قضايا

عالمية وسماحة رسالة الإسلام

jafar almuhajirبسم الله الرحمن الرحيم: ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ.) سبأ- 28.

شجرة الإسلام ليست كباقي الشجر. أنها شجرة ربانية وارفة الظلال، ودانية القطوف لكل نفس تروم الشفاء من أمراضها من اليوم الأول الذي آنبثق نورها على الأرض.وتدلت قطوفها بمرور الزمن لتعيد للبشرية عافيتها، وتشفي كل جراحاتها المتراكمة بأمر الخالق العظيم، والتي بشر بها أشرف خلقه، وأكملهم خلقا وسماحة ونقاء وطهرا ألا وهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ص .

وستبقى هذه الشجرة وارفة الظلال، طاهرة ندية يانعة. مابقي الوجود . وأوراقها الغضه لاتعرف الذبول. وثمارها الناضجة تنور القلوب، وتشفي ألأرواح، وتنور البصائر مهما آشتدت عليها العواصف العاتية منذ أن آنطلق ذلك النداء الرباني العالمي البليغ:

بسم الله الرحمن الرحيم:

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ.)

سورة الحجرات-13.

ذكر العلامة الطباطبائي رحمه الله في تفسير الميزان الجزء 18 ص 326 في تفسير هذه الآية مايلي:

(المراد بقوله (من ذكر وأنثى) أي آدم وحواء والمعنى: إنا خلقناكم من أب وأم من غير فرق بين الأبيض والأسود والعربي والأعجمي وجعلناكم شعوبا وقبائل مختلفة لالكرامة بعضكم على بعض بل لأن تتعارفوا فيعرف بعضكم بعضا ويتم بذلك أمر اجتماعكم فتستقيم مواصلاتكم ومعاملاتكم. فلو انقرض ارتفاع المعرفة بين أفراد المجتمع لأنفصمت العرى الإنسانية.)

أن سر بقاء الإسلام وديمومته وامتداده على رقعه شاسعة من هذه الأرض هو عالميته وكونه نظاما اقتصاديا واجتماعيا وأخلاقيا يصلح لكل البشرية، ويعمل على حل المشاكل والمعضلات التي تواجهها على أسس سليمة ومنطقية وجذريه سداها ولحمتها العدل والمساواة. بعيدا عن الاستبداد   والإكراه والتقليد الأعمى. وهذه الصفات التي نادت بها   هذه الشريعة الغراء جعلتها تنطلق إلى أقصى بقعة في آلعالم الأرض، وتجد لها المكان الأرحب والمتميزبين العديد من شعوبها.لكن من تعامى عن فهم هذه العقيدة السامية النابضة بآحترام الإنسان من داخلها وخارجها أصروا على جهلهم وعمايتهم، وأغمضواعيونهم، وأقفلوا قلوبهم حتى لايدخل إليها هذا النور الإلهي الباهر.فراحوا يكيدون لها نتيجة لجهلهم وتعصبهم.

ويصف الله سبحانه هؤلاء في محكم كتابه العزيز:

بسم الله الرحمن الرحيم:

(لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا ۚ أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ.) سورة الأعراف- 179.

لقد أثبت الإسلام بأدلته الواقعية، وقوة برهانه الساطع إنه القانون الشامل لكل ماعانته البشرية من ظلم وانتهاك لحقوق الإنسان واعتداء على كرامة النفس البشرية حيث قال الله في محكم كتابه العزيز:

بسم الله الرحمن الرحيم:

(وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ.) هود-113.

لقد كانت هذه الرسالة الغراء كانت حربا لاهوادة فيها على الرق والعبودية والاستغلال والنعرات العنصرية حيث أعلنها الرسول العظيم محمد ص واضحة جلية :

(أن لافضل لعربي على أعجمي ألا بالتقوى) و(كلكم لآدم وآدم من تراب) و(إن الله قد أذهب عنكم رجس الجاهلية بالتفاخر بآبائكم وعشائركم.)

لقد أثبتت رسالة الإسلام بأنها الرسالة الحقة التي وضعت الأساس القويم والمحكم للتعارف والإخاء والوحدة بين شعوب الأرض.وإنها ضد كل من يسبئ إلى هذه العلاقة،ويسعى إلى تشويهها بترويج الأضاليل والأكاذيب عنها.

يقول الشهيد محمد باقر الصدر في سفره الخالد فلسفتنا ص 44:و45:

(وهذا هو الإسلام في أخصر عبارة، وأروعها فهو عقيدة معنوية وخلقية ينبثق منها نظام كامل للإنسانية، ويرسم لها شوطها الواضح المحدد، ويضع لها هدفا أعلى في ذلك الشوط ويعرفها على مكاسبها منه. وقد حمل الإسلام المشعل المتفجر بالنور بعد أن بلغ البشر درجه خاصة من الوعي فبشر بالقاعدة المعنوية والخلقية على أوسع نطاق وأبعد مدى ورفع على أساسها راية إنسانية وأقامة دولة فكرية أخذت بزمام العالم لربع قرن، وسعت ألى توحيد البشر كله وجمعه على قاعدة فكرية واحدة ترسم أسلوب الحياة ونظامها فالدولة الإسلاميه لها وظيفتان : أحداهما تربية الإنسان على القاعدة الفكرية. وطبعه في اتجاهه وأحاسيسه بطابعها والأخرى مراقبته من الخارج وإرجاعه ألى القاعدة إذا انحرف عنها عمليا .)

