قضايا

من اجل تواصل اجتماعي حقيقي

amira-albaldawiلا ادري ماذا نسمي تعطشنا لأستخدام وسائل التواصل الاجتماعي حتى وصل الذروة مع اتساع رقعة ماسمي في حينه الربيع العربي وحتى ترجم الفيسبوك ارتفاع وتيرة ثورة الشباب المنتفض خاصة في 2011 ومابعدها وفي تونس ومصر خاصة .. لايمكن انكار الفوائد الجمة التي جنيناها من المشاركة مع اصدقاء افتراضيين عبر وسائل التواصل المختلفة وكلما استخدمنا واحدة ظهرت وسائل اخرى تدعونا للمشاركة حتى بات الوقت لايكفي للمتابعة، فلم يعد الفيسبوك والتويتر بمفردها بل هناك linkedin واليوتيوب والفايبر والواتساب والتلكرام وغيرها، وقد بلغت النقاشات أوجها قبيل الانتخابات ومابعدها ومابعد احتلال الموصل، كانت اهم الفوائد التي جذبت المستخدمين ووسعت دائرة اهتماماتهم بتلك الوسائل هو متابعة الحدث عبر الصورة والخبر اول بأول بل قبل اهم وكالات الانباء واكثرها انتشارا، وكشف الاسرار وخفايا الاحداث والقرارات خاصة فيما يتعلق بقضايا الفساد والرشاوي والفضائح المالية التي باتت تجد لها الصدى الكبير بين الشباب والمتنفس عن غضبهم في مقابل قلة الفرص والبطالة والفقر وغيرها من مؤشرات التهميش التي تتعرض له تلك الشريحة على مساحة بلداننا العربية ولاينجو منها العراق . ثم جاء زمن داعش ليحدث انقلابا في وسائل نقل الخبر بالصورة والفديو فعن طريق تلك الوسائل انتشرت حركة داعش ونشرت معها الخوف والرعب، فمن ينسى فديو قتل الصحفيين الامريكي والبريطاني بالذبح وكيف اذهل العالم للوهلة الاولى، لقد ازداد اهتمام الناس بوسائل التواصل الاجتماعي التي تنقل افعال داعش بالتفصيل بل وتنقل الجدل الكبير حولها بأقلام تختلف بين مصدق ومكذب وبين من يحلل ويصف وبذلك فقد اصبحنا شئنا ام ابينا وسيلة مجانية للتعريف بقوة داعش في ارعاب الناس وتحطيم اعصابهم، فكم مرة وكم قناة فضائية وكم موقع نقل مقطع الفديو الخاص بقتل 1700 شاب من قاعدة سبايكر بدم بارد، وكم مرة ذابت قلوبنا لوعة ونحن ننظر الى مسيرة هؤلاء الشباب وهم مطأطأي الرؤوس ينتظرون حرارة السكاكين لتقطع رقابهم بكل استسلام لا بل ليس هذا كل شيء بل تناقلنا منظرهم وهم يتكومون في الشاحنات التي تنقلهم الى مصيرهم المحتوم وهم بالمئات تحركهم اصابع بضعة اشخاص يحمل كل منهم رشاشة لا اكثر، وكم فكرت في حينها وانا انظر الى هذا الفلم المروع لماذا يستسلم شباب بهذه الطريقة الغريبة وعددهم بالمئات لثلاثة او اربعة رجال ؟ كيف لم يفكروا انهم لو اتفقوا عليهم لما استطاعوا ان يقتلوهم جميعا بهذه الوحشية ...مازلت اقول ان في هذا الفلم سر ... وفيه كلام لم يقال بعد لماذا يجب ان أصدق ان 1700 شاب لايستطيعون ان يلووا ايدي هؤلاء القتلة ويسرقوا منهم رشاشاتهم ويقتلونهم في الحال وحتى لو ضحوا بعدد منهم ؟ ان هناك ارادة داعشية ومن ورائها من يحركها ان تظهر الشاب العراقي جبانا مستسلما كثير التشكي بمجرد ان يصادف الظرف الصعب يرمي باللوم والشتائم على قادته ورؤسائه، ليس له انتماء لوطن ولاقادة ومستعد ان يتنازل عن اي شيء من اجل ان يعيش ...فيما بينت الارادة الداعشية الطيار الاردني وهو يصمد في قلب النار كمثال للشجاعة والاستبسال ...