قضايا

الحشد الشعبي .. روح المقاومة والدولة المشرقية

mutham aljanabiللمقاومة أبعاد ومظاهر لا تحصى، لكنها تشير في الإطار العام إلى حالة الاستقلال والنزوع الواعي صوب القيم المتسامية. وفي هذا تختلف عن مظاهر العصيان والتمرد وأمثالها. بمعنى أنها تتمثل الاستعداد للصراع والمواجهة والتحدي من اجل بلوغ الغاية التي عادة ما تتطابق مع فكرة الحرية أو الاستقلال أو الكرامة وأمثالها.

ولكل امة وتاريخ عريق تقاليدهما بهذا الصدد. بل يمكننا القول، بان المقاومة الحقيقية والفعلية عادة ما تتراكم في تاريخ الأمم الحية بوصفه الأسلوب الواقعي لنموها الذاتي. إذ تظهر المقاومة بوصفها موقفا زمن المصائب والمصاعب والتحديات المصيرية الكبرى.

وفيما يخص العراق، فان تاريخه مليء بحالة التحدي والمقاومة، التي جعلت منه من وجهة نظر السلطة ومرتزقتها بلد الأهواء، ومن أهله "أهل الشقاق والنفاق". فالسلطة الغاشمة عادة ما تريد وترغب بشعب خانع خاضع. وكل مخالفة لها يجري تصويرها على أنه خروج ورفض وعناد وتمرد وما شابه ذلك. وليس مصادفة أن يكون العراق منذ ظهوره بهيئته الثقافية العربية الإسلامية موطن "الخوارج" و"الروافض"، أي موطن التحدي الروحي والأخلاقي والسياسي للسلطة الغاشمة والاستبدادية. فقد تغلغلت في أعماقه منذ القدم قيم السمو الأخلاقي، التي يمكن أن نعثر عليها في مواقفه وأغانيه وأمثاله وحكمه وأساطيره وإبداعه الفكري الديني والفلسفي والأدبي، أي كل ما ستمثله لاحقا وبصورة نوعية البصرة والكوفة، أي وسط العراق وجنوبه الذي شكل من حيث المنشأ أصله وجذره الذاتي. ومن ثم تراكم ما يمكن دعوته بالوعي الجمعي الوجداني، الذي نعثر على نموذجه الرفيع في الاستعداد للتحدي والمقاومة بأثر ما يمكن دعوته بالفتوى الروحية، أي الفتوى التي تتوافق مع فتوة الروح والوجدان، وليس مع عبارات النصوص الميتة. من ها يمكن فهم سر الأثر الباهت لفتاوي مرتزقة آل سعود والخليج التي لا تجمع إلا شراذم القتلة والإجرام رغم كل التوظيف الهائل للصحافة المرئية والمسموعة والمكتوبة، بينما كانت تكفي عبارات قليلة لكي تثير حماسة التحدي والمقاومة العارمة للفرات الأوسط والجنوب العراقي في مواجهة الاحتلال البريطاني للعراق ونتائجها في قيام (ثورة العشرين)، أو فتوى السيستاني الأخيرة في مواجهة داعش، التي استطاعت أن تجند الملايين في غضون أيام.

إن هذه الحالة النموذجية للتنظيم والتجمهر السريع تعبر أولا وقبل كل شيء عن كمون المرجعيات الروحية وفاعليتها الواقعية حالما تتوافق مع الحس الاجتماعي والوطني وإدراك المهمات الكبرى. بمعنى أنها الظاهرة التي لا يمكن فهم حقيقتها بمعايير الفكرة السياسية العابرة أو الطائفية أو الجهوية أو الحزبية. إذ ليس بإمكان العشرات من "المراجع الشيعية" القيام بذلك.لكنها تصبح ممكنة حالما تكون محكومة بفكرة مرجعية، ومرجعية روحية. وقد كانت هذه الفكرة المرجعية هي الفكرة الوطنية، أما المرجعية الروحية فهي تقاليد الإخلاص للحق. ومن تلاقيهما نشأ الحشد الشعبي، أي القوة المنبعثة من الشعب والمحتشدة بمعانييه وغاياته. الأمر الذي يعطي لنا إمكانية القول، بان الحشد الشعبي (العراقي) هو ظاهرة اجتماعية وطنية شعبية روحية برزت وتكاملت في مجرى صراع دام من اجل قضايا كبرى (الدولة والوطن والشعب). وإذا أخذنا بنظر الاعتبار انه حشد شبابي، فبالتالي هو حشد مدني ومستقبلي. من هنا قدرته، وقد يكون هو الوحيد فعلا في ظروف العراق الحالية، على إحراق الحريق الداعشي. إذ لا يواجه النار سوى النار.

