة 2015

amira-albaldawiمنذ اكثر من ثمان سنوات تجتر قوانين الموازنة السنوية نفس المواد والفقرات التي اغلبها لم تطبق ولو كانت قد دخلت حيز التطبيق لكانت كفيلة بحل بعض المشاكل التي نعاني منها لاسيما المتعلقة بلامركزية المحافظات، وقد جاء قانون موازنة 2015 ليرسخ تلك المواد المكرورة برغم الازمة المالية والانهيار المستمر بأسعار النفط الخام . الا ان القانون تضمن بعض المواد والفقرات الجديدة و التي تتزامن مع الدعوة للتغيير و مع الرغبة في الالتزام بتنفيذ البرنامج الحكومي الذي ذهب بأتجاه التهدئة والنزوع الى حل الازمات . وقد أدى الانهيار المستمر في اسعار النفط الخام والعجز الكبير في الموازنة الى انتهاج جملة سياسات واجراءات اتبعت للمرة الاولى، وسنقوم في ادناه توضيح أهم ماجاء من جديد في مواد قانون موازنة هذا العام:-

1- مواد لأجل ترسيخ الاستقرار السياسي:- نصت المادة (13) في الفقرة (أولا) من القانون على تخويل المحافظين صلاحيات تنفيذ المشاريع لسبع وزارات هي (الصحة، البلديات والأشغال العامة، التجارة، الأعمار والأسكان، الزراعة، العمل والشؤون الأجتماعية، الثقافة والشباب والرياضة) وذلك بألأعلان وألأحالة وتنفيذ المشاريع غير الاستراتيجية (تنفيذ المشاريع الاستراتيجية من صلاحية الحكومة الاتحادية ) وبهذا سيتم نقل تخصيصات تلك المشاريع الى المحافظات المعنية وهي تشمل مشاريع مهمة ذات العلاقة المباشرة بحاجات المواطن، وتأتي هذه الفقرة متماشية ومنسجمة مع الفقرة السادسة من البرنامج الحكومي (تنظيم العلاقات الاتحادية – المحلية) التي تهدف الى توسيع صلاحيات المحافظات وتمكينها من مواردها ومشاركتها في صنع القرار وصولا الى مزيد من الامن والاستقرار في المحافظات التي لم تتعرض الى انتهاك امني وخاصة محافظات الوسط والجنوب، وبعيدا عن أثارة موضوع قدرات المحافظات في تحمل اعباء بعض الخدمات المهمة التي تصل شهريا للمواطن وان كانت تصله منقوصة كالبطاقة التموينية وتخصيصات شبكة الحماية الاجتماعية فأن هذا الاجراء سيساهم في تحسين العلاقة بين المحافظات والمركز وسينقل الحوار المجتمعي حول الاداء من جدلية المحافظة - المركز الى المحافظة - الادارات التابعة لها . كما نصت المادة (9) في الفقرة (خامسا) ولآول مرة على تضمين تخصيصات لقوات البيشمركة من تخصيصات القوات البرية الاتحادية للجيش العراقي حيث لم يسبق ان حددت تخصيصات من احد ابواب الموازنة للبيشمركة في القوانين السابقة وقد كان يترك الامر للأتفاق بين مجلس الوزراء الاتحادي ومجلس وزراء اقليم كردستان ولا يحدث اتفاق او خطوة عملية مما ادى الى تفاقم خلافات وصلت ذروتها في عام 2014 وان تأكيد قانون الموازنة على دفع (17%) من مجموع النفقات في الموازنة بعد استبعاد النفقات السيادية الى اقليم كردستان يعتبر التزاما بدفع استحقاقات الاقليم التي حجبت في عام 2014، وهذا في مقابل التزام اقليم كردستان بتصدير 250 الف برميل يوميا وايداع ايراداتها في الخزينة العامة للدولة (المادة (1) اولا – ب) حسب الاتفاق النفطي الذي تم اعلانه مؤخرا . وتعد هذه الالتزامات المشتركة جزء من الجهد الذي تم النص عليه في البرنامج الحكومي في مجال تنظيم العلاقة بين الحكومة الاتحادية والاقليم فضلا عن الارادة السياسية التي تحققت من كافة الاطراف لتسوية الخلافات بهدوء وحذر مابين الطرفين وعلى طريقة (تقدم خطوة واتقدم خطوة ) بهدف الوصول الى مزيد من الاستقرار

2- مساهمة وتسهيلات للقطاع الخاص :- لقد خصص البرنامج الحكومي احدى فقراته بعنوان (تشجيع التحول نحو القطاع الخاص) .وقد نصت المادة (15) من قانون الموازنة على (التوسع في فتح باب الاستثمار الخاص والمشاركة مع القطاع الخاص من قبل الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة والمحافظات بحدود اختصاصاتها وتشكل لهذا الغرض لجنة عليا على ان يصدر مجلس الوزراء تعليمات خاصة بها والاستثناءات من القوانين ذات العلاقة). وهي دعوة بل التزام بفتح الباب لمشاركة شركات القطاع الخاص في مجال الاستثمار مع وضع الآليات الضامنة لذلك

