قضايا

سلوكيات مخالفة لمراد الله سبحانه من الدّعوة

hamid taoulostتوصلت برسالة بريدية من أحد الأصدقاء يدعوني فيها إلى مشاهدة فيديو لداعية اعتبرته الرسالة خارقا وعلق عليه بقوله "اذا وصلك هذا المقطع فاعلم ان الله يريد بك خيرا (خاص كلشي شوف الفيديو) وطلب مني في النهاية أن "أبارتاج " فكان لابد لي من أن أبدي رأيي فجاءت الرسالة التالية .

بعد السلام وبكل معاني الوفاء والمحبة، واحتراما لحرية الإعلام أدعوك الصديق الجليل الأستاذة "با محمد" للاتفاق معي أولا وقبل كل شيء، على أن النقد عملية تقويمية نبيلة وإيجابية، تساعد على الإبداع والتفوق والمزيد من النجاح والتقدم، وأنه ليس كل من انتقد أحدا هو بالطبيعة يكرهه أو يستهين به ؛ لقد تتبعت أيها الصديق العزيز -وعلى غير عادتي – إلى فيديو الداعية الذي بعثت لي والذي علقت عليه بأنه "إذا وصلك هذا المقطع فاعلم أن الله يريد بك خيرا (خاص كلشي شوف الفيديو) " لكني مع السف الشديد، وجدت -وأنه لم يكن إلا مجرد دعاية لـ"مؤسسة السنة" ولمست كذلك أنه لم يخرج عن باقي ما سمعت أو قرأت من مقالات ودعوات الجماعات الإسلامية، وانه يشبهها فكرا واتفق معها في منهجيتها العامة المتدخلة في شؤون الغير، والحجر عليهم بما ينشر من مغالطات مشوهة للدين، وبنفس الطريقة والأسلوب الدعوي المبني على الغلظة والعنف والحركات المستفزة، المكرسة للجهل والهدر المدرسي واستهانة فاضحة للامتحاتات وتحقير خطير لأجوائها وظروفها وانتقاص من قلق الآباء وخوف الأبناء، وغير ذلك من السلوكيات المخالفة لمراد الله سبحانه من الدّعوة، التي يقول فيها تعالى {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكّ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوعظة الحسنة وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} النحل ١٢، والتي يأمرنا أن نجادل غيرنا باللفظ الحسن والأحسن، وبالكلام الذي لا انتهاكَ فيه لعرضٍ ولا سفكًا لدم ولا تسفيهاً لفكر أو دين ومعتقد، حيث قال تعالى {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آَمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُون} العنكبوت

والداعية المحترم هنا، كان يدعو للجمود والتقوقع والزهد في نعم الدنيا التي اقرها سبحانه وتعالى للإنسان وفرض عليه الكد لنيل نصيبه منها والتي يقول فيها سيد الخلق "من الذنوب ذنوب لا يكفرها إلا الكد على العيال " والمفارقة الخطيرة هو أن هذا الشيخ أبلى البلاء والجهد المضني، في الاستهانة بالجد والعمل والتحصيل المدرسي الذي قيل فيه "أطلبوا العلم ولو في الصين"،

أما صورة ميسي على "التيشورت" فإنها لا تسيء للإسلام في شيء، ويكفي أنها ساترة للعورة . ولعلمكم فإن مرضي الوالدين هو من لم يتوصل بهذا الفيديو !!! لما فيه من تطاول على الدعوة الإسلامية، واساءة للمقدسات بذريعة حماية الدين، التصرف غير المستساغ وغير المقبول، أيها الصديق المحترم، والذي يمثل جريمة شنعاء وخطيرة في حق المجتمع المغربي المسلم والإنسانية جمعاء، وتشتد خطورته في التسابق المحموم نحو الدعوة التي أصبحنا نلاحظه لدى الكثير من تجار الدين، بما ينشرون من مغالطات مغلفة بالدين وعلى نطاق واسع عبر وسائل الإعلام المتعددة كالصحف والفضائيات ومواقع الإنترنت.

 

حميد طولست

في المثقف اليوم