قضايا

منفذ المرور الى العلمنة

emad aliلا ستسهال الامر وفهمه يجب ان نستهل الامر من وصف الواقع المعاش واين نحن من السكة الصحيحة المؤدية الى العلمنة كحياة طبيعية وخير للبشرية ومواكبة التقدم لخير الانسان وايصاله الى الرخاء والامان بعيدا عن القتل وسكب الدماء بشكل عام. العقلنة وتجسيد الارضية وتوفير عوامل ايجادها ومقاومتها لما موجود من الخرافات والعراقيل التاريخية الموروثة من السلف، وهي بداية للخروج من عتمة الجهلنة والتخلف التي سادت منذ قرون وبالدقة المتناهية عند تغيير فترة الاساطير الى الاديان واحتلال عقل الانسان بما نسجته عقليته الخيالية غير العارفة بالعلوم والمعرفة وماهي عليه العالم ومن اين بدانا والى اين المصير الذي ينتظرنا كاهم الاسئلة الحاسمة لتحديد فلسفة الفرد والمجتمع وطريقة معيشته وتفكيره ونظرته الى الحياة وما فيها ماديا ومعنويا، وتتغير المرحلة بما يمتلك الانسان من الاجوبة وما هو مقتنع بها نسبيا بتغيير مخزونه المعلوماتي ومعرفته وما تتغير معه قدرته على تحديد كيفية معيشته، وهو يتاثر بما يلامس من البنى التحتية والفوقية لما فيه من الاطار المعيشي له .

العقلنة او بداية ما ينبت من الشك في عقل الانسان وهي المرحلة المصيرية الحاسمة للدخول الى عالم الفلسفة بعفوية ومن خلال المعايشة مع البيئة المعاشة منذ الطفولة . اي، العقلنة هي الباب التي يمكن النفوذ منها للوصول الى الخطوة الاولى في الالتزام بالعلمانية في حياة الفرد ومن ثم المجتمع كعصارة التفكير العقلاني والتوجه العلماني بوجود العوامل العامة المساعدة التي تحتاجها العلمانية من الثقافة والاقتصاد والقدرة البشرية العقلانية وما موجود من الامكانيات وا لوسائل والدعم كشروط تفرض نفسها، وفي المقابل التعامل بعلمية وعقلانية مناسبة مع ما موجود من العراقيل وما تمنع منها التفكير العقلاني السليم للوصول الى الحقيقة الناصعة الملائمة للانسان وحياته على الارض من الناحية الفلسفية والفكرية .

الاساطير والقصص الخيالية التي يمكن ان تصنف ضمن التخيلات الفلسفية في حينه، اي انفتاح عقل الانسان وتفكيره في ما هو موجود فيه ومن ثم الانتقال الى عصر التنظيم العقلاني الفلسفي هي لب الموضوع . اي يمكن ان نصنف المراحل التاريخية من المرحلة المشاعية التي يمكن ان نوازيها بمرحلة الطفولة غير المدركة لما موجود حولها من الظاهر والباطن الا بحدود اللعب والغريزة، ومن ثم مرحلة المراهقة المتنقلة من تاريخ البشرية التي تغيرت باشكال مختلفة وتاثرت بالتغييرات التي حصلت بعد مئات الالوف من السنين في حياة الناس وبعد التطور العلمي في كيانه الفسلجي والفلسفي والاجتماعي، وكل هذا ضمن مجموعات بشرية متباعدة او متقاربة بسيطة المعيشة غير معقدة التركيب الفكري والعقلي والمعيشي بداية . ثم الانتقالة الكبرى من المراهقة الى عصر البلوغ والكبر العقلي بعد التغييرات والطفرات الكبيرة في معيشة الانسان ويمكن ان لا تكون متساوية مع البعض في جميع بقاع العالم نتيجة اختلاف في البيئة والمؤثرات والعقليات التي تاثرت بدائرتها او اثرت عليها بشكل مباشر ضمن قانون الجدلية المعروفة علميا لدى الجميع في مسيرة التطور، سواء لحياة الناس او فكره او عقليته وتاثرها بعوامل تطوره.

اذا يمكن ان نوازي مرحلة بروز سرد القصص والتخيل الانساني ببداية تاريخ مرحلة البلوغ البشري عقلا وفكرا وفلسفة، ومن ثم تطورت ووصلت الى الاساطير كنتاج للعقل في المحاولة للحصول على جواب للسؤالين الرئيسين عند العقل الناصح المتفتح وهما؛ نحن .. من اين؟ والى اين؟

بدات مرحلة الدين سواء التعددية، او الوحدوية اي الايمان بالله او الرب الواحد بعد مراحل طويلة من المعاناة والقهر التي حصلت نتيجة الصراع البدائي ومن ثم تدخل المصالح والنفوذ على سيرورة الحياة الاجتماعية، كل هذا ايضا بعد مرحلة العيش الغابوية او من الممكن ان نسميها الوحشية . كلما زادت معلومة ومعرفة تاثرت العقول وخاصة المؤثرة على الحياة العامة مما اثرت بدورها بشكل عام على مسيرة الناس وعقليتهم، وبرزت ضمن تلك المراحل عقول نابغة وعبقرية اي خارجة عن طوق المراحل وعراقيله، وهكذا كانوا هم النوابغ والفطاحل والجهابذة من النخبة التي نقلت الحياة الانسانية بنتاجاتها المختلفة من مرحلة الى اخرى بسلاسة، او دفعوا ثمن معيشتهم العقلانية خارج مرحلتهم واُبيدوا عن بكرة ابيهم من قبل المتزمتين او الجموديين او الدوغمائيين او من قبل المصلحيين التي تاثرت مصالحهم بالتغيير الذي ادعاه هؤلاء، وخاصة من قبل من اعتبروا نفسهم رب الناس في المرحلة البدائية للعقل البدائي الفلسفي والفكري .

