قضايا

قوانين خلق الانسان في القرآن

قضيت طفولتي في بيئة كان المنبر الخطابي فيها يمثل الثقافة المميزة من بين الثقافات الموجودة حيث كان المنبر هو استاذي الاول فكنت احفظ من الخطباء الكثير الكثير واصبح ذلك الكثير جزء لايتجزء من شخصيتي وبعد تجاوز مرحلة الطفولة وجائت المرحلة الشبابية اضيفت الى ثقافتي القراءة وكنا في جيل السبعينات من القرن العشرين نتبارى في عدد الكتب والروايات الادبية العالمية منها والعربية التي اطلعنا عليها من غير المنهاج الدراسي وكان في ذلك الوقت موجود شيء اسمه حرية الاحزاب حيث يوجد ميثاق الاحزاب وكانت المطارحات الادبية الرئيسية بين الاحزاب الاسلامية والحزب الشيوعي في المقاهي والصحف وكانت غالبية المطارحات عن وجود خالق الى هذا الكون وعلى هذا تكون عندي خزين من المعلومات المتنوعة اضافة الى المعلومات الاكاديمية من خلال دراستي ذلك افرز في شخصيتي عدم قبول الراي على علاته كما هي المرحلة السابقة حيث كنت والى الان لا اقبل الراي الاخر من غير الكتب السماوية الثلاث الا بعد ان افككه ومن ثم اعيد تركيبه مرة اخرى وعلى اقل تقدير يطمأن له قلبي وغير ذلك يبقى عندي معلق وعدم الاخذ فيه مهما كان مصدره .. كنت في مرحلة من مراحل عمري لا اقرأ القرآن اطلاقا والسبب كان الحديث الذي يقول

رب قاريء للقران والقرآن يلعنه.. هذا الحديث الذي نسب الى الرسول محمد عليه وال بيته الصلاة والسلام اخذ مني ماخذ كبير حيث بحثت في الكثير من التفاسير ولم اجد ما اقتنع به الا ان الذي استقر له قلبي هو عدم الاخذ به وعلى اساس ان الرسول لم يقله هذه قناعتي كون يوجد حديث اخر يقول النظر في القرآن عبادة ... فكيف يتوافق اللعن مع عبادة النظر هذا فضلا عن القراءة .. وهل يعقل ان الله يلعن قاريء القرآن مهما كانت المبررات التي سوقها المفسرون لغرض قبول الحديث ويطرده من رحمته كما هو الشيطان .. حاشى لله تبارك وتعالى عما يصفون .. واول قراءة لي للقران كانت كما يقرأ جيلي في الجوامع والجلسات الخاصة حيث نتعلم احكام القراءة ونتعلم كم ختمه نختمه لغرض ان نحجز مكاننا في الجنة الى ان وقفت على النص

يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنْ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَانفُذُوا لا تَنفُذُونَ إِلاّ بِسُلْطَانٍ

......... وهنا كانت البداية حيث كان اول اشكال لي على النص القرآني

• كيف لله تبارك وتعالى ان يخاطب رجل بدوي يسكن الصحراء لايملك غير بعيره وعصاه ان ينفذ الى السماء؟ بحثت بين طيات الكتب ولم اجد الاجابة الشافية وهكذا اخذت اشكالاتي تزداد يوما بعد يوم على كثير من النصوص دون ان اجد اجابة مقنعة لها بل وجدت الاراء والتفاسير تتقاذفني من مكان الى اخر واستمرت بحوثي دون كلل او ملل لاكثر من خمس سنوات الى ان جاء خبر الاستنساخ وهنا كانت القفزة الفكرية في الاعتماد على خلفيتي الاكاديمية حيث التسائل الذي سالته الى نفسي اذا كانت دولي هي نسخة طبق الاصل من النعجة الاصلية.. من اين لدولي الروح؟ هل انشطرت روح النعجة الاصلية الى شطرين؟ حملت سؤالي وذهبت الى رجال الدين وايضا لم افلح في الاجابة سوى اسئلة طرحت على المرجع محمد سعيد الحكيم كانت اكثرها فقهية من حيث الحلال والحرام اما مايخص سؤالي فلاتوجد له اجابة ..وفي قراءة من القراءات قدحت اول اطروحة علمية لي في الاية35 من سورة النور حيث وجدت اختصاصي في هذه الاية واكتشفت ان هذه الاية فيها الاسس الاولية للكهرباء والالكترونيك وكانما الله تبارك وتعالى استاذ داخل مختبر ياخذ بيدك من مرحلة الى اخرى يعلمك كيفية صناعة الكهرباء بعدها ذهبت الى التفاسير لمعرفة اقوال المفسرين فيها وذهبت بي التفاسير الى الفلسفة والعرفان والروايات والاحاديث وعلى مختلف المذاهب وهكذا اخذت معارفي تتوسع واكتشفت ان مايخوض به الخطباء ومايجري في المطارحات بين المذاهب والاديان من حوارات وروايات وجدتها جميعا قابلة للنقد والتصحيح وزاد في ذلك ماجاء عن الامام علي عليه السلام