ففي زمن الأزمات الحادة والمستقبلية ليست الصلاة والمناجاة بل قوة الإرادة والمثابرة والجأش من يصنع حقيقة الروح والروح الحقيقي. إذ في مجراها تتهذب قوة الارادة ووضوح العقل. والحشد الشعبي هو الرد الاجتماعي على زمن الانحطاط الأخلاقي والرذيلة الحزبية. والعراق مليء بها سوى بأثر الماضي الدكتاتوري والاحتلال الأمريكي أو بأثر النخبة الخربة التي ولد اغلبها نتيجة لتلاقي هذين التيارين في الصيرورة العراقية الحديثة. وهو واقع العراق الحالي وقدره كما يقال. ولكل قدر أقداره في الوجود والحياة والمستقبل. ومفارقة تاريخ الأمم تقوم في أن أنصعها وأنقاها هو من مر بدروب الآلام وتنقى قلبه بلهيبها. وهو شيء ليس مطلوبا لذاته، كما انه ليس قدرا حتما لابد منه. لكنه قدر العراق الحالي.

فقد كانت داعش وما تزال هي حصيلة معقدة ومركبة لتداخل وتأثير مقدمات تاريخية لاهوتية (بدوية حنبلية) وجهوية (هامشية)، واجتماعية (في الأغلب حثالة)، وسياسية (جزء من لعبة المصالح العالمية والإقليمية، وبالأخص الأمريكية والسعودية - الخليجية). الأمر الذي يجعلها قوية بمصادرها المادية، ضعيفة بأصولها الروحية، حيوية بقتالها وتخريبها وتدميرها، ميتة بمعايير البناء والمستقبل. إنها ليست إشكالية كبرى بالنسبة للدولة والمجتمع والوطن (في العراق وسوريا)، بل مجرد دمية في لعبة المصالح. ومن ثم عرضة للزوال. وبالتالي فهي ليست قضية صميمية في العراق (وسوريا)، بل دمية أمريكية وسعودية - خليجية مرمية في المشرق العربي. لكنها دمية مسخ وقادرة على الحياة شأن كل مسخ مصنوع من أنسجة ميتة.

وعلى العكس من ذلك يظهر الحشد الشعبي، بوصفه الرد الاجتماعي الوطني والثقافي الحي، الذي يتمثل تقاليد العراق الثقافي (المشرقي)، أي المعزول والمناهض والمعارض والمضاد للتقاليد البدوية والقبلية للجزيرة. الأمر الذي يجعل منه قوة حية غير محدودة لانها تتمثل روح المقاومة وفكرة المستقبل. بحيث يمكننا القول، بان الحشد الشعبي هو القوة المطهرة للعراق من رجسه الذاتي. والمقصود بالرجس الذاتي هو كمية ونوعية الخراب المادي والمعنوي الذي لازم زمن السلطة الحديثة وتقاليدها العثمانية التي جعلت من العراق في أفضل الأحوال مجرد جغرافيا هلامية مهشمة لكنها "قوية" بقوة القهر والإرهاب وإمكانياته الفعلية الهائلة.

إن المشاركة الحية للحشد الشعبي في تطهير العراق من داعش ومصادرها (الأمريكية السعودية الخليجية) وحواضنها هو بالقدر ذاته أسلوب توسيع الأبعاد الاجتماعية للدولة عبر المشاركة الاجتماعية الحية، وتعميق الأبعاد السياسية للمجتمع عبر تذليل نخب المؤامرات، وتجذير الأبعاد الوطنية للعراق عبر الانتماء الخالص والمخلص إليه.