جاءت مرحلة الدين واستغلت منذ بداياتها من قبل من ادعوه كناتج حقيقي للعقلية الصحيحة وو فرضوه واجبرو العالم على اعتناقه مهما كان اساسه وتعاملوا معه يقينا دون شك او نسبية في اية مرحلة الى ان شك به من تزايد علما ومعرفة نسبية وحسب المرحلة وتمردوا على السائد بنتاجاتهم العقلية والانسانية وادعوا غيره وتطورت الاديان الى ان وصلت الى خاتمها، وما وصلت الينا اليوم بكل ما يحمل من بدايات مجيء وبروز الدين وما فيه من الخرافات التي لو قورنت مع البدايات ليست باقل منها لو حسبنا للتطور الحاصل في العلم والمعرفة والتغيير الحاصل في الفكر وما تتطلبه الفلسفة والعقلنة للفرد ككيان مستقل على حاله .  

اليوم، بعد كل تلك المراحل التاريخية اليائسة لحياة الانسان وتفكيره وعقليته وما عاش فيها من المراحل التي يمكن ان نسميها مزيفة فلسفيا، جاءت ما يمنع التزييف عند بروز معلومات صحيحة بدلائل ومضامين علمية حقيقية لا تقبل الخطا، ورغم الشكوك الدائمة الواجبة حيال اصحيتها واحقيتها لحينما تثبت عدم قبول الخطا .

اليوم نعيش في مرحلة سيرورة العقلانية او العقلنة في التفكير الحقيقي الصحيح دون السبر في اغوار الخيال وماهو الزائف، هذا لدى مجموعة بشرية نادرة ودعت وراء ظهرها الخرافات والخيال اللاواقعي باسنادات مزيفة ومضللة للعقل البشري . اي التفكير العلمي والعقلاني المتواكب المتلاصق مع بعضه في التعمق لماهية الحياة. ربما يمكن القول ان عامة الناس قد تفكر فيما تفكر هؤلاء النخبة الا ان مصاعب الحياة والضغوطات او التفكير في مواضيع معرقلة ومانعة للفكر الصحيح والتعمق في ما نصير او ما نصل اليه وفي عمق الموت، قد يحرفه عن الطريق الصحيح ويبقى متخلفا عن السير العقلاني .

وصلنا الى عصر الحداثة ومابعدها ايضا، ومن خلال التطورات والتغييرات الحاصلة، كان من المفروض ان ينحني الفكر الديني او بالاحرى كل ما يمت بالدين من التنظير والتفكير والتنفيذ بصلة الى العقلانية، وان يدع العقل الفردي ان ينزاج بعيدا جداعن الجماعة ويصبح امرا فرديا لا صلة له بالمجتمع او ما يخص المجتمع بشكل عام، الا انه لم يحصل ذلك نتيجة مصالح فردية وجماعية مانعة ايضا . فاصبح هناك جدالا واسعا بين العقلانية والايمان من جهة اخرى على الرغم من تضادهما احيانا وتوافقهما في مجالات اخرى، ربما تؤدي العقلانية في جهة ومجال ما الى الايمان تخلصا من الجانب المعتم للفكر لعدم معرفة الموجود بشكل مطلق لحين الوصول الى مرحلة وجود التراكم المطلوب في الجانب العلمي والمعرفي وما يزيد من المعلومات التي تُغيٌر الايمان ايضا ومعه العقلانية التي فرضته . ان المنطق المادي والتفكير الوضعي سيؤدي ولو في غير حينه الى التثبيت والتجسيد على العقلانية العلمانية المؤثرة جذريا على فلسفة الانسان اينما عاش، الا ان الخوف والقلق المتزايد نتيجة الوقائع الحياتية اليومية يبعد الانسان من عقلانية التفكير ويقربه من الايمان الخيالي المستند على الغيب غير المرتكن ولا المعتمد على اسس علمية حقيقية . ان توفر الامان والضرورات قد يؤدي الى ابعاد القلق والخوف وبالتالي الركون الى العقلانية والتفكير الصحيح او العلمي والنظرة الى الامور بنسبية، على العكس مما كان عليه الانسان من قبل اي في المرحلة التي سمينا المراهقة او الطفولة التاريخية وهو التحرك والتفكير وفق الايمان المطلق واليقينية في الامر .

و في هذا الاطار بعد التقدم والتطور في مرحلة البلوغ التاريخي للبشرية وما وصلنا اليه من ما بعد الحداثة، نصل الى مرحلة التفكك الديني نتيجة فناء مستوجباته او انزياح ضرورات وجوده . اي، العقلانية المستندة على العلوم والحقائق المثبتة هي الممر الملائم للوصول الى العلمانية في الحياة وفي مقدمة المهمات من الناحية الفلسفية والبحوث المنشودة والاتسام بها مرحلة وانسانا وعقلية والعمل وفقها والتكفير بمضمونها لخير البشرية بعيدا عن الخرافات المتوارثة لحد اليوم .  

في المثقف اليوم