• (ترد على احدهم القضية في حكم من الإحكام فيحكم فيها برأيه ثم ترد تلك القضية بعينها على غيره فيحكم فيها بخلافه، ثم يجتمع القضاة بعد ذلك عند الإمام الذي استقضاه فيصوب أرائهم جميعا، وإلههم واحد! ونبيهم واحد! وكتابهم واحد! افامرهم الله تعالى بالاختلاف فأطاعوه؟ أم نهاهم عنه فعصوه؟ أم انزل الله دينا ناقصا فاستعان بهم على إتمامه؟ ام كانوا شركاءه فلهم ان يقولوا وعليه ان يرضى؟ أم انزل الله دينا تاما فقصر الرسول عليه وعلى ال بيته الصلاة والسلام عن تبليغه وأدائه، والله سبحانه وتعالى يقول "مافرطنا في الكتاب من شئ " وقال : " فيه تبيان لكل شئ " (كتاب نهج البلاغة شرح الشيخ محمد عبدة شيخ الازهر ج1 ص50

 

• ياسبحان الله القرآن فيه تبيان لكل شيء ونحن نختلف ونبحث عن حلول هذا يعني انه اي القرآن لم يفصح عن نفسه وهذا هو التناقض بعينه

كما وجدت في مقدمة تفسير الميزان الى السيد محمد حسين الطباطبائي مانصه

(ان اختلف الباحثون في التفسير في مسالكهم بعد ماعمل فيهم الانشعاب في المذاهب ماعمل ولم يبقى بينهم جامع في الراي والنظر الا لفظ لااله الا الله محمد رسول الله .. اختلفوا في معنى الاسماء والافعال والصفات والسماوات ومافيها والارض ومافيها .. والقضاء والقدر والجبر والتفويض والثواب والعقاب والجنة والنار والبرزخ والموت والبعث .. وبالجملة اختلفوا في جميع ماتمسه الحقائق والمعارف الدينية ولو بعض المس)

في حياة الامام عليه السلام توسعت الدولة الاسلامية ووصلت الى ماوصلت اليه من دخول الشعوب الى الاسلام وبذلك دخلت مفردات من لغات تلك الشعوب الى اللغة العربية ومن ثم حدث اللحن في القرآن وظهرت معاني متعددة الى النص الواحد لهذا كان الامام الذي استقضى القضاة يصوب ارائهم جميعا وهذا عين ماموجود عندنا اليوم في الاسلام وعلى مستوى جميع المذاهب كلهم نجوم من اين اخذت نجوت فتعددت المراجع الدينية وتجذرت فروعها حتى وصلت الى تعدد الفروع المختلفة داخل المذهب الواحد , من هنا كان الامام عليه السلام حاضرة في ذهنه هذه الصورة المستقبلية ونموذجها قد بدا بوجوده في الحياة لذلك اطلق مقولته التي نسبت اليه كحل الى مانحن عليه وانا اعتمدتها كمنهجية لبحوثي والتي هي: اضربوا بعض الرأي ببعض يتولد منه الصواب

في حال ضربهما مع بعضهما نحصل على رأي ثالث جديد فيه الصحيح او المشترك من الرأيين وتجاوز الخطأ او المختلف عليه ويبدوا لي ان الامام يقول ان الراي الثالث أيضا يحتمل الخطا والصواب علينا إن نضربه برأي رابع للحصول على رأي خامس والخامس أيضا يحتمل الخطا والصواب علينا ضربه برأي سادس وهكذا التطور وعكسه التحجر تماما فإذا افترضنا إن احد الرأيين يمثل ألظلمه والرأي الأخر يمثل النور فنحن بحاجه الى الظلمة كما نحتاج إلى النور وبهما يتم التكامل

من هنا .. اود القول ان بحوثي هذه التي ساطرحا لكم ليست تفسيرا الى القرآن الكريم بل هي نوع من انواع التفكر الذي لايشترط فيه اصابة الهدف وهي سعي بحد ذاته .. كما قال الشاعر

على المرء ان يسعى بمقدار جهده .. وليس عليه ان يكون موفقا

وفي حال تقاطع رايي مع رايك او مع راي من تحب ماعليك الا ان تضرب رايي برايك واقصد تخصصك او براي من تحب حينها ستكتشف علوم جديدة لم يسبق لك ان اطلعت عليها وهذا ما اجزم به وهذا هو ثابت بحوثي .............

