قضايا

هل تتلاقى اليسارية بالتنمية الديموقراطية في العراق؟

emad aliان اليسارية او الاشتراكية بشكل خاص تحتاج لاسس ومقومات خاصة تدعمها في النجاح وتسندها عند الضرورة، ولا يمكن ان ننشد البلوغ الكامل دون ارضية يمكن ان تكون صالحة لتنبت الافكار والمفاهيم السياسية او الانسانية من حيث العمل او التطبيق كوسيلة لتحقيق غايات اسمى، كما هي الديموقراطية، وهي وسيلة سياسية تطبيقية لا يمكن ايجادها الا بوجود عوامل مساعدة اخرى من المستوى الثقافي المتفهم لمضمون المفهوم والايمان به والحرية المطلوبة والتفهم العقلاني لغاية الديموقراطية دون الشكليات فيها . وعلى الرغم من وجود الخلافات حول كون الديموقراطية فكرا ام وسيلة سياسية عامة لتحقيق اهداف او افكار اخرى، منها اليسارية او الراسمالية على حد سواء وعلى النقيض من البعض، اضافة الى الليبرالية والقومية والدينية المعتدلة، ولكن مع وجود افكار وفلسفات اخرى، ولا يمكن ان تكون الديموقراطية فكرا مجردا وتطبق لخير منطقة ما وان كانت تلتزمها الحرية المتوفرة التي تتطلبها بشكلها المناسب .

انها اصبحت فوضى والحال سارت نحو الابشع بعد سقوط الدكتاتورية العراقية، لم نلمس ونحس بالتغيير الذي حصل فوقيا وافرزت عوامل سلبية تاكل ذاتها في مدة قصيرة، تحولت الفوضى الى حروب داخلية وخلافات ولم يستفد منها الا الاطراف الخارجية، وطالت بنا الحال الى وصول داعش واعادة الكرة والوضع الى ابخس من عهد الدكتاتورية لحد كبير من النواحي عدة . اليوم لم نجد الا الاسلام السياسي هو المسيطر على ساحة العراق وباثارة وربما هدفه الفتنة من القوى الخارجية، وجعلت الفوضى العراق ساحة لتصفية الحسابات الاقليمية دون ارادة شعبه، وهي المانع الكبر في الوقت الحاضر لتحقيق غايات يتوسم العراقيون الوصول اليها .

هذه من الناحية السياسية، اما على الصعيد الفكري فان الاسلام السياسي سيطر وبالشكل الكامل على توجهات الشعب لوجود عوامل مساعدة كثيرة على تنميته فكرا وتنظيما وسلطة . فلم يبقلدى الاخرين الا الاعتماد على النخبة القليلة مقارنة مع العامة من حيث المستوى الثقافي والوعي والنظرة الى الحياة، عدنا ولم نحسب لحاضرنا ومستقبلنا شيئا من كافة النواحي فكرا وسياسة وحياة اجتماعية . لذا، الكلام عن الديموقراطية وتلاقيها مع اليسارية او تقاطعها في العراق لامر في غاية الصعوبة، ولكن، ان صح القول ربما تؤدي الفوضى الى عمل خلاق ولا نقصد ان هذه فوضى خلاقة بذاتها، فان العراق يمكن ان يبرز فيها من بين ركام الحياة زهرة جميلة من الفكر والعقيدة والمباديء الحياتية والتي يمكن ان يسفيد الشعب من البغضاء الكاتم في صدور ابناءه ازاء الحال والمرحلة التي قلبت الواقع على بعضه . اي، لو تعاملت النخبة بجدية ودقة وحذر مع الواقع ربما تكون الديموقراطية التي جائت نتيجة تغيير الاحوال وربما شوهت الى حد كبير وثبتت جوانب منها رغما على المعترضين، ربما تكون الوسيلة والارضية المناسبة للخطوة الاولى من التوجهات اليسارية التي يمكن ان يتبناها الشعب والنخبة من كافة المشارب وليس التنظيمات والاحزاب التي تضر بالفكر والفلسفة اليسارية احيانا اكثر من ان تفيدها نتيجة تضارب المصالح المختلفة التي تفرضه التنظيمات ومسيرتها السياسية . ور بما يسال احد ومن يقود العملية ويوجهها ويدفعها ويقودها، ان العفوية في تثبيت فكر ما اكثر قوة وتراصا من المعمول له، اي النبتة الطبيعية اكثر تجذرا وانتاجا من الاصطناعية .

