قضايا

تجارة الإرهاب بين إستراتيجية الرعب ولعبة الأمم القذرة (1)

altayb baytalalwiلامجال للصدف في السياسة، ولا مكان، بالتالي، لعنصرالمفاجأة في عالمها (أي السياسة)، ولنكن على يقين بأن كل حدث سياسي ما كان له أن يقع إلا كما خُطط له بدقة فرانكلين روزفلت

 

تمهيد:

منذ 11 سيبتمبر عام 2001 ... !، عاش العالم تحت وابل منهمرمن مفاجئات الهجومات الإرهابية المتمثلة في المسلسلات المتتاليةلعمليات القتل والتفجيرات والإغتيالات والإختطافات فيالعالم بأسره،

وتم حشرالبشرية في دوامة جهنمية من أعمال عنف، وردود أفعال أشد عنفا يستحيل حصرها ومعيرتها ومعرفة مصادرها الحقيقية سوى ما ينشره الإعلام الغربي الفاقد للمصداقية والوثوقية منذ حربي الخليج الأولي والثانية والحرب على لبنان ومحرقات غزة :

ويمكن التذكير ببعض تلك العمليات التي تم عن طريقها تبرير التدخل في سيادات الدول الصغرى- بموجب حدوث تلك العمليات الإرهابية - وخاصة تلك التي تدور في الفلك الغربي وهي:

 

16 ماي 2003 بمدينة الدارالبيضاء المغرب : تفجير أدى إلى 45 قتيل وحوالي مئات الجرحي

2011 28 افريل بمدينة مراكش المغرب : تفجير أدى إلى 16 قتيل 21 جريح معظم الإّصابات من السياح الفرنسيين

11 مارس 2004 مدينة مدريد – إسبانيا: مدريد 200 من القتلى 1400 جريح

لندن 7جويي 2005: 56 من القتلى و700 جريح

2012 11 مارس فرنسا تولوز: محمد ميرا : 8 قتلى من اليهود و6 جرحى

16 ديسمبر2014 بشاور – باكستان: تجيردموي مروع خلف 141 قتيل فيهم 132 تلميذ حيث خلف العمليات التفجيرية في الباكسان منذ 11 سيبتنمبر 2001 حوالي 50 ألف ضحية لا تهز أعطاف الإعلام الدولي وخاصة الغربي

6 من جانفيي2015 تفجير أرهابي في إستانبول – تركيا

7 من جانفيي 2015 في 7 صباحا : إنفجار سيارة مفخخة في صنعاء باليمن خلفت 37 قتيل وهم شباب كانوا قرابة مركز للشرطة لغرض البحث عن العمل في إدارة لأمن

في نفس اليوم من 7جانفيي 2015 تمكن إرهابيون على الساعة 11و30 دقيقة من إغتيال المعاصر لما بعد الحرب العالمية الثانية: صحفيين بجريدة : شارلي هيبدو Charlie Hebdoوهو الحدث الأخطر في تاريخ فرنسا لما بعد الحرب العالمية الثانية

 

تساؤلات:

- هل نحن مقبلون فعليا على الدخول في منعطف جديد للطرق الملتوية لمسارات لعبة الأمم الجديدة لما بعد الحرب الباردة- التي هي صناعة غربية- لا نصيب فيها للعرب سوى ردود الفعل المنعكس الشرطي لكلب بافلوف،

لقد إكتفي دائما معظم الساسة العرب- في الماضي كما في الحاضر- بالحملقة ببلاهة، والتفرج ببلادة- تعكسه خطاباتهم العكاظية كلما تجمعوا في القاء معلقاتهم في لقائاتهم الموسمية في خيمتهم العربية – كما سماها هنري كيسنغر في اوائل السبعينات عند مخاطبته لمريده الصفي أنور السادات

