قضايا

من هو الرأس المؤسس لداعش؟

jawadkadom gloomيصعب حصر ذئاب الس آي ايه كما وكيفا مادام هؤلاء في اقبية مغلقة وفي امكنة ظلٍّ قاتم ؛ ولاتساع المهام التي تقوم بها وكالة الاستخبارات الاميركية وتعدد شبكاتها واذرعها المنتشرة في كل انحاء العالم وربما تتجاوز هذه المهام معمورتنا، وتتخطى الى عالم لامرئيّ خارج نطاق المدى السمعي والبصري المتداول والمتعارف عليه عدا مانسترشد احيانا ببصيص ضوء لكشف خفايا قد تكون قشرية دون ان نتوغل في العمق، وقد نفلح وقد نخيب في سبر اغوار عميقة لافتقارنا الى ويليكيس عربي او شرق اوسطي يكشف لنا بوضوح وإمعان ويسلّط الضوء على مايحاك من خيوط غاية في السريّة ولاترى تلك الخيوط بالعين المجردة ولاحتى بميكرسكوب التحليلات السياسية التي كثيرا ما تفشل بسبب صعوبة اختراق ابواب هذه الوكالة وضياع مفاتيحها حتى من قبل اقرب المقربين للسياسة الاميركية من اصدقائها وحلفائها ومن يسايرها عن كثب غير اننا نجزم ونؤكد انه من المحتم ان كل ظاهرة سياسية تحدث في معظم هذه المعمورة ترى اصبعا يشير الى دور السي آي ايه مهما كانت تلك الظاهرة صغيرة ام كبيرة وقد لاتلفت الانظار لأول وهلة لهلامية شخوصها وبعدهم عن الانظار في غالب الاحيان

اذكر هذه الحالة وانا اقرأ عن كثب وأتتبع شخصية " مايكل فيكرز " منذ ان التحق بالمخابرات الاميركية عام/ 1983 وقبلها كان منظمّا الى الجيش الاميركي، ففي سنوات مابعد 1986 برز نشاطه في تعزيز دور مايسمى بالمجاهدين الافغان وزرع بذورهم الاولى ونمائهم وتسليحهم ثم العمل على دعمهم بشكل غير محدود لمواجهة الامتداد السوفياتي في افغانستان ومشاركاته الجمة في تأسيس منظمة القاعدة ومدّها بالسلاح والرجال وتعزيزها لوجستيا بالتعاون والتنسيق مع دول الخليج برمتها وبالاخصّ المملكة العربية السعودية وتمديد الاسلمة ونشر اخطبوطها في بقاع كثيرة من العالم، كل ذلك من اجل تحجيم نشاط الاتحاد السوفياتي وتضييق الخناق على الشرق الاوسط بعد زوال الشرطي الفارسي المتمثل في نظام محمد رضا بهلوي الذي كان يصدّ رياح السوفييت العاتية وأفكاره اليسارية

وعلى اثر هذا العمل المخابراتي وابتكاراته في ضم عتاة الاسلامويين لمقاتلة الروس حيث كان "فيكرز" عصب التواصل بين اميركا وقادة المقاتلين من العرب الافغان وكيف لا وهو احد ابرز تلاميذ العجوز المحنك بريجينسكي !

وهاهو الان الظل الاميركي الخفي الذي يغدق على داعش ويسهم في خلقها تماما مثلما كان قبلا مبتكرا فصائل مايسمى المقاومة الاسلامية لنصرة الافغان ضد الاستعمار الروسي لافغانستان ونستطيع القول دون ان نستعين بالبيضة والحجر ولا بقول العرّافين ومن غير ان نلوذ بنظرية المؤامرة ان هذا الرجل المسمى تصغيرا " مايك رجل العصابات " هو من يتكفل برعاية داعش وهل أدلّ على ذلك ماقالته وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلنتون في كتابها " خيارات صعبة " مؤخرا حينما اعلنت بكل وضوح بان الادارة الاميركية قد عملت على تأسيس مايسمى بتنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام لهدف في نفس اليانكي من اجل الشروع بتقسيم الشرق الاوسط من خلال تكوين لبنة الدولة الاسلامية تمهيدا للاعتراف بها فهؤلاء هم ربيبو العم سام يضحكون مع الذئاب ليلا ويبكون مع الراعي نهارا، فقد أدخلوا ماسمي بالربيع العربي وبدأوا بالعراق غزوا تم تلته ليبيا دمارا بأسلحة الناتو ثم سوريا احتلالا وغازين من مخلوقات من صنع ايديهم تماما كما حصل سابقا في الثمانينات في ظاهرة الافغان العرب، وان كانت تونس قد فلتت بعض الشيء من الهجمة البربرية غير ان مصر مازالت تعاني تبعات الارهاب ولولا جيشها القويّ الذي بقي متآصرا مع شعبه لحصل الذي مايرعب وما تشيب له الرؤوس

وقبيل وضع الترتيبات اللازمة لبدء الربيع العربي وتحديدا في اواسط العام / 2010 قام الرئيس الاميركي اوباما باستدعاء رجل العصابات " فيكرز " وعمل على تعيينه مساعدا لوزير البنتاغون لشؤون الاستخبارات والعمليات الخاصة وما ان اشتعل سعير اللهيب العربي في العام /2011 حتى تم اعتلاء منصبه مساعدا لوزير الدفاع الاميركي للشؤون الاستخباراتية مكافأة له على دوره " البارع جدا " في تأجيج أوار الربيع العربي

قبل هذا التاريخ وفي اواخر العام / 2006 بالذات دُعي من قبل بوش الابن لاجتماع ثلاثي شرير يشاركهما العجوز بريجنسكي لوضع خطة الانسحاب الاميركي من بلادنا غير ان هذا الثعلب الازرق كما يسمونه ؛ اقترح الابقاء على مجموعة من اذنابه العاملين في وزارة الدفاع الاميركية لتعمل تحت اشرافه من اجل تكوين خلايا سرية من المتطرفين العرب والاجانب وقد قوبل اقتراحه بالترحاب لبذر بذور ادغال الدواعش لتنمو هنا في مرابعنا وهكذا كان، وقد كوفيء بان تم تعيينه رئيسا للعمليات الخاصة بالإرهاب في مبنى البنتاغون حتى بدأ بوضع اللبنات الاولى لإنشاء قطعان سرية من الاجانب والعرب لتعمل تحت امرته وقد حقق نجاحات ملحوظة من وجهة النظر الاميركية لكنها الطامة الكبرى لنا نحن العراقيين حينما نبتت زقوم الدواعش في اكثر من ثلث اراضينا العراقية تماما كما أدغلت بقاع الوطن العربي بالثمرات الفاسدة التي ترعرعت في وطننا العربي حين جاءت الينا سموم الربيع العربي منذ عام 2011 ولازالت تلفح وجوهنا حتى الوقت الحاضر

 

جواد غلوم

في المثقف اليوم