قضايا

مقدمة استقرائية لمنطق الطير لفريد الدين العطار

akeel alabodالذات المتعالية مسيرة أمدها تلك الوديان، مسافات من اللاتعين، اذ المكان صورة من الزمن المكتظ برحيق زهرة اتعبها الشوق الى كائن مجنح راح يشكو اسطورة حبه عبر ذلك الصدى من الزقزقات، ودهاليز ارواح اتعبها العناء.هي قصص ومقدمات لها علاقة بأعذارراحت تتلى تباعا خشية من السفر الى عالم السيمورغ.

الفناء، هجرة ابدية لمملكة جمعتها الفة راحت تتغنى بطائر يسكن عند بقعة من اللازمان ، انثى الهدهد سفير سليمان، نبي الله على مملكته، راحت تتغنى بقصة ذلك الكيان؛ القوقاز هضبة يسكنها السيمورغ ، المشاهد ترنيمات لها علاقة بوصف جاء على لسان قائد الرحلة المبتغاة. هي ريشة سقطت في بقعة بعيدة عن هذا العالم ،فتلقفها من يعشق الفن والجمال. الصين ذلك الصمت المؤله بأنوار ذلك التجلي. طائر الحياة، الرحلة نحوه تحتاج الى قلب يقدر ان يتجاوز اسوار الموت وحواجز تلك الاقفاص المحاطة باعمدة الذوات التي يسكنها التحدد.

البحث عن السعادة الابدية، اشواط تبتديء من اعماق النفس لترحل اليها بعد حين ، هي ذلك المخاض، تلك الرحلة التي تشعر فيها انك قد احرزت اعلى مرتبة في هذا الوجود، اذ حين تحقق الامل المنشود وتصل الى الشوط الاخير ،ينفجر في جوانحك البكاء تصرخ روحك وفقا لكبرياء حقيقتك الكلية، يقلدك البقاء عرش الوهيته المنتصرة، ليضمك بين ثنايا نفسه، فتصبح عندئذ كما الحلاج حين نادى ذات يوم (انا الحق)،

هي هكذا سماءات من أعياهم الشوق وذابوا في خمرة الحب،كما مجنون ليلى ذاك الذي راح يبحث عنها في كل بقعة من بقاع الارض لعله يفوز برؤية وجهها ، وكما حكاية ذلك الفقير الذي بقي ملازما في قصر الأميرة ،لكي تكتحل عيناه بوجه الحبيب. هو الفيض ذاك الذي كان قد أكتمل في دائرة تلك الرحلة، التي لم يقطع اخر أشواطها الا ثلاثين طائرا اعياهم الموت، مستنفذا جميع قواهم.

الكمال لكي تصل اليه ينشأ فيك، يتوهج كالبركان يحثك ان تفعل شيئا، ينفعل في عالم كينونتك، يتوزع فيها يستفزك كعاشقة التهب الشوق فيها، فتحطمت اسوار روحها، لتجهش بالبكاء عند حضرة تماثيل صبرها المسكونة بالترقب، وهي كما صبريعقوب في يوسف.هنا لأجل ذلك، تفيض عيناك بالدموع ينشطر المصير، يمتليء قلبك بالسعي، تشعر بالتوحد، تأخذك الحيرة، ترحل بك عبر فضاءات ذلك الصرح ،الذي يحلق فيك بعيدا نحو سواحله المشعة باسارير ذلك النور . هنالك فقط يشرق وجه الله، وهنالك ايضا تشعر بالجبروت.

 

في المثقف اليوم