كل ذلك يجعل من الحشد الشعبي كإمكانية وواقع القوة السياسية البديلة الكبرى للعراق بعد تحلل الدولة وخوار النخب السياسية الحالية وعجزها عن إرساء أسس البديل الوطني الاجتماعي والمستقبلي في العراق. وذلك لأنه يضع قضية "أزلام السلطة" و"رجال الدولة" على المحك ليس بوصفها ثنائية أبدية، بل بوصفها إشكالية سياسية لا يمكن بناء الدولة المدنية الحديثة ونظامها السياسي العقلاني وإصلاحهما الدائم، دون حلها بصورة تأسيسية ناضجة.

فقد تزامن ظهور الحشد الشعبي مع "إسقاط المالكي". كما كان إخراجه (وهو المنتخب الشرعي الأكبر في العراق) من السلطة جزء من مؤامرة ومغامرة حاكت خيوطها شخصيات وتيارات "العائلات" التقليدية، حيث شارك فيها (على امتداد رئاسته للسلطة التنفيذية المنتخبة) كل من البرازانية (الكردية) والعراقية (السنية) وقوى التحالف الوطني (المجلس الأعلى والتيار الصدري إضافة إلى أفراد من داخل حزب الدعوة). وهي قوى لا يجمعها بهذا الصدد غير تقاليد الخيانة والمؤامرة والمقامرة. إذ لا شي يجمع الصدر والبرازاني والحكيم والنجيفي غير تقاليد "العائلة المقدسة" أي تقاليد الانغلاق والاستعداد لعمل كل شيء من اجل المصالح الضيقة. وليس مصادفة فيما يبدو أن يجري التأكيد في المرحلة الأخيرة، على سبيل المثال، من جانب مقتدى الصدر وعمار الحكيم على إضافة كلمة "آل" وليس حرف الألف واللام. بمعنى إننا نقف أمام الحوافز الدفينة لمحاكاة العائلة المالكة في الجزيرة من آل سعود وآل خليفة وآل نهيان وما شابه ذلك . ومن ثم جعل النفس رديفا و"قائدا" "لآل البيت". لكنها تبقى في نهاية المطاف مجرد نزوات عابرة.

غير أن أمهات هذه العائلات استطاعت في ظروف العراق الخربة القيام بزفة العبادي بعد ليلة ظلماء وإخراجه للملأ على انه "الرجل البديل" "الوطني" و"الجامع" للعراق! وآيا كان الوصف الذي يمكن إطلاقه عليه الآن، مثل القول، بأنه نجم (حزب) الدعوة الصاعد، أو نيزك المؤامرة الداخلية للعائلات المشار إليها أعلاه والقوى الإقليمية (السعودية - الخليجية) والعالمية (الأمريكية)، فان الأمر الجلي فيه هو أن صعوده توازى مع صعود الحشد الشعبي، أي أننا نقف أمام قوى "رديفة" لا يشكل العبادي فيها رجل الدولة بشكل عام ولا رجل المرحلة الانتقالية بشكل خاص. وعموما يمكننا القول، بأنه لا توجد في النخب العراقية الحالية شخصية ترتقي إلى هذه المستوى. بمعنى الشخصية التي تمتلك رؤية واقعية ومستقبلية واضحة وإرادة حازمة بقدرها. وهو خلل وضعف ليس شخصيا بقدر ما هو ضعف بنيوي جتماعي سياسي عراقي عام. وفي هذا تكمن القيمة التاريخية الكبرى للحشد الشعبي. كما انه يساعدنا على فهم سر التطير والخوف والهلع منه من جانب نفس القوى (المحلية والإقليمية والدولية) التي واجهت المالكي.

