قضايا

من وحي حوارات واتس أب

amira-albaldawiمع ارتفاع سخونة الاحداث العراقية والعربية ارتفعت سخونة الحوارات على وسائل التواصل الاجتماعي، وتحول بعضها الى جدل في المفاهيم والتاريخ والدين وسواها من مواضيع وبات الحوار اكثر من ساخن حتى انه تواصل ليلا ونهارا دون انقطاع .. ولأنني اتمسك بتوقيتات النوم فقد كان يفوتني الكثير مما لو تناولته بالتحليل متأخرا لفقد أهميته ولما احدث تأثيرا في اذكاء سخونة النقاش والحوار ... ارتأيت ان اكتب من وحي كل تلك الحوارات ماأختزن لدي من وجع وألم لكوننا نحفر في البحر وننسى ان نحفر في ارضنا التي أجدبت وأكل الجفاف والملح والامراض خصوبتها ونمائها . ودعوني ألخص بعض تلك الحوارات وأجاباتي عليها

1- لقد أثيرت قضية العودة الى الحضن العربي والافتخار بالعروبة واننا عرب ففي ذلك سنجتمع على مشترك لايفرقنا ويحمي بلداننا وشعوبنا من تدخل الأجنبي :- لنبتعد عن التاريخ ولنبدأ من الحاضر او مما وصلنا اليه كبلدان عربية .. عقد بالامس اجتماع جامعة الدول العربية لوزراء الخارجية العرب على صوت الصواريخ السعودية وحليفاتها من الدول العربية (الامارات وقطر والبحرين ومصر والمغرب والاردن والسودان) التي سقطت على مدن اليمن وخرج الاجتماع بأتفاق عربي على مباركة العملية العسكرية التي تقودها السعودية ضد البلد الجار اليمن ماعدا ثلاث دول كسرت الاتفاق (الجزائر والعراق ولبنان) أما سوريا فقد بقي مقعدها شاغرا بقرار من الدول العربية (قررت منح المقعد الى المعارضة قبل ثلاث سنوات). تلك المظلة (جامعة الدول العربية) لم تنشط الا في تفريق العرب فقد سبق ان اتخذت قرارات اما بابعاد بعض اعضائها او بمباركة المشاركة في انزال العقوبات بالحرب او التدخل في شؤون البعض الآخر، حدث ذلك عندما دخلت دول عربية في تحالف دولي للهجوم على العراق 1991وعلى ليبيا مؤخرا . وتلك الأجراءات ماهي الا مخالفات مستمرة لمواد ميثاق جامعة الدول العربية (7،6،5) المتعلقة بالنزاعات بين الدول الاعضاء ودور الجامعة، فلم تعد الدول العربية تلتزم بما الزمت نفسها به من مواثيق . تلك المظلة التي فشلت في ان تجمع بين بلدان تجمعها (اللغة و الحدود المشتركة) على اساس المصالح المشتركة كالأقتصاد والاستثمار وعالم المال والثروة، بل بالعكس تفاقمت الهوة بين تلك الدول حتى صنفت الى دول غنية وأخرى فقيرة، فقد عمدت جامعة الدول العربية بالتعاون مع الأمم المتحدة إلى تقسيم البلدان العربية إلى مجموعات، هي: أ- بلدان مجلس التعاون لدول الخليج العربية تشمل (الإمارات العربية المتحدة والبحرين وقطر والكويت وعُمان والمملكة العربية السعودية) وهي البلدان الأعلى نموا والارقى في مؤشرات التنمية كافة ؛ ب- أقل البلدان نمواً وتشمل (جزر القمر وجيبوتي والسودان والصومال وموريتانيا واليمن) وهي البلدان العربية الفقيرة وفي اسفل سلم مؤشرات التنمية؛ ج- بلدان المغرب العربي وتشمل (تونس والجزائر وليبيا والمغرب)، د- بلدان المشرق العربي وتشمل (الأردن والجمهورية العربية السورية والعراق وفلسطين ولبنان ومصر)، وبدل ان تعمل الدول العربية من خلال مظلتها الشاملة الى سد الفجوة التنموية بين البلدان العربية بوضع البرامج وتمويلها من قبل بلدان مجلس التعاون الاكثر نموا فأنها باركت توسيع مجلس التعاون لتنظم اليه دول الاردن والمغرب وهي التي لاتشترك مع بلدان مجلس التعاون بحدود ولكنها تشترك معها بالانظمة القبلية غير الديمقراطية (التي تعتمد النظام الوراثي) التي عفى الدهر عليها لمجرد انها تشترك معها في الرؤية وتحت عنوان (دول وحدة القرار)، بينما دولة فقيرة كاليمن لم تتجرأ حتى ان تطالب بالانظمام الى مجلس التعاون الخليجي وهي من دول الخليج، فأي مظلة تلك واي دول عربية باتت تنصر الظالم وتنتصر للقوي ويزداد تحت مظلتها الفقراء فقرا في منطقة تعوم على آبار النفط والدولارات التي لم تذهب لخدمة الشعوب ورقيها انما ذهبت لتصفية الشعوب وقتلها وتدمير البلدان بآفات الارهاب والتعصب والتطرف . المناداة بالقومية العربية باتت شعارا باليا لاقيمة له فقيمة الاشياء بمصداقيتها على الارض وبنتائجها ومخرجاتها