هذه هي رسالة الإسلام وهذا هو جوهره النقي الذي لاتشوبه شائبة. أنها الدين القيم الذي لاتستطيع قوى الظلام تشويه حقيقته الناصعة،وهي ليست دولة داعش الظلامية التي تشهر سيوفها وسكاكينها وبغيها اللامحدود على رقاب الأبرياء بآسمها . إن رسالة الإسلام متناقضة تماما مع جرائم هذه الوحوش البشرية التي تجز الرقاب، وتنتهك الأعراض، وتنهب الممتلكات، وتوغل حرقا وتدميرا في المدن الآمنة. حتى وصل شرها وشرورها إلى المدن الأوربية لتشعل من في قلبه مرض نار الحقد الأعمى لكي يطلق سيل من     التهم الجاهزة المغرضة على هذه الرسالة، ويلصق بها تهمة الإرهاب ظلما وعدوانا. حتى أصبح الإنسان المسلم في بلدانهم تحوم حوله الشكوك نتيجة لما يقوم به نفر ضال إنحرف عن هذه الرسالة السماوية فآرتكب جرائمه بآسمها.

ويكفي لأربع كلمات قالها الله في محكم كتابه العزيز لنسف النزعات الدموية الإجرامية لهؤلاء البغاة. ومن يدعي بأنهم يمثلون الإسلام وهي قوله تعالى حين خاطب نبيه الكريم: (وإنك لعلى خلق عظيم.)

يقول بن سعد في الطبقات: ( كان محمد ص قبل النبوة أفضل الناس مروءة،وأحسنهم خلقا، وأكرمهم مخالطة وأحسنهم جوارا، وأعظمهم حلما وأمانة، وأصدقهم حديثا، وأبعدهم عن الفحش والأذى. حتى سماه قومه الأمين .) هذه هي صفات النبي الكريم محمد ص قبل البعثه النبويه فكيف يكون بعد أن اختاره الله نبيا وصفيا لتبليغ رسالته ألى العالم ؟   فمالكم كيف تحكمون ؟ وأين الثرى من الثريا.؟

لقد قال رسول الله ص ( أدبني ربي فأحسن تأديبي) وقال ص (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) فمتى تدرك بعض الأوساط في الغرب ومنها الصحف التي نشرت الصور المسيئة لنبي الإسلام ص بآىسم حرية التعبير والكلمة.؟وهل حرية التعبير والكلمة تسمح بالإساءة إلى دين سماوي يدين به أكثر من مليار ونصف مسلم.؟

إن الإسلام يرفض كل أنواع الظلم ؟وإن هذه الجماعات الضالة من القاعدة وداعش والنصرة لاتمثل إلا أفرادها . وأن كل الحريات في العالم لها ضوابط أخلاقيه وهي أمانه في أعناق الداعين لها .

إن الجريمة التي حدثت في باريس على صحيفة (شارلي إيبدو) الفرنسية الساخرة أمر يستهجنه الإسلام لكن إعادة نشر الرسوم بثلاثة ملايين نسخة، ووقوف مجرم الحرب (نتنياهو) ومن شجع على دخول الإرهابيين إلى سوريا والعراق في مقدمة صفوف المستنكرين تحمل في طياتها الكثير من التساؤلات .    

لقد قرأت مقالا لأحد الذين تعودوا على إلصاق التهم الباطلة جزافا بعد هذه الحادثة. وما أكثر الزبد في هذه الأيام ليقول في إحدى فقراته: (لايوجد شيئ أسمه (تسامح) في الإسلام.!!!) وهذا شر البلية ولو عددت لهذا المدعي آيات التسامح والعفو وأقوال نبينا الكريم ص في ذلك لاحتجت ألى صفحات كثيرة.

ترى ماذا سيقول هؤلاء الغربيون اليوم حين يقرأون تلك الشهادات الحقة لكثير من فلاسفتهم ومفكريهم تلك الشهادات الناصعة بحق الإسلام وكتابه الخالد القرآن ونبيه الهادي محمد ص أمثال تولستوي وبوشكين وغوته وأرنولد تويمبي وتوماس كارلايل وغيرهم الكثير.؟

سيبقى الإسلام دين سلم ومحبة ووئام مادامت البشرية رغم كل الركام الهائل من التهم الظالمة لأنه الشجرة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء.

بسم الله الرحمن الرحيم:

﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ* تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ.)

من سورة إبراهيم-24-25.

 

جعفر المهاجر/ السويد

15/1/2015.    

في المثقف اليوم