قضايا

الحسين أيثار .. الحسين تجارة

لقد مورست الطقوس الحسينية منذ الأحتلال لليوم بشكل لم يعرفه العراق سابقا، فأحزاب الاسلام السياسي ومعها طبقة رجال الدين الطفيلية أستغلت التغييرات السياسية بالبلد ووصولها على ظهر دبابة امريكية للسلطة في أشاعة هذه الطقوس مستغلة الامكانيات المادية الهائلة التي تحت تصرفها وهي اساسا من ثروات شعبنا، بشكل نستطيع ان نقول عنه وبلدنا وشعبنا يمران بأزمات حادة ومهددان من قوى الارهاب المتكالبة عليه من كل حدب وصوب من انها فوق المعقول ولم يمارس أي شعب بالعالم طقوسه الدينية وغيرها من الطقوس بهذا الحجم والزخم كما عندنا بالعراق وفي ظل ظروفنا المأساوية هذه. فعراق اليوم يراد له ان يكون كل يوم فيه كربلاء وكل يوم عاشوراء، ولكن أي كربلاء وأي عاشوراء يريدون؟ هنا يكمن السؤال الذي علينا البحث عن اجابة حقيقية له من دون أن تأخذنا في الحق لومة لائم ولنسير في بحثنا عن الحقيقة وأن كانت على الضد من أفكار ونهج وسياسة المتصدين لهذه الطقوس بشكلها غير العقلاني ومعهم العوام، في طريق الحق الذي اوصى الامام علي "ع" به دون أن نهابه "الطريق" لقلّة سالكيه.

 

كنت أريد ان يكون عنوان مقالتي هذه ( الحسين ثائرا .. الحسين تاجرا) الا انني تجاوزت الفكرة لسببين الاول هو أن الحسين لم يكن تاجرا، الّا اذا كانت مقولته الشهيرة قبل أستشهاده في كربلاء من أنه " جاء لاصلاح الامر في أمّة جده" تجارة وهذا ما لا اعتقده، والأمر الثاني هو عدم كتابتي أياه ثائرا كوني لست بصدد كتابة مقالة عن واقعة كربلاء. لذا أنتخبت (الحسين أيثار .... الحسين تجارة) كعنوان للمقالة. كوني أريد هذا الأيثار مدخلا لمقالي هذا مقارنا أياه بمن جعلوا "الحسين" تجارة وكربلاء حائط مبكى، هؤلاء الذين يريدون الحسين عامل فرقة بين العراقيين ضاربين بعرض الحائط مقولته من انه جاء الى كربلاء " لأصلاح الامر في أمة جده"، فهل أمة جد الحسين هم الشيعة فقط!!؟؟ وللأسف أراهم قد نجحوا في مسعاهم الشيطاني هذا.

لقد جاء في سورة الدهر عند الشيعة وسورة الانسان عند السنّة " وَيُطْعِمُونَ الطّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ الله لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا" وأختلفت حوله تفاسير الطرفين كما أختلافهما ليومنا هذا حول الكثير من الامور التاريخية والفقهية ما دفع جمهور المسلمين بسببه ملايين القتلى ليومنا هذا وسيستمر أن لم يعقلن الدين ويؤنسن. ولأنني أريد تناول أيثار الحسين فأنني سآخذ الرواية الشيعية في تفسير هذه الآية القرآنية، كونها ستعطينا الاجابة التي نريد الوصول اليها وهي أن أيثار الحسين تحول اليوم الى تجارة مربحة من المتاجرين بأسمه وثورته وأمامته وسلوكه الأنساني.

أن سبب نزول هذه السورة عند المفسرين الشيعة هو "بيان فضل الإمام علي وفاطمة والحسن والحسين(عليهم السلام) بعد وفائهم بالنذر وإطعامهم المسكين واليتيم والأسير". والقصة بشكل مختصر وفق الادبيات الشيعية تقول (روي أنّ الإمامين الحسن والحسين"عليهما السلام" مرضا، فعادهما رسول الله"صلى الله عليه وآله" في ناسٍ معه، فقالوا: يا أبا الحسن، لو نذرت لولديك، فنذر علي وفاطمة"عليهما السلام" وجاريتهما فضّة، إن برءا الحسن والحسين ممّا بهما أن يصوموا ثلاثة أيّام قربةً إلى الله تعالى. فشفيا "عليهما السلام" من المرض، فلمّا أرادوا أن يصوموا وفاء لنذرهم، ما كان معهم شيء، فاستقرض علي"عليه السلام" ثلاثة أصوع من شعير، فطحنت فاطمة "عليها السلام" صاعاً، واختبزت خمسة أقراص على عددهم، فلمّا وضعوها بين أيديهم ليفطروا، جاءهم سائل قائلاً: السلام عليكم أهل بيت محمّد، مسكين من مساكين المسلمين، أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنّة فأعطى الامام "ع" طعامه وطعام آل بيته ومنهم الحسين "ع" الى ذلك المسكين، فلمّا كان اليوم الثاني والثالث حدث نفس الامر مع يتيم وأسير. ووفقا لهذا التفسير فأن هذا الأمر يعتبر قمّة في الأخلاق، فالأيثار مذهب يرمي الى تفضيل خير الاخرين على الخير الشخصي، وعكسه الأثرَة. كما جاء في معجم المعاني الجامع. فهل حسين اليوم لازال يفضل خير الاخرين على خيره الشخصي!؟