ولقد عودنا معظم الساسة العرب منذ ما بعد مهزلات الإستقلالات، بتحمل تبعات كل انواع التدليس الغربي الممارس للشعوب العربية، والخنوع والإمتثال- كلاعبين صغار- لأوامر الكبار ...، والخضوع للأمرالواقع والقبول ب القدرية السزيفية المقيتة المعطلة للتصورات السديدة، القاتلة للحواس والتفكير والتخطيط، ونهج سلوكيات بهيمية عجماء تعودت عليها الشعوب العربية منذ النكبة والنكسة وما بعد حرب رمضان أكتوبر وحربي الخليج الأولى والثانية و11 سيبتمبر؟ والربيع العربي؟

أم اننا بالفعل كنا نعيش وسط مستنقعاتها منذ الثمانينات، وقيل إنهيار الإتحاد السوفياتي، لاهين عنها ونحن نغط في سباة عميق؟

وسأورد هنا بعض الحيثيات من باب التذكير قبل محاولة الرد على هذين السؤالين÷

وعرض هذه الحيثيات، هي بقصد الإعتبار والتفكر والنظر، ولاعلاقة لها بسرد تقنيات علوم الإجرام Criminolgie

- بادئ ذي بدء: فالجريمة الشنعاء لصحافيي شارلي هيبدو Charlie Hebdo: كخبر صحفي طري، ومعلومة إعلامية طازجة، وإفتتتاحية مشؤومة لعام 2015 : جريمةإنسانية بشعة ولا أخلاقية بكل التصورات والمعاني والمقاييس: .....،

غير أن هناك تساؤلات التي لا بد من طرحها بالمقاربة الأنثروبولوجية وبالمنظور الجيو - سياسي اللذان لا يؤمنان بالثرثرات والدردشات، أوالإعتقاد ب الخبر السياسي المنشور بغرض إعلام وتنوير المغفلين في الأرض في سبيل الله

- ولكي لانحقر عقولنا فبديهي ان نؤمن بأن الموتى لا يتكلمون على حد تعبير شكسبير....،

فلا أحد يعرف حتى كتابة هذه السطور من هم الجناة الحقيقيون ّ؟ ومن وراءهم؟ ومن المخططون؟ سوى الموتى أنفسهم وما ذكره الإعلام الفرنسي الرسمي ومن يسترزق من فضله ويتعيش من فضائله

- ولاأحد سيدعي أنه سيجيب عن هذا التساؤل، ولو كان من العرافين وضاربي الرمل والمندل والمنجمين

كما انه لا أحد يعرف- في الأمس القريب - أسامة بن لادن أو من جالسه وكلمه وإستجوبه أو شرب معه كأس شاي، سوي ما نقلته لنا القناة القطرية التي أذاعت شهادة مستجوبه الشجاع المقدام الذي لا يشق له غبار: مدير جريدة القدس العربي اللندنية السابق، عندما روجت تلكم القناة لسبقه الصحفي التاريخي المشهور المتفرد، كسبق ما يزال يثير التساؤلات والشبهات- حسب مبلغ علمي-، ولم يستطع الإعلامي المعروف الغضنفر، من إشباع فضول الحيارى من المتسائلين، أو سد رمق المتعطشين بصدد الشبح أسامة البعبع بالمزيد من المعلومات الموثقة، سوى تمجيد الشيخ أسامة والدفع بالعرب والمسلمين بتملي طلعته وتشنيف الأسماع برخامة نبرات صوته المهددة للفجرة الكفر ة حتى ان صحفا غربية في فرنسا وبريطانيا وألمانيا نشرت أخبارا مثيرة عن شغف الكثير من الطريات الأوروبيات ب الإرهابي الفتوة الحمش المثير في الأذهان الغربية لأسطورتي روبين هودو وزورو