نعم ان نشر الانكسار والذل والهزيمة واحدة من مهمات داعش التي تم ممارستها في بداية سطوتهم وتغلبهم على الموصل تلك القصة التي لم يحل لغزها ولم تكشف اسرارها، وقد لعبت وسائل التواصل الدور الاكبر في سيطرة حالة الانكسار والتراجع النفسي في الايام الاولى بنشر هذا الفديو في حين لم يبادر احد على تحليله كما حصل في تحليل الفديو الذي نشر عن حرق الطيار الاردني الكساسبة وآخر ماقيل ان الفلم الذي استغرق 15 دقيقة يتطلب نصف ساعة من العمل التقني وعالي الكفاءة لتصوير الدقيقة الواحدة منه فقط وبضرب (30 دقيقة * 15) سيتطلب انتاج الفلم 450 دقيقة اي مايعادل 7،5 ساعة من العمل المتواصل في اجواء وظروف ومنطقة تنتشر فيها المخابرات والطائرات الاستطلاعية وغيرها من وسائل كشف الحقائق مما لايقبله عقل،فلماذا علينا تقبل هذا الفلم والغاء عقولنا وماذا بشأن قتل 1700 شاب فهل علينا تصديق ماحصل واعتباره من المسلمات .... لم تعد هذه الوسائل للتواصل بل هي وسائل للفرقة والمشاحنات ونشر الرعب والقتل وتزوير الحقائق ودس السم في العسل وتمرير الاحجية والخرافات ....هذه الوسائل التي تعطشنا لأستخدامها وانفقنا الوقت والمال للوصول اليها لنتحاور ولنتعلم ولنقرأ شيئا جديدا ولنتعرف على اصدقاء افتراضيين ليس من السهل اللقاء بهم يوميا، هذه الوسائل التي اختصرت الزمن والمسافات وجعلت الذي في الشرق يلتقي يوميا بمن يعيش في غرب الكرة الارضية، تحولت الى كوابيس تمنعنا النوم وتؤرق ليلنا تفكيرا وتفسيرا وتحليلا ...سحبتنا ورائها مرغمين حتى اختلفنا وبدل الحوار تخاصمنا وبدل مد الجسور تقطع بيننا الكلام الهاديء وتحول الى التسقيط والبحث عن الاخطاء وشخصنة الاحداث وبدل تعميم المواضيع وتحليلها بلحاظ الظروف الموضوعية العامة أسقطناها على انفسنا وعلى سياسيينا واحزابنا ومحافظاتنا فأختطفت حوارات الواتساب من قبل مجموعة ضد مجموعة حتى باتت وسائل التواصل الاجتماعي وسائل للمبارزة ... فأين ستذهب بنا تلك الوسائل التي خبى شعاعها وانطفأت جذوتها .. كيف نكسر سمومها ونحولها من وسيلة لقيادتنا وتوجيهنا الى وسائل تدور في فلك نجاحاتنا وانتصاراتنا ...لقد افل نجم داعش في العراق وبزغ بقوة نجم الحشد الشعبي وقواتنا المسلحة التي استطاعت ان تحدث التوازن وتسيطر على مناطق كانت بيد داعش وحررتها الا اننا لم نشاهد افلام فديو ولا صورا حية تعمل على توثيق تلك الانتصارات وتبين ضعف وخذلان تلك الاسطورة الورقية (داعش)، لقد طالبت المرجعية من خلال أحدى خطب الجمعة ان توثق تلك الاحداث التاريخية فهل استطعنا اخراج فلم وثائقي عن صمود آمرلي وتحريرها وامتناعها على داعش رغم الحصار الذي دام شهور، هل وثقنا تفاصيل تحرير جرف الصخر من قبل ابطال الحشد الشعبي وهل سجلنا قصص البطولة والصمود في قتال دار ايام لحين انهاء وجود داعش في منطقة ترتبط بكربلاء من جهة وبغداد من جهة اخرى وبالانبار من جهة ثالثة وكانت تشكل خطرا في تسرب مقاتلي داعش الى وسط وجنوب العراق، اين وسائل التواصل الاجتماعي من قصص تحرير ديالى،اين تلك الوسائل من توثيق فضاعات داعش ونقل مادمره من البنى التحتية وآثار العراق الى انظار العالم عبر الصور ومقاطع الفديو وأقامة منتديات التوعية حول تلك الاعمال الاجرامية بحق الانسانية، بحق الاطفال والنساء والاقليات وغير ذلك، مالذي فعلناه للأستفادة من تلك المساحة المجانية الواسعة ولماذا نتلقى ماينشره الآخرين ولاننشر مظلوميتنا وانتصاراتنا وشجاعة ابناءنا ..هذه ليست دعوة هذه رسالة تنبيه الى شباب الفيسبوك والمهتمين بالاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي والمصورين والفنانين وغيرهم ..تلك مسؤوليتكم فماذا انتم فاعلون ؟

 

6/2/2015

في المثقف اليوم