قضايا

المادية والمثالية وعلم الفيزياء (1)

moslim alsardahفي وقت مبكر من دراستي الثانوية كنت قرات كتابا مختصرا يتكون من جزئين من الحجم الصغير اسم الاول "المادية الديالكتيكية" واسم الثاني "المادية التاريخية" صادران عن دار التقدم السوفيتية. كنت عثرت على الكتيبين في مكتبة اخي الكبير، معلم الابتدائية. ولاني قراته في باكورة حياتي. ولان العلم في الصغر كالنقش في الحجر كما قال العرب، فقد بقيت معلوماته معلقة في ذهني للان. بداية كان الكتابان قد عرّفا المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية. ومن ثم عرّفا المثالية عارضا اياها من خلال شرحه عن المادية.. واتذكر انه قال:

ان المادية تختلف عن المثالية بحسب وجهة نظرهما عن الاولوية بين المادة والفكر. فالمثالية تعتبر ان الفكر هو الاول وهو الذي ينتج المادة وقسم المثالية الى قسمين المادية الذاتية : وهي تعتبر ان عقل الانسان هو الذي يخلق المادة الموجودة في محيطه.

والمثالية الموضوعية: وهي تعتبر ان عقلا كونيا هو خالق المادة ويسمونه الله او العقل المطلق او القوة الكونية.

اما المادية: فهي تعتبر العقل او الوعي او الفكر فهو نتاج المادة..اي ان المادة اولا والفكر او العقل او الوعي ثانيا.

وان الماركسية هي مادية مازجت بين فكر الفيلسوف المادي فيورباخ. وديالكتيك هيغل المثالي. وقد طورها الفيلسوف الثوري كارل ماركس بما يتلاءم مع الحركة البروليتارية. وذلك لان ماركس هو منظر لحركة ثورية عالمية اساسها الحركة العمالية في اوربا الغربية في بداية ظهور الالة وعصر الصناعة.

واستطاع الكتاب ان يقنعني بالتاكيد الى ان المادية هي الصحيحة لانها معقولة اكثر من غيرها. اذ كيف للعقل ان يبني حائطا او جدارا ؟ اي كيف يستطيع العقل ان يخلق المادة ؟. علما بانه من المعقول ان ينتج العقل من المادة مع بعض العمليات التي تقتضيها عملية الخلق او الصناعة كالصدفة او غيرها. اقتنعت بداية قناعة راسخة بالامر. وازدادت قناعتي بالامر مع تخصصي بعلم الفيزياء التي كنت من البداية اعشقها قبل ان اتخصص بها. بل كنت اعشق التطبيقات العلمية قبل ان اعرف انها ذات علاقة بعلم الفيزياء. وحين عرفت ذلك ازداد تعلقي بالعلم وتطبيقاته.

كانت الفيزياء التي درسناها في المتوسطة والاعدادية وحتى في الجامعة تنحصر في معظمها بالفيزياء الكلاسيكية وعلمائها كنيوتن وغاليلو وقوانينها ايضا. وكان كل شيء يشير في الفيزياء الى انها مادية بامتياز. ولا علا قة للفكر او العقل او الوعي في كل القوانين الكلاسيكية لا من قريب او بعيد. ما جعلني اؤمن ان الفيزياء مادية وان المادية هي الفيزياء. بل امنت ان الفيزياء تدعم المادية. حتى انني حين يجبرني احدهم على النقاش في الامور الغيبية او حول وجود قوة غيبية كالله مثلا كنت اقطع دابر النزاع بالقول مثلا :

- انا فيزياوي بامتياز. ولم اجد في الفيزياء ولا في تطبيقاتها وقوانينها غير المادة !!.

وهذا الامر صحيح تماما على ضوء معلوماتي المستفيضة عن فيزياء نيوتن وقوانينه الكلاسيكية وجود ما يشير الى دور الوعي فيها. وحتى في قوانين الالكترونكس والتي كنت ضليعا بها – وعلى حد علمي ومعرفتي ومعلوماتي – لاوجود لشيء اسمه العقل او الوعي لا في القوانين الرياضية الخاصة بالعلم نفسه، او في التطبيق. بل ان كل ذلك وحقيقة تبدو للناظر لها من الخارج تثبت مادية الكون من بعيد ومن قريب. فمثلا الراديو والتلفزيون والحاسوب والهاتف وغيرها من الاجهزة الالكترونية والتي تتكون في اساسها من مادة السليكون وهي المادة المستخرجة من الحصى وهي المادة الصماء التي لاوعي لها ولا فيها بتاتا.

للمقال بقية..............

 

مسلم يعقوب يوسف

.................

• السرداح سابقا. ولقد تخليت طوعا عن اللقب بعد مهزلة الفصول العشائرية التي طالت حتى النساء.

 

 

في المثقف اليوم