3- تسهيلات الاقراض والتزامات الدولة :- تم تسهيل وتشجيع الاقتراض من المصارف (الزراعي والمصرف العقاري وصندوق الاسكان) من خلال خفض نسبة الفائدة الى 2% كما مبين في المادة (17-أولا) كما نصت الفقرة (ثانيا) من نفس المادة على ان توزع القروض على المواطنين بالاخذ بعين الاعتبار النسب السكانية في المحافظات، في حين تلتزم وزارة المالية بتحمل نسبة الفائدة على قروض مشروع بسماية السكني والبالغة (4%) (الفقرة – ثالثا)، كما نصت المادة (18) من القانون على اطفاء الديون المستحقة للحكومة بدفع ضريبة من قبل المكلفين نتيجة تضاعف المبالغ الخاصة بقياس ضريبة الدخل وهي جزء من مسؤولية الدولة في تخفيف الاعباء الضريبية او الديون في ذمة المواطنين

4- أيرادات جديدة وسياسة التقشف:- تضمنت مواد قانون الموازنة جملة اجراءات تساعد في توفير او تعزيز الوصول الى ايرادات جديدة وتعبر عن سياسة التقشف ومنها مانصت عليه المادة (29 ) بمنح الصلاحية لوزير المالية الاتحادي باصدار طابع باسم دعم النازحين للمواطنين عند مراجعتهم للدوائر الحكومية، وما جاء في المادة (30) من الزام الوزارات الخدمية في تفعيل جباية الرسوم على خدمات (الكهرباء، الماء، الهاتف، المجاري )وقد أثارت هذه المادة حفيظة البعض بسبب ضعف توفير تلك الخدمات في حين عبر البعض الآخر عن فهمه بأن الالتزام بدفع اجور تلك الخدمات مع قلة توفرها تعزز المواطنة وتدفع الحكومة الى توفيرها بنوعية افضل وبأستدامة اعلى . كما نصت المادة (33) الى أجراءات اثارت حساسية المواطنين وهي فرض ضريبة المبيعات على كارتات تعبئة الهاتف النقال وشبكات الانترنيت بنسبة (20%) من قيمة الكارت وبنسبة (15%) على شراء السيارات بكافة انواعها وتذاكر السفر، ولم تبادر وزارة المالية الى التوعية والشرح الوافي لأزالة مخاوف المواطن بأن من سيحصد آثار انخفاض اسعار النفط والازمة المالية هو الشعب العراقي الذي هو في الاصل قد انهكته ظروف الحرب والنازحين والازمات المتتالية . لم يتم توضيح ان المقصود بالضريبة على المبيعات على كارتات الهاتف النقال تعني الضريبة على شركات الهاتف النقال وليس على المواطن، اما شراء السيارات فأن وزير المالية من سيصدر تعليمات تبين نوع السيارات وبالتأكيد ستكون السيارات ذات المواصفات الخاصة التي تستخدمها فئة محددة من الناس . كما نصت المادة (37) من القانون بمساهمة موظفي الدولة والقطاع العام في مواجهة التحديات الاقتصادية ودعم قواتنا الامنية في تامين متطلبات الحرب ضد الارهاب بأعتماد نظام الادخار الوطني، ومازالت هذه الفقرة محل جدل بين اعضاء مجلس النواب بين فرز الموظفين حسب رواتبهم في مجال الادخار، وبين ان تحجب آلية الادخار عن محافظات دون اخرى، ومازال هناك وقت (قصير جدا ) للوصول الى اتفاق .

أخيرا، للمواطن كل الحق ان يتذمر او يتخوف او يرفض فيرفع لافتة او ينظم تجمعات احتجاجية فهو لم يكن سببا في اهدار الاموال الفائضة سنويا بسبب ارتفاع اسعار النفط ولم يكن مساهما في صفقات الفساد التي باتت رائحتها تزكم الانوف في كل مفصل وقطاع من قطاعات الدولة وهو كان المجني عليه دائما، وبرغم ذلك فأن هذا المواطن نفسه يذهب في كل انتخابات ليشارك بأيجابية ووعي عالي طالبا التغيير ومتأملا اوضاعا افضل، وهو نفسه الذي بادر بكل بسالة وشعور بالمسؤولية للذود عن حياض الوطن عندما تعرضت اراضيه لأستباحة العصابات الارهابية مستجيبا لنداء المرجعية العليا في الجهاد الكفائي عن الارض والاعراض والممتلكات، هذا الحب للوطن الذي تترجمه الممارسات والاستجابات المتكررة هو الذي نعول عليه في موقف وطني واعي من اجل عبور هذه الازمة .. وهنا اسجل استغرابي من تدافع اعضاء مجلس النواب وممثلي الشعب على المايكرفونات والمؤتمرات الصحفية للمطالبة بزيادة تخصيصات او تعيينات او زيادة نفقات وهم يعرفون حق المعرفة ان البلد في ضيق وحرج بين ايفاء مستلزمات الدفاع عن الوطن وتوفير ديمومة المواجهة مع الارهاب وبين سد الأحتياجات الاساسية من رواتب الموظفين والمتقاعدين .. فمتى يرتقون الى وعي المواطن وقدرته على القيام بمسؤولياته كلما تطلب ذلك ومهما كانت التضحيات .

13/1/2015

 

 

في المثقف اليوم