2- لقد اثيرت قضية ايهما اقرب المسلم الهندي ام المسيحي العراقي، والشيعي من دولة غربية ام السني العراقي، وغيرها من أمثلة المقارنة مابين القومية من جهة والدين او المذهب من جهة اخرى :- أتساءل هل يصدق تعميم أمثلة من هذا النوع للوصول الى معرفة الاولوية الاولى الدين، المذهب، القومية أعتقد ان كل من هذه العناوين يصدق على أفراد ولايصدق على آخرين فالبيئة والثقافة تفعل فعلها، وقد يقول قائل ان الفكر والعقيدة هي الأكثر عمقا وتأثيرا وأهمية في سلوك وحياة الناس ومجتمعاتهم . نعم العقيدة هي الأهم عندي فهي اول من سأسأل عنها يوم القيامة وسأحاسب على اساسها ولكنها تبقى علاقتي بالله وهي وان كانت ستنعكس سلبا او ايجابا على المجتمع ومنه على الدولة فهذا التسلسل صحيح ومن هذا المنطلق طلب المتأسلمون الحكم . لكن امام بلداننا الكثير من العمل قبل ان نبدأ بالمناداة بالتشيع او التسنن اولا ..فالبلدان التي لم يبرز لها قادة ميدانيون يكونوا لها قدوة حسنة يأخذون بها الى الامام ويستنهضون همة شبابها وحكمة شيبها ويعالجون عللها واسقامها، يخمدون نيران الفتنة والتحاسد بين اقطابها ويجعلون لها اهدافا كبرى تسعى لتحقيقها لايصح ان تنشغل بالتنابز والتقاتل والانقسام والتحاصص على اساس الطائفة أيا كانت

3- ماهو مشروعنا ؟ :- بوسط مانحن فيه من تشتت فكري وضبابية الهدف وفقدان البوصلة ليس لنا الا الحضن الكبير هذه الارض التي نعيش عليها ... الوطن (العراق) مشروعنا ان نكون عراقيين اولا وننسى اننا شيعة او سنة، مسلمين او مسيحيين، عرب ام كرد او من اصول هندية، ايرانية، تركية، باكستانية، أمام محنة البلد،امام ازماته، امام تقاسم ثرواته، امام مسؤولياتنا اتجاهه، امام الدمار في البنية التحتية و ضعف قدرات الثروة البشرية الهائلة من الشباب، امام الاسئلة الكبرى والاجابات الكبرى، امام الأحلام الكبرى والتحديات الكبرى، أمام ابناءنا وآباءنا (مستقبلنا وتاريخنا) نحن عراقيون والوطن الذي نسكن فيه ونعيش من خيراته وتحت سمائه مازال فيه نهران يجريان من شماله الى جنوبه، مازال فيه آبار النفط وحقول الغاز الحالية والتي لم تكتشف بعد، مازال فيه الاملاح والمعادن والثروات الطبيعية الأخرى، مازال بحاجة لفكرنا وسواعدنا وأرادتنا، وقد اثبتنا اننا ندافع عنه ضد العدوان حتى الموت وربما اثبتنا في مرات عدة اننا نستطيع ان نقاتل اعداء هذا الوطن تحت راية واحدة، بقي ان نثبت اننا نستطيع ان نبني ونكافح الفساد ونحرك عجلة الاقتصاد ونقف على ارجلنا من جديد ونصبح قوة حقيقية يعتد بها في محيطنا الاقليمي والعالم

 

27/3/2015

في المثقف اليوم