فأسدل الستار على أسطورة مؤسس القاعدة وأخواتها، التي أدخلت العالم في لعبة أمم جديدة قذرة، قد نكون في حاجة إلى المزيد من ويكيليكس أوخبير مطلع ومالك للوثائق السرية كمشتغل في الماكينة الجهنمية للمخابرات الغربية من طينة مايلز كوبلاند : صاحب كتاب (لعبة الأمم) الذي صدر فى عام 1969، صور فيه العالم كرقعة شطرنج تحرك الامم الغربية الكبرى قطعها المُرمِزة للأنظمة السياسية الدولية التابعة للمركز، وتموضعها حسب سيناريوهات تتفق ولعبة الامم التي يضعها الكبار – ولا مجال فيها للأقزام الصغار – حتى أن الكتاب تم تصنيفه في العالم الغربي والعربي منذ صدوره بجملة (خطير جداً) لأنه تضمن أسرارا تتعلق بأزمات سياسية بقيت فى طي النسيان، وزلزل الكتاب الأرض تحت أقدام ساسة كانوا يعتقدون في كاريزماتهم فرحل منهم البعض الى بارئه بموتة طبيعية، ورُحِل البعض بالإغتيال ومنهم ممن ينتظرغير انه لو باح أحد بالسر من بعض الباقين لقطع منه الودج من الوريد الى الوريد – مثل كبش عيد الأضحى او الحلاج المصلوب، وزالت أنظمة كانت تؤمن بخلود إستمراريتها ودخلت في غياهيب النسيان، ويمكن تعداد معظم الساسة العرب اليوم(الأحياء منهم والأموات) في عداد الميتين

و لم ُيعرف حتى الآن من إغتال الرئيس الأمريكي كينيدي سوى ما تكرر من خرافة تلك الرصاصة الوحيدة الباليستيكية الغريبة النطاطة المتنقلة والمتشظية التي تناسلت عنها رصاصات إخترقت جسم كنيدي (وهو الطرح الغيبي- الصوفي اللاعقلاني لذي ما تزال المخابرات الأمريكية تتمسك به منذ أكثر من ربع قرن إحتقارا لعقول الأنام)

أما جريمة شارلي هيبدو Charlie Hebdo فقد تمت بشكل حِرَفي متقن من حيث معرفة تزامن التوقيت المضبوط لإجتماع الصحفيين، مع وضوح وحرفية خبرة المجرمين الملفة للنظر في الدقة في إختيار التوقيت، ودقة التصويب بدم بارد- برصاصة أو رصاصتين- مع السرية التامة في الوصول إلى مكان الجريمة بدقة تعداد الساعةالكرونولوجي والأنضباط الحرفي الصارم التي لا تتناسب على الإطلاق مع مهزلات نسيان أحدهم لبطاقة هويته الشخصية على مقعد سيارة ما ظهرت بطريقة ما على مسرح الجريمة القريب وفي المكان المناسب والتوقيت المناسب

مهزلة الصحفيين الذين عاينوا الحادثة- في الوقت المناسب لتوقيت الجريمة المتواجدين بالصدفة على سطح منزل قريب من مكان الجريمة ولكن كانوا كلهم يرتدون صدريات واقية ضد الرصاص

- تم التخلص من فاعلي الجريمة في رمشة عين، ومحو مواد الجريمة وإخفاء قرائنها وآثارها، ولم يتم القبض على الجناة المجرمين المنتسبين الى القاعدة اليمنية الإرهابية لمحاكمتهم محاكمة قضائية نزيهة وشفافة كان في نظر الإعلام الموازي - الخارج عن السياج - هوتكرار فج لسيناريو 11 سيبتمبر، عندما تم العثور للغرابة على جواز سفر الجاني الإرهابي عطا ومصحف قرآن وسط ركامات رمادية يستحيل معها إلعثور حتى على إبرة مندسة في مكان تحول كله إلى أنقاض ترابية أدق من الطحين،

ثم تنشر لاحقا صور المشتبهين الذين تم إدعاء أن معظمهم سعوديين وتبث ان البعض منهم لم يغادروا قط الأراضي السعودية،