الا اننا على الرغم من المستحسن عدم اللعب بالديموقراطية واليسارية ويجب ان ندعهما كما يمكن ان توصلا اليه من التلاقي بمرور الوقت اننا نحتاج لمجموعة من التوجهات والافعال التي تصب في صالح تجسيد اليسارية ودفعها لتلاقي اليسارية الواقعية مع الديموقراطية،و منها؛ بناء وتكامل مجموعة من المؤسسات العلمية والتربوية التي يمكن ان تصب نتاجاتها لصالح الهدف، وبها يمكن تقارب وجهات النظر بين النخبة اولا ومن ثم الطبقات والشرائح . ويمكن الالتزام بالمباديء والقيم الساندة للغاية التي نريد والالتزام بما نخطوه بشكل صحيح خطوة بعد اخرى. اي الخطوة ثم التثبيت والتجسيد ثم الانتقال الى الاخرى من الناحية الفكرية الفلسفية، وبدعم واسناد المؤسسات الضرورية لها . ربما يفكر الجميع بالعوائق التي تقف امام بناء مؤسسات من هذا القبيل نتيجة الوضع السياسي الاجتماعي الاقتصادي العام، الا ان المنظمات المدنية التي تتبناها الراسمالية العالمية والليبرالية بشكل عام يمكن ان تفيد في التوجهات اليسارية لو تمكنت القوى والنخبة بالذات استغلالها لتلك الاغراض بروية وهدوء والمرور من الباب التي يمكن ان تجمع الجميع في التوجه نحو الغاية المقصودة وهي التقرب من اليسارية بوجود الديموقراطية، ولكن الحرب التي تهدم الحرث والنسل ربما تفيد ايضا التوجه الذي نقصد من نواحي عدة لا نذكرها هنا، الا ان النقمة والاحتقان والاعتراض للواقع الذي يعيق اليسارية التي هدفها حياة الناس ودنياهم سيكون لصالح الغاية السامية لنا .

و اننا ربما ننتظر مفاجآت من الناحية السياسية والعسكرية في المنطقة، وكل النتائج في النهاية تقع لصالح الفكر اليساري المعتدل واركانه، ويمكن ان نقف مع الديموقراطية في هذه المرحلة لامور ليس مضمون الديموقراطية ذاتها على الرغم من كونها اكثر افادة من اية ارضية اخرى . وبه يمكن ان نتاكد بان المرحلة ما بعد الحرب الدائرة ستتوضح امور عدة وتكون لما بعد الحرب تداعيات ومعطيات وافرازات كلها مساندة للفكر والمفهوم الذي نبتغيه وغايتنا خدمة الانسان وحياته الدنيوية التي نؤمن بها بعيدا عن الموت والاخرة التي يروج لها الاخرون، فهما النقطتان المضادتان التي يمكن العمل عليها بشكل خاص لانارة الطريق امام الشعوب بشكل سهل . ان عملنا على الذات ومررنا من خلال الالتزام بالديمقراطية واحترام سيادة القانون .تنفيذ الاعمال الخيرية والطوعية لصالح المصالح العامة .الالتزام بالحياد، التفكير العلمي والاكاديمي، الشفافية والاستقلالية، المصداقية، التسامح وعدم التمييز، والانتماء الى الانسانية والتربة .التعاون، الشراكة، توفير تكافؤ الفرص، توازن مستوى الجنسين، الحيازة على ثقة المنتفعين، المسؤولية والحفاظ على الخصوصية واسرار الشخصيات، وهي اهداف مدنية قحة ويمكن ان تمهد لبناء طريق اليسارية اكثر من الفوضى وسيطرة قوى التخلف .

في المثقف اليوم