اقول : الباحث يجب ان ياتي بشيء جديد الى الساحة لا ان يجتر مادون بين طيات الكتب اجترار واظن ان القارىء الكريم قد سام التكرار الانسان منذ ان انتقل من البداوه والحياة الفردية الى الحياة المدنية اخذ يتسائل عن سر هذا الوجود فانصبت كل فلسفاته الوجودية حول العقل فضهرت تعاريف عديدة الى العقل وبسبب اختلاف التعاريف اختلف المفسرون بالشكل الذي وصفه السيد الطباطبائي في مقدمته بحيث لم يبقى شيء لم يختلفوا عليه غيرلفظ لااله الا الله محمد رسول الله ... مثالا لذلك سراجا منيرا كيف تم تعريف السراج ..؟ السراج هو اناء فيه زيت وتوضع بداخل الاناء خيط له قابلية امتصاص الزيت فتيله ويثبت في عنق الاناء بواسطة التمر ويبقى الجزء الاقل من الخيط هو الظاهر والجزء الاكبر منها داخل الاناء لغرض امتصاص الزيت لاستمرا توهج الفتيلة .... الغاية من السراج هي الانارة ...هذا هو تعريف السراج اي بمعنى تم تعريف السراج على ضوء الادوات التي تكون منها التعريف ... وبعد تكامل السراج اختفت كل ادوات تعريفه ولم يبقى منها الا الغاية وهي الانارة حيث تحول الزيت الى مصدر كهربائي وتحولت الخيط الى واير ومصباح وسويج لكن بقيت الغاية واحدة... الى هنا انا وانت متفقون لم نختلف على التعريف .. لماذا؟ لان ادوات التعريف الاولية معلومة لك والتكامل الذي حصل لها اي الادوات الجديدة ايضا معلومة لك وانت عاصرت ادوات السراج القديمة وعاصرت تطور ادوات السراج الجديدة... لكن اذا انا جئت لك ببيانات جديدة حول ادواة التعريف لم يسبق لك الاطلاع عليها كونك ابن بيئتك وانا خدمني الحظ وذهبت الى بيئة اخرى واطلعت على البيانات الجديدة وحاولت ان اخاطبك من خلالها ...من هنا ...يبدا الاختلاف لانني تجرات على سلفيتك وغيرت ادوات التعريف لهذا جاء حكمي يختلف عن حكمك واقولها ثالثة هذا هو الاختلاف الذي اشار اليه السيد الطباطبائي حسب فهمي .. مثال اخر لذلك الاختلاف .... : اختلف المسلمون في مذاهبهم على حكم الطلاق، فمنهم من قال تحرم المراة في طلقه واحده، والأخر قال في طلقتان، والثالث قال في ثلاث طلقات، والرابع قال ولاطلقه اي قل ماتشاء من عدد الطلقات، وعليه أقول : ليس معقولا ان يكون الجميع أصاب الحرمة فلابد ان يكون واحد فقط من بينهم هو الذي أصاب الحرمة والثلاثة الباقين على خطا، ولنفرض ان صاحب الطلقتان هو الذي اصاب الحرمة

السؤال الذي يفرض نفسه: على مدى إلف عام وأكثر كم من الأبناء الغير شرعيين نزلوا إلى الشارع الإسلامي بسبب خطا الثلاث الآخرين ومن يتحمل مسؤولية كل مايترتب على ذلك من تداعيات غير شرعيه؟.كان اول بحث لي نزل الى الساحة هو تحليل الاية 35 من سورة النور ثم تلتها بحوث اخرى على مستوى بسيط وهكذا اخذت اجد اجابات علمية بطروحات جديدة الى النصوص التي كنت اشكل عليها واخذت اطروحاتي تتوسع فوجدت نفسي مختصا في النصوص الكونية في القرآن الكريم حيث غالبية النصوص التي لها علاقة في الكون والخلق لها اجابة علمية عندي والحمد لله على ذلك ..

(قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)العنكبوت 20

الكيفية التي بدا بها الله تبارك وتعالى الخلق من الممكن ان نطلع عليها وعلى مستويين

المستوى الاول: المرئي و الملموس.. اي الذي من الممكن ان تناله حواسنا

المستوى الثاني: غير المرئي والملموس الذي لا تستطيع حواسنا ان تناله مع ملاحظة التداخل بينهما كون الثاني هو امتداد الى الاول ولاينفك عنه فمن الناحية النظرية اننا سنتناول الاول الذي تناله حواسنا

القانون الاول: قانون خلق ادم عليه السلام:

القانون الثاني: قانون خلق ذرية ادم:

القانون الثالث: قانون خلق عيسى عليه السلام.

القانون الرابع والخامس: قانونا التلقيح الصناعي في طفل الانابيب والاستنساخ ...

ويقال ان هناك قانون جديد يسمى التلقيح المجهري ولربما نكتشف قوانين اخرى او طرق اخرى كلها تؤدي الى خلق الانسان ... وبعد ان نطلع على هذه القوانين ان شاء الله سنتناول بعض المسائل الفقهية ... مثل ... النقاش الحاد الذي دار في العالم الغربي حول الجواب عن السؤال التالي : اذا كان الزوج عقيما لايولد له .. واتفق مع زوجته على ان تلقح تلقيحا صناعيا بنطفة رجل اجنبي دون مقاربة ... فهل يجوز .. ذلك؟

كيف افتى علماء المسلمين فيه؟

ماهو رايي الباحث العلمي بهذا الخصوص ..؟

 

الباحث المهندس: جبارعلوان الحلفي

في المثقف اليوم