وتم إنتقاء بعض السواح العرب والمسلمين الزائرين لبلدان ساخنة مثل افغانستان وباكستان وإللقاء القبض عليهم – هكذا على الهوية- والزج بهم بدون محاكمات في غوانتانمو بموجب القوانين الأمريكية الجديدة السريعة التي تم المصادقة عليها في مجلس الشيوخ الأمريكي بما في ذلك حق الدولة في التنصت على الرعايا الأمريكيين والقبض على كل المشتبهين فيهم والألقاء بهم في السجون بدون محاكمات تحت دعاوى الأمن القومي وسر الدولة

تم التخلص من أسامة بن لادن الذي دوخ العالم بإرهابه وخلص تنظيمه القاعدي الغرب من السوفييت الكفار الشيوعيين، وتم دفنه –كما قال الأمريكيون – على الطريقة الإسلامية برميه في قعر المحيط لتأكل جثمانه الأسماك لكي لا يتحول قبره الى مزار للمسلمين – حسب التبرير الرسمي للبيت الأبيض

ولن نعرف شيئا عن حقيقة القاعدة كمنظمة خفاشية وطواطية ذات قدرات تفوق ما تملكه الدول العربية الرسمية مجتمعة، وتمتلك طاقات بشرية مدربة تدريبا متقنا وتمتلك أمكانيات لوجيستية جيسمبوندية مذهلة: تضرب من تشاء ومتى تشاء وفي أي مكان تشاء

ولن نعرف – حتى كتابة هذه السطور- شيئا قارا ودقيقا عن السر المكنون للدولة الإسلامية بالإصطلاح، التي من المفترض أن يكون لها فضاء جغرافي محدد وعاصمة معلومة وعملة وطنية محلية،، ودستوروقوانين وتشريعات داخلية وخارجية،

ولا أحد يعرف –باليقين- من أين تستمد الدولة الإسلامية قوتها ونفوذها ومعينها ومصادرها المالية واللوجيستية- سوى صورها المبثوثة على اليوتوبات بعربات - جنود الله المجاهدين في سبيل الله - الآخر طراز من الطيوطات وآخر صنع الكلاشنيكوفات –التي تتساقط من السماء مثل المطر على الداعشيين...،

وكل ما يمكن من معرفته من أخبار هذه الدولة، يتم إستنتاجه عن طريق إعمال الفكر والإستدلال والتخمينات، ومن المفارقات أن المجتمع الدولي والعربي قد أعلنا موقفهما الرسمي عن مكافحة الإرهاب والدولة الإسلامية

غير أنه كلما تم الإعلان عن فشل الحملة الدولية على الدولة الإسلامية، كلما تقزمت دول في المنطقة، وتعملق شنار الداعشية وإزدادت إستعصاء على الحملة الدولية التي يقودها دول الناتو بقدراتاه المهولة الجبارة التي حطمت الجيش الليبي النظامي وخرب الدولة الليبية في غضون ثلاثة أشهر، وأدخلت الشعب الليبي في همجيات الحروب البدوية الجاهلية لما قبل الّإسلام

- ولن نعرف- باليقين الكامل- لا اليوم ولا في المستقبل القريب - شيئا عن حقيقة الجريمة السياسية التي ذهب ضحيتها فنانون مبدعون يسارارويين متطرفون إشتهروا برسوماتهم الهزلية الساخرة من السياسيين الفرنسيين أرتكبها إثنان أو ثلاثة من الإرهابيين الإسلاميين ذوي أصول جزائرية مدججين بأسلحة حديثة كلاشنيكوف، كتب عن ملفهم الشخصي من حكاوى وخزعبلات ما يجعل المرء ينام وهو واقف - حسب التعبير الدارج الفرنسي- وسنكمل الحديث بالتفصيل في الجزء الثاني من هذا المبحث عن ماورائيات جريمة شارل إيبدو من تجارات ومشروعات

 

للبحث صلة

 

في المثقف اليوم