غير أن الصراع الفعلي قد افرز قواه السياسية أيضا، بمعنى التلاقي الأولي للإرادة الاجتماعية وبعض النخب السياسية المستجمعة بشرعية روحية وأخلاقية وطنية. إذ يقف العراق أمام مهمة تجاوز المرحلة الانتقالية من تقاليد السلطة إلى نظام الدولة الحديثة. وهي عملية تتصف بقدر هائل من التعقيد بسبب الهيمنة الكبيرة لتقاليد السلطة، وضعف المجتمع وقواه السياسية، وبهيمية اغلب النخب السياسية. الأمر الذي وجد ولا يزال يجد تعبيره في هيمنة "المساومات" الخبيثة فيما اصطلح عليه بعبارات "المحاصصة" و"المشاركة" و"المقبولية" و"التوافقية". والجامع بينها بوصفه حقيقتها هو المحاصصة والمشاركة والتوافق في السرقة والقبول بالجاه بوصفه غاية كل فعل!

لكن تجارب التاريخ عموما وتجارب العراق الأخيرة كشفت عن أن فساد النخبة ونخبة الفساد كما وجدت تعبيرها النموذجي في المرحلة الدكتاتورية (الصدامية) هي مجرد دورة لا تصنع بديلا عقلانيا. أما مصيرها فالزوال المحتوم. لكن تجارب التاريخ تبرهن أيضا على أن زوالها لا يجري إلا بالقوة. وذلك لان هذا النوع من "النخب السياسية" ليس سياسيا بالمعنى الدقيق للكلمة. من هنا مراوحة كل شيء فيها، بما في ذلك السرقة والفساد التي أصبحت الصفة الخاصة والشيمة الكبرى لأغلبها. إذ تحول كل متسولو الأمس إلى أغنياء أثرياء، ومعهم تناغمت كروش كبيرة، ونهم بهيمي لا يعرف الحدود! والثبات الوحيد فيها هو عقم العقل وضمور الضمير! وهو مؤشر على انغلاق الحالة التي فتحت داعش ثغرتها فيها. الأمر الذي جعلها بقدر واحد "نعمة" ونقمة. والحصيلة الجلية بهذا الصدد تشير إلى أن اغلب النخب السياسية العراقية الحالية هي نخب خاوية، أضلاعها مثلث الفساد والمؤامرة والمغامرة. ومن ثم فهي عاجزة عن مواجهة المصاعب الفعلية التي تستلزم الجهاد والعناد والمواجهة والتحدي والمطاولة في الصراع الشامل.

وضمن هذا السياق كان ظهور وتوسع وتعمق وتجذر الرد الشعبي في تحشيد قواه الذاتية المدعومة بفتوى الروح الأخلاقي، القوة التي يمكنها أن تكون قابلة البديل الوطني وفكرة الدولة الوطنية، أي القوة التي تحتوي في أعماقها على إمكانية رمي رموز الخيانة في مزبلة التاريخ العراقي عبر القضاء على نمط وتيارات "العائلات المقدسة"، بمعنى القضاء على البرازانية وإخراجها من العراق، والقضاء على النجيفية وسحقها التام، والقضاء على أرستقراطية العائلة المقدسة الشيعية للحكيم والصدر عبر إرجاعهم إلى حدودهم الذاتية بوصفهم عائلات تقليدية متربية وعائشة على جهد الأرياف والحثالة الاجتماعية، ونفي حزب الدعوة بدعوة مدنية عبر تحويل "دولة القانون" إلى حزب سياسي موحد ومستقل.

إن انهيار القوى السياسية العراقية من دنيوية (علمانية) ويسارية وقومية وليبرالية بأثر القمع والتدمير الشامل من جانب الدكتاتورية وانهيار الدولة والذي أنعش البنية التقليدية بكافة أشكالها ومستوياتها، ليس بإمكانه أن يصنع غير بدائل الطفيليات الجديدة. وهذه عرضة للزوال، رغم تخريبها الهائل، أمام مستجدات المعاصرة والحداثة. كما أن فكرة الدولة الحديثة والمدنية لا يمكن أن تكون حملتها قوى تقليدية وعائلات لا مقدس عندها غير شهوة الفرجين. الأمر الذي يجعل من تجاوز نماذج الفكرة اللاهوتية (كما هو الحال عند المجلس الأعلى والتيار الصدري وأمثالهم، بعد أن تحولا إلى توابع لعائلات)، ونماذج التدين السياسي (كما هو الحال عند حزب الدعوة وأمثاله)، أي تجاوز النمط اللاهوتي السياسي بمختلف نماذجه ومستوياته صوب الفكرة المدنية الحديثة والدولة الوطنية. وهي المقدمة التي يمكن للحشد الشعبي أن يكون قوتها الحاملة. لاسيما وأن المسار الموضوعي لهذه العملية يجري ضمن سياق الصراع الفعلي والدامي مع القوى الداخلية والخارجية بوصفها قوة واحدة. بمعنى أن الصراع ضد داعش هو الوجه العسكري للصراع السياسي ضد قوى "العائلات المقدسة" وتوابعها وأشباهها، أو ما يطلق عليه في العراق عبارة "دواعش السياسة" من كل الأطراف دون استثناء. ومن ثم فان هذا الصراع يحتوي على مسار ذاتي يمكن رؤية مراحله الثلاث المترابطة وهي:

• تصفية الداعشية وحواضنها، التي كانت على امتداد الدولة العراقية الحديثة داعمة للاستبداد والدكتاتورية، كما هو جلي في مؤامراتها وصراعها ضد الجمهورية الفتية، والقيام بالانقلابات العسكرية عليها، ثم دعم الدكتاتورية الصدامية، واستعمال أسلوب الإبادة ضد الانتفاضة الشعبانية، واستمرارها الحالي في توسيع مدى الإرهاب والتخريب،

• ثم تصفية حكم العائلات "المقدسة"،

• وأخيرا توحيد الوطن والمجتمع والدولة على أسس مدنية حديثة.

 

ولا يمكن لهذه المراحل الثلاث أن تتوطد وتبلغ غايتها الفعلية دون أن تدفع بها صوب نهايتها المنطقية، أي استكمالها بالسير صوب الشام وتوحيد المشرق العربي. فالصراع الفعلي في المشرق هو صراع صيرورته الحديثة المقطوعة عن كينونته الثقافية.

فالمشرق العربي هو العراق والشام. وهو كيان ذاتي خاص كان وما يزال الموطن الوحيد للكينونة العربية الثقافية، وحامل فكرتها عن الدولة والمجتمع والقومية والأمة. ولا يمكنه أن يكون كذلك بدون توحده، كما لا يمكنه التوحد الآن إلا بفكرة الدولة المدنية الحديثة والقومية الثقافية. وذلك لأنه يختلف ويتباين بصورة نوعية عن الجزيرة. مما يفترض بدوره تأسيس رؤية إستراتيجية واضحة تجاه ثلاث قضايا مترابطة فيه وهي كل من:

• محور المقاومة والتحدي، عبر تحويله إلى واقع ومؤسسة عملية وعلنية تدخل إيران فيهما، بوصفها قوة جوهرية وصميمية إلى جانب سوريا والعراق ولبنان،

• إخراج الولايات المتحدة من لعبة المؤامرة في المنطقة، وإدخالها في منظومة المصالح العقلانية،

• رمي إمارات وممالك الجزيرة والسعودية عند تخوم الربع الخالي، بمعنى إخراجها التام من إشكاليات المشرق العربي. وذلك لان الجزيرة الحالية ليست جزيرة الإسلام العربي الأول، بل جزيرة الأعراق البدوية. الأمر الذي يستلزم محاصرتها من اجل أن تتراكم وتنصهر في ذاتها وبذاتها من اجل تذليل وهابية أبي لهب بفكرة عربية تتمثل تقاليد انتقال الجزيرة إلى رحاب ارض السواد والشام أو الهلال الخصيب أو المشرق العربي وبمعاييره.

وبهذا فقط يمكن لفكرة الحشد الشعبي أن تتوحد في فكرة المقاومة الكبرى للمشرق، ومن ثم تحويل الحشد الشعبي إلى قوة مشرقية عربية (عراقية سورية لبنانية) وقوة عربية – إيرانية، هي منطقة المواجهة القادرة على تذليل زمن الهزائم، ومنطقة التحدي القادرة على شد العزائم، ومنطقة البدائل الفعلية لبلوغ الحرية والاستقلال الحقيقي.

 

ميثم الجنابي

في المثقف اليوم