أن الطبقة السياسية الشيعية الطائفية المترفة ومعها طبقة رجال الدين الطفيلية لايريدان كربلاء كما كربلاء الحسين، ولا عاشوراء كما عاشوراء الحسين. فكربلاء سنة 61 للهجرة كانت معركة ضد الظلم والأضطهاد الاموي، أما كربلاء اليوم فهل معركة ضد الفقراء والمحرومين، انها معركة يقودها الاسلام السياسي الشيعي ضد الارامل والايتام وما أكثرهم وهم يزدادون عددا بعد أن اصبحت أرض العراق كما كربلاء سنة 61 للهجرة مليئة بالدم وصراخ النسوة، في كربلاء كان الحسين يقف بأباء أمام جيش العراقيين من شيعته الذين خذلوه والذي كان بقيادة شامّية، أما في كربلاء اليوم ففيه يراد أن يقف الحسين في مواجهة العراقيين بأجمعهم وعلى الاخص منهم شيعته وفي مدينته. في كربلاء كان الحسين مع الحق ضد الباطل، أما اليوم فانهم يريدون ان يضعوه مع الباطل الذي يمثلوه ضد الحق الذي هو بؤساء العراق.

كم أعداد الايتام بهذا العراق المبتلى بطبقة لصوص المحاصصة؟ كم هو أعداد الارامل والثكالى؟ كم هو أعداد المساكين والفقراء؟ كم هو أعداد ألمهجرين؟ كم هي أعداد المدارس الآيلة للسقوط وكم هي اعدادها في الهواء الطلق؟ كم هي نسبة البطالة بين الشباب؟ كم هو حجم أزمة السكن وكم منزلا جاهزا واطيء الكلفة يمكنها البناء به لعوائل شهداء الحشد الشعبي؟ كم هي أعداد المعامل التي صدأت ماكيناتها؟ كم هو أعداد الموظفين الذين لم يستلموا رواتبهم لاشهر؟ كم هي عدد المحافظات التي أعلنت افلاسها؟ كل هذه الاسئلة وغيرها الكثير بحاجة الى أجوبة من قبل الأحزاب الطائفية وطبقة رجال الدين الطفيلية وهم ينهبون ثروات البلد ويهددون نسيجه الاجتماعي ووحدة ترابه. فهل هؤلاء المستهترين بمصير الشعب على قدر مسؤولية قيادة البلد وهو يخوض حربا شاملة ضد الارهاب، هؤلاء المتباكين على أن الكثير من عناصر الحشد الشعبي لايملكون أجور نقلهم من مدنهم الى حيث قتالهم ضد تنظيم داعش الارهابي؟ تعالوا لنرى كيف يفكر هؤلاء اللصوص وهل يرضى الحسين بما يفعلوه؟

دعونا نسأل أيهما أفضل عند الحسين بناء صحن لأخته السيدة زينب من ضمن خطة لتوسيع مرقده المزّين بالذهب والفضة!! على أرض مساحتها 40 ألف متر مربع ومساحة كلية عند الانتهاء من المشروع تبلغ 200 الف متر مربع!! وبكلفة 750 مليار دينار!!. أم أطعام المساكين والأيتام والمهجرين لأنهم لايفرقون عن الأسرى بشيء بل هم أسوأ حالا؟ أم دفع أجور نقل الحشد الشعبي الذي يتباكون عليه، هل أبقى زعماء الاسلام الطائفي الشيعي ورجال دينهم بتصرفاتهم واعمالهم المخجلة للحسين أيثارا؟

أن صرف هذه المبالغ الكبيرة ستذكر الناس بأيثار الامام علي وآله ومنهم الحسين لو انها أستخدمت في بناء مدارس ومستشفيات وشبكات صرف صحي وتطوير قطاع الكهرباء وتأخير اعلان افلاس بعض المحافظات. أنني لاارى الحسين "ع" السلام وهو يرى بؤس شعب العراق ومنهم شيعته بعين، وما يقوم به اللصوص في توسيع مرقده بعين ثانية، الا باكيا معتذرا من هذا الشعب على ما يفعله به المتاجرين بأسمه، واراه كذلك مشيرا اليهم أن كفى خنوعا وليكن لكم بيّ أسوة في ثورتكم ضد حكم اللصوص وإن تعمّموا بعِمّتي، فعِمّتي نقية وعمائمهم خالطها الكذب والسرقة والرياء بل والقتل حتّى.=

تعال يا علي وانت القائل " ولكن أسفا يعتريني وجزعا يريبني، من أن يلي هذه الأمّة سفهاؤها وفجّارها، فيتّخذون مال الله دولا، وعباد الله خولا، والصالحين حربا، والقاسطين حزبا" لترى السفهاء والفجّار واللصوص يحكموننا ويسرقون أموال اليتامى والارامل، تعال أريك مرقدك ومراقد أولادك وهي تئن من ثقل الذهب والفضة وشعبنا يئن ولكن من الفقر والمرض، تعال لأريك ترف الخضراء و "رجالاته" المتاجرين بأسمك وباسم الحسين مقابل بؤس الرعية.

 

رابط توقيع عقد توسعة الصحن الحسيني .

http://www.nasiraq.net/2015/06/750.html  

 

زكي رضا

الدنمارك

13/6/2015

 

